دروس البلاغة – قسم البیان
التشبيه :
أسلوب يدل على مشاركة أمر لأمر آخر في صفته الواضحة؛ ليكتسب الطرف الأول المشبه من الطرف الثاني المشبه به قوته وجماله.
أو هو : إحداث علاقة بين طرفين من خلال جعل أحدهما - وهو الطرف الأوّل المشبه- مشابهاً للطرف الآخر، في صفة مشتركة بينهما .
مثل : محمد كالأسد في الشجاعة – البنت كالقمر في الجمال .
أركان التشبيه :
1 مُشََّبه : وهو الموضوع المقصود بالوصف ؛ لبيان قوته أو جماله ، أو قبحه .
2 مُشَبَّه به : وهو الشيء الذي جئنا به نموذجاً للمقارنة ؛ ليعطي للمشبه القوة أو الجمال ، أو القبح ، ويجب أن تكون الصفة فيه أوضح .
3 ووجه الشبه : وهو الوصف الذي يُستخلص في الذهن من المقارنة بين المشبه و المشبه به، أو هو الصفة المشتركة بين الطرفين المشبه و المشبه به.
4 وأداة التشبيه : هي الرابط بين الطرفين.
أدوات التشبيه
1 - قد تكون حرفاً ، كـ الكاف - كأنَّ .
2 - قد تكون اسماً ، كـ مثل - شبه - نظير ... .
3 - قد تكون فعلاً ، كـ يحاكي - يشبه – يماثل ... .
محمد كـ الأسد في الشجاعة
مشبّه أداة تشبيه مشبّه به وجه الشبه
أنواع التشبيه
مفرد مركب
مفصل مجمل بليغ تمثيلي ضمني
أ أولاً : التشبيه المفرد : وهو تشبيه لفظ بلفظ .
أنواع التشبيه المفرد
1 –تشبيه مُفَصَّل : عندما نذكر الأركان الأربعة .
مثل : العلم كـالنور يهدي كل من طلبه
مشبّهأداة تشبيهمشبّه به وجه الشبه
2 – تشبيه مُجْمَل : وهو ما حُذِف منه وجه الشبه ، أو أداة التشبيه .
مثل : العلم كـالنور حُذِف وجه الشبه
العلم نور يهدي كل من طلبه . حُذِفت أداة التشبيه
3 – تشبيه بليغ : وهو ما حُذِف منه وجه الشبه و الأداة ، وبقي الطرفان الأساسيان المشبه و المشبه به .
مثل : الجهل موت والعلم حياة .
الصور التي يأتي عليها التشبيه البليغ :
أ – المبتدأ والخبر :
مثل : الحياة التي نعيشها كتاب مفتوح للأذكياء .
ب- المفعول المطلق :
مثل: تحلق طائراتنا في الجو تحليق النسور - مشى الجندي مشى الأسد
جـ- المضافالمشبه به والمضاف إليهالمشبه :
مثل : كتاب الحياة - ذهب الأصيل على لُجَين الماء . الأصيل وقت الغروب و اللجين الفضة
.. أي الأصيل كالذهب والماء كاللجين.
د- الحال وصاحبهـا :
مثل : هجم الجندي على العدو أسداً .
هـ- اسم إن وخبرها :
مثل : إنك شمس .
أركان التشبيه
الركنان الأساسيان في أركان التشبيه الأربعة هما: المشبه والمشبه به ، وإذا حُذِفَ أحدهما أصبحت الصورة استعارة ؛ فالاستعارة تشبيه بليغ حذف أحد طرفيه .
- أما أداة التشبيه ووجه الشبه فهما ركنان ثانويان حذفهما يعطي التشبيه جمالاً أكثر وقوة .
ب ثانياً : التشبيه المركب
أنواع التشبيه المركب :
1 – تشبيه تمثيلي :
هو تشبيه صورة بصورة ووجه الشبه فيه صورة منتزعة من أشياء متعددة .
مثل : قول الله تعالى :
مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ البقرة: من الآية261 .
شبه الله سبحانه وتعالى هيئة الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ابتغاء مرضاته ويعطفون على الفقراء و المساكين بهيئة الحبة التي أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة ، والله سبحانه وتعالى يضاعف لمن يشاء .
و كقول علي الجارم في العروبة :
توحّد حتى صار قلباً تحوطه قلوب من العُرْب الكرام وأضلع
حيث شبه هيئة الشرق المتحد في الجامعة العربية يحيط به حب العرب وتأييدهم بهيئة القلب الذي تحيط به الضلوع .
قال تعالى في شأنِ اليهود :
مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً ... الجمعة:5.
حيث شبهت الآية حالة وهيئة اليهود الذين حُمَّلوا بالتوراة ثم لم يقوموا بها ولم يعملوا بما فيها بحالة الحمار الذي يحمل فوق ظهره أسفاراً كتباً، فهي بالنسبة إليه لا تعدولا تتجاوز كونها ثقلاً يحمله .
2 – تشبيه ضمني :
وهو تشبيه خفي لا يأتي على الصورة المعهودة ولايُصَرح فيه بالمشبه و المشبه به ، بل يُفْهم ويُلْمح فيه التشبيه من مضمون الكلام ، ولذلك سُمّي بالتشبيه الضمني ، وغالباً ما يكون المشبه قضية أو ادعاء يحتاج للدليل أو البرهان ، ويكون المشبه به هو الدليل أو البرهان على صحة المعنى .
باختصار التشبيه الضمني قضية وهي المشبه ، والدليل على صحتها المشبه به .
مثل : قال المتنبي في الحكمة :
من يهُن يسهُل الهوان عليه مـا لجُـرحٍ بميّت إيـلامُ
ما سبق نلمح فيه التشبيه ولكنه تشبيه على غير المتعارف ، فهو يشبه الشخص الذي يقبل الذل دائماً ، وتهون عليه كرامته ، ولا يتألم لما يمسها ، بمثل حال الميت فلو جئت بسكين ورحت تقطع أجزاء من جسده ما تألم ولا صرخ ولا شكى ولا بكى ؛ لأنه فقد أحاسيس الحياة ، وبذلك يكون الشطر الثاني تشبيهاً ضمنياً ؛ لأنه جاء برهاناً ودليلاً على صحة مقولته في الشطر الأول.
قال ابن الرومي :
قَدْ يَشِيب الْفَتَى وَلَيْسَ عجيباً أَنْ يُرَى النَّورُ فِى الْقَضِيبِ الرَّطيبِ النور : الزهر الأبيض- القضيب : الغصن
يقول الشاعر : إن الشاب الصغير قد يشيب قبل أوان الشيب ، وهذا ليس بالأمر العجيب، وليدلل على صحة مقولته أتى لنا بالدليل و هو أن الغصن الغض الصغير الذي مازال ينمو قد يظهر فيه الزهر الأبيض، فهو لم يأْت بتشبيه صريح ولم يقل : إن الفتى وقد وخطه الشيب كالغصن الرطيب حين إزهاره ، ولكنه أتى بذلك ضمناً .
ملحوظة
التشبيه الضمني لا تذكر فيه أداة التشبيه أبداً ، بينما التشبيه التمثيلي غالباً تذكر فيه أداة التشبيه " مثل " .
سر جمال التشبيه: التوضيح أو التشخيص أو التجسيم .
توضیح آخر:...................................................
التشبيه
التّشبيه: بيان أن شيئاً أو أشياء شاركت غيرها في صفة أو أكثر، بأداة هي الكاف أو نحوها، ملفوظة أو غير ملفوظة.
وتنشأ بلاغة التّشبيه من أنه ينتقل بك من الشيء نفسه إلى شيء طريف يُشبهه، أو صورة بارعةٍ تمثّله، وكلما كان هذا الانتقال بعيداً لا يخطر على البال، أو ممتزجاً بقليل أو كثير من الخيال، كان التّشبيه أروع للنفس وأدعى إلى إعجابها واهتزازها.
فلو قلنا: إنّ فلاناً يُشبه فلاناً في الطول، أو أن الأرض تشبه الكرة، لم يكن لهذه التشبيهات أثر للبلاغة، لظهور المشابهة، وعدم احتياج العثور عليها إلى براعة وجهد أدبي، ولخلوّها من الخيال.
* * *
وقد جرى (أي اعتاد) العرب على تشبيه الجواد بالبحر والمطر، والشجاع بالأسد، والوجه الحسن بالشمس والقمر، والعالي المنزلة بالنجم، والحليم الرزين بالجبل، والأماني الكاذبة بالأحلام....
* * *
1) أركان التشبيه
قال الشاعر:
أنتَ كالليث في الشجاعة والإقـ دام، والسيفِ في قراعِ الخطوب
لقد رأى الشاعر ممدوحه متصفاً بوصفين، هما: الشجاعة ومصارعة الشدائد، فبحث له عن نظيرين في كلّ منهما تظهر إحدى هاتين الصفتين قوية، فشبهه بالأسد في الأولى، وبالسيف في الثاني، وبيّن هذه المضاهاة بأداة هي الكاف.
فنحن نرى أن شيئاً جُعِل مثيلَ شيء في صفة مشتركة بينهما، وأن الذي دلّ على هذه المماثلة أداة هي الكاف، وهذا ما يُسمّى بالتشبيه، وله أركان أربعة:
ـ الشيء الذي يُراد تشبيهه، ويُسمّى المشبّه.
ـ والشيء الذي يُشبَّه به بين الطرفين، ويُسمّى المشبّه به.
ـ والصفة المشتركة بين الطرفين، وتسمّى وجه الشّبه، ويجب أن تكون الصفة في المشبّه به أقوى وأشهر منها في المشبّه.
ـ ثمّ أداة التّشبيه، وهي الكاف وكأنّ ونحوهما.
ولابدّ في كلّ تشبيه من وجود الطرفين، وقد يكون المشبّه محذوفاً، ولكنّه يُقدّر في الإعراب، وهذا التقدير بمثابة وجوده، كما إذا أجبنا على السؤال: كيف سلمى؟ فقلنا: "كالزهرة الذابلة"، فإنّ الزهرة خبر لمبدأ محذوف، والتقدير هي الزهرة الذابلة، وقد يحذف وجه الشبه وقد تُحذف الأداة.
أقسام التّشبيه
للتشبيه أقسام عديدة، وفق ما مرّ بنا من غياب بعض أركان التّشبيه، وهذه الأقسام هي:
التشبيه المرسل، وهو ما ذُكرت فيه الأداة. مثل: سرنا في ليل بهيم كأنه البحر ظلاماً.
التشبيه المؤكّد، وهو ما حُذفت منه الأداة.
التّشبيه المجمل، وهو ما حُذف منه وجه الشّبه.
التشبيه المفصّل، وهو ما ذكر فيه وجه الشّبه.
التشبيه البليغ، وهو ما حُذفت منه الأداة ووجه الشّبه.
أغراض التّشبيه
أغراض التّشبيه كثيرة، منها ما يأتي:
أ- بيان مكانة المشبّه: وذلك حين يُسند إليه أمر مستغرب لا تزول غرابته إلاّ بذكر شبيه له.
ب- بيان حاله: وذلك حينما يكون المشبّه غير معروف الصفة قبل التّشبيه، فيعطيه التشبيهُ الوصفَ.
ج- بيان مقدار حاله: وذلك إذا كان المشبّه معروف الصفة قبل التّشبيه معرفة إجمالية، وكان التّشبيه يُبيّن مقدار هذه الصفة.
د- تقرير حاله: كما إذا كان ما أُسند إلى المشبّه يحتاج إلى التّثبيت والإيضاح بالمثال.
هـ- تزيين المشبّه أو تقبيحه
1- التشبيه:
التشبيه لغة الدلالة على مشاركة أمر لأمر آخر في معنى .
واصطلاحا: إلحاق المشبه بالمشبه به بأداة تشبيه.
أركان التشبيه :
1- المشبه
2- المشبه به..وهما طرفي التشبيه
3- أداة التشبيه
4- ووجه الشبه.
طرفا التشبيه:
للتشبيه باعتبار الطرفين ثلاث تقسيمات:
1- التشبيه باعتبار حسية الطرفين
2- التشبيه باعتبار إفراد الطرفين وتركيبهما
3- التشبيه باعتبار تعدد الطرفين أو أحدهما
أولاً : التشبيه باعتبار حسية الطرفين :
ينقسم هذا التشبيه الى اربعة اقسام :
1- أن يكون الطرفان حسّـيّـين: كما في تشبيه القد بالغصن والخد بالورد.
2- ان يكون الطرفان عقليان: كما في تشبيه العلم بالحياة , والجهل بالموت.
3- كون المشبه عقلياً والمشبه به حسياً: كتشبيه العلم بالنور في الهداية.
4- كون المشبه حسياً والمشبه به عقلياً: كتشبيه النهار بالأمل.
ثانياً: التشبيه باعتبار إفراد الطرفين وتركيبهما:
وينقسم الى أربعة أقسام:
1- كون الطرفين مفردين مطلقين :
2- كون الطرفين مركبين.
كقول الشاعر:
والبدر يستر بالغيوم وينجلي كتنفس الحسناء في iiمرآتها
3- كون المشبه مفرداً والمشبه به مركباً.
كما في قول الشاعر:
كأن الأقحوان وقد iiتبدَّتْ محاسنه فراقت كل iiعينِ
عماد زبرجدٍ وقباب iiتبرٍ تحف بها شرفات اللجينِ
4- كون المشبه مركباً والمشبه به مفرداً:
كقول الشاعر:
لا تعجبوا من خالة في خده كل الشقيق بنقطة iiسوداء
ثالثاُ: التشبيه باعتبار تعد الطرفين أو أحدهما:
وينقسم إلى أربعة أقسام:
1- التشبيه الملفوف: وهو ما تعدد طرفاه وأتي بالمشبهات في جانب على طريق العطف أو غيره مما يقتضي الانفصال ، ثم يأتي بالمشبهات بها في الجانب الآخر كقول الشاعر:
ليل وبدر وغصن شعر ووجه iiوقد
خمر ودر iiوورد ريق وثغر iiوخد
2- التشبيه المفروق:هو ما اتي فيه بمشبه ومشبه به ثم بمشبه ومشبه به وهكذا ....
كقول الشاعر:
فإذا شكا فالقلب برق خافق وإذا بكى فدموعه iiالأمطار
3- تشبيه التسوية : هو ما تعدد فيه المشبه دون المشبه به كقول الشاعر:
صدغ الحبيب وحالي كلاهما كالليالي
وثغره في iiصفاء وأدمعي iiكاللآلي
4- تشبيه الجمع : هو ما تعدد فيه المشبه به دون المشبه.
كقول الشاعر:
كم نعمة مرت بنا وكأنها فرس يهرول أو نسيم ساري
تقسيمات في التشبيه باعتبار وجه الشبه:
اولاً ينقسم التشبيه إلى مفرد ومركب ومتعدد:
1- المفرد :
هو ما كان وجه الشبه منتزعاً من أمر واحد أو كان وجه الشبه لفظا مفرداً.
2- المركب :
هو ما كان وجه الشبه منتزعاً من أمرين أو أكثر . بعد مزج لتتكون الهيئة التي قصد منها وجه الشبه من دون النظر إلى الأجزاء التي تكونت منها الهيئة .
3- المتعدد :
هو ماكان وجهه أكثر من أمر واحد من غير تركيب ولا انتزاع هيئه بل أخذت كل صفة على وجه الاستقلال .
ثانياً : وجه الشبه يكون حسياً أو عقلياً أو مختلفاً:
1- الواحد الحسي: ولا يكون طرفاه إلا حسيين.
2- المركب الحسي : ولا يكون طرفاه إلا مركبين أو مقيدين ولو تقييداً اعتبارياً ليتأتى انتزاع الهيئة التي قصد أن تكون وجه الشبه.
3- الواحد العقلي : وطرفاه يكونان عقليين وحسيين ومختلفين لأن الصفات العقليه كالكروم والشجاعه تقوم بالامور الحسية
4- المركب العقلي : وهو ما كان منتزعاً من أمور عقليه أو بعضها حسي وبعضها عقلي.
5- المتعدد الحسي
6- المتعدد العقلي.
7- المتعدد المختلف .
التشبيه المجمل والمفصل:
المجمل: ما لم يذكر وجه الشبه ....وهو نوعين
1- ظاهر: يفهمه كل احد كقول : فلان بحر أي المراد تشبيهه بالبحر بالكرم والجود
2- خفي: لايدركه إلا الخاصة
المفصل :
ماصرح فيه بوجه الشبه على أن يكون منصوباً على التمييز أو مجروراً بفي كقول الشاعر:
ياشبيه البدر iiحسناً وضياء iiومنالاً
وشبيه الغصن ليناً وقواما iiواعتدالاً
التشبيه المؤكد والتشبيه المرسل:
التشبيه المؤكد: ما حذفت منه الأداة كقوله تعالى (( وهي تمر مر السحاب)) أي الجبال
التشبيه المرسل: ما ذكرت أداته كقول الشاعر:
أنا كالماء إن رضيت صفاء وإذا ما سخطت كنت iiلهيباً
التشبيه البليغ:
هو ما حذفت منه الأداة ووجه الشبه.
كقول الشاعر:
النشر مسك والوجوه iiدنا نير وأطراف الأكف عنا
التشبيه الضمني:
تشبيه لا يوضع فيه المشبه والمشبه به في صورة من صور التشبيه المعروفة بل يلمحان في التركيب :
كما في قول المتنبي:
من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميتٍ iiإيلام
التشبيه المقلوب:
هو جعل المشبه مشبها به بإدعاء أن وجه الشبه فيه أقوى وأظهر . ويؤتى به لبيان الاهتمام به وإظهاراً لشأنه
كقول الشاعر:
وبدا الصباح كأن iiغرته وجه الخليفة حين يمتدح
أغراض التشبيه:
هي الأمور التي تحمل على الإتيان به وتعود في الغالب إلى المشبه لأنه هو الذي يطلب ما يتعلق به وقد يعود الغرض إلى المشبه به.
1- بيان أن وجود المشبه ممكن.
وذلك في كل أمر غريب يمكن أن يخالف فيه ويدعى امتناعه فيقاس على شيء مسلم الوقوع
كقول البحتري:
دان إلى أيدي العفاة iiوشاسع عن كل ندٍّ في الندى وضريبِ
كالبدر أفرط في العلو iiوضوؤه للعصبة السارين جد iiقريبِ
2- بيان حال المشبه :
أي صفته التي هو عليها وذلك اذا كان المخاطب يجهل صفة المشبه فتلحقه بمشبه به معروف عنده
كما في قول النابغة:
كأنك شمس والملوك iiكواكب إذا طلعتَ لم يبد منهن كوكبُ
3- بيان مقدار حال المشبه:
من القوة والضعف والزيادة والنقصان وذلك اذا كان المخاطب يعرف صفته على الجملة ولكنه يجهل مقدار تلك الصفة فتقيسه على شيء يعرف نقدار حاله
كقول المتنبي في وصف الاسد:
ماقوبلت عيناه إلا iiظنتا تحت الدجى نار الفريق حلولا
4- تقرير حال المشبه :
أي تمكينها وتقويتها في ذهن السامع بإظهارها في صورة أوضح وأقوى ما يكون في تشبيه المعقول بالمحسوس كقوله تعالى (والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه).
5- تزيين المشبه:
والمراد تحسينه في ذهن السامع بقرنه إلى صورة حسنة .
كقول الشاعر:
لا يرعك المشيب يا ابنة عبد الله فالشيب زينة iiووقارُ
إنما تحسن الرياض اذا iiما ضحكت في خلالها iiالانوارُ
6- تقبيح المشبه :
أي تصويره للمخاطب بصورة قبيحة .
كقول اعرابي في ذم امراة:
وتفتح –لاكانت- فما لو iiرأيته توهمته باباً من النار iiيفتحُ
إذا عاين الشيطان صورة وجهها تعوذ منها حين يمسي iiويصبحُ
لها جسم برغوث وساقا iiبعوضة ووجه كوجه القرد بل هو iiأقبحُ
الأمثلة:
وإذَا مَا سَخطتُ كُنتُ لهيبا (1) أنا كالماءَ إِنْ رَضيتُ صفاءً
(2) سِرْنا في ليل بَهيم [1] كأَنَّهُ البَحْرُ ظَلاماً وإِرْهاباً.
(3) قال ابنُ الرُّومىّ [2] في تأْثير غِناءِ مُغَنٍّ:
سِنَةٌ تَمَشَّى فِي مَفَاصِل نُعَّس [3] فَكأَنَّ لذَّةَ صَوْتِهِ وَدَبيبَها
(4) وقال ابنُ المعتزّ:
ـتارٌ جَلَتْهُ حَدَائِدُ الضَّرَّابِ [4] وكأَنَّ الشمْسَ الْمُنِيرَةَ دِيـ
(5) الجَوَاد في السرعة بَرْقٌ خاطِفٌ.
تجْتَليكَ الْعُيُونُ شَرْقاً وغَرْبا [5] (6) أَنْتَ نجْمٌ في رِفْعةٍ وضِياء
(7) وقال المتنبي وقدِ اعْتَزَمَ سيفُ الدولةِ سَفَرًا:
نَحْنُ نَبْتُ الرُّبا وأَنْتَ الْغمام [6] أَيْنَ أَزْمَعْتَ أَيُّهذا الْهُمامُ؟
(8) وقال الْمُرَقَّش:
نِيرٌ وَأَطْرَافُ الأَكُفُّ عَنَم [7] النَشْرُ مِسْكٌ وَالْوُجُوه دَنا
البحث:
يُشبه الشاعر نفسه في البيت الأَول في حال رضاه بالماء الصافي الهادئ، وفي حال غضبه بالنار الملتهبة، فهو محبوب مخوف وفي المثال الثاني شُبِّه الليلُ في الظلمة والإِرهاب بالبحر. وإِذا تأَمَّلت التشبيهين في الشطر الأَول والمثال الثاني رأَيت أَداة التشبيه مذكورة بكل منهما، وكلُّ تشبيه تذكر فيه الأَداةُ يسمى مرسلا. وإِذا نظرت إلى التشبيهين مرة أخرى رأيت أَن وجه الشبه بُيِّنَ وفُـصِّلَ فيهما، وكله تشبيه يذكر فيه وجه الشبه يسمى مفصلا.
ويصف ابنُ الرومى في المثال الثالث حُسن صوت مُغنٍّ وجميلَ إيقاعه، حتى كأَنَّ لذة صوته تسرى في الجسمٍ كما تسرى أوائل النوم الخفيف فيه، ولكنه لم يذكر وجه الشبه معتمدًا على أنك تستطيع إدراكه بنفسك الارتياح والتلذذ في الحالين. ويشبه ابنُ المعتز الشمس عند الشروق ودينار مجلوّ قريب عهده بدار الضرب، ولم يذكر وجه الشبه أيضاً وهو الاصفرار والبريق، ويسمى هذا النوع من التشبيه، وهو الذي لم يذكر فيه وجه الشبه، تشبيهاً مجملا.
وفي المثالين الخامس والسادس شُبِّه الجواد بالبرق في السرعة، والممدوح بالنجم في الرفعة والضياء من غير أَن تذكر أداةُ التشبيه في كلا التشبيهين، وذلك لتأكيد الادعاء بأَن المشبه عينُ المشبه به، وهذا النوعُ يسمى تشبيهاً مؤكدًا.
وفي المثال السابع يسأَل المتنبي ممدوحه في تظاهر بالذعر والهلَع قائلا: أين تقصد؟ وكيف ترحل عنا؟ ونحن لا نعيش إلا بك، لأَنك كالغمام الذي يحيى الأَرض بعد موتها، ونحن كالنَّبتِ الذي لا حياة له بغير الغمام. وفي البيت الأخير يشبه المرقش النشر، وَهو طِيبُ رائحة منْ يصف، بالمسك، والوجوه بالدنانير، والأنامل المخضوبة بالعنم، وإذا تأَملت هذه التشبيهات رأيت أنها من نوع التشبيه المؤكد، ولكنها جمعت إلى حذف الأداة حذف وجه الشبه. وذلك لأَن المتكلم عمد إِلى المبالغة والإِغراق في ادعاء أن المشبه هو المشبه به نفْسُه. لذلك أَهمل الأَداة التي تدل على أَن المشبه أَضعفُ في وجه الشبه من المشبه به، وأَهمل ذكرَ وجه الشبه الذي ينمُ عن اشتراك الطرفين في صفة أو صفات دون غيرها. ويسمى هذا النوع بالتشبيه البليغ، وهو مظهر من مظاهر البلاغة وميدان فسيح لتسابق المجيدين من الشعراء والكتاب.
القواعد
(3) التشبيهُ الْمُرْسَلُ ما ذُكِرَتْ فِيه الأداةُ.
(4) التشبيهُ الْمُؤَكَّد ما حُذِفتْ منهُ الأَداة.
(5) التشبيهُ الْمُجْمل ما حُذِف منه وجهُ الشبهِ.
(6) التشبيهُ الْمُفَصَّلُ ما ذُكِرَ فيه وجهُ الشبهِ.
(7) التشبيه البليغُ ما حُذِفت منهُ الأَداةُ ووَجهُ الشبه [8]
نموذج
(1) قال المتنبي في مدح كافور:
وكلُّ الَّذي فَوْق الترابِ ترابُ إذا نِلت مِنْك الوُدَّ فالمالُ هَيِّنٌ
(2) وصف أعرابي رجلاً فقال:
كأنَّه النهار الزاهر والقمرُ الباهر الذي لا يخفى على كل ناظر.
(3) زرنا حديقةً كأنها الفِرْدوْسُ في الجمال والبهاء.
(4) العالِمُ سِراجُ أُمَّته في الهِداية وَتبديد الظلاَم.
الإجابـة
(1) كل الذي فوق التراب تراب بليغ حذفت الأداة ووجه الشبه
(2) مدلول الضمير في كأنه النهار الزاهر مرسل مجمل ذكرت الأداة ولم يذكر وجه الشبه
(2) مدلول الضمير في كأنه القمر الباهر مرسل مجمل ذكرت الأداة ولم يذكر وجه الشبه
(3) الضمير في كأنه العائد على الحديقة الفردوس مرسل مفصل ذكرت الأداة ووجه الشبه
(4) العالم سراج مؤكد مفصل حذفت الأداة وذكر وجه الشبه
بيِّن كل نوع من أَنواع التشبيه فيما يأْتي:
قال المتنبي:
كقُلُوبِهِنَّ إِذَا الْتَقِى الْجَمْعان [9] إَنَّ السُّيُوفَ مع الَّذِين قُلُوبُهُمْ
مِثْل الجُبانِ بِكَفِّ كُلِّ جبانِ [10]ِ تلقَى الحُسَامَ على جراءَةِ حدِّه
(2) وقال في المديح:
خِلعُ الأَميرِ وحقَّهُ لَمْ نَقْضِهِ [11] فَعَلَتْ بنَا فِعْل السماءِ بِأَرْضِهِ
(3) وقال:
وَلا رُسُلٌ إِلاَّ الْخَمِيسُ العَرمرم [12] ولا كُتْبَ إِلا المشرفِيَّهُ عِنْدهُ
(4) وقال:
كفاها فكانَ السَّيْف والكفَّ والقَلْبَا [13] إذا الدولةُ اسْتكفتْ بهِ في مُلِمَّةٍ
(5) قال صاحب كليلةَ ودمنة:
مال كالأسد يُهابُ وإِن كان رابضاً [14] . الرجُل ذو المروءَة يُكْرمُ على غير
ـأَبْرار طاهِرةٌ نَقِيَّهْ [15] (6) لكَ سِيرةٌ كَصحِيفَة الْـ
(7) المالُ سَيْفٌ نَفْعاً وضَرًّا.
(8) قال تعالى: {ولهُ الجوَارِ المنْشَآتُ فِي البحْرِ كالأَعلام [16] }.
(9) قال تعالى: {فَتَرى القوْم فِيهَا صَرعى كَأنَّهُمْ أعجازُ نخْلٍ خاوِيةٍ [17] }.
(10) قال البُحْتُرِى في المديح:
نَا شَبيهاً بِك الرَّبيعُ الجديدُ ذَهبتْ جدَّةُ الشِّتاءِ ووافا
يتَقضى وأَنتَ لِلِعيدِ عِيدُ ودنَا العِيدُ وهو لِلنَّاسِ حتى
(11) قال تعالى: { ألَمْ تَر كيفَ ضَرب اللهُ مثلاً كلِمةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طيِّبة [18] أصْلُها ثَابتٌ وفَرْعُهَا فِي السَّماءِ تُؤتي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ [19] بِإِذنِ ربِّها ويضْرِبُ الله الأَمْثال لِلنَّاسِ لَعلَّهُمْ يتذكَّرُون. ومثلُ كَلِمةٍ خَبِيثَةٍ كشَجرةٍ خبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ [20] مِنْ فَوْق الأرضِ مالَها مِنْ قَرار [21] }.
(12) وقال تعالى: { اللهُ نُورُ السَّمواتِ والأرْضِ مثَل نُورِهِ كَمِشكَاةٍ [22] فِيها مصباحٌ المصْباحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأنَّهَا كَوكَبٌ دُرِّيٌّ [23] يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُباركَةٍ زَيْتُونةٍ لا شَرْقِيَّةٍ ولا غَرْبِيَّةٍ [24] يكَادُ زَيتُهَا يُضِئُ ولو لم تَمْسَسْه نَار نُورٌ عَلى نُور [25] يهْدِى اللهُ لِنُورِهِ منْ يشَاءُ وَيضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ واللهُ بِكُلِّ شَيءٍ علِيم }.
(13) القلوبُ كالطير في الأُلفَةِ إِذَا أنِستْ.
(14) مدح أعْرابي رجلاً فقال:
له هِزَّة كهزَّة السيف إذا طَرِب، وجُرْأة كجرأة الليثِ إذا غضِب [26] .
(15) ووصف أعرابي أخاً له فقال:
كان أخي شَجراً لا يخلَفُ ثَمرُه، وبحْرًا لا يُخَافُ كَدرُه.
(16) وقال البحْتُرىُّ:
يكَدْنَ يُضِئْنَ لِلسَّاري الظلاَما قُصُورٌ كالكواكِبِ لا معَاتٌ
(17) رأىُ الحازم ميزان في الدّقَّة.
(18) وقال ابن التعاوِيذي [27] :
غِضاباً في السحاب لها زَئيرُ [28] إِذا ما الرَّعد زَمْجَر خِلْتَ أُسْدًا
(19) وقال السَّريُّ الرَّفَّاء [29] وصف شمعة:
تَحْكى لنا قَدَّ الأَسَلْ [30] مَفْتُولَةٌ مجدُولةٌ
والنارُ فِيها كالأَجْلْ كأَنَّها عُمْرُ الْفتى
(20) وقال أَعرابي في الذم:
لقد صغَّر فلاناً في عيني عِظمُ الدنيا في عينه، وكأَنَّ السائل إذا أَتاه ملَكُ الموْتِ إذا لاقاه.
(21) وقال أَعربي لأمير: اجْعلْني زِماماً من أَزِمَّتِكَ التي تَجُرُّ بها الأَعداءَ [31]
(22) وقال الشاعر:
لِنُفُوسٍ كالليْلِ في الإِظلامِ كَمْ وُجُوه مِثْلِ النَّهارِ ضِياءً
(23) وقال آخر:
إِذ كان حَظّى مِنَّك حظِّى مِنْهُمُ أَشْبهْتَ أَعْدائي فَصِرْتُ أُحِبُّهُمْ
(24) وقال البحتري في المديح:
إِرْهامِهِ والليْثِ في إِقدامِه [32] كالسيف في إِخْذَامِهِ والْغَيْثِ في
(25) وقال المتنبي في وصف شعره:
سَار فَهْو الشَّمْسُ والدُّنيا فَلَك [33] إِنَّ هذَا الشِّعْرَ في الشِّعْر ملَكْ
(26) وقال في المديح:
لكانُوا الظَّلاَمَ وكُنتَ النهارا فَلَوْ خُلِق النَّاسُ مِنْ دهْرِهمْ
(27) وقال في مدح كافور:
رجاءُ أِبي المِسْكِ الكَرِيم وقصُدهُ وأَمْضى سِلاحٍ قَلَّدَ الْمرْءُ نَفْسَهُ
(28) فلان كالمئْذنَة في استقامة الظاهر واعْوجاج الباطن.
(29) وقال السَّريُّ الرَّفَّاء:
فَارْتَدَّ وجْهُ الأَرْض وهْو سماءُ [34] بِركٌ تَحلَّتْ بِالكَواكِبِ أَرْضُها
(30) وقال البُحْتُرِى:
ـتَ سماءً وأَصْبح النَّاسُ أَرْضا [35] بِنْتَ بِالفَضْلِ والعُلُوِّ فأَصْبحْـ
(31) وقال في روضة:
بِريِّقِهِ لكنْتَ لَها غَمامَا [36] وَلَوْ لَمْ يسْتَهِلَّ لَها غَمامٌ
(32) الدنيا كالمِنْجَلِ استواؤها في اعوجاجها [37]
(33) الحِمْيةُ من الأَنامِ، كالحِمْيةِ من ا لطعام [38] .
(34) وقال المعري:
وشَبابُ الظَّلْماءِ في عُنْفُوانِ [39] فَكأَنِّي ما قُلْتُ واللَّيْلُ طِفْلٌ
ـج عليْها قلاَئدٌ مِنْ جُمَان [40] لَيْلتِي هذِهِ عَرُوسٌ مِن الزَّنْـ
هرب الأَمْن عَنْ فؤادِ الجبانِ هرب النَّوْمُ عنْ جُفُونِي فيهَا
(35) وقال ابن التعاويذى:
وهمُ بُدُور والأَسِنَّة أنْجُم [41] ركِبُوا الدَّياجِى والسرُوجُ أهِلَّةٌ
(36) وقال ابن وكِيع:
وتعرى اللَّيْل مِنْ ثَوْب الغلَسْ [42] سُلَّ سيْفُ الْفجْر مِن غمْدِ الدُّجى
(2)
اجعل كل تشبيه منَ التشبيهين الآتيين مفصَّلاً مؤكَّدًا ثم بليغاً:
وعجَاجَ خَيْلِهم سَحَابٌ مُظْلِمُ [43] وكأَنَّ إيماض السيُوفِ بوَارقٌ
(3)
اِجعل كل تشبيه من التشبيهين الآتيين مرسلاً مفصلاً ثم مرسلاً مجملاً:
سِدِ مَاءٌ جارٍ مَع الإخْوَان [44] أنَا نَارٌ فِي مُرْتقي نَظر الحا
(4)
اِجعل التشبيه الآتي مؤكدًا مفصولا ثم بليغاً، وهو في وصف رجلين اتفقا على الوشاية بين الناس:
على غَيْرِ شَيْءِ سِوى التَّفْرقةْ [45] كَشِقَّىْ مقص تجمَّعْتما
(5)
كوِّن تشبيهات مرسلةً بحيث يكون كلٌّ مما يأْتي مشبهاً.
الماءُ – القلاع [46] – الأزهار – الهلال – السيارة – الكريم – الرعد - المطر
(6)
كَوِّن تشبيهات مؤكدة بحيث يكون فيها كل مما يأْتي مشبهاً به:
نسيم ماءٌ زُلال جنَّة الخُلْدِ بُرْجُ بَابل
دُرٌّ زهرة ناضرة نار مُوقَدة البدر المتألِّق
(7)
كوِّن تشبيهات بليغةً يكون فيها كلٌّ مما يأْتي مشبهاً:
اللسان – المال – الشرف – الأبناء – الملاهي – الذليل - ا لحسد - التعليم
(8)
اشرح قول ابن التعاويذي بإيجاز في وصف بِطِّيخَة وبيِّن أنواع الشبيه فيه:
دمُها فِي كلِّ مِلَّة حُلْوةُ الريق حلاَلٌ
ـمْتها صَارت أهِلَّة نِصفُها بدْرٌ وإِنْ قسَّم
(9)
وازن بين قوليْ أَبى الفتح كُشاجم [47] في وصف روضتين ثم بيِّن نوع كل تشبيه بهما:
كما رَضىَ الصَّدِيق عَنِ الصَّدِيقِ ورَوْض عنْ صنِيعِ الغيثِ رَاض
كأَنَّ ثَراهُ مِنْ مِسْك فَتِيق [48] يُعِير الرِّيح بالنَّفَحات رِيحاً
بقايا الدَّمْعِ في الْخَدِّ الْمشُوق كأَنَّ الطَّلَّ مُنْتشِراً علَيْهِ
* * *
مَتَّصِل الْوَبْل سريعُ الرَّكض [49] غَيثٌ أَتانا مُؤْذِناً بالخَفْضِ
في حليها المُحْمرِّ والمُبْيَضِّ [50] فالأَرْضُ تُجْلى بالنَّباتِ الغَضِّ
ونرْجس زَاكِي النَّسِيمِ بضِّ [51] وأَقْحوان كاللجيْن المحْضِ
تَرْنو فيغشاهَا الْكرى فتُغضى [52] مِثْلِ العُيُون رُنِّقَت لِلْغمْضِ
(10)
صف بإيجاز ليلة مُمْطِرَة، وهاتِ في غضون وصفك تشبيهين مرسلين مجملين، وآخرين بليغين..
(3) تَشْبيهُ التّمثيل
الأَمثلة
(1) قال البُحْتُرىُّ:
مِنْهُ قُرْباً تَزْدَدْ مِن الْفَقْر بُعْدَا [53] هُوَ بَحْر السَّماحِ والجُودِ فَازْدَدْ
(2) وقال امْرُؤُ الْقَيْس:
علىّ بأنْواع اِلْهُمُومِ لِيبْتَلي [54] وَلَيْلٍ كَمَوْج البَحْر أرْخَى سُدُولهُ
* * *
(3) وقال أبو فراس [55] :
ـزَّهْر في الشَّطَّين فَصْلا [56] والماءُ يَفصِل بَيْنَ رَوْض الـ
أَيْدِىِ الْقُيُون عَلَيْهِ نَصْلا [57] كَبِساطِ وَشيٍ جرَّدَتْ
(4) وقال المتنبي في سَيْفِ الدولة:
كما نَفَضَتْ جَناحَيْها الْعُقاب [58] يَهُزُّ الْجَيْشُ حولَك جَانِبَيْهِ
(5) وقال السَّرىُّ الرَّفَّاءُ:
غَرِقَتْ في صَحيفَةٍ زَرْقاء وَكأَنَّ الْهِلاَلَ نُونُ لُجيْن
البحث:
يُشَبّه البحترى ممدوحَه بالبحر في الجود والسماح، وينصح للناس أن يقتربوا منه ليبتعدوا من الفقر، ويشبه امرؤ القيس الليل في ظلامه وهوْله بموج البحر، وأنَّ هذا الليل أرخَى حُجُبَهُ عليه مصحوبةً بالهموم والأحزان ليختبر صبْرَهُ وقوة احتماله. وإِذا تأملت وجْه الشبه في كل واحد من هذين التشبيهين رأيت أنه صفة أو صفاتٌ اشتركت بين شيئين ليس غيرُ، هي هنا اشتراك الممدوح والبحر في صفة الجود، واشتراكُ الليل وموجِ البحرِ في صفتين هما الظلمة والروعة. ويسمى وجه الشبه إذا كان كذلك مفردًا، وكونه مفردًا لا يمنع من تعدد الصفات المشتركة، ويسمى التشبيه الذي يكون وجه الشبه فيه كذلك تشبيهاً غير تمثيل.
اُنظر بعد ذلك إلى التشبيهات التالية:
يشبه أَبو فِراس حال ماء الجدول، وهو يجرى بين روضتين على شاطئيه حلاهما الزَّهْر ببدائع ألوانه مُنْبثًّا بين الخُضرة الناضرة، بحال سيف لماع لا يزال في بريق جدَّته، وقد جرّدَه القُيُون على بساط من حرير مُطَرَّز. فأَين وجه الشبه؟ أتظنُّ أَن الشاعر يريد أن يَعْقِد تشبيهين: الأَول تشبيه الجدول بالسيف، والثاني تشبيه الروضة بالبِساط الْمُوَشّي؟ لا، إِنّه لم يرد ذلك، إِنما يريد أَن يشبّه صورةً رآها بصورة تخيلها، يريد أن يشبه حال الجدول وهو بين الرياض بحال السيف فوق البساط الموشَّى، فوجه الشبه هنا صورة لا مفرد، وهذه الصورة مأخوذة أَو مُنْتَزَعَةٌ من أَشياء عدَّة، والصورة المشتركة بين الطرفين هي وجود بياض مستطيل حوله اخضرار فيه أَلوان مختلفة.
ويشبه المتنبي صورة جانبي الجيش: مَيْمَنَتِه ومَيْسَرَتِه، سيفُ الدولة بينهما، وما فيهما من حركة واضطراب.. بصورة عُقَابٍ تَنفُض جَناحَيْها وتحركهما، ووجه الشبه هنا ليس مفردًا ولكنه مُنْتَزَع من متعدد وهو وجود جانيين لشيءٍ في حال حركة وتمَوُّج.
وفي البيت الأَخير يشبه السَّريُّ حال الهلال أَبيض لمَّاعاً مقوّساً وهو في السماء الزرقاء، بحال نون من فضةٍ غارقةٍ في صحيفة زرقاءَ، فوجه الشبه هنا صورةً منتزعة من متعدد، وهو وجود شيءٍ أبيض مقوَّس في شيء أَزرق. فهذه التشبيهات الثلاثة التي مرت بك والتي رأيت أن وجه الشبه فيها صورةٌ مكوَّنة من أشياءَ عِدَّةٍ يسمّى كل تشبيه فيها تمثيلا.
القاعدة
(8) يُسمّى التشبيه تمثيلاً إِذا كان وجه الشبه فيهِ صورة مُنْتَزَعَة من متعدد، وغيْرَ تَمْثِيل إِذَا لم يَكُنْ وجْهُ الشَّبَهِ كذلك.
نَمُوذَجٌ
(1) قال ابن المعتز:
بَشَّرَ سُقْمُ الْهِلالِ بِالْعِيدِ قَدِ انْقضَتْ دَوْلةُ الصِّيام وقد
يُفْتَحُ فاهُ لأَكْل عُنْقُود [59] يَتْلُو الثرَيَّا كفَاغِرٍ شَرِه
(2) وقال المتنبي في الرثاء:
يصْولُ بلا كفٍّ ويسْعى بلا رِجْل [60] وما الموت إِلا سارقُ دَقَّ شَخْصُه
(3) وقال الشاعر:
قَمَرًا يكُرُّ عَلى الرّجال بكَوْكب وتراه في ظُلَمِ الوَغَى فتخَالُه
الإجابـة
المشبه المشبه به الوجه نوع التشبيه من حيث الوجه
(1) صورة الهلال
والثريا أمامه
صورة شره فاتح فاه
لأكل عنقود من العنب
صورة شيء مقوس
يتبع شيئاً آخر
مكوناً من أجزاء
صغيرة بيضاء تمثيل
(2) الموت اللص الخفي الأعضاء الخفاء وعدم الظهور غير تمثيل
(3) صورة الممدوح
وبيده سيف لامع
يشق به ظلام الغبار صورة قمر يشق ظلمة
الفضاء ويتصل به
كوكب مضئ
ظهور شيء مضئ
يلوح بشيء متلألئ
في وسط الظلام تمثيل
…………………….
الاستعارة :
هي مجازٌ علاقته المشابهة أو هي تشبيه بليغ حذف أحد طرفيه .
نفهم من الكلام السابق أن التشبيه لابد فيه من ذكر الطرفين الأساسين وهما المشبه والمشبه به فإذا حذف أحد الركنين لا يعد تشبيهاً بل يصبح استعارة .
لاحظ الفرق بين : محمد أسد - رأيت أسداً يتكلم .
* أنـواع الاستعـارة :
أ استعارة تصريحية : وهى التي حُذِفَ فيها المشبه الركن الأول وصرح بالمشبه به .
مثل قوله تعالى :
الله وليُّ الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ..
شبه الكفر بالظلمات والإيمان بالنور ثم حذف المشبه الكفر والإيمان وذكر المشبه به الظلمات والنور على سبيل الاستعارة التصريحية .
ب - استعارة مكنية : وهى التي حُذِفَ فيها المشبه بهالركن الثاني وبقيت صفة من صفاته ترمز إليه .
مثال : طار الخبر في المدينة ..
استعارة مكنية فلقد صورنا الخبر بطائر يطير ، وحذفنا الطائر وأتينا بصفة من صفاته طار ، فالدليل على أنها استعارة : أن الخبر لا يطير.
توضیح آخر:
الاستعارة : تشبيه بليغ حذف أحد طرفيه .نفهم من الكلام السابق أن التشبيه لابد فيه من ذكر الطرفين الأساسين وهما
المشبه والمشبه به فإذا حذف أحد الركنين لا يعد تشبيهاً بل يصبح استعارة .
لاحظ الفرق بين : محمد أسد - رأيت أسداً يتكلم - محمد يزأر وهو يفترس الأعداء .
أنـواع الاستعـارة :
أ - استعارة تصريحية : وهى التي حُذِفَ فيها المشبه الركن الأول وصرح بالمشبه به .
مثل : نسي الطين ساعة أنه طين .. شبه الشاعر الإنسان بالطين ثم حذف المشبه الإنسان وذكر المشبه به الطينعلى سبيل الاستعارة التصريحية .
مثل قوله تعالى الله وليُّ الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور .. شبه الكفر بالظلمات والإيمان بالنور ثم حذف المشبه الكفر والإيمان وذكر المشبه به الظلمات والنورعلى سبيل الاستعارة التصريحية .
في قلوبهم مرض ، واعتصموا بحبل الله .. بين الاستعارة بنفسك .
ب - استعارة مكنية : وهى التي حُذِفَ فيها المشبه به الركن الثاني وبقيت صفة من صفاته ترمز إليه .
مثل : حدثني التاريخ عن أمجاد أمتي فشعرت بالفخر والاعتزاز .
المحذوف المشبه به ، فالأصل : التاريخ يتحدث كالإنسان ، ولكن الإنسان لم يذكر وإنما ذكر في الكلام ما يدل عليه وهو قوله : حدثني فالدليل على أنها استعارة : أن التاريخ لا يتكلم.
ومثل ماسبق : طار الخبر في المدينة .. استعارة مكنية فلقد صورنا الخبر بطائر يطير ، وحذفنا الطائر وأتينا بصفة من صفاته طار ، فالدليل على أنها استعارة : أن الخبر لا يطير. .
يهجم علينا الدهر بجيش من أيامه ولياليه - وتبنى المجد يا عمر بن ليلى - صحب الناس قبلنا ذا الزمانا- شاكٍ إلى البحر .. بين الاستعارة بنفسك .
جـ - الاستعارة التمثيلية : أصلها تشبيه تمثيلي حُذِفَ منه المشبه وهو الحالة والهيئة الحاضرة وصرح بالمشبه به وهو الحالة والهيئة السابقة مع المحافظة على كلماتها وشكلها وتكثر غالباً في الأمثال عندما تشبه الموقف الجديد بالموقف الذي قيلت فيه .
مثل : لكل جواد كبوة - رجع بخفي حنين - سبق السيف العذل - فمن يزرعِ الشوك يجنِ الجراح .
الاستعارة : تشبيه بليغ حذف أحد طرفيه .
نفهم من الكلام السابق أن التشبيه لابد فيه من ذكر الطرفين الأساسين وهما المشبه والمشبه به فإذا حذف أحد الركنين لا يعد تشبيهاً بل يصبح استعارة .
لاحظ الفرق بين : محمد أسد - رأيت أسداً يتكلم - محمد يزأر وهو يفترس الأعداء .
أنـواع الاستعـارة :
أ استعارة تصريحية : وهى التي حُذِفَ فيها المشبهالركن الأول وصرح بالمشبه به .
مثل : نسي الطين ساعة أنه طين .. شبه الشاعر الإنسان بالطين ثم حذف المشبه الإنسانوذكر المشبه به الطينعلى سبيل الاستعارة التصريحية .
مثل قوله تعالى الله وليُّ الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور .. شبه الكفر بالظلمات والإيمان بالنور ثم حذف المشبه الكفر والإيمان وذكر المشبه به
الظلمات والنورعلى سبيل الاستعارة التصريحية .
في قلوبهم مرض ، واعتصموا بحبل الله .. بين الاستعارة بنفسك .
ب - استعارة مكنية : وهى التي حُذِفَ فيها المشبه بهالركن الثاني وبقيت صفة من صفاته ترمز إليه .
مثل : حدثني التاريخ عن أمجاد أمتي فشعرت بالفخر والاعتزاز .
المحذوف المشبه به ، فالأصل : التاريخ يتحدث كالإنسان ، ولكن الإنسان لم يذكر وإنما ذكر في الكلام ما يدل عليه وهو قوله : حدثني فالدليل على أنها استعارة : أن التاريخ لا يتكلم.
ومثل ماسبق : طار الخبر في المدينة .. استعارة مكنية فلقد صورنا الخبر بطائر يطير ، وحذفنا الطائر وأتينا بصفة من صفاته طار ، فالدليل على أنها استعارة : أن الخبر لا يطير. .
يهجم علينا الدهر بجيش من أيامه ولياليه - وتبنى المجد يا عمر بن ليلى - صحب الناس قبلنا ذا الزمانا- شاكٍ إلى البحر .. بين الاستعارة بنفسك .
جـ – الاستعارة التمثيلية : أصلها تشبيه تمثيلي حُذِفَ منه المشبه وهو الحالة والهيئة الحاضرة وصرح بالمشبه به وهو الحالة والهيئة السابقة مع المحافظة على كلماتها وشكلها وتكثر غالباً في الأمثال عندما تشبه الموقف الجديد بالموقف الذي قيلت فيه .
مثل : لكل جواد كبوة - رجع بخفي حنين - سبق السيف العذل - فمن يزرعِ الشوك يجنِ الجراح .
سر جمال الاستعارة : التوضيح أو التشخيص أو التجسيم .
........................................................................................
الاستعارة فی الکتب البلاغیة القدیمة
الاستعارة
عريفها:
في اللغة من العارية أي نقل الشيء من شخص إلى آخر حتى تصبح تلك العارية من خصائص المعار إليه.
في المصطلح:
أول من وقف على الاستعارة أبو عمرو بن العلاء، إذ قال: كانت يدي في يد الفرزدق، وأنشدته قولَ ذي الرُّمَّةِ1:
أقامَتْ به حَتَّى ذوى العودُ في الثَّرى
وساق الثريا في ملاءته الفجرُ
قال: فقال لي: أ أرشدكَ أم أدعكَ؟ قلت: بل أرشدني. فقال: إن العودَ لا يذوي أو يجف الثرى، وإنما الشعر/ حتى ذوى العودُ والثرى/..ثم قال أبو عمرو: ولا أعلم قولاً أحسن من قوله: / وساق الثريا في ملاءته الفجرُ/ فَصَيَّر للفجر ملاءةً، ولا ملاءة له، وإنما استعار هذه اللفظة، وهو من عجيب الاستعارات.2
وقال ابن قتيبة: فالعرب تستعير الكلمة فتضعها مكان الكلمة إذا كان المسمى بها بسبب من الآخر، أو مجاورا لها أو مشاكلاً3
القاضي علي بن عبد العزيز الجرجاني: الاستعارة ما اكتفي فيها بالاسم المستعار عن الأصل، ونقلت العبارة فجعلت مكان غيرها. وملاكها تقريب الشبه ومناسبة المستعار له للمستعار منه، وامتزاج اللفظ بالمعنى حتى لا يوجد بينهما منافرة، ولا يتبين في أحدهما إعراض عن الآخر4
وقال الرماني: الاستعارة تعليق العبارة على ما وضعت له في أصل اللغة على جهة النقل للإبانة5
وقال أبو هلال العسكري: هي نقل العبارة عن موضع استعمالها في أصل اللغة لغرض6
وقال عبد القاهر الجرجاني: فالاستعارة أن تريدَ تشبيه الشيء بالشيء، فتدع أن تفصح بالتشبيه وتظهره، وتجيء إلى اسم المشبه به فَتُعيرُه المشبه وتجريه عليه. تريد أن تقول: رأيت رجلاً ه كالأسد في شجاعته وقوة بطشه، فتدع ذلك وتقول: رأيتُ أسداً 7
وقال شرف الدين الطيبي: الاستعارة وهي أن تذكر أحد طرفي التشبيه مدعياً دخول المشبه في جنس المشبه به دالاً عليه بإثباتك للمشبه ما يخص المشبه به من اسم جنسه أو لازمه أو لفظ يستعمل فيه، نحو في الحمام أسد، والمنية أنشبت أظفارها8
وقد اجتمعت التعريفات في فهم القدماء والمعاصرين على وجهين: أحدهما يقول: الاستعارة مجاز علاقته التشبيه، والآخر يقول: الاستعارة تشبيه حذف أحد ركنيه الأساسيين.
أركان الاستعارة:
1 – مستعار منه – وهو المشبه به
2 ومستعار له - وهو المشبه
3- ومستعار وهو اللفظ المنقول.
تطبيق:
﴿ واشتعل الرأس شيبا﴾
التشبيه: الشيب يشبه النار،
المشبه: الشيب
المشبه به النار
المستعار الفعل اشتعل
المستعار منه النار وهي المشبه به
المستعار له الشيب وهو المشبه
تقسيم الاستعارة باعتبار الطرفين
1- التصريحية: وهي التي يصرح فيها بلفظ المشبه به كقوله تعالى: ﴿ ليخرجهم من الظلمات إلى النور﴾
وكقول الشاعر
فأمطرت لؤلؤاً من نرجسٍ وسقتْ
وَردَاً وعَضَّتْ على العُنَّابِ بالبردِ
الاستعارات: هي دموع كاللؤلؤ، حذف المشبه، وأبقى المشبه به اللؤلؤ فهي تصريحية، والعيون كالنرجس، حذف المشبه العيون والتصريح بالمشبه به على طريقة الاستعارة التصريحية، والخدود كاللورد، فحذف المشبه وصرحوا بالمشبه به ورداً والأنامل أو الشفاه كالعناب ثمر أحمر حذف المشبه الأنامل وصرح بالمشبه به العناب والأسنان كالبردِ حذف الأسنان وهي المشبه وصرح بالبرد، على طريقة الاستعارة التصريحية.
2- الاستعارة المكنية وهي التي يحذف منها المشبه به ويذكر المشبه، من ذلك قول الله تعالى: ﴿واخفض لهما جناح الذل من الرحمة﴾
فقد استعار الجناح من الطائر، والمستعار له الذل، والمستعار الجناح. والغرض الطاعة للوالدين. والاستعارة مكنية؛ لأنه ذكر المشبه الذل وحذف المشبه به الطائر، وأبقى شيئاً من لوازمه جناح ليدل عليه.
و كقول الشاعر
وإذا المنية أنشبت أظفارها
ألفيتَ كلَّ تميمةٍ لا تنفعُ
المستعار أظفارها من الوحش المفترس المستعار منه وهو المشبه به، والمنية المستعار له وهو المشبه. فالاستعارة مكنية لأنه ذكر المشبه المنية
3- الاستعارة التحقيقية: هي تناسب بين المادي المستعار للمستعار له مثال: رأيت بحراً يعطي.
1- الاستعارة التخييلية: هي المكنية من جهة المستعار فقوله تعالى جناح الذل فقد استعار الجناح من الطائر والجناح محس محسوس والذل معنوي عقلي، فارتباط الجناح بالذل قائم على التخيل أي العقل، فالملابسة عقلية خيالية وليست مادية حسية، واجتماع المادي بالمعنوي جزء من عقل العرب ومنهج التوسط الجامع بين المادة الجناح والمعنى الذل
وكذلك / وإذا المنية أنشبت أظفارها / فإثبات الأظفار وهي شيء محس للمنية وهي شيء غير محس، يقوم على إدراك العقل ويسمى تخيلاً
أنواع الاستعارة بالاعتبار الصرفي
وهو أن تُحصر الرؤية في المستعار: هل هو جامد أو مشتق، فإن كان المستعار جامداً سميت أصلية من ذلك قول14 الله ﴿ كتابٌ أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور﴾ فالمستعار في الآية الظلمات للجاهلية، و النور للإسلام، وكل منهما اسم فهي استعارة أصلية من جهة المستعار، وكل منهما استعارة تصريحية من جهة حذف المشبه الجاهلية والتصريح بالظلمات وهي المشبه به، وكذلك لم يذكر الإسلام وهو المشبه بالنور، وصرح بالمشبه به وهو النور. والجامع بين الجاهلية والظلمات عدم الاهتداء إلى الحق في العقيدة أو العبادة أو الشريعة أو الخلق القويم. والجامع بين الإسلام والنور هو الهداية في أمور الحياة كلها.
قام الليث خطيباً، فالليث مستعار للخطيب، أي الخطيب يشبه الليث، فهي استعارة أصلية من جهة أن لفظ المستعار من عالم الحيوان اسم غير مشتق، وهي استعارة تصريحية من جهة حذف المشبه والتصريح بالمشبه به.
ومن جهة الأصلية في المكنية قول أبي ذؤيب: / وإذا المنية أنشبت أظفارها/ فالأظفار اسم والاستعارة أصلية من جهة أن لفظ المستعار اسم، و مكنية من جهة أن المشبه به الوحش محذوف، وتخييلية من جهة إثبات الأظفار للمنية مما لا ينهض به عالم الحس، ويقوى في عالم النفس العقل.
وأما الاستعارة التبعية فهي أن يكون اللفظ المستعار مشتقاً كالفعل أو اسم الفاعل أو اسم المفعول أو حرف أو اسماً مبهماً ...من ذلك قوله تعالى: ﴿ واشتعل الرأس شيباً﴾ فالفظ المستعار اشتعل من النار، والفعل من المشتقات فالاستعارة تبعية من هذه الجهة، وهي مكنية من جهة ذكر الشيب وهو المشبه، واستعير له لفظ اشتعل.
ويمكن القول إنه شبه سرعة الشيب في الرأس بسرعة النار في الاشتعال مما يجعل الاستعارة تصريحية من هذه الجهة.
ومن ذلك قولك: نطقت الحال بكذا، شبهت الدلالة الواضحة بالنطق ولو لم يكن لها لسان، فحذف المشبه وصرح بالمشبه به فه تصؤيحية من هذه الجهة. والفعل نطقت مستعار من الإنسان وهو فعل مشتق أي الاستعارة تبعية.
ويمكن القول: شبه الحال بالإنسان فحذف المشبه به الإنسان وأبقى شيئاً من لوازمه نطق على طريقة الاستعارة المكنية.
ومنها الاستعارة في الحرف كقوله15 تعالى: ﴿ أولئك على هدى من ربهم ﴾ أي تمكنوا من الاستقرار على الهدى كما يستقر الفارس على حصانه.
أنواع الاستعارة باعتبار التلاؤم أو التناسب
بين طرفي المستعار منه والمستعار له
وهي ثلاثة أنواع: أ- استعارة مرشحة أو ترشيحية، وهي التي يذكر فيها ما يناسب المشبه به، كقول الله تعالى: ﴿ أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم ﴾ استعير الشراء للاستبدال والاختيار، ثم فرع عليها ما يلائم المستعار منه من الربح والتجارة. المستعار هو الاشتراء، شبه الضلالة بالسلعة التي تشترى والثمن هو الهدى، فحذف المشبه به السلعة وذكر شيئاً من لوازمها وهو اشتروا فهي تبعية من جهة لفظ المستعار من السلعة وهي المشبه به المستعار منه والربح مناسب للمشبه به فهي من جهة ذكر ما يناسب المشبه به.
ومثال لا تكن طاووساً فيقص ذيلك، شبه المتكبر بالطاووس، فذكر يقص ذلك وهو مناسب للطاووس وهو المشبه به فهذا يسمى استعارة ترشيحية من جهة ذكر ما يناسب المشبه به.
والمجردة وهي التي فيها ما يناسب المستعار له وهو المشبه، كقولك: رأيت بحراً على فرس يعطي، أي رجلاً يشبه البحر، وقوله على فرس يعطي مناسب للمشبه فالاستعارة مجردة
والمطلقة: هي التي لا تقترن بملائم لأي من المشبه أو المشبه به كقوله تعالى: بنقضون عهد الله شبه عهد بالحبل المنعقد فحذف الحبل ودل عليه بقوله ينقضون العقد التي عقدوها مع الله، ولم يذكر ما يجعله ترشيحاً، ولا ما يجعله مجردة إذا كان ثمة ما يناسب المشبه.
أو أن يذكر ما يناسب كل منهما كقول زهير:
لدى أسدٍ شاكي السلاح مقذَّفٍ
لــه لِـبَـدٌ أظفارهُ لم تُقَلَّمِ
فقد شبه الرجل بالأسد، فذكر أن الرجل شاكي السلاح مقذف، وأن الأسد له أظفار لم تقلم، فكان برتبة إطلاق لهما، فجمع الترشيح والتجريد مما أدى إلى تعارضهما وإسقاطهما معاً.
الاستعارة من جهة المضمون
المقصود بالمضمون الحسي والعقلي و البسيط والمركب أوالهيثات، وكل ذلك بين ركني الاستعارة المستعار منه والمستعار له، وهي نوعان: الاستعارة التخييلية، والاستعارة التمثيلية.
الاستعارة التخييلية: وهي بحث في ماهية المستعارة من جهة المادة والمعى أو الحسي والعقلي ومناسبته للمستعار له، من ذلك مناسبة الأظفار للمنية وإذا المنية أنشبت أظفارها فالأظفار مادية حسية، والمنية معنوية عقلية، وتركيب الأظفار للمنية ضرب من التخيل.
وقال أبو العتاهية:
أتتهُ الخلافةُ منقادةً
إليهِ تجرجرُ أذيالها
الاستعارة التمثيلية:
هي تركيب استعمل في غير ما وضع له لعلاقة المشابهة بوجود قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلي. وهي ضرب الأمثال لأحوال تناسبها من ذلك قولك للساعي الخائب: أنت تنفخ في قربة مثقوبة. وإذا قلت للمتردد: أراك تقدم رجلاً وتؤخر أخرى.
بلاغة الاستعارة:
يزعمون أن الاستعارة أبلغ من التشبيه، وهو قول مدفوع لأن البلاغة مراعاة مقتضى الحال، فلو اقتضت الحال تشبيهاً، وذهب الناطق إلى الاستعارة فقد أفسد مقتضى الحال، إنما يجب أن يقال: إن بلاغة الاستعارة في موضعها كبلاغة التشبيه في موضعه، ولو كان قولهم صحيحاً لوجب العدول عن التشبيه إلى الاستعارة في الكلام كله، وانظر في القرآن تجد التشبيهات بأنواعها والاستعارات بأفنانها، ولا يقال هذا أبلغ من ذاك، وبكل وقع الإعجاز، وإنما في كلام الناس يخطئ بعضهم في تقدير المقتضى فيضع التشبيه موضع الاستعارة فيقال في هذا الموضع أو ذاك الاستعارة أبلغ من التشبيه وليس بإطلاق القول.
الاستعارة في أبسط تعريف لها هي أخذ شيء من موضعه ونقله إلى موضع آخر
مثال : نقول استعرت من صديقي قلما
فالقلم ليس ملكا لي وانما اخذته من صاحبه استعارة فالاصل المستعار لصاحبه
ومن ذلك قول الشاعر : أحق الركض بالخيل المعار فالشاعر يريد أن يقول أن الخيل المستعارة التي تسير بها المسافات وتجوب بها الفيافي وتتعبها فوق طاقتها
أحق من الخيل التي تملكها وتحافظ عليها وتهتم بها في تلك الأمور
والاستعارة في أبسط تعريف لها كفن بلاغي : هي عبارة عن تشبيه حذف منه أحد ركنيه المشبه أو المشبه به
أنواع الاستعارة :
والاستعارة ثلاثة أنواع :
1- استعارة تصريحية :وهي ما صرح فيه بالمشبه به دون المشبه
ومثالها من القرآن الكريم قوله تعالى:
كِتابٌ أنزلناهُ إليكَ لِتُخرجَ الناسَ مِنَ الظُلماتِ إلى النُّورِ....
ففي هذه الآية استعارتان في لفظي: الظلمات والنور، لأن المراد الحقيقي دون مجازهما اللغوي هو: الضلال والهدى، لأن المراد إخراج الناس من الضلال إلى الهدى، فاستعير للضلال لفظ الظلمات، وللهدى لفظ النور، لعلاقة المشابهة ما بين الضلال والظلمات.
وهذا الاستعمال _كما ترى _ من المجاز اللغوي لأنه اشتمل على تشبيه حذف منه لفظ المشبه، وأستعير بدله لفظ المشبه به، وعلى هذا فكل مجاز من هذا السنخ يسمى "استعارة" ولما كان المشبه به مصرحاً بذكره سمي هذا المجاز اللغوي، أو هذه الاستعارة "استعارة تصريحية" لأننا قد صرحنا بالمشبه به، وكأنه عين المشبه مبالغة واتساعاً في الكلام
مثال آخر :
" في المدرسة كواكب نسير على هديها "
الكواكب : شبه المدرسين بالكواكب وحذف المشبه وصرح بالمشبه به على سبيل الاستعارة التصريحيه .
وأيضا :
قال المتنبي يصف دخول رسول الروم على سيف الدولة :
وأقبل يمشي في البساط فما درى إلى البحر يسعى أم الى البدر يرتقي
البحر : شبه سيف الدولة بالبحر وحذف المشبه وصرح بالمشبه به على سبيل الاستعارة التصريحيه
البدر : استعارة تصريحيه .
2- استعارة مكنية : وهي ما حذف منها المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه المشبه موجود والمشبه به محذوف وبقي شيء يدل عليه
لنتناول هذه الأمثلة ونوضحها :
ولَمّا سكتَ عَن موسى الغَضَبُ أخَذَ الألواحَ وفي نُسخَتِها هُدىً وَرَحمةٌ....
ففي هذه الآية ما يدل على حذف المشبه به، وإثبات المشبه، إلا أنه رمز إلى المشبه به بشيء من لوازمه، فقد مثلت الآية الغضب بإنسان هائج يلح على صاحبه باتخاذ موقف المنتقم الجاد، ثم هدأ فجأة، وغير موقفه، وقد عبر عن ذلك بما يلازم الإنسان عند غضبه ثم يهدأ ويستكين، وهو السكوت، فكانت كلمة سكت استعارة مكنية بهذا الملحظ حينما عادت رمزاً للمشبه به.
بمعنى آخر : الغضب صفة لمن ؟؟؟ أخالك تجيب صفة للإنسان
والسؤال الآن : هل البحر يغضب ؟؟؟ أخالك تجيب : لا
اذا اراد عز من قائل أن يصور البحر بإنسان يغضب ليدل على شدة هيجانه
أين ركنا التشبيه ؟
المشبه : البحر
االمشبه به : الإنسان محذوف وبقي شيء من لوازمه وهو ........
لذلك نسمي هذه الإستعارة بالإستعارة المكنية
وأظهر من ذلك في الدلالة قوله تعالى:
والصُّبح إذا تَنَفَسَ.
فالمستعار منه المشبه به هو الإنسان، والمستعار له هو الصبح المشبه ، ووجه الشبه هو حركة الإنسان وخروج النور، فكلتاهما حركة دائبة مستمرة، وقد ذكر المشبه وهو الصبح، وحذف المشبه به وهو الإنسان، فعادت الاستعارة مكنية.
وهاتان الاستعارتان أعني التصريحية والمكنية ننظر فيهما إلى طرفي التشبيه في الاستعارة، وهما المشبه والمشبه به، فتارة يحذف المشبه فتسمى الاستعارة تصريحية وتارة يحذف المشبه به فتسمى الاستعارة مكنية.
مثال آخر :
- " كشر البحر عن أنيابه "
استعارة مكنية حيث شبه البحر بوحش له أنياب وصرح بالمشبه , وحذف المشبه به ودل عليه بشيء من صفاته الأنياب
.3- الاستعارة التمثيلية :
هي التي يصرح فيها بذكر المشبه به على أن يكون صورة مركبة من أشياء والاستعارة التمثيلية قريبة من التشبيه التمثيلي غير أن المشبه فيها محذوف مع أداة التشبيه.
تذكر :
لا زلنا نتحدث عن الاستعارة ويجب أن يكون أحد طرفي التشبيه محذوف حتى نسميها استعارة
مثال : أراك تقدم رجلاً وتؤخر أخرى
ونعني بذلك أن حالة في تردده في الإقدام على أمرٍ ما حال من يقدم رجلاً ويؤخر أخرى.
فالمشبه به مصرح به وهو من يقدم رجل ويؤخر أخرى والمشبه محذوف ونقدره الإنسان المتررد
والفرق بين الاستعارة التمثيلية والتصريحية وحود صور متعددة في الاستعارة التمثيلية أما الاستعارة التصريحية فتقتصر على صورة واحدة.
مثال آخر : قول الشاعر
من يك ذا فم مر مريض = = يجد مرا به الماء الزلالا
تم تشبيه حال الذام للشاعر في عدم تذوقهم شعره بحال المريض الذي لا يستسيغ الماء الزلال،
مثال آخر :
نقول : رمى عصفورين بحجر
شبه حال من يدرك غايتين بتدبير واحد بحال من يصطاد عصفورين بحجر واحد .
يقول ابن الأثير:" إنّما سمّي هذا القسم من الكلام استعارة لأنّ الأصل في الاستعارة المجازيّة مأخوذ من العارية الحقيقيّة التي هي ضرب من المعاملة وهي أن يستعيرَ النّاسُ من بعضهم شيئا من الأشياء ولا يقع ذلك إلاّ من شخصين بينهما سبب معرفةٌ وهذا الحكم جارٍ في استعارة الألفاظ بعضها من بعض.
فالمشاركة بين اللّفظين في نقل المعنى من أحدهما إلى الآخر كالمعرفة بين الشّخصين في نقل الشيء المستعار من أحدهما إلى الآخر."...1
ب اصطلاحا:
عرّف البلاغيّون القدامى الاستعارة منذ القرن الثالث الهجريّ كما يلي:
تسمية الشيء باسم غيره إذا قام مقامَه. الجاحظ 1 المثلُ السّائرُ 364
نقل للّفظ من معنى إلى معنى. المبرّد
اللّفظ المستعمل في غير ما وُضِعَ له إذا كان المسمّى به بسبب من الآخر أو كان مجاريا له أو مشاكلا. ابن قتيبة
أن يُستعار للشيء إسمٌ غيره أو معنى سواه. ثعلب
استعارة الكلمة لشيء لم يُعرف من شيء عُرِفَ به. ابن المعتزّ
ما اكتفي فيها بالاسم المستعار عن الأصل ونُقِلت العبارة فجُعِلَت في مكان غيرها. علي بن عبد العزيز الجرجانيّ
تعليق العبارة على غير ما وُضِعت له في أصل اللّغة على جهة النّقل للإبانة. الرمّانيّ
نقل العبارة عن موضع استعمالها في أصل اللّغة إلى غيره. أبو الهلال العسكريّ
أن يكون لفظ الأصل في الوضع اللّغويّ معروفا تدلّ الشّواهد على أنّه اختصّ به حين وُضِعَ ثمّ يستعمله الشّاعر أو غير الشّاعر في غير ذلك الأصل وينقله إليه نقلا غيرَ لازمٍ فيكون هنا كالعارية. عبد القاهر الجرجانيّ
ذكرُ الشيء باسم غيره وإثبات ما لغيره له لأجل المبالغة في التشبيه. فخر الدّين بن الخطيب
نقل المعنى من لفظ إلى لفظ لمشاركةٍ بينهما مع طيّ ذكر المنقولِ إليه. ابن الأثير
أن تَذكُرَ أحدَ طرفي التشبيه وتريدَ الطّرف الآخرَ مدّعيا دخول المشبّه في جنس المشبّه به إلاّ على ذلك بإثباتك للمشبّه ما يخصّ المشبّه به. السكاكيّ
تلك هي تعريفات الاستعارة مرتّبة ترتيبا تاريخيّا و يُلاحظ الدّارس لها أنّ الاستعارة قد تطوّرت في تعريفها فكانت في أوّل أمرها تشمل المجاز بأنواعه من غير بيان العلاقة بين المستعار منه و المستعار له ثمّ اتّضح التعريف شيئا فشيئا واشترطت العلاقة بالمجاورة أو المشاكلة أو بسبب يربط بين طرفيهما ثمّ ذكر الغرض من استعمالها.
وقد خلط غيرُ واحد من علماء البلاغة بين الاستعارة والتشبيه فجعلوا بعض التشبيهات استعارات و بعض الاستعارات تشبيهات وعدّ أهل البلاغة كابن رشيق وأبي الهلال العسكريّ التشبيهَ المضمرَ الأداةِ استعارةً لأنّ التشبيه في نظرهم إنّما يتميّز بالأداة و لذا فهم يرون إنّ المفهوم من " زيدٌ أسدٌ" مثل المفهوم من " لقيتُ الأسدَ" أو" زارني الأسدُ". وقد اعترض على ذلك القاضي الجرجانيّ في "الوساطة" ورأى أنّه ورد ما يظنّه النّاسُ استعارةً وهو تشبيه أو مثلٌ و قد أنار إمام البلاغة الجرجانيّ هذه المسألة ووضّح الفرق بين التشبيه و الاستعارة بقوله :
" إنّ الاستعارة وإن كانت تعتمد التشبيهَ والتمثيلَ و كان التشبيهُ يقتضي شيئين مشبّها ومشبّها به وكذلك التمثيلُ لأنّه كما عرفت تشبيه إلاّ أنّه عقليٌّ فإنّ الاستعارة من شأنها أن تُسقِطَ ذكرَ المشبّه من البين وتطرحه وتدّعي له الاسم الموضوعَ للمشبّه به كما مضى من قولك" رأيتُ زيدا" تريد رجلا شجاعا فاسمً الذي هو غيرُ مشبّهٍ غيرُ مذكورٍ بوجه من الوجوه كما ترى وقد نقلتَ الحديثَ إلى اسم المشبّه به لقصدكَ أن تبالغَ."
ويُجمِعُ البلاغيّون على أنّ الاستعارة ضربٌ من المجاز اللّغويّ علاقته المشابهة أي لفظ استُعمل في غير ما وُضع له لعلاقة المشابهة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الحقيقيّ ... فالأساس الذي تقوم عليه الاستعارة هو التشبيه ولذلك عُدَّ أصلا وعُدَّتْ الاستعارة فرعًا له.1
1 د غازي يحوت: "عامّ أساليب البيان"
مثال
تحليل المثال
قال حافظ إبراهيم:
وأطلق الشّمسَ في غياهب الدّان
**
واملأ من كؤوس النّور كأسي
شبّه الشّاعر الخمرة بالشّمس لاشتراكهما في الإشراق ثمّ استعار اللّفظ الدّال على المشبّه به وهو الشّمس للمشبّه وهو الخمرة.
القرينة المانعة من إرادة المعنى الحقيقيّ:طمن غياهب الدنّ"
وفي العجز، شبّه الشّاعرُ الخمرةَ بالنّور لاشتراكهما في الإضاءة ثمّ استعار اللّفظ الدالّ على المشبّه به وهو النّورُ للمشبّهالخمرة أمّا القرينة فهي: املأ كأسي.
فاركان الاستعارة ثلاثة: المستعار منه وهو المشبّه به والمستعارُ له وهو المشبّه وهما طرفا الاستعارة والمستعار وهو اللّفظ المنقولُ.
والأصل في الاستعارة أن تكون في اسم الجنس دون اسم العلم لأنّ اسم الجنس يقتضي العموم في حين أنّ العلمَ ينافي العموم إلاّ إذا تضمّن صفةً قد اشتهر بها كتضمّن حاتم صفة الكرم وسحبان صفة الفصاحة وباقل صفة العيّ فيُصبح عند ذلك اعتبار ذلك العلم كليّا تجوز استعارته.
و يجوز أن تقع الاستعارة في الأفعال و المشتقّات أسماء الفاعلين والمفعولين والصفة المشبّهة وأسماء المكان والحروف والأسماء المبهمةأسماء الإشارة واسم الموصول والضمائر وسيأتي بيان ذلك في الاستعارة التبعيّة.
-أنواع الاستعارة:
1 التصريحيّة والمكنيّة:
تُقسّم الاستعارة بحسب طرفيها إلى تصريحيّة ومكنيّة:
أ التّصريحيّة:
"هي التي صُرِّحَ فيها بلفظ المشبّه به" علي الجارم
تُعرَفُ الاستعارة بأنّها تشبيه بليغ حُذِفَ أحدُ طرفيه فإذا كان الطّرفُ المحذوفُ هو المشبّه كانت الاستعارة تصريحيّةً د غازي يحوت
وهي ما صُرِّحَ فيها بلفظ المشبّه به دون المشبّه د حنفي م شرف
المثال المستعار له المستعار منه المستعار العلاقة
قال الله تعالى:" كِتَابٌ أَنْزَلْنَــاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَـاتِ إِلَى النُّورِ"
المشابهة: كلاهما يُبعِدُ عن سواء السّبيل.
المشابهة: كلاهما يّساعد على تبيّن الطّريق السويّة.
القرينة في كلا المثالين حاليّة أي تُفهمُ من السّياق
ب الاستعارة المكنيّة أو بالكناية:
"هي التي حُذف اختفى فيها لفظ المشبّه به واكتفي بذكر شيء من لوازمه" د حنفي م . شرف
" هي ما حُذف فيها المشبّه ورُمِزَ له بشيء من لوازمه." على الجارم ومصطفى أمين
قال أبو ذؤيب الهذليّ:" وإذا المنيّة أنشبت أظفارها ألفَيْتَ كلّ تميمة لا تنفع"
المنيّة السّبُعُ أنشبت أظافرهامن لوازم السّبع مكنيّة
2 الاستعارة الأصليّة والتبعيّة:
تُطلَقُ الاستعارة التبعيّة على الاستعارة التي تقع في الأفعال والمشتقّات لأنّ الأصل في الاستعارة أن تقع في الأسماء.
المقاربة الحديثةللاستعارةمحمّد الشّاوش نموذجا
المجاز: قرائنه
لعلّه من الضروريّ أن ننطلق من تقديم ما جاء في كتاب الأستاذ محمّد الشّاوش في تحليل الاستعارة من المقدّمة التي صدّر بها دراسة المجاز مطلقا وفيها حدّد مختلف القرائن التي تهدف القارئ إلى إدراك خورج اللّفظ من أصل الوضع إلى المعنى المجازيّ وذلك لأنّنا نراه يلحّ في تحليل كلّ نوع من الاستعارة على توضيح القرينة التي تمنع أن يكون اللّفظ قد استعمل على الحقيقة.
وقد قسّم القرائن إلى قسمين كبيرين هما: القرائن المقاميّة والقرائن المقاليّة.
1 القرائن المقاميّة: وهي كما يظهر جليّا من الاسم تدرك من المقام أي من خارج النّصّ وهي نوعان:
أ- القرينة الماديّة: وتتمثّل في الإطار الماديّ الذي حدث فيه الكلام من زمان ومكان وأشخاص وأحداث ويُشترط أن يكون السّامع حاضرا:
مثال: تقول "جاء الأسد" وأنت تخبر السّامع وقد أقبل عليكما شخصٌ معروف بشجاعته.
ب- القرينة الثقافيّة:وهي جملة المعارف والتّجارب التي حصلت للفرد.
2 القرائن المقاليّة: توجد في النّصّ وهي نوعان أيضا:
أ- القرينة النّصيّة: وهي توجد في النّصّ أو في جزء منه ، قرينة تهدي السّامع إلى موطن المجاز.
فعبارة مثل " ضحك البدرُ" تتضمّن مجازا في ضحك متى كان النّصّ وصفيّا يتعلّق بالقمر. وهي في البدر إذا كانت القصيدة غزليّة.
ب- القرينة الدلاليّة المنطقيّة: وهي ترجع إلى ما بين الألفاظ من اتّفاق وتضارب فعندما نقول " خجل الأفقُ" نفهم منطقيّا أنّه يوجد مجاز لأنّ الخجل لا يكون إلاّ من العاقل.
تحليل الأستاذ الشّاوش للاستعارة
درس الأستاذ الشّاوش الاستعارة وقسّمها من حيث نوع اللّفظ المستعار ومن حيث موافقة اللّفظ المستعار للمشبّه أو المشبّه به في عمليّة التشبيه الضمنيّة التي تقوم عليها الستارة ومن حيث الملائم.
1 أنواع الاستعارة باعتبار نوع اللّفظ المستعار:
تنقسم الاستعارة باعتبار نوع اللّفظ المستعار إلى قسمين : استعارة أصليّة وأخرى تبعيّة.
الاستعارة التبعيّة: هي التي تجري في الفعل.
2 أنواع الاستعارة باعتبار موافقة اللّفظ المستعار للمشبّه أو المشبّه به.
لمّا كانت الاستعارة تقوم على عمليّة تشبيه ضمنيّة فإنّ اللّفظ المستعار يمكن أن يوافق المشبّه به في عمليّة التشبيه هذه أو المشبّه وعلى هذا الأساس تقسّم الاستعارة إلى تصريحيّة ومكنيّة.
أ- الاستعارة التصريحيّة:
هي التي يكون فيها اللّفظ المستعار بمثابة المشبّه به في عمليّة التشبيه الضمنيّة التي تقوم عليها الاستعارة.
مثال: طلع البدرُ وأنت تقصد الحبيبة
عمليّة التشبيه الضمنيّة: المشبّه: الحبيبة } موطن الاستعارة : البدر
المشبّه به: البدر } المشبّه به: الاستعارة تصريحيّة
ب- الاستعارة المكنيّة:
هي الاستعارة التي يكون فيها اللّفظ المستعار بمثابة المشبّه في في عمليّة التشبيه الضمنيّة ويؤكّد الأستاذ الشّاوش أنّ الاستعارة المكنيّة تكون ناتجة دائما 1عن إجراء استعارة تصريحيّة تبعيّة اللّفظُ المستعارُ فيها فعل أو صفة مشتقّة وسنحاول توضيح رؤية الأستاذ الشّاوش هذه من خلال المثال التالي:
"ضحك الرّوضُ" ← مجاز موطنه فعل ضحك
القرينة المانعة: قرينة دلاليّة منطقيّة الضحك لا يكون إلاّ من العاقل
المجاز استعارة لقيامه على عمليّة تشبيه ضمنيّة:
المشبّه: تفتّح الأزهار اللّفظ المستعار: ضحك
المشبّه به: الإنسان الضّاحك يوافق المشبّه به
الاستعارة تصريحيّة
"ضحك الرّوضُ" * في إسناد الضحك للرّوض "تشخيصٌ" للرّوض ترتّب عنه تشبيه ضمنيّ.
المشبّه: الرّوض اللّفظ المستعار: الرّوض
المشبّه به: الإنسان الضّاحك يوافق المشبّه
الاستعارة مكنيّة
أوّل ما يُستخلص في هذا التّحليل هو أنّ كلّ استعارة هي بالضّرورة تصريحيّة لذلك نراه يلحّ على أنّ عمليّة التَحليل تنطلق في "البحث عن الاستعارة التصريحيّة أوّلا" 2
كما نلاحظ أنّ اللّفظ المستعار هو مرّة "ضحك" وأخرى "الرّوض" وهذا في رأينا يتناقض مع ما ذكره في بداية التّحليل من أنّ في هذه الجملة مجاز موطنه فعل" ضحك"
3 أقسام الاستعارة باعتبار الملائم:
قد تكون الاستعارة مرفوقة بما يلائم المشبّه أو المشبّه به في عمليّة التشبيه الضمنيّة التي تقوم عليها الاستعارة كما يمكن أن ينعدمَ وجود الملائم وعلى هذا الأساس تقسّم الاستعارة إلى مرشّحة ومجرّدة ومطلقة.
أ- الاستعارة المرشّحة:
هي استعارة ذُكر معها ملائم يرجّح المعنى المجازيّ أي ذُكِرَ معها ملائم للمشبّه به ففي جملة الحجّاج " أرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها" الاستعارة مرشّحة بـ: "حان قطافها" لأنّها عبارة تقوّي المعنى المجازيّ.
ب- الاستعارة المجرّدة:
هي استعارة ذُكِرَ معها ملائم يناسب المعنى الحقيقيّ أي هي استعارة ذكر فيها ملائم للمشبّه.
ففي جملة" رنت لنا من بين الصّفوف ظبيةٌ شقراءُ" الاستعارة مجرّدة بعبارة" بين الصّفوف"وبـ" شقراء" لأنّهما يلائمان المعنى الحقيقيّالمشبّه.
ج- الاستعارة المطلقة:
هي استعارة غاب فيها ما يلائم المعنى المجازيّ أو المعنى الحقيقيّ مثل قول المتنبّي" يا بدرُ" كما تعدّ الاستعارة عند البلاغيّين مطلقة إذا ما ذُكِرَ معها ما يلائم المشبّه به وما يلائم المشبّه في الآن نفسه.
وقد لاحظ الأستاذ الشّاوش أنّ اجتماع ما يلائم المعنى المجازيّ والمعنى الحقيقيّ يُحدِثُ في السّامع ما لا يُحْدِثُهُ غيابُهما وبالتّالي فالصّورة الحاصلة في اجتماعهما هي غير الصّورة الحاصلة من غيابهما وعلى هذا الأساس اعتبر الأستاذ الشّاوش " الاستعارة التي يُذكَرُ معها ملائم يرشّحُها وآخَرُ يُجرّدُها استعارة مرشّحةً ومجرّدَةً لا استعارة مطلقةً"
د- الاستعارة التمثيليّة:
إذا كانت الاستعارة غير التمثيليّة تجري في لفظ مفرد فإنّ الاستعارة التّمثيليّة تجري في تركيب مستقلّ يَعْدِلَ به المتكلّم عن معناه الأصليّ إلى معنى مجازيّ آخر بينه وبين الأوّل علاقة مشابهة.
ففي قولك لمن يأتي عملا لا طائل من ورائه: أنت تعدو بلا بعير" استعارة تمثيليّة
وأغلب الاستعارات التمثيليّة من الأقوال المأثورة والأمثال السّائرة التي تُذْكَرُ في غير المقام الذي قيلت فيه لعلاقة المشابهة بين الحالين.
وما يمكن ملاحظته في تحليل الأستاذ الشّاوش للاستعارة هو أنّه تعامل مع المدوّنة البلاغيّة القديمة تعاملا نقديّا لم يكتف بترديد ما جاء به الأوائل.
ويمكن أن نخرج من تحليله بالاستنتاجات التالية:
* يرى الأستاذ الشّاوش أنّ كلّ استعارة هي تصريحيّة وعلى هذا النّحو هو يخالف الرأي القائل ترد تصريحيّة أو مكنيّة.
* يخالف الأستاذ الشّاوش البلاغيّين القدامى في اعتبار الاستعارة المرشّحة المجرّدة استعارة مطلقة لأنّ الصورة الحاصلة في اجتماع الملائم المرشّح للاستعارة والملائم المجرّد لها هي غير الصّورة الحاصلة من انعدامهما لذلك يرى أنّ الاستعارة التي يُذكر معها ملائم يرشّحها وآخر يجرّدها تعتبر استعارة مرشّحة مجرّدة لا استعارة مطلقةً.
…………………….
الكناية
هي تعبير لا يقصد منه المعنى الحقيقي ، و إنما يقصد به معنى ملازم للمعنى الحقيقي .
أو هي : تعبير استعمل في غير معناه الأصليالخيالي الذي وضع له مع جواز إرادة المعنى الأصلي الحقيقي .
مثال:قال تعالى وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِالفرقان: من الآية27 .
لو تأملنا الآية السابقة نجد أن المقصود من هذه الآية ليس المعنى الحقيقي وهو عض اليدين، وإنما يقصد المعنى الخيالي الملازم لذكر هذه الآية الذي يتوّلد ويظهر في ذهننا من: الندم الشديد حيث إن من ظلم نفسه بكفره بالله ورسوله ولم يستجب لدعوة الإيمان يرى مصيره المرعب يوم القيامة ألا وهو النار فيندم على ما كان منه في الحياة في وقت لا ينفع يه الندم ، فيعض على يديه .
أنواع الكناية :
1 – كناية عن صفة :
وهى التي يكنى بالتركيب فيها عن صفة لازمة لمعناه كالكرم – العزة – القوة – الكثرة ...
مثال : قال تعالى وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ
كناية عن صفة البخل وكناية عن صفة التبذير.
2 – كناية عن موصوف :
وهي التي يكنى بالتركيب فيها عن ذات أو موصوف العرب – اللغة – السفينة وهى تفهم من العمل أو الصفة أو اللقب الذي انفرد به الموصوف .
مثال فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ كناية عن سيدنا يونس .
3– كناية عن نسبة : وهى التي يصرح فيها بالصفة ولكنها تنسب إلى شئ متصل بالموصوف كنسبته إلى الفصاحة – البلاغة – الخير حيث نأتي فيها بصفة لا تنسب إلى الموصوف مباشرة بل تنسب إلى شيء متصل به ويعود عليه .
مثال : قال الشاعر : أبو نواس في مدح والي مصر :
فما جازه جود ولا حل دونه *** ولكن يسير الجود حيث يسير
فقد نسب الجود إلى شيء متصل بالممدوح وهو المكان الذي يوجد فيه ذلك الممدوح .
توضیح آخر:
الكناية
هي تعبير لا يقصد منه المعنى الحقيقي ، و إنما يقصد به معنى ملازم للمعنى الحقيقي .
أو هي : تعبير استعمل في غير معناه الأصلي الخيالي الذي وضع له مع جواز إرادة المعنى الأصلي الحقيقي .
.. لتوضيح الكلام السابق بمثال يقول أبي نظيف اليد من الواضح أن المعنى الحقيقي هنا ليس مقصوداً وهو معنى غسل اليد و نظافتها من الأقذار ، وإنما يقصد المعنى الخيالي الملازم لذكر هذه العبارة الذي يتولد ويظهر في ذهننا من: العفة أو الأمانة، أو النزاهة أو الترفع أو نقاء الضمير.. وما شابه ذلك من المعاني المجردة حسب سياق الحديث ، وهذه هي الكناية معنى ملازم للمعنى الحقيقي .
مثال آخر: قال تعالى وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ الفرقان: من الآية27 .
لو تأملنا الآية السابقة نجد أن المقصود من هذه الآية ليس المعنى الحقيقي وهو عض اليدين، وإنما يقصد المعنى الخيالي الملازم لذكر هذه الآية الذي يتوّلد ويظهر في ذهننا من: الندم الشديد حيث إن من ظلم نفسه بكفره بالله ورسوله ولم يستجب لدعوة الإيمان يرى مصيره المرعب يوم القيامة ألا وهو الإحراق في النار فيندم على ما كان منه في الحياة في وقت لا ينفع فيه الندم ، فيعض على يديه .
تدريب : بين الكناية فيما يأتي :
عتريس خفيف اليد - عاتبت صديقي فاحمر وجهه - الحر يأبى الضيم - الحلاق خفيف اليد - أنا الذى نَظَر الأعْمَى إلى أدَبي - قال أعرابي لأحد الولاة : أشكو إليك قلة الجُِرْزان الفئران الكبيرة - لغة الضاد هي لغة القرآن - كنانة الله كم أوفت على خطر .
أنواع الكناية :
1 - كناية عن صفة :
وهى التي يكنى بالتركيب فيها عن صفة لازمة لمعناه كالكرم - العزة - القوة - الكثرة ...
مثال : قال تعالى وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ
كناية عن صفة البخل كناية عن صفة التبذير
فلان ألقى سلاحه كناية عن الاستسلام .
فلان نقي الثوب كناية عن النزاهة والطهارة .
2 - كناية عن موصوف : وهى التي يكنى بالتركيب فيها عن ذات أو موصوف العرب - اللغة - السفينة وهى تفهم من العمل أو الصفة أو اللقب الذي انفرد به الموصوف .
مثال :فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ كناية عن سيدنا يونس .
قال الشاعر : يا ابنة اليم ما أبوك بخيل كناية عن السفينة .
3 - كناية عن نسبة : وهى التي يصرح فيها بالصفة ولكنها تنسب إلى شئ متصل بالموصوف كنسبته إلى الفصاحة - البلاغة - الخير حيث نأتي فيها بصفة لا تنسب إلى الموصوف مباشرة بل تنسب إلى شيء متصل به ويعود عليه .
مثال : قال الشاعر : أبو نواس في مدح والي مصر :
فما جازه جود ولا حل دونه ولكن يسير الجود حيث يسير
فقد نسب الجود إلى شيء متصل بالممدوح وهو المكان الذي يوجد فيه ذلك الممدوح .
مثال : الفصاحة في بيانه والبلاغة في لسانه
كناية عن نسبة هذا الشخص إلى الفصاحة ؛ لأنها في بيانه وإلى البلاغة ؛ لأنها في لسانه .
مثال : الفضل يسير حيث سار فلان كناية عن نسبة الفضل إليه.
سر جمال الكناية :
الإتيان بالمعنى مصحوبا بالدليل عليه في إيجاز وتجسيم.
س1 : كيف أفرق بين الكناية والاستعارة ؟
جـ : الفرق أن في الاستعارة هناك قرينة تمنع وجود المعنى الحقيقي، فحين أقول: رأيت أسداً يحكي بطولاته ، فـ أسد هنا استعارة، والقرينة يحكي وهذه القرينة مانعة لإرادة المعنى الحقيقي ، فلا يوجد أسد يحكي أو يتكلم ، بينما في الكناية لا توجد قرينة تمنع وجود المعنى الحقيقي، فحين أقول : عتريس يده طويلة فيجوز إرادة المعنى الحقيقي وهو طول اليد ، كما يجوز إرادة المعنى الخيالي الذي يختفي خلف المعنى الحقيقي و هو أنه لص .
س2 : بين الكناية فيما يأتي :
1 - يقول الشابي مخاطباً المستعمر : سخرت بأنّات شعب ضعيف .
2 - قالت الخنساء في أخيها صخر : طويلُ النِّجادِ رفيعُ العِمَادِ
3- للبارودي وهو يتحدث عن الخديو إسماعيل :
يَوَدُّ الفتَى أنْ يجمعَ الأرضَ كُلَّها إليه ولمَّا يَدْرِ ما اللهُ صانِعُ
4 - قال النبي صلى الله عليه وسلم : الخيل معقود بنواصيها الخير .
5 - قال الله تعالى : وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ القمر:13 .
6 - لعنترة : وفي الحرب العوان ولدت طفلا ومن لبن المعامع قد سقيت
7 - اليُمْن يتبع ظله والمجد يمشي في ركابه
8 - لعمرو بن كلثوم في معلقته : بِيَوْمِ كَرِيهَةٍ ضَرْباً وَطَعْناً ..
9 - لحسان بن ثابت في الإشادة بصحابة الرسول - صلى الله عليه وسلم - :
لا يفخرون إذا نالوا عدوهم وإن أصيبوا فلا خور ولا جُزُعُ
10 - للمتنبي : فالخيلُ والليلُ والبيداءُ تعرفني والسيفُ والرمحُ والقرطاسُ والقلمُ
11 - قال الشاعر : الجود بين ثيابه والفضل بين ركابه
12 - لشوقي في غربته : يا بْنَةَ اليَمِّ ما أبوكِ بَخِيلٌ مَالَهُ مُولَعًا بمَنْعٍ وحَبْسِ ؟
13 - للأعشى في وصف محبوبته : .. ولا تَرَاها لسِرِّ الجار تَخْتَتِل
14 - كلما نصحته أعطاني ظهره .
15 - محمد طلق اليدين ، وبيومي جامد الكف .
16 - أحمد رابط الجأش ، بينما معتز مخلوع الفؤاد .
17 - ركب وليد جناحي نعامة.
18 - عتريس أقبل يختال تيها .
19 - المصري لا يلبس ملابس الهوان .
20 - لا تكاد النجوم تبرح مكانها .
21 - وبناة الأهرام في سالف الدهر كفوني الكلام عند التحدي.
22 - أراك تقدّم رجلاً وتؤخّر أخرى
…………………………….
المجاز المرسل
هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة غير المشابهة ، ويجب أن تكون هناك قرينة تمنع المعنى الأصلي للفظ .
أو هو كلمة لها معنى أصلي لكنها تستعمل في معنى آخر على أن يوجد علاقة بين المعنيين دون أن تكون علاقة مشابهة ، وتعرف تلك العلاقة من المعنى الجديد المستخدمة فيه الكلمة .
من نحو : " قبضنا على عين من عيون الأعداء".
فلفظ "عين " هنا ليس المقصود منها العين الحقيقية وإنما المقصود منها الجاسوس ، و القرينة التي تمنع المعنى الأصلي للفظ هنا أنه لا يمكن القبض على العين فقط دون بقية جسد الجاسوس !
ملاحظة : سمي المجاز بالمجاز المرسل ؛ لأنه غير مقيد بعلاقة واحدة ، كما هو الحال في الاستعارة المقيدة بعلاقة المشابهة فقط ، ولأن علاقاته كثيرة .
وعلاقات المجاز المرسل كثيرة أهمها:
1 - الجزئية : عندما نعبر بالجزء ونريد الكل .
قال تعالى: فتحرير رقبة مؤمنة فكلمة رقبة مجاز مرسل علاقته الجزئية ؛ لأنه عبر بالجزء الرقبةوأراد الكل الإنسان المؤمن .
2 – الكلية : عندما نعبر بالكل ونريد الجزء .
قال تعالى: يجعلون أصابعهم في آذانهم فــ أصابعهم مجاز مرسل علاقته الكلية ؛ لأنه عبر بالكل أصابعهموأراد الجزء أناملهم أي أطراف أصابعهم .
3 – المحلّية : عندما نعبر بلفظ المحل ونريد الموجود فيه.
قال تعالى: واسأل القرية فــ القرية مجاز مرسل علاقته المحلّية ؛ لأنه ذكر القرية وأراد أهلها الذين محلهم ومكانهم القرية ، فالعلاقة المحلية .
4 – الحاليّة : عندما نعبر بلفظ الحال ونريد المكان نفسه.
مثل : إِنَّ الْأبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ فقد استعمل نعيم وهو دال على حالهم، وأراد محل ومكان النعيم وهو الجنة.
5 – السببية :
وهي تسمية الشيء باسم سببه ، أو عندما نعبر بالسبب عن المسبَّب.
مثال : رعت الماشية الغيث المجاز في كلمة : الغيث ، فهي في غير معناها الأصلي ؛ لأن الغيث لا يرعى ، وإنما الذي يرعى النبات. حيث أن الغيث سبب للنبات فعُبِّر بالسبب عن المسبَّب .
6 – المسبَّبِيّة : وهي تسمية الشيء باسم ما تسبب عنه.
قال تعالى : هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَاء رِزْقًا .. المجاز في كلمة : رزقًا ، فهي في غير معناها الأصلي ؛ لأن الذي ينزل من السماء المطر وليس الرزق، وعبر بالرزق عن المطر؛ لأن الأول الرزقمتسبب عن الثانيالمطر.
7 - اعتبار ما كان : بأن يستعمل اللفظ الذي وضع للماضي في الحال
قال تعالى : وآتوا اليتامى أموالهم .. المجاز في كلمة : اليتامى ، فهي في غير معناها الأصلي ؛ لأن اليتيم وهو : من فقد والده قبل الرشد لا يأخذ ماله ، وإنما يأخذ المال عندما يتجاوز سن اليُتْم ويبلغ سن الرشد ، فاستعملت كلمة يتامى وأريد بها الذين كانوا يتامى ، بالنظر إلى حالتهم السابقة .
8 - اعتبار ما سيكون : بأن يستعمل اللفظ الذي وضع للمستقبل في الحال .
قال تعالى : إنَّكَ ميتٌ وإنهم ميتون المجاز في كلمة : ميتٌ ، فهي في غير معناها الأصلي ؛ لأن المخاطب بهذا هو النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد خوطب بلفظ ميت وهو لا يزال حيًا بالنظر إلى ما سيصير إليه أي باعتبار ما سيكون.
توضیح آخر......................................
المجاز المرسل
هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة غير المشابهة ، ويجب أن تكون هناك قرينة تمنع المعنى الأصلي للفظ .
أو هو كلمة لها معنى أصلي لكنها تستعمل في معنى آخر على أن يوجد علاقة بين المعنيين دون أن تكون علاقة مشابهة ، وتعرف تلك العلاقة من المعنى الجديد المستخدمة فيه الكلمة .
مثال لذلك : " قبضنا على عين من عيون الأعداء" فلفظ "عين " هنا ليس المقصود منها العين الحقيقية وإنما المقصود منها الجاسوس ، و القرينة التي تمنع المعنى الأصلي للفظ هنا أنه لا يمكن القبض على العين فقط دون بقية جسد الجاسوس !
س : لماذا سمي المجاز بالمجاز المرسل ؟
جـ : سمي المجاز بالمجاز المرسل ؛ لأنه غير مقيد بعلاقة واحدة ، كما هو الحال في الاستعارة المقيدة بعلاقة المشابهة فقط ، ولأن علاقاته كثيرة .
وعلاقات المجاز المرسل كثيرة أهمها:
1 - الجزئية : عندما نعبر بالجزء ونريد الكل .
قال تعالى: فتحرير رقبة مؤمنة فكلمة رقبة مجاز مرسل علاقته الجزئية ؛ لأنه عبر بالجزء الرقبةوأراد الكل الإنسان المؤمن .
قال الرسول صلى الله عليه وسلم : أصدق كلمةٍ قالها شاعر كلمة لبيد : ألا كُلُّ شيءٍ ما خلا الله باطلُ فــ كلمة مجاز مرسل علاقته الجزئية ؛ لأنه عبر بالجزء كلمة
وأراد الكل الكلام .
2 – الكلية : عندما نعبر بالكل ونريد الجزء .
قال تعالى: يجعلون أصابعهم في آذانهم فــ أصابعهم مجاز مرسل علاقته الكلية ؛ لأنه عبر بالكل أصابعهموأراد الجزء أناملهم أي أطراف أصابعهم .
شربتُ ماء زمزم . فــ ماء زمزم مجاز مرسل علاقته الكلية ؛ لأنه عبر بالكل ماء زمزموأراد الجزء زجاجة ماء مثلاً .
3 – المحلّية : عندما نعبر بلفظ المحل ونريد الموجود فيه
قال الشاعر : بلادي وإن جارت عليّ عزيزة وقومي وإن ضنوا عليّ كراما
فــ بلادي مجاز مرسل علاقته المحلّية ؛ لأنه ذكر البلاد وأراد أهلها فالعلاقة المحلية .
قال تعالى: واسأل القرية فــ القرية مجاز مرسل علاقته المحلّية ؛ لأنه ذكر القرية وأراد أهلها الذين محلهم ومكانهم القرية ، فالعلاقة المحلية .
4 – الحاليّة : عندما نعبر بلفظ الحال ونريد المكان نفسه.
مثل : إِنَّ الْأبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ فقد استعمل نعيم وهو دال على حالهم، وأراد محل ومكان النعيم وهو الجنة.
نزلتُ بالقوم فأكرموني .المجاز المرسل في كلمة القوم ؛ لأن القوم لا يُنزل بهم ، وإنما يُنزل في المكان الذي يسكنه القوم ، فذكر الحال وهو قوم وأراد المحل وهو المكان .
5 – السببية :
وهي تسمية الشيء باسم سببه ، أو عندما نعبر بالسبب عن المسبَّب.
رعت الماشية الغيث المجاز في كلمة : الغيث ، فهي في غير معناها الأصلي ؛ لأن الغيث لا يرعى ، وإنما الذي يرعى النبات. حيث أن الغيث سبب للنبات فعُبِّر
بالسبب عن المسبَّب .
6 – المسبَّبِيّة : وهي تسمية الشيء باسم ما تسبب عنه.
قال تعالى : هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَاء رِزْقًا .. المجاز في كلمة : رزقًا ، فهي في غير معناها الأصلي ؛ لأن الذي ينزل من السماء المطر وليس الرزق، وعبر بالرزق عن المطر؛ لأن الأول الرزقمتسبب عن الثانيالمطر .
7 - اعتبار ما كان : بأن يستعمل اللفظ الذي وضع للماضي في الحال
قال تعالى : وآتوا اليتامى أموالهم .. المجاز في كلمة : اليتامى ، فهي في غير معناها الأصلي ؛ لأن اليتيم وهو : من فقد والده قبل الرشد لا يأخذ ماله ، وإنما يأخذ المال عندما يتجاوز سن اليُتْم ويبلغ سن الرشد ، فاستعملت كلمة يتامى وأريد بها الذين كانوا يتامى ، بالنظر إلى حالتهم السابقة .
8 - اعتبار ما سيكون : بأن يستعمل اللفظ الذي وضع للمستقبل في الحال .
قال تعالى : إنَّكَ ميتٌ وإنهم ميتون المجاز في كلمة : ميتٌ ، فهي في غير معناها الأصلي ؛ لأن المخاطب بهذا هو النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد خوطب بلفظ ميت وهو لا يزال حيًا بالنظر إلى ما سيصير إليه أي باعتبار ما سيكون.
قال تعالى: إنّي أراني أعصر خمراً أي عصيراً سيتحول إلى الخمر، إذ هو حال العصر لا يكون خمراً .
سر جمال المجاز :
الإيجاز و الدقة في اختيار العلاقة مع المبالغة المقبولة
التشبيه :
أسلوب يدل على مشاركة أمر لأمر آخر في صفته الواضحة؛ ليكتسب الطرف الأول المشبه من الطرف الثاني المشبه به قوته وجماله.
أو هو : إحداث علاقة بين طرفين من خلال جعل أحدهما - وهو الطرف الأوّل المشبه- مشابهاً للطرف الآخر، في صفة مشتركة بينهما .
مثل : محمد كالأسد في الشجاعة – البنت كالقمر في الجمال .
أركان التشبيه :
1 مُشََّبه : وهو الموضوع المقصود بالوصف ؛ لبيان قوته أو جماله ، أو قبحه .
2 مُشَبَّه به : وهو الشيء الذي جئنا به نموذجاً للمقارنة ؛ ليعطي للمشبه القوة أو الجمال ، أو القبح ، ويجب أن تكون الصفة فيه أوضح .
3 ووجه الشبه : وهو الوصف الذي يُستخلص في الذهن من المقارنة بين المشبه و المشبه به، أو هو الصفة المشتركة بين الطرفين المشبه و المشبه به.
4 وأداة التشبيه : هي الرابط بين الطرفين.
أدوات التشبيه
1 - قد تكون حرفاً ، كـ الكاف - كأنَّ .
2 - قد تكون اسماً ، كـ مثل - شبه - نظير ... .
3 - قد تكون فعلاً ، كـ يحاكي - يشبه – يماثل ... .
محمد كـ الأسد في الشجاعة
مشبّه أداة تشبيه مشبّه به وجه الشبه
أنواع التشبيه
مفرد مركب
مفصل مجمل بليغ تمثيلي ضمني
أ أولاً : التشبيه المفرد : وهو تشبيه لفظ بلفظ .
أنواع التشبيه المفرد
1 –تشبيه مُفَصَّل : عندما نذكر الأركان الأربعة .
مثل : العلم كـالنور يهدي كل من طلبه
مشبّهأداة تشبيهمشبّه به وجه الشبه
2 – تشبيه مُجْمَل : وهو ما حُذِف منه وجه الشبه ، أو أداة التشبيه .
مثل : العلم كـالنور حُذِف وجه الشبه
العلم نور يهدي كل من طلبه . حُذِفت أداة التشبيه
3 – تشبيه بليغ : وهو ما حُذِف منه وجه الشبه و الأداة ، وبقي الطرفان الأساسيان المشبه و المشبه به .
مثل : الجهل موت والعلم حياة .
الصور التي يأتي عليها التشبيه البليغ :
أ – المبتدأ والخبر :
مثل : الحياة التي نعيشها كتاب مفتوح للأذكياء .
ب- المفعول المطلق :
مثل: تحلق طائراتنا في الجو تحليق النسور - مشى الجندي مشى الأسد
جـ- المضافالمشبه به والمضاف إليهالمشبه :
مثل : كتاب الحياة - ذهب الأصيل على لُجَين الماء . الأصيل وقت الغروب و اللجين الفضة
.. أي الأصيل كالذهب والماء كاللجين.
د- الحال وصاحبهـا :
مثل : هجم الجندي على العدو أسداً .
هـ- اسم إن وخبرها :
مثل : إنك شمس .
أركان التشبيه
الركنان الأساسيان في أركان التشبيه الأربعة هما: المشبه والمشبه به ، وإذا حُذِفَ أحدهما أصبحت الصورة استعارة ؛ فالاستعارة تشبيه بليغ حذف أحد طرفيه .
- أما أداة التشبيه ووجه الشبه فهما ركنان ثانويان حذفهما يعطي التشبيه جمالاً أكثر وقوة .
ب ثانياً : التشبيه المركب
أنواع التشبيه المركب :
1 – تشبيه تمثيلي :
هو تشبيه صورة بصورة ووجه الشبه فيه صورة منتزعة من أشياء متعددة .
مثل : قول الله تعالى :
مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ البقرة: من الآية261 .
شبه الله سبحانه وتعالى هيئة الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ابتغاء مرضاته ويعطفون على الفقراء و المساكين بهيئة الحبة التي أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة ، والله سبحانه وتعالى يضاعف لمن يشاء .
و كقول علي الجارم في العروبة :
توحّد حتى صار قلباً تحوطه قلوب من العُرْب الكرام وأضلع
حيث شبه هيئة الشرق المتحد في الجامعة العربية يحيط به حب العرب وتأييدهم بهيئة القلب الذي تحيط به الضلوع .
قال تعالى في شأنِ اليهود :
مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً ... الجمعة:5.
حيث شبهت الآية حالة وهيئة اليهود الذين حُمَّلوا بالتوراة ثم لم يقوموا بها ولم يعملوا بما فيها بحالة الحمار الذي يحمل فوق ظهره أسفاراً كتباً، فهي بالنسبة إليه لا تعدولا تتجاوز كونها ثقلاً يحمله .
2 – تشبيه ضمني :
وهو تشبيه خفي لا يأتي على الصورة المعهودة ولايُصَرح فيه بالمشبه و المشبه به ، بل يُفْهم ويُلْمح فيه التشبيه من مضمون الكلام ، ولذلك سُمّي بالتشبيه الضمني ، وغالباً ما يكون المشبه قضية أو ادعاء يحتاج للدليل أو البرهان ، ويكون المشبه به هو الدليل أو البرهان على صحة المعنى .
باختصار التشبيه الضمني قضية وهي المشبه ، والدليل على صحتها المشبه به .
مثل : قال المتنبي في الحكمة :
من يهُن يسهُل الهوان عليه مـا لجُـرحٍ بميّت إيـلامُ
ما سبق نلمح فيه التشبيه ولكنه تشبيه على غير المتعارف ، فهو يشبه الشخص الذي يقبل الذل دائماً ، وتهون عليه كرامته ، ولا يتألم لما يمسها ، بمثل حال الميت فلو جئت بسكين ورحت تقطع أجزاء من جسده ما تألم ولا صرخ ولا شكى ولا بكى ؛ لأنه فقد أحاسيس الحياة ، وبذلك يكون الشطر الثاني تشبيهاً ضمنياً ؛ لأنه جاء برهاناً ودليلاً على صحة مقولته في الشطر الأول.
قال ابن الرومي :
قَدْ يَشِيب الْفَتَى وَلَيْسَ عجيباً أَنْ يُرَى النَّورُ فِى الْقَضِيبِ الرَّطيبِ النور : الزهر الأبيض- القضيب : الغصن
يقول الشاعر : إن الشاب الصغير قد يشيب قبل أوان الشيب ، وهذا ليس بالأمر العجيب، وليدلل على صحة مقولته أتى لنا بالدليل و هو أن الغصن الغض الصغير الذي مازال ينمو قد يظهر فيه الزهر الأبيض، فهو لم يأْت بتشبيه صريح ولم يقل : إن الفتى وقد وخطه الشيب كالغصن الرطيب حين إزهاره ، ولكنه أتى بذلك ضمناً .
ملحوظة
التشبيه الضمني لا تذكر فيه أداة التشبيه أبداً ، بينما التشبيه التمثيلي غالباً تذكر فيه أداة التشبيه " مثل " .
سر جمال التشبيه: التوضيح أو التشخيص أو التجسيم .
توضیح آخر:...................................................
التشبيه
التّشبيه: بيان أن شيئاً أو أشياء شاركت غيرها في صفة أو أكثر، بأداة هي الكاف أو نحوها، ملفوظة أو غير ملفوظة.
وتنشأ بلاغة التّشبيه من أنه ينتقل بك من الشيء نفسه إلى شيء طريف يُشبهه، أو صورة بارعةٍ تمثّله، وكلما كان هذا الانتقال بعيداً لا يخطر على البال، أو ممتزجاً بقليل أو كثير من الخيال، كان التّشبيه أروع للنفس وأدعى إلى إعجابها واهتزازها.
فلو قلنا: إنّ فلاناً يُشبه فلاناً في الطول، أو أن الأرض تشبه الكرة، لم يكن لهذه التشبيهات أثر للبلاغة، لظهور المشابهة، وعدم احتياج العثور عليها إلى براعة وجهد أدبي، ولخلوّها من الخيال.
* * *
وقد جرى (أي اعتاد) العرب على تشبيه الجواد بالبحر والمطر، والشجاع بالأسد، والوجه الحسن بالشمس والقمر، والعالي المنزلة بالنجم، والحليم الرزين بالجبل، والأماني الكاذبة بالأحلام....
* * *
1) أركان التشبيه
قال الشاعر:
أنتَ كالليث في الشجاعة والإقـ دام، والسيفِ في قراعِ الخطوب
لقد رأى الشاعر ممدوحه متصفاً بوصفين، هما: الشجاعة ومصارعة الشدائد، فبحث له عن نظيرين في كلّ منهما تظهر إحدى هاتين الصفتين قوية، فشبهه بالأسد في الأولى، وبالسيف في الثاني، وبيّن هذه المضاهاة بأداة هي الكاف.
فنحن نرى أن شيئاً جُعِل مثيلَ شيء في صفة مشتركة بينهما، وأن الذي دلّ على هذه المماثلة أداة هي الكاف، وهذا ما يُسمّى بالتشبيه، وله أركان أربعة:
ـ الشيء الذي يُراد تشبيهه، ويُسمّى المشبّه.
ـ والشيء الذي يُشبَّه به بين الطرفين، ويُسمّى المشبّه به.
ـ والصفة المشتركة بين الطرفين، وتسمّى وجه الشّبه، ويجب أن تكون الصفة في المشبّه به أقوى وأشهر منها في المشبّه.
ـ ثمّ أداة التّشبيه، وهي الكاف وكأنّ ونحوهما.
ولابدّ في كلّ تشبيه من وجود الطرفين، وقد يكون المشبّه محذوفاً، ولكنّه يُقدّر في الإعراب، وهذا التقدير بمثابة وجوده، كما إذا أجبنا على السؤال: كيف سلمى؟ فقلنا: "كالزهرة الذابلة"، فإنّ الزهرة خبر لمبدأ محذوف، والتقدير هي الزهرة الذابلة، وقد يحذف وجه الشبه وقد تُحذف الأداة.
أقسام التّشبيه
للتشبيه أقسام عديدة، وفق ما مرّ بنا من غياب بعض أركان التّشبيه، وهذه الأقسام هي:
التشبيه المرسل، وهو ما ذُكرت فيه الأداة. مثل: سرنا في ليل بهيم كأنه البحر ظلاماً.
التشبيه المؤكّد، وهو ما حُذفت منه الأداة.
التّشبيه المجمل، وهو ما حُذف منه وجه الشّبه.
التشبيه المفصّل، وهو ما ذكر فيه وجه الشّبه.
التشبيه البليغ، وهو ما حُذفت منه الأداة ووجه الشّبه.
أغراض التّشبيه
أغراض التّشبيه كثيرة، منها ما يأتي:
أ- بيان مكانة المشبّه: وذلك حين يُسند إليه أمر مستغرب لا تزول غرابته إلاّ بذكر شبيه له.
ب- بيان حاله: وذلك حينما يكون المشبّه غير معروف الصفة قبل التّشبيه، فيعطيه التشبيهُ الوصفَ.
ج- بيان مقدار حاله: وذلك إذا كان المشبّه معروف الصفة قبل التّشبيه معرفة إجمالية، وكان التّشبيه يُبيّن مقدار هذه الصفة.
د- تقرير حاله: كما إذا كان ما أُسند إلى المشبّه يحتاج إلى التّثبيت والإيضاح بالمثال.
هـ- تزيين المشبّه أو تقبيحه
1- التشبيه:
التشبيه لغة الدلالة على مشاركة أمر لأمر آخر في معنى .
واصطلاحا: إلحاق المشبه بالمشبه به بأداة تشبيه.
أركان التشبيه :
1- المشبه
2- المشبه به..وهما طرفي التشبيه
3- أداة التشبيه
4- ووجه الشبه.
طرفا التشبيه:
للتشبيه باعتبار الطرفين ثلاث تقسيمات:
1- التشبيه باعتبار حسية الطرفين
2- التشبيه باعتبار إفراد الطرفين وتركيبهما
3- التشبيه باعتبار تعدد الطرفين أو أحدهما
أولاً : التشبيه باعتبار حسية الطرفين :
ينقسم هذا التشبيه الى اربعة اقسام :
1- أن يكون الطرفان حسّـيّـين: كما في تشبيه القد بالغصن والخد بالورد.
2- ان يكون الطرفان عقليان: كما في تشبيه العلم بالحياة , والجهل بالموت.
3- كون المشبه عقلياً والمشبه به حسياً: كتشبيه العلم بالنور في الهداية.
4- كون المشبه حسياً والمشبه به عقلياً: كتشبيه النهار بالأمل.
ثانياً: التشبيه باعتبار إفراد الطرفين وتركيبهما:
وينقسم الى أربعة أقسام:
1- كون الطرفين مفردين مطلقين :
2- كون الطرفين مركبين.
كقول الشاعر:
والبدر يستر بالغيوم وينجلي كتنفس الحسناء في iiمرآتها
3- كون المشبه مفرداً والمشبه به مركباً.
كما في قول الشاعر:
كأن الأقحوان وقد iiتبدَّتْ محاسنه فراقت كل iiعينِ
عماد زبرجدٍ وقباب iiتبرٍ تحف بها شرفات اللجينِ
4- كون المشبه مركباً والمشبه به مفرداً:
كقول الشاعر:
لا تعجبوا من خالة في خده كل الشقيق بنقطة iiسوداء
ثالثاُ: التشبيه باعتبار تعد الطرفين أو أحدهما:
وينقسم إلى أربعة أقسام:
1- التشبيه الملفوف: وهو ما تعدد طرفاه وأتي بالمشبهات في جانب على طريق العطف أو غيره مما يقتضي الانفصال ، ثم يأتي بالمشبهات بها في الجانب الآخر كقول الشاعر:
ليل وبدر وغصن شعر ووجه iiوقد
خمر ودر iiوورد ريق وثغر iiوخد
2- التشبيه المفروق:هو ما اتي فيه بمشبه ومشبه به ثم بمشبه ومشبه به وهكذا ....
كقول الشاعر:
فإذا شكا فالقلب برق خافق وإذا بكى فدموعه iiالأمطار
3- تشبيه التسوية : هو ما تعدد فيه المشبه دون المشبه به كقول الشاعر:
صدغ الحبيب وحالي كلاهما كالليالي
وثغره في iiصفاء وأدمعي iiكاللآلي
4- تشبيه الجمع : هو ما تعدد فيه المشبه به دون المشبه.
كقول الشاعر:
كم نعمة مرت بنا وكأنها فرس يهرول أو نسيم ساري
تقسيمات في التشبيه باعتبار وجه الشبه:
اولاً ينقسم التشبيه إلى مفرد ومركب ومتعدد:
1- المفرد :
هو ما كان وجه الشبه منتزعاً من أمر واحد أو كان وجه الشبه لفظا مفرداً.
2- المركب :
هو ما كان وجه الشبه منتزعاً من أمرين أو أكثر . بعد مزج لتتكون الهيئة التي قصد منها وجه الشبه من دون النظر إلى الأجزاء التي تكونت منها الهيئة .
3- المتعدد :
هو ماكان وجهه أكثر من أمر واحد من غير تركيب ولا انتزاع هيئه بل أخذت كل صفة على وجه الاستقلال .
ثانياً : وجه الشبه يكون حسياً أو عقلياً أو مختلفاً:
1- الواحد الحسي: ولا يكون طرفاه إلا حسيين.
2- المركب الحسي : ولا يكون طرفاه إلا مركبين أو مقيدين ولو تقييداً اعتبارياً ليتأتى انتزاع الهيئة التي قصد أن تكون وجه الشبه.
3- الواحد العقلي : وطرفاه يكونان عقليين وحسيين ومختلفين لأن الصفات العقليه كالكروم والشجاعه تقوم بالامور الحسية
4- المركب العقلي : وهو ما كان منتزعاً من أمور عقليه أو بعضها حسي وبعضها عقلي.
5- المتعدد الحسي
6- المتعدد العقلي.
7- المتعدد المختلف .
التشبيه المجمل والمفصل:
المجمل: ما لم يذكر وجه الشبه ....وهو نوعين
1- ظاهر: يفهمه كل احد كقول : فلان بحر أي المراد تشبيهه بالبحر بالكرم والجود
2- خفي: لايدركه إلا الخاصة
المفصل :
ماصرح فيه بوجه الشبه على أن يكون منصوباً على التمييز أو مجروراً بفي كقول الشاعر:
ياشبيه البدر iiحسناً وضياء iiومنالاً
وشبيه الغصن ليناً وقواما iiواعتدالاً
التشبيه المؤكد والتشبيه المرسل:
التشبيه المؤكد: ما حذفت منه الأداة كقوله تعالى (( وهي تمر مر السحاب)) أي الجبال
التشبيه المرسل: ما ذكرت أداته كقول الشاعر:
أنا كالماء إن رضيت صفاء وإذا ما سخطت كنت iiلهيباً
التشبيه البليغ:
هو ما حذفت منه الأداة ووجه الشبه.
كقول الشاعر:
النشر مسك والوجوه iiدنا نير وأطراف الأكف عنا
التشبيه الضمني:
تشبيه لا يوضع فيه المشبه والمشبه به في صورة من صور التشبيه المعروفة بل يلمحان في التركيب :
كما في قول المتنبي:
من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميتٍ iiإيلام
التشبيه المقلوب:
هو جعل المشبه مشبها به بإدعاء أن وجه الشبه فيه أقوى وأظهر . ويؤتى به لبيان الاهتمام به وإظهاراً لشأنه
كقول الشاعر:
وبدا الصباح كأن iiغرته وجه الخليفة حين يمتدح
أغراض التشبيه:
هي الأمور التي تحمل على الإتيان به وتعود في الغالب إلى المشبه لأنه هو الذي يطلب ما يتعلق به وقد يعود الغرض إلى المشبه به.
1- بيان أن وجود المشبه ممكن.
وذلك في كل أمر غريب يمكن أن يخالف فيه ويدعى امتناعه فيقاس على شيء مسلم الوقوع
كقول البحتري:
دان إلى أيدي العفاة iiوشاسع عن كل ندٍّ في الندى وضريبِ
كالبدر أفرط في العلو iiوضوؤه للعصبة السارين جد iiقريبِ
2- بيان حال المشبه :
أي صفته التي هو عليها وذلك اذا كان المخاطب يجهل صفة المشبه فتلحقه بمشبه به معروف عنده
كما في قول النابغة:
كأنك شمس والملوك iiكواكب إذا طلعتَ لم يبد منهن كوكبُ
3- بيان مقدار حال المشبه:
من القوة والضعف والزيادة والنقصان وذلك اذا كان المخاطب يعرف صفته على الجملة ولكنه يجهل مقدار تلك الصفة فتقيسه على شيء يعرف نقدار حاله
كقول المتنبي في وصف الاسد:
ماقوبلت عيناه إلا iiظنتا تحت الدجى نار الفريق حلولا
4- تقرير حال المشبه :
أي تمكينها وتقويتها في ذهن السامع بإظهارها في صورة أوضح وأقوى ما يكون في تشبيه المعقول بالمحسوس كقوله تعالى (والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه).
5- تزيين المشبه:
والمراد تحسينه في ذهن السامع بقرنه إلى صورة حسنة .
كقول الشاعر:
لا يرعك المشيب يا ابنة عبد الله فالشيب زينة iiووقارُ
إنما تحسن الرياض اذا iiما ضحكت في خلالها iiالانوارُ
6- تقبيح المشبه :
أي تصويره للمخاطب بصورة قبيحة .
كقول اعرابي في ذم امراة:
وتفتح –لاكانت- فما لو iiرأيته توهمته باباً من النار iiيفتحُ
إذا عاين الشيطان صورة وجهها تعوذ منها حين يمسي iiويصبحُ
لها جسم برغوث وساقا iiبعوضة ووجه كوجه القرد بل هو iiأقبحُ
الأمثلة:
وإذَا مَا سَخطتُ كُنتُ لهيبا (1) أنا كالماءَ إِنْ رَضيتُ صفاءً
(2) سِرْنا في ليل بَهيم [1] كأَنَّهُ البَحْرُ ظَلاماً وإِرْهاباً.
(3) قال ابنُ الرُّومىّ [2] في تأْثير غِناءِ مُغَنٍّ:
سِنَةٌ تَمَشَّى فِي مَفَاصِل نُعَّس [3] فَكأَنَّ لذَّةَ صَوْتِهِ وَدَبيبَها
(4) وقال ابنُ المعتزّ:
ـتارٌ جَلَتْهُ حَدَائِدُ الضَّرَّابِ [4] وكأَنَّ الشمْسَ الْمُنِيرَةَ دِيـ
(5) الجَوَاد في السرعة بَرْقٌ خاطِفٌ.
تجْتَليكَ الْعُيُونُ شَرْقاً وغَرْبا [5] (6) أَنْتَ نجْمٌ في رِفْعةٍ وضِياء
(7) وقال المتنبي وقدِ اعْتَزَمَ سيفُ الدولةِ سَفَرًا:
نَحْنُ نَبْتُ الرُّبا وأَنْتَ الْغمام [6] أَيْنَ أَزْمَعْتَ أَيُّهذا الْهُمامُ؟
(8) وقال الْمُرَقَّش:
نِيرٌ وَأَطْرَافُ الأَكُفُّ عَنَم [7] النَشْرُ مِسْكٌ وَالْوُجُوه دَنا
البحث:
يُشبه الشاعر نفسه في البيت الأَول في حال رضاه بالماء الصافي الهادئ، وفي حال غضبه بالنار الملتهبة، فهو محبوب مخوف وفي المثال الثاني شُبِّه الليلُ في الظلمة والإِرهاب بالبحر. وإِذا تأَمَّلت التشبيهين في الشطر الأَول والمثال الثاني رأَيت أَداة التشبيه مذكورة بكل منهما، وكلُّ تشبيه تذكر فيه الأَداةُ يسمى مرسلا. وإِذا نظرت إلى التشبيهين مرة أخرى رأيت أَن وجه الشبه بُيِّنَ وفُـصِّلَ فيهما، وكله تشبيه يذكر فيه وجه الشبه يسمى مفصلا.
ويصف ابنُ الرومى في المثال الثالث حُسن صوت مُغنٍّ وجميلَ إيقاعه، حتى كأَنَّ لذة صوته تسرى في الجسمٍ كما تسرى أوائل النوم الخفيف فيه، ولكنه لم يذكر وجه الشبه معتمدًا على أنك تستطيع إدراكه بنفسك الارتياح والتلذذ في الحالين. ويشبه ابنُ المعتز الشمس عند الشروق ودينار مجلوّ قريب عهده بدار الضرب، ولم يذكر وجه الشبه أيضاً وهو الاصفرار والبريق، ويسمى هذا النوع من التشبيه، وهو الذي لم يذكر فيه وجه الشبه، تشبيهاً مجملا.
وفي المثالين الخامس والسادس شُبِّه الجواد بالبرق في السرعة، والممدوح بالنجم في الرفعة والضياء من غير أَن تذكر أداةُ التشبيه في كلا التشبيهين، وذلك لتأكيد الادعاء بأَن المشبه عينُ المشبه به، وهذا النوعُ يسمى تشبيهاً مؤكدًا.
وفي المثال السابع يسأَل المتنبي ممدوحه في تظاهر بالذعر والهلَع قائلا: أين تقصد؟ وكيف ترحل عنا؟ ونحن لا نعيش إلا بك، لأَنك كالغمام الذي يحيى الأَرض بعد موتها، ونحن كالنَّبتِ الذي لا حياة له بغير الغمام. وفي البيت الأخير يشبه المرقش النشر، وَهو طِيبُ رائحة منْ يصف، بالمسك، والوجوه بالدنانير، والأنامل المخضوبة بالعنم، وإذا تأَملت هذه التشبيهات رأيت أنها من نوع التشبيه المؤكد، ولكنها جمعت إلى حذف الأداة حذف وجه الشبه. وذلك لأَن المتكلم عمد إِلى المبالغة والإِغراق في ادعاء أن المشبه هو المشبه به نفْسُه. لذلك أَهمل الأَداة التي تدل على أَن المشبه أَضعفُ في وجه الشبه من المشبه به، وأَهمل ذكرَ وجه الشبه الذي ينمُ عن اشتراك الطرفين في صفة أو صفات دون غيرها. ويسمى هذا النوع بالتشبيه البليغ، وهو مظهر من مظاهر البلاغة وميدان فسيح لتسابق المجيدين من الشعراء والكتاب.
القواعد
(3) التشبيهُ الْمُرْسَلُ ما ذُكِرَتْ فِيه الأداةُ.
(4) التشبيهُ الْمُؤَكَّد ما حُذِفتْ منهُ الأَداة.
(5) التشبيهُ الْمُجْمل ما حُذِف منه وجهُ الشبهِ.
(6) التشبيهُ الْمُفَصَّلُ ما ذُكِرَ فيه وجهُ الشبهِ.
(7) التشبيه البليغُ ما حُذِفت منهُ الأَداةُ ووَجهُ الشبه [8]
نموذج
(1) قال المتنبي في مدح كافور:
وكلُّ الَّذي فَوْق الترابِ ترابُ إذا نِلت مِنْك الوُدَّ فالمالُ هَيِّنٌ
(2) وصف أعرابي رجلاً فقال:
كأنَّه النهار الزاهر والقمرُ الباهر الذي لا يخفى على كل ناظر.
(3) زرنا حديقةً كأنها الفِرْدوْسُ في الجمال والبهاء.
(4) العالِمُ سِراجُ أُمَّته في الهِداية وَتبديد الظلاَم.
الإجابـة
(1) كل الذي فوق التراب تراب بليغ حذفت الأداة ووجه الشبه
(2) مدلول الضمير في كأنه النهار الزاهر مرسل مجمل ذكرت الأداة ولم يذكر وجه الشبه
(2) مدلول الضمير في كأنه القمر الباهر مرسل مجمل ذكرت الأداة ولم يذكر وجه الشبه
(3) الضمير في كأنه العائد على الحديقة الفردوس مرسل مفصل ذكرت الأداة ووجه الشبه
(4) العالم سراج مؤكد مفصل حذفت الأداة وذكر وجه الشبه
بيِّن كل نوع من أَنواع التشبيه فيما يأْتي:
قال المتنبي:
كقُلُوبِهِنَّ إِذَا الْتَقِى الْجَمْعان [9] إَنَّ السُّيُوفَ مع الَّذِين قُلُوبُهُمْ
مِثْل الجُبانِ بِكَفِّ كُلِّ جبانِ [10]ِ تلقَى الحُسَامَ على جراءَةِ حدِّه
(2) وقال في المديح:
خِلعُ الأَميرِ وحقَّهُ لَمْ نَقْضِهِ [11] فَعَلَتْ بنَا فِعْل السماءِ بِأَرْضِهِ
(3) وقال:
وَلا رُسُلٌ إِلاَّ الْخَمِيسُ العَرمرم [12] ولا كُتْبَ إِلا المشرفِيَّهُ عِنْدهُ
(4) وقال:
كفاها فكانَ السَّيْف والكفَّ والقَلْبَا [13] إذا الدولةُ اسْتكفتْ بهِ في مُلِمَّةٍ
(5) قال صاحب كليلةَ ودمنة:
مال كالأسد يُهابُ وإِن كان رابضاً [14] . الرجُل ذو المروءَة يُكْرمُ على غير
ـأَبْرار طاهِرةٌ نَقِيَّهْ [15] (6) لكَ سِيرةٌ كَصحِيفَة الْـ
(7) المالُ سَيْفٌ نَفْعاً وضَرًّا.
(8) قال تعالى: {ولهُ الجوَارِ المنْشَآتُ فِي البحْرِ كالأَعلام [16] }.
(9) قال تعالى: {فَتَرى القوْم فِيهَا صَرعى كَأنَّهُمْ أعجازُ نخْلٍ خاوِيةٍ [17] }.
(10) قال البُحْتُرِى في المديح:
نَا شَبيهاً بِك الرَّبيعُ الجديدُ ذَهبتْ جدَّةُ الشِّتاءِ ووافا
يتَقضى وأَنتَ لِلِعيدِ عِيدُ ودنَا العِيدُ وهو لِلنَّاسِ حتى
(11) قال تعالى: { ألَمْ تَر كيفَ ضَرب اللهُ مثلاً كلِمةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طيِّبة [18] أصْلُها ثَابتٌ وفَرْعُهَا فِي السَّماءِ تُؤتي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ [19] بِإِذنِ ربِّها ويضْرِبُ الله الأَمْثال لِلنَّاسِ لَعلَّهُمْ يتذكَّرُون. ومثلُ كَلِمةٍ خَبِيثَةٍ كشَجرةٍ خبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ [20] مِنْ فَوْق الأرضِ مالَها مِنْ قَرار [21] }.
(12) وقال تعالى: { اللهُ نُورُ السَّمواتِ والأرْضِ مثَل نُورِهِ كَمِشكَاةٍ [22] فِيها مصباحٌ المصْباحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأنَّهَا كَوكَبٌ دُرِّيٌّ [23] يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُباركَةٍ زَيْتُونةٍ لا شَرْقِيَّةٍ ولا غَرْبِيَّةٍ [24] يكَادُ زَيتُهَا يُضِئُ ولو لم تَمْسَسْه نَار نُورٌ عَلى نُور [25] يهْدِى اللهُ لِنُورِهِ منْ يشَاءُ وَيضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ واللهُ بِكُلِّ شَيءٍ علِيم }.
(13) القلوبُ كالطير في الأُلفَةِ إِذَا أنِستْ.
(14) مدح أعْرابي رجلاً فقال:
له هِزَّة كهزَّة السيف إذا طَرِب، وجُرْأة كجرأة الليثِ إذا غضِب [26] .
(15) ووصف أعرابي أخاً له فقال:
كان أخي شَجراً لا يخلَفُ ثَمرُه، وبحْرًا لا يُخَافُ كَدرُه.
(16) وقال البحْتُرىُّ:
يكَدْنَ يُضِئْنَ لِلسَّاري الظلاَما قُصُورٌ كالكواكِبِ لا معَاتٌ
(17) رأىُ الحازم ميزان في الدّقَّة.
(18) وقال ابن التعاوِيذي [27] :
غِضاباً في السحاب لها زَئيرُ [28] إِذا ما الرَّعد زَمْجَر خِلْتَ أُسْدًا
(19) وقال السَّريُّ الرَّفَّاء [29] وصف شمعة:
تَحْكى لنا قَدَّ الأَسَلْ [30] مَفْتُولَةٌ مجدُولةٌ
والنارُ فِيها كالأَجْلْ كأَنَّها عُمْرُ الْفتى
(20) وقال أَعرابي في الذم:
لقد صغَّر فلاناً في عيني عِظمُ الدنيا في عينه، وكأَنَّ السائل إذا أَتاه ملَكُ الموْتِ إذا لاقاه.
(21) وقال أَعربي لأمير: اجْعلْني زِماماً من أَزِمَّتِكَ التي تَجُرُّ بها الأَعداءَ [31]
(22) وقال الشاعر:
لِنُفُوسٍ كالليْلِ في الإِظلامِ كَمْ وُجُوه مِثْلِ النَّهارِ ضِياءً
(23) وقال آخر:
إِذ كان حَظّى مِنَّك حظِّى مِنْهُمُ أَشْبهْتَ أَعْدائي فَصِرْتُ أُحِبُّهُمْ
(24) وقال البحتري في المديح:
إِرْهامِهِ والليْثِ في إِقدامِه [32] كالسيف في إِخْذَامِهِ والْغَيْثِ في
(25) وقال المتنبي في وصف شعره:
سَار فَهْو الشَّمْسُ والدُّنيا فَلَك [33] إِنَّ هذَا الشِّعْرَ في الشِّعْر ملَكْ
(26) وقال في المديح:
لكانُوا الظَّلاَمَ وكُنتَ النهارا فَلَوْ خُلِق النَّاسُ مِنْ دهْرِهمْ
(27) وقال في مدح كافور:
رجاءُ أِبي المِسْكِ الكَرِيم وقصُدهُ وأَمْضى سِلاحٍ قَلَّدَ الْمرْءُ نَفْسَهُ
(28) فلان كالمئْذنَة في استقامة الظاهر واعْوجاج الباطن.
(29) وقال السَّريُّ الرَّفَّاء:
فَارْتَدَّ وجْهُ الأَرْض وهْو سماءُ [34] بِركٌ تَحلَّتْ بِالكَواكِبِ أَرْضُها
(30) وقال البُحْتُرِى:
ـتَ سماءً وأَصْبح النَّاسُ أَرْضا [35] بِنْتَ بِالفَضْلِ والعُلُوِّ فأَصْبحْـ
(31) وقال في روضة:
بِريِّقِهِ لكنْتَ لَها غَمامَا [36] وَلَوْ لَمْ يسْتَهِلَّ لَها غَمامٌ
(32) الدنيا كالمِنْجَلِ استواؤها في اعوجاجها [37]
(33) الحِمْيةُ من الأَنامِ، كالحِمْيةِ من ا لطعام [38] .
(34) وقال المعري:
وشَبابُ الظَّلْماءِ في عُنْفُوانِ [39] فَكأَنِّي ما قُلْتُ واللَّيْلُ طِفْلٌ
ـج عليْها قلاَئدٌ مِنْ جُمَان [40] لَيْلتِي هذِهِ عَرُوسٌ مِن الزَّنْـ
هرب الأَمْن عَنْ فؤادِ الجبانِ هرب النَّوْمُ عنْ جُفُونِي فيهَا
(35) وقال ابن التعاويذى:
وهمُ بُدُور والأَسِنَّة أنْجُم [41] ركِبُوا الدَّياجِى والسرُوجُ أهِلَّةٌ
(36) وقال ابن وكِيع:
وتعرى اللَّيْل مِنْ ثَوْب الغلَسْ [42] سُلَّ سيْفُ الْفجْر مِن غمْدِ الدُّجى
(2)
اجعل كل تشبيه منَ التشبيهين الآتيين مفصَّلاً مؤكَّدًا ثم بليغاً:
وعجَاجَ خَيْلِهم سَحَابٌ مُظْلِمُ [43] وكأَنَّ إيماض السيُوفِ بوَارقٌ
(3)
اِجعل كل تشبيه من التشبيهين الآتيين مرسلاً مفصلاً ثم مرسلاً مجملاً:
سِدِ مَاءٌ جارٍ مَع الإخْوَان [44] أنَا نَارٌ فِي مُرْتقي نَظر الحا
(4)
اِجعل التشبيه الآتي مؤكدًا مفصولا ثم بليغاً، وهو في وصف رجلين اتفقا على الوشاية بين الناس:
على غَيْرِ شَيْءِ سِوى التَّفْرقةْ [45] كَشِقَّىْ مقص تجمَّعْتما
(5)
كوِّن تشبيهات مرسلةً بحيث يكون كلٌّ مما يأْتي مشبهاً.
الماءُ – القلاع [46] – الأزهار – الهلال – السيارة – الكريم – الرعد - المطر
(6)
كَوِّن تشبيهات مؤكدة بحيث يكون فيها كل مما يأْتي مشبهاً به:
نسيم ماءٌ زُلال جنَّة الخُلْدِ بُرْجُ بَابل
دُرٌّ زهرة ناضرة نار مُوقَدة البدر المتألِّق
(7)
كوِّن تشبيهات بليغةً يكون فيها كلٌّ مما يأْتي مشبهاً:
اللسان – المال – الشرف – الأبناء – الملاهي – الذليل - ا لحسد - التعليم
(8)
اشرح قول ابن التعاويذي بإيجاز في وصف بِطِّيخَة وبيِّن أنواع الشبيه فيه:
دمُها فِي كلِّ مِلَّة حُلْوةُ الريق حلاَلٌ
ـمْتها صَارت أهِلَّة نِصفُها بدْرٌ وإِنْ قسَّم
(9)
وازن بين قوليْ أَبى الفتح كُشاجم [47] في وصف روضتين ثم بيِّن نوع كل تشبيه بهما:
كما رَضىَ الصَّدِيق عَنِ الصَّدِيقِ ورَوْض عنْ صنِيعِ الغيثِ رَاض
كأَنَّ ثَراهُ مِنْ مِسْك فَتِيق [48] يُعِير الرِّيح بالنَّفَحات رِيحاً
بقايا الدَّمْعِ في الْخَدِّ الْمشُوق كأَنَّ الطَّلَّ مُنْتشِراً علَيْهِ
* * *
مَتَّصِل الْوَبْل سريعُ الرَّكض [49] غَيثٌ أَتانا مُؤْذِناً بالخَفْضِ
في حليها المُحْمرِّ والمُبْيَضِّ [50] فالأَرْضُ تُجْلى بالنَّباتِ الغَضِّ
ونرْجس زَاكِي النَّسِيمِ بضِّ [51] وأَقْحوان كاللجيْن المحْضِ
تَرْنو فيغشاهَا الْكرى فتُغضى [52] مِثْلِ العُيُون رُنِّقَت لِلْغمْضِ
(10)
صف بإيجاز ليلة مُمْطِرَة، وهاتِ في غضون وصفك تشبيهين مرسلين مجملين، وآخرين بليغين..
(3) تَشْبيهُ التّمثيل
الأَمثلة
(1) قال البُحْتُرىُّ:
مِنْهُ قُرْباً تَزْدَدْ مِن الْفَقْر بُعْدَا [53] هُوَ بَحْر السَّماحِ والجُودِ فَازْدَدْ
(2) وقال امْرُؤُ الْقَيْس:
علىّ بأنْواع اِلْهُمُومِ لِيبْتَلي [54] وَلَيْلٍ كَمَوْج البَحْر أرْخَى سُدُولهُ
* * *
(3) وقال أبو فراس [55] :
ـزَّهْر في الشَّطَّين فَصْلا [56] والماءُ يَفصِل بَيْنَ رَوْض الـ
أَيْدِىِ الْقُيُون عَلَيْهِ نَصْلا [57] كَبِساطِ وَشيٍ جرَّدَتْ
(4) وقال المتنبي في سَيْفِ الدولة:
كما نَفَضَتْ جَناحَيْها الْعُقاب [58] يَهُزُّ الْجَيْشُ حولَك جَانِبَيْهِ
(5) وقال السَّرىُّ الرَّفَّاءُ:
غَرِقَتْ في صَحيفَةٍ زَرْقاء وَكأَنَّ الْهِلاَلَ نُونُ لُجيْن
البحث:
يُشَبّه البحترى ممدوحَه بالبحر في الجود والسماح، وينصح للناس أن يقتربوا منه ليبتعدوا من الفقر، ويشبه امرؤ القيس الليل في ظلامه وهوْله بموج البحر، وأنَّ هذا الليل أرخَى حُجُبَهُ عليه مصحوبةً بالهموم والأحزان ليختبر صبْرَهُ وقوة احتماله. وإِذا تأملت وجْه الشبه في كل واحد من هذين التشبيهين رأيت أنه صفة أو صفاتٌ اشتركت بين شيئين ليس غيرُ، هي هنا اشتراك الممدوح والبحر في صفة الجود، واشتراكُ الليل وموجِ البحرِ في صفتين هما الظلمة والروعة. ويسمى وجه الشبه إذا كان كذلك مفردًا، وكونه مفردًا لا يمنع من تعدد الصفات المشتركة، ويسمى التشبيه الذي يكون وجه الشبه فيه كذلك تشبيهاً غير تمثيل.
اُنظر بعد ذلك إلى التشبيهات التالية:
يشبه أَبو فِراس حال ماء الجدول، وهو يجرى بين روضتين على شاطئيه حلاهما الزَّهْر ببدائع ألوانه مُنْبثًّا بين الخُضرة الناضرة، بحال سيف لماع لا يزال في بريق جدَّته، وقد جرّدَه القُيُون على بساط من حرير مُطَرَّز. فأَين وجه الشبه؟ أتظنُّ أَن الشاعر يريد أن يَعْقِد تشبيهين: الأَول تشبيه الجدول بالسيف، والثاني تشبيه الروضة بالبِساط الْمُوَشّي؟ لا، إِنّه لم يرد ذلك، إِنما يريد أَن يشبّه صورةً رآها بصورة تخيلها، يريد أن يشبه حال الجدول وهو بين الرياض بحال السيف فوق البساط الموشَّى، فوجه الشبه هنا صورة لا مفرد، وهذه الصورة مأخوذة أَو مُنْتَزَعَةٌ من أَشياء عدَّة، والصورة المشتركة بين الطرفين هي وجود بياض مستطيل حوله اخضرار فيه أَلوان مختلفة.
ويشبه المتنبي صورة جانبي الجيش: مَيْمَنَتِه ومَيْسَرَتِه، سيفُ الدولة بينهما، وما فيهما من حركة واضطراب.. بصورة عُقَابٍ تَنفُض جَناحَيْها وتحركهما، ووجه الشبه هنا ليس مفردًا ولكنه مُنْتَزَع من متعدد وهو وجود جانيين لشيءٍ في حال حركة وتمَوُّج.
وفي البيت الأَخير يشبه السَّريُّ حال الهلال أَبيض لمَّاعاً مقوّساً وهو في السماء الزرقاء، بحال نون من فضةٍ غارقةٍ في صحيفة زرقاءَ، فوجه الشبه هنا صورةً منتزعة من متعدد، وهو وجود شيءٍ أبيض مقوَّس في شيء أَزرق. فهذه التشبيهات الثلاثة التي مرت بك والتي رأيت أن وجه الشبه فيها صورةٌ مكوَّنة من أشياءَ عِدَّةٍ يسمّى كل تشبيه فيها تمثيلا.
القاعدة
(8) يُسمّى التشبيه تمثيلاً إِذا كان وجه الشبه فيهِ صورة مُنْتَزَعَة من متعدد، وغيْرَ تَمْثِيل إِذَا لم يَكُنْ وجْهُ الشَّبَهِ كذلك.
نَمُوذَجٌ
(1) قال ابن المعتز:
بَشَّرَ سُقْمُ الْهِلالِ بِالْعِيدِ قَدِ انْقضَتْ دَوْلةُ الصِّيام وقد
يُفْتَحُ فاهُ لأَكْل عُنْقُود [59] يَتْلُو الثرَيَّا كفَاغِرٍ شَرِه
(2) وقال المتنبي في الرثاء:
يصْولُ بلا كفٍّ ويسْعى بلا رِجْل [60] وما الموت إِلا سارقُ دَقَّ شَخْصُه
(3) وقال الشاعر:
قَمَرًا يكُرُّ عَلى الرّجال بكَوْكب وتراه في ظُلَمِ الوَغَى فتخَالُه
الإجابـة
المشبه المشبه به الوجه نوع التشبيه من حيث الوجه
(1) صورة الهلال
والثريا أمامه
صورة شره فاتح فاه
لأكل عنقود من العنب
صورة شيء مقوس
يتبع شيئاً آخر
مكوناً من أجزاء
صغيرة بيضاء تمثيل
(2) الموت اللص الخفي الأعضاء الخفاء وعدم الظهور غير تمثيل
(3) صورة الممدوح
وبيده سيف لامع
يشق به ظلام الغبار صورة قمر يشق ظلمة
الفضاء ويتصل به
كوكب مضئ
ظهور شيء مضئ
يلوح بشيء متلألئ
في وسط الظلام تمثيل
…………………….
الاستعارة :
هي مجازٌ علاقته المشابهة أو هي تشبيه بليغ حذف أحد طرفيه .
نفهم من الكلام السابق أن التشبيه لابد فيه من ذكر الطرفين الأساسين وهما المشبه والمشبه به فإذا حذف أحد الركنين لا يعد تشبيهاً بل يصبح استعارة .
لاحظ الفرق بين : محمد أسد - رأيت أسداً يتكلم .
* أنـواع الاستعـارة :
أ استعارة تصريحية : وهى التي حُذِفَ فيها المشبه الركن الأول وصرح بالمشبه به .
مثل قوله تعالى :
الله وليُّ الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ..
شبه الكفر بالظلمات والإيمان بالنور ثم حذف المشبه الكفر والإيمان وذكر المشبه به الظلمات والنور على سبيل الاستعارة التصريحية .
ب - استعارة مكنية : وهى التي حُذِفَ فيها المشبه بهالركن الثاني وبقيت صفة من صفاته ترمز إليه .
مثال : طار الخبر في المدينة ..
استعارة مكنية فلقد صورنا الخبر بطائر يطير ، وحذفنا الطائر وأتينا بصفة من صفاته طار ، فالدليل على أنها استعارة : أن الخبر لا يطير.
توضیح آخر:
الاستعارة : تشبيه بليغ حذف أحد طرفيه .نفهم من الكلام السابق أن التشبيه لابد فيه من ذكر الطرفين الأساسين وهما
المشبه والمشبه به فإذا حذف أحد الركنين لا يعد تشبيهاً بل يصبح استعارة .
لاحظ الفرق بين : محمد أسد - رأيت أسداً يتكلم - محمد يزأر وهو يفترس الأعداء .
أنـواع الاستعـارة :
أ - استعارة تصريحية : وهى التي حُذِفَ فيها المشبه الركن الأول وصرح بالمشبه به .
مثل : نسي الطين ساعة أنه طين .. شبه الشاعر الإنسان بالطين ثم حذف المشبه الإنسان وذكر المشبه به الطينعلى سبيل الاستعارة التصريحية .
مثل قوله تعالى الله وليُّ الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور .. شبه الكفر بالظلمات والإيمان بالنور ثم حذف المشبه الكفر والإيمان وذكر المشبه به الظلمات والنورعلى سبيل الاستعارة التصريحية .
في قلوبهم مرض ، واعتصموا بحبل الله .. بين الاستعارة بنفسك .
ب - استعارة مكنية : وهى التي حُذِفَ فيها المشبه به الركن الثاني وبقيت صفة من صفاته ترمز إليه .
مثل : حدثني التاريخ عن أمجاد أمتي فشعرت بالفخر والاعتزاز .
المحذوف المشبه به ، فالأصل : التاريخ يتحدث كالإنسان ، ولكن الإنسان لم يذكر وإنما ذكر في الكلام ما يدل عليه وهو قوله : حدثني فالدليل على أنها استعارة : أن التاريخ لا يتكلم.
ومثل ماسبق : طار الخبر في المدينة .. استعارة مكنية فلقد صورنا الخبر بطائر يطير ، وحذفنا الطائر وأتينا بصفة من صفاته طار ، فالدليل على أنها استعارة : أن الخبر لا يطير. .
يهجم علينا الدهر بجيش من أيامه ولياليه - وتبنى المجد يا عمر بن ليلى - صحب الناس قبلنا ذا الزمانا- شاكٍ إلى البحر .. بين الاستعارة بنفسك .
جـ - الاستعارة التمثيلية : أصلها تشبيه تمثيلي حُذِفَ منه المشبه وهو الحالة والهيئة الحاضرة وصرح بالمشبه به وهو الحالة والهيئة السابقة مع المحافظة على كلماتها وشكلها وتكثر غالباً في الأمثال عندما تشبه الموقف الجديد بالموقف الذي قيلت فيه .
مثل : لكل جواد كبوة - رجع بخفي حنين - سبق السيف العذل - فمن يزرعِ الشوك يجنِ الجراح .
الاستعارة : تشبيه بليغ حذف أحد طرفيه .
نفهم من الكلام السابق أن التشبيه لابد فيه من ذكر الطرفين الأساسين وهما المشبه والمشبه به فإذا حذف أحد الركنين لا يعد تشبيهاً بل يصبح استعارة .
لاحظ الفرق بين : محمد أسد - رأيت أسداً يتكلم - محمد يزأر وهو يفترس الأعداء .
أنـواع الاستعـارة :
أ استعارة تصريحية : وهى التي حُذِفَ فيها المشبهالركن الأول وصرح بالمشبه به .
مثل : نسي الطين ساعة أنه طين .. شبه الشاعر الإنسان بالطين ثم حذف المشبه الإنسانوذكر المشبه به الطينعلى سبيل الاستعارة التصريحية .
مثل قوله تعالى الله وليُّ الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور .. شبه الكفر بالظلمات والإيمان بالنور ثم حذف المشبه الكفر والإيمان وذكر المشبه به
الظلمات والنورعلى سبيل الاستعارة التصريحية .
في قلوبهم مرض ، واعتصموا بحبل الله .. بين الاستعارة بنفسك .
ب - استعارة مكنية : وهى التي حُذِفَ فيها المشبه بهالركن الثاني وبقيت صفة من صفاته ترمز إليه .
مثل : حدثني التاريخ عن أمجاد أمتي فشعرت بالفخر والاعتزاز .
المحذوف المشبه به ، فالأصل : التاريخ يتحدث كالإنسان ، ولكن الإنسان لم يذكر وإنما ذكر في الكلام ما يدل عليه وهو قوله : حدثني فالدليل على أنها استعارة : أن التاريخ لا يتكلم.
ومثل ماسبق : طار الخبر في المدينة .. استعارة مكنية فلقد صورنا الخبر بطائر يطير ، وحذفنا الطائر وأتينا بصفة من صفاته طار ، فالدليل على أنها استعارة : أن الخبر لا يطير. .
يهجم علينا الدهر بجيش من أيامه ولياليه - وتبنى المجد يا عمر بن ليلى - صحب الناس قبلنا ذا الزمانا- شاكٍ إلى البحر .. بين الاستعارة بنفسك .
جـ – الاستعارة التمثيلية : أصلها تشبيه تمثيلي حُذِفَ منه المشبه وهو الحالة والهيئة الحاضرة وصرح بالمشبه به وهو الحالة والهيئة السابقة مع المحافظة على كلماتها وشكلها وتكثر غالباً في الأمثال عندما تشبه الموقف الجديد بالموقف الذي قيلت فيه .
مثل : لكل جواد كبوة - رجع بخفي حنين - سبق السيف العذل - فمن يزرعِ الشوك يجنِ الجراح .
سر جمال الاستعارة : التوضيح أو التشخيص أو التجسيم .
........................................................................................
الاستعارة فی الکتب البلاغیة القدیمة
الاستعارة
عريفها:
في اللغة من العارية أي نقل الشيء من شخص إلى آخر حتى تصبح تلك العارية من خصائص المعار إليه.
في المصطلح:
أول من وقف على الاستعارة أبو عمرو بن العلاء، إذ قال: كانت يدي في يد الفرزدق، وأنشدته قولَ ذي الرُّمَّةِ1:
أقامَتْ به حَتَّى ذوى العودُ في الثَّرى
وساق الثريا في ملاءته الفجرُ
قال: فقال لي: أ أرشدكَ أم أدعكَ؟ قلت: بل أرشدني. فقال: إن العودَ لا يذوي أو يجف الثرى، وإنما الشعر/ حتى ذوى العودُ والثرى/..ثم قال أبو عمرو: ولا أعلم قولاً أحسن من قوله: / وساق الثريا في ملاءته الفجرُ/ فَصَيَّر للفجر ملاءةً، ولا ملاءة له، وإنما استعار هذه اللفظة، وهو من عجيب الاستعارات.2
وقال ابن قتيبة: فالعرب تستعير الكلمة فتضعها مكان الكلمة إذا كان المسمى بها بسبب من الآخر، أو مجاورا لها أو مشاكلاً3
القاضي علي بن عبد العزيز الجرجاني: الاستعارة ما اكتفي فيها بالاسم المستعار عن الأصل، ونقلت العبارة فجعلت مكان غيرها. وملاكها تقريب الشبه ومناسبة المستعار له للمستعار منه، وامتزاج اللفظ بالمعنى حتى لا يوجد بينهما منافرة، ولا يتبين في أحدهما إعراض عن الآخر4
وقال الرماني: الاستعارة تعليق العبارة على ما وضعت له في أصل اللغة على جهة النقل للإبانة5
وقال أبو هلال العسكري: هي نقل العبارة عن موضع استعمالها في أصل اللغة لغرض6
وقال عبد القاهر الجرجاني: فالاستعارة أن تريدَ تشبيه الشيء بالشيء، فتدع أن تفصح بالتشبيه وتظهره، وتجيء إلى اسم المشبه به فَتُعيرُه المشبه وتجريه عليه. تريد أن تقول: رأيت رجلاً ه كالأسد في شجاعته وقوة بطشه، فتدع ذلك وتقول: رأيتُ أسداً 7
وقال شرف الدين الطيبي: الاستعارة وهي أن تذكر أحد طرفي التشبيه مدعياً دخول المشبه في جنس المشبه به دالاً عليه بإثباتك للمشبه ما يخص المشبه به من اسم جنسه أو لازمه أو لفظ يستعمل فيه، نحو في الحمام أسد، والمنية أنشبت أظفارها8
وقد اجتمعت التعريفات في فهم القدماء والمعاصرين على وجهين: أحدهما يقول: الاستعارة مجاز علاقته التشبيه، والآخر يقول: الاستعارة تشبيه حذف أحد ركنيه الأساسيين.
أركان الاستعارة:
1 – مستعار منه – وهو المشبه به
2 ومستعار له - وهو المشبه
3- ومستعار وهو اللفظ المنقول.
تطبيق:
﴿ واشتعل الرأس شيبا﴾
التشبيه: الشيب يشبه النار،
المشبه: الشيب
المشبه به النار
المستعار الفعل اشتعل
المستعار منه النار وهي المشبه به
المستعار له الشيب وهو المشبه
تقسيم الاستعارة باعتبار الطرفين
1- التصريحية: وهي التي يصرح فيها بلفظ المشبه به كقوله تعالى: ﴿ ليخرجهم من الظلمات إلى النور﴾
وكقول الشاعر
فأمطرت لؤلؤاً من نرجسٍ وسقتْ
وَردَاً وعَضَّتْ على العُنَّابِ بالبردِ
الاستعارات: هي دموع كاللؤلؤ، حذف المشبه، وأبقى المشبه به اللؤلؤ فهي تصريحية، والعيون كالنرجس، حذف المشبه العيون والتصريح بالمشبه به على طريقة الاستعارة التصريحية، والخدود كاللورد، فحذف المشبه وصرحوا بالمشبه به ورداً والأنامل أو الشفاه كالعناب ثمر أحمر حذف المشبه الأنامل وصرح بالمشبه به العناب والأسنان كالبردِ حذف الأسنان وهي المشبه وصرح بالبرد، على طريقة الاستعارة التصريحية.
2- الاستعارة المكنية وهي التي يحذف منها المشبه به ويذكر المشبه، من ذلك قول الله تعالى: ﴿واخفض لهما جناح الذل من الرحمة﴾
فقد استعار الجناح من الطائر، والمستعار له الذل، والمستعار الجناح. والغرض الطاعة للوالدين. والاستعارة مكنية؛ لأنه ذكر المشبه الذل وحذف المشبه به الطائر، وأبقى شيئاً من لوازمه جناح ليدل عليه.
و كقول الشاعر
وإذا المنية أنشبت أظفارها
ألفيتَ كلَّ تميمةٍ لا تنفعُ
المستعار أظفارها من الوحش المفترس المستعار منه وهو المشبه به، والمنية المستعار له وهو المشبه. فالاستعارة مكنية لأنه ذكر المشبه المنية
3- الاستعارة التحقيقية: هي تناسب بين المادي المستعار للمستعار له مثال: رأيت بحراً يعطي.
1- الاستعارة التخييلية: هي المكنية من جهة المستعار فقوله تعالى جناح الذل فقد استعار الجناح من الطائر والجناح محس محسوس والذل معنوي عقلي، فارتباط الجناح بالذل قائم على التخيل أي العقل، فالملابسة عقلية خيالية وليست مادية حسية، واجتماع المادي بالمعنوي جزء من عقل العرب ومنهج التوسط الجامع بين المادة الجناح والمعنى الذل
وكذلك / وإذا المنية أنشبت أظفارها / فإثبات الأظفار وهي شيء محس للمنية وهي شيء غير محس، يقوم على إدراك العقل ويسمى تخيلاً
أنواع الاستعارة بالاعتبار الصرفي
وهو أن تُحصر الرؤية في المستعار: هل هو جامد أو مشتق، فإن كان المستعار جامداً سميت أصلية من ذلك قول14 الله ﴿ كتابٌ أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور﴾ فالمستعار في الآية الظلمات للجاهلية، و النور للإسلام، وكل منهما اسم فهي استعارة أصلية من جهة المستعار، وكل منهما استعارة تصريحية من جهة حذف المشبه الجاهلية والتصريح بالظلمات وهي المشبه به، وكذلك لم يذكر الإسلام وهو المشبه بالنور، وصرح بالمشبه به وهو النور. والجامع بين الجاهلية والظلمات عدم الاهتداء إلى الحق في العقيدة أو العبادة أو الشريعة أو الخلق القويم. والجامع بين الإسلام والنور هو الهداية في أمور الحياة كلها.
قام الليث خطيباً، فالليث مستعار للخطيب، أي الخطيب يشبه الليث، فهي استعارة أصلية من جهة أن لفظ المستعار من عالم الحيوان اسم غير مشتق، وهي استعارة تصريحية من جهة حذف المشبه والتصريح بالمشبه به.
ومن جهة الأصلية في المكنية قول أبي ذؤيب: / وإذا المنية أنشبت أظفارها/ فالأظفار اسم والاستعارة أصلية من جهة أن لفظ المستعار اسم، و مكنية من جهة أن المشبه به الوحش محذوف، وتخييلية من جهة إثبات الأظفار للمنية مما لا ينهض به عالم الحس، ويقوى في عالم النفس العقل.
وأما الاستعارة التبعية فهي أن يكون اللفظ المستعار مشتقاً كالفعل أو اسم الفاعل أو اسم المفعول أو حرف أو اسماً مبهماً ...من ذلك قوله تعالى: ﴿ واشتعل الرأس شيباً﴾ فالفظ المستعار اشتعل من النار، والفعل من المشتقات فالاستعارة تبعية من هذه الجهة، وهي مكنية من جهة ذكر الشيب وهو المشبه، واستعير له لفظ اشتعل.
ويمكن القول إنه شبه سرعة الشيب في الرأس بسرعة النار في الاشتعال مما يجعل الاستعارة تصريحية من هذه الجهة.
ومن ذلك قولك: نطقت الحال بكذا، شبهت الدلالة الواضحة بالنطق ولو لم يكن لها لسان، فحذف المشبه وصرح بالمشبه به فه تصؤيحية من هذه الجهة. والفعل نطقت مستعار من الإنسان وهو فعل مشتق أي الاستعارة تبعية.
ويمكن القول: شبه الحال بالإنسان فحذف المشبه به الإنسان وأبقى شيئاً من لوازمه نطق على طريقة الاستعارة المكنية.
ومنها الاستعارة في الحرف كقوله15 تعالى: ﴿ أولئك على هدى من ربهم ﴾ أي تمكنوا من الاستقرار على الهدى كما يستقر الفارس على حصانه.
أنواع الاستعارة باعتبار التلاؤم أو التناسب
بين طرفي المستعار منه والمستعار له
وهي ثلاثة أنواع: أ- استعارة مرشحة أو ترشيحية، وهي التي يذكر فيها ما يناسب المشبه به، كقول الله تعالى: ﴿ أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم ﴾ استعير الشراء للاستبدال والاختيار، ثم فرع عليها ما يلائم المستعار منه من الربح والتجارة. المستعار هو الاشتراء، شبه الضلالة بالسلعة التي تشترى والثمن هو الهدى، فحذف المشبه به السلعة وذكر شيئاً من لوازمها وهو اشتروا فهي تبعية من جهة لفظ المستعار من السلعة وهي المشبه به المستعار منه والربح مناسب للمشبه به فهي من جهة ذكر ما يناسب المشبه به.
ومثال لا تكن طاووساً فيقص ذيلك، شبه المتكبر بالطاووس، فذكر يقص ذلك وهو مناسب للطاووس وهو المشبه به فهذا يسمى استعارة ترشيحية من جهة ذكر ما يناسب المشبه به.
والمجردة وهي التي فيها ما يناسب المستعار له وهو المشبه، كقولك: رأيت بحراً على فرس يعطي، أي رجلاً يشبه البحر، وقوله على فرس يعطي مناسب للمشبه فالاستعارة مجردة
والمطلقة: هي التي لا تقترن بملائم لأي من المشبه أو المشبه به كقوله تعالى: بنقضون عهد الله شبه عهد بالحبل المنعقد فحذف الحبل ودل عليه بقوله ينقضون العقد التي عقدوها مع الله، ولم يذكر ما يجعله ترشيحاً، ولا ما يجعله مجردة إذا كان ثمة ما يناسب المشبه.
أو أن يذكر ما يناسب كل منهما كقول زهير:
لدى أسدٍ شاكي السلاح مقذَّفٍ
لــه لِـبَـدٌ أظفارهُ لم تُقَلَّمِ
فقد شبه الرجل بالأسد، فذكر أن الرجل شاكي السلاح مقذف، وأن الأسد له أظفار لم تقلم، فكان برتبة إطلاق لهما، فجمع الترشيح والتجريد مما أدى إلى تعارضهما وإسقاطهما معاً.
الاستعارة من جهة المضمون
المقصود بالمضمون الحسي والعقلي و البسيط والمركب أوالهيثات، وكل ذلك بين ركني الاستعارة المستعار منه والمستعار له، وهي نوعان: الاستعارة التخييلية، والاستعارة التمثيلية.
الاستعارة التخييلية: وهي بحث في ماهية المستعارة من جهة المادة والمعى أو الحسي والعقلي ومناسبته للمستعار له، من ذلك مناسبة الأظفار للمنية وإذا المنية أنشبت أظفارها فالأظفار مادية حسية، والمنية معنوية عقلية، وتركيب الأظفار للمنية ضرب من التخيل.
وقال أبو العتاهية:
أتتهُ الخلافةُ منقادةً
إليهِ تجرجرُ أذيالها
الاستعارة التمثيلية:
هي تركيب استعمل في غير ما وضع له لعلاقة المشابهة بوجود قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلي. وهي ضرب الأمثال لأحوال تناسبها من ذلك قولك للساعي الخائب: أنت تنفخ في قربة مثقوبة. وإذا قلت للمتردد: أراك تقدم رجلاً وتؤخر أخرى.
بلاغة الاستعارة:
يزعمون أن الاستعارة أبلغ من التشبيه، وهو قول مدفوع لأن البلاغة مراعاة مقتضى الحال، فلو اقتضت الحال تشبيهاً، وذهب الناطق إلى الاستعارة فقد أفسد مقتضى الحال، إنما يجب أن يقال: إن بلاغة الاستعارة في موضعها كبلاغة التشبيه في موضعه، ولو كان قولهم صحيحاً لوجب العدول عن التشبيه إلى الاستعارة في الكلام كله، وانظر في القرآن تجد التشبيهات بأنواعها والاستعارات بأفنانها، ولا يقال هذا أبلغ من ذاك، وبكل وقع الإعجاز، وإنما في كلام الناس يخطئ بعضهم في تقدير المقتضى فيضع التشبيه موضع الاستعارة فيقال في هذا الموضع أو ذاك الاستعارة أبلغ من التشبيه وليس بإطلاق القول.
الاستعارة في أبسط تعريف لها هي أخذ شيء من موضعه ونقله إلى موضع آخر
مثال : نقول استعرت من صديقي قلما
فالقلم ليس ملكا لي وانما اخذته من صاحبه استعارة فالاصل المستعار لصاحبه
ومن ذلك قول الشاعر : أحق الركض بالخيل المعار فالشاعر يريد أن يقول أن الخيل المستعارة التي تسير بها المسافات وتجوب بها الفيافي وتتعبها فوق طاقتها
أحق من الخيل التي تملكها وتحافظ عليها وتهتم بها في تلك الأمور
والاستعارة في أبسط تعريف لها كفن بلاغي : هي عبارة عن تشبيه حذف منه أحد ركنيه المشبه أو المشبه به
أنواع الاستعارة :
والاستعارة ثلاثة أنواع :
1- استعارة تصريحية :وهي ما صرح فيه بالمشبه به دون المشبه
ومثالها من القرآن الكريم قوله تعالى:
كِتابٌ أنزلناهُ إليكَ لِتُخرجَ الناسَ مِنَ الظُلماتِ إلى النُّورِ....
ففي هذه الآية استعارتان في لفظي: الظلمات والنور، لأن المراد الحقيقي دون مجازهما اللغوي هو: الضلال والهدى، لأن المراد إخراج الناس من الضلال إلى الهدى، فاستعير للضلال لفظ الظلمات، وللهدى لفظ النور، لعلاقة المشابهة ما بين الضلال والظلمات.
وهذا الاستعمال _كما ترى _ من المجاز اللغوي لأنه اشتمل على تشبيه حذف منه لفظ المشبه، وأستعير بدله لفظ المشبه به، وعلى هذا فكل مجاز من هذا السنخ يسمى "استعارة" ولما كان المشبه به مصرحاً بذكره سمي هذا المجاز اللغوي، أو هذه الاستعارة "استعارة تصريحية" لأننا قد صرحنا بالمشبه به، وكأنه عين المشبه مبالغة واتساعاً في الكلام
مثال آخر :
" في المدرسة كواكب نسير على هديها "
الكواكب : شبه المدرسين بالكواكب وحذف المشبه وصرح بالمشبه به على سبيل الاستعارة التصريحيه .
وأيضا :
قال المتنبي يصف دخول رسول الروم على سيف الدولة :
وأقبل يمشي في البساط فما درى إلى البحر يسعى أم الى البدر يرتقي
البحر : شبه سيف الدولة بالبحر وحذف المشبه وصرح بالمشبه به على سبيل الاستعارة التصريحيه
البدر : استعارة تصريحيه .
2- استعارة مكنية : وهي ما حذف منها المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه المشبه موجود والمشبه به محذوف وبقي شيء يدل عليه
لنتناول هذه الأمثلة ونوضحها :
ولَمّا سكتَ عَن موسى الغَضَبُ أخَذَ الألواحَ وفي نُسخَتِها هُدىً وَرَحمةٌ....
ففي هذه الآية ما يدل على حذف المشبه به، وإثبات المشبه، إلا أنه رمز إلى المشبه به بشيء من لوازمه، فقد مثلت الآية الغضب بإنسان هائج يلح على صاحبه باتخاذ موقف المنتقم الجاد، ثم هدأ فجأة، وغير موقفه، وقد عبر عن ذلك بما يلازم الإنسان عند غضبه ثم يهدأ ويستكين، وهو السكوت، فكانت كلمة سكت استعارة مكنية بهذا الملحظ حينما عادت رمزاً للمشبه به.
بمعنى آخر : الغضب صفة لمن ؟؟؟ أخالك تجيب صفة للإنسان
والسؤال الآن : هل البحر يغضب ؟؟؟ أخالك تجيب : لا
اذا اراد عز من قائل أن يصور البحر بإنسان يغضب ليدل على شدة هيجانه
أين ركنا التشبيه ؟
المشبه : البحر
االمشبه به : الإنسان محذوف وبقي شيء من لوازمه وهو ........
لذلك نسمي هذه الإستعارة بالإستعارة المكنية
وأظهر من ذلك في الدلالة قوله تعالى:
والصُّبح إذا تَنَفَسَ.
فالمستعار منه المشبه به هو الإنسان، والمستعار له هو الصبح المشبه ، ووجه الشبه هو حركة الإنسان وخروج النور، فكلتاهما حركة دائبة مستمرة، وقد ذكر المشبه وهو الصبح، وحذف المشبه به وهو الإنسان، فعادت الاستعارة مكنية.
وهاتان الاستعارتان أعني التصريحية والمكنية ننظر فيهما إلى طرفي التشبيه في الاستعارة، وهما المشبه والمشبه به، فتارة يحذف المشبه فتسمى الاستعارة تصريحية وتارة يحذف المشبه به فتسمى الاستعارة مكنية.
مثال آخر :
- " كشر البحر عن أنيابه "
استعارة مكنية حيث شبه البحر بوحش له أنياب وصرح بالمشبه , وحذف المشبه به ودل عليه بشيء من صفاته الأنياب
.3- الاستعارة التمثيلية :
هي التي يصرح فيها بذكر المشبه به على أن يكون صورة مركبة من أشياء والاستعارة التمثيلية قريبة من التشبيه التمثيلي غير أن المشبه فيها محذوف مع أداة التشبيه.
تذكر :
لا زلنا نتحدث عن الاستعارة ويجب أن يكون أحد طرفي التشبيه محذوف حتى نسميها استعارة
مثال : أراك تقدم رجلاً وتؤخر أخرى
ونعني بذلك أن حالة في تردده في الإقدام على أمرٍ ما حال من يقدم رجلاً ويؤخر أخرى.
فالمشبه به مصرح به وهو من يقدم رجل ويؤخر أخرى والمشبه محذوف ونقدره الإنسان المتررد
والفرق بين الاستعارة التمثيلية والتصريحية وحود صور متعددة في الاستعارة التمثيلية أما الاستعارة التصريحية فتقتصر على صورة واحدة.
مثال آخر : قول الشاعر
من يك ذا فم مر مريض = = يجد مرا به الماء الزلالا
تم تشبيه حال الذام للشاعر في عدم تذوقهم شعره بحال المريض الذي لا يستسيغ الماء الزلال،
مثال آخر :
نقول : رمى عصفورين بحجر
شبه حال من يدرك غايتين بتدبير واحد بحال من يصطاد عصفورين بحجر واحد .
يقول ابن الأثير:" إنّما سمّي هذا القسم من الكلام استعارة لأنّ الأصل في الاستعارة المجازيّة مأخوذ من العارية الحقيقيّة التي هي ضرب من المعاملة وهي أن يستعيرَ النّاسُ من بعضهم شيئا من الأشياء ولا يقع ذلك إلاّ من شخصين بينهما سبب معرفةٌ وهذا الحكم جارٍ في استعارة الألفاظ بعضها من بعض.
فالمشاركة بين اللّفظين في نقل المعنى من أحدهما إلى الآخر كالمعرفة بين الشّخصين في نقل الشيء المستعار من أحدهما إلى الآخر."...1
ب اصطلاحا:
عرّف البلاغيّون القدامى الاستعارة منذ القرن الثالث الهجريّ كما يلي:
تسمية الشيء باسم غيره إذا قام مقامَه. الجاحظ 1 المثلُ السّائرُ 364
نقل للّفظ من معنى إلى معنى. المبرّد
اللّفظ المستعمل في غير ما وُضِعَ له إذا كان المسمّى به بسبب من الآخر أو كان مجاريا له أو مشاكلا. ابن قتيبة
أن يُستعار للشيء إسمٌ غيره أو معنى سواه. ثعلب
استعارة الكلمة لشيء لم يُعرف من شيء عُرِفَ به. ابن المعتزّ
ما اكتفي فيها بالاسم المستعار عن الأصل ونُقِلت العبارة فجُعِلَت في مكان غيرها. علي بن عبد العزيز الجرجانيّ
تعليق العبارة على غير ما وُضِعت له في أصل اللّغة على جهة النّقل للإبانة. الرمّانيّ
نقل العبارة عن موضع استعمالها في أصل اللّغة إلى غيره. أبو الهلال العسكريّ
أن يكون لفظ الأصل في الوضع اللّغويّ معروفا تدلّ الشّواهد على أنّه اختصّ به حين وُضِعَ ثمّ يستعمله الشّاعر أو غير الشّاعر في غير ذلك الأصل وينقله إليه نقلا غيرَ لازمٍ فيكون هنا كالعارية. عبد القاهر الجرجانيّ
ذكرُ الشيء باسم غيره وإثبات ما لغيره له لأجل المبالغة في التشبيه. فخر الدّين بن الخطيب
نقل المعنى من لفظ إلى لفظ لمشاركةٍ بينهما مع طيّ ذكر المنقولِ إليه. ابن الأثير
أن تَذكُرَ أحدَ طرفي التشبيه وتريدَ الطّرف الآخرَ مدّعيا دخول المشبّه في جنس المشبّه به إلاّ على ذلك بإثباتك للمشبّه ما يخصّ المشبّه به. السكاكيّ
تلك هي تعريفات الاستعارة مرتّبة ترتيبا تاريخيّا و يُلاحظ الدّارس لها أنّ الاستعارة قد تطوّرت في تعريفها فكانت في أوّل أمرها تشمل المجاز بأنواعه من غير بيان العلاقة بين المستعار منه و المستعار له ثمّ اتّضح التعريف شيئا فشيئا واشترطت العلاقة بالمجاورة أو المشاكلة أو بسبب يربط بين طرفيهما ثمّ ذكر الغرض من استعمالها.
وقد خلط غيرُ واحد من علماء البلاغة بين الاستعارة والتشبيه فجعلوا بعض التشبيهات استعارات و بعض الاستعارات تشبيهات وعدّ أهل البلاغة كابن رشيق وأبي الهلال العسكريّ التشبيهَ المضمرَ الأداةِ استعارةً لأنّ التشبيه في نظرهم إنّما يتميّز بالأداة و لذا فهم يرون إنّ المفهوم من " زيدٌ أسدٌ" مثل المفهوم من " لقيتُ الأسدَ" أو" زارني الأسدُ". وقد اعترض على ذلك القاضي الجرجانيّ في "الوساطة" ورأى أنّه ورد ما يظنّه النّاسُ استعارةً وهو تشبيه أو مثلٌ و قد أنار إمام البلاغة الجرجانيّ هذه المسألة ووضّح الفرق بين التشبيه و الاستعارة بقوله :
" إنّ الاستعارة وإن كانت تعتمد التشبيهَ والتمثيلَ و كان التشبيهُ يقتضي شيئين مشبّها ومشبّها به وكذلك التمثيلُ لأنّه كما عرفت تشبيه إلاّ أنّه عقليٌّ فإنّ الاستعارة من شأنها أن تُسقِطَ ذكرَ المشبّه من البين وتطرحه وتدّعي له الاسم الموضوعَ للمشبّه به كما مضى من قولك" رأيتُ زيدا" تريد رجلا شجاعا فاسمً الذي هو غيرُ مشبّهٍ غيرُ مذكورٍ بوجه من الوجوه كما ترى وقد نقلتَ الحديثَ إلى اسم المشبّه به لقصدكَ أن تبالغَ."
ويُجمِعُ البلاغيّون على أنّ الاستعارة ضربٌ من المجاز اللّغويّ علاقته المشابهة أي لفظ استُعمل في غير ما وُضع له لعلاقة المشابهة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الحقيقيّ ... فالأساس الذي تقوم عليه الاستعارة هو التشبيه ولذلك عُدَّ أصلا وعُدَّتْ الاستعارة فرعًا له.1
1 د غازي يحوت: "عامّ أساليب البيان"
مثال
تحليل المثال
قال حافظ إبراهيم:
وأطلق الشّمسَ في غياهب الدّان
**
واملأ من كؤوس النّور كأسي
شبّه الشّاعر الخمرة بالشّمس لاشتراكهما في الإشراق ثمّ استعار اللّفظ الدّال على المشبّه به وهو الشّمس للمشبّه وهو الخمرة.
القرينة المانعة من إرادة المعنى الحقيقيّ:طمن غياهب الدنّ"
وفي العجز، شبّه الشّاعرُ الخمرةَ بالنّور لاشتراكهما في الإضاءة ثمّ استعار اللّفظ الدالّ على المشبّه به وهو النّورُ للمشبّهالخمرة أمّا القرينة فهي: املأ كأسي.
فاركان الاستعارة ثلاثة: المستعار منه وهو المشبّه به والمستعارُ له وهو المشبّه وهما طرفا الاستعارة والمستعار وهو اللّفظ المنقولُ.
والأصل في الاستعارة أن تكون في اسم الجنس دون اسم العلم لأنّ اسم الجنس يقتضي العموم في حين أنّ العلمَ ينافي العموم إلاّ إذا تضمّن صفةً قد اشتهر بها كتضمّن حاتم صفة الكرم وسحبان صفة الفصاحة وباقل صفة العيّ فيُصبح عند ذلك اعتبار ذلك العلم كليّا تجوز استعارته.
و يجوز أن تقع الاستعارة في الأفعال و المشتقّات أسماء الفاعلين والمفعولين والصفة المشبّهة وأسماء المكان والحروف والأسماء المبهمةأسماء الإشارة واسم الموصول والضمائر وسيأتي بيان ذلك في الاستعارة التبعيّة.
-أنواع الاستعارة:
1 التصريحيّة والمكنيّة:
تُقسّم الاستعارة بحسب طرفيها إلى تصريحيّة ومكنيّة:
أ التّصريحيّة:
"هي التي صُرِّحَ فيها بلفظ المشبّه به" علي الجارم
تُعرَفُ الاستعارة بأنّها تشبيه بليغ حُذِفَ أحدُ طرفيه فإذا كان الطّرفُ المحذوفُ هو المشبّه كانت الاستعارة تصريحيّةً د غازي يحوت
وهي ما صُرِّحَ فيها بلفظ المشبّه به دون المشبّه د حنفي م شرف
المثال المستعار له المستعار منه المستعار العلاقة
قال الله تعالى:" كِتَابٌ أَنْزَلْنَــاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَـاتِ إِلَى النُّورِ"
المشابهة: كلاهما يُبعِدُ عن سواء السّبيل.
المشابهة: كلاهما يّساعد على تبيّن الطّريق السويّة.
القرينة في كلا المثالين حاليّة أي تُفهمُ من السّياق
ب الاستعارة المكنيّة أو بالكناية:
"هي التي حُذف اختفى فيها لفظ المشبّه به واكتفي بذكر شيء من لوازمه" د حنفي م . شرف
" هي ما حُذف فيها المشبّه ورُمِزَ له بشيء من لوازمه." على الجارم ومصطفى أمين
قال أبو ذؤيب الهذليّ:" وإذا المنيّة أنشبت أظفارها ألفَيْتَ كلّ تميمة لا تنفع"
المنيّة السّبُعُ أنشبت أظافرهامن لوازم السّبع مكنيّة
2 الاستعارة الأصليّة والتبعيّة:
تُطلَقُ الاستعارة التبعيّة على الاستعارة التي تقع في الأفعال والمشتقّات لأنّ الأصل في الاستعارة أن تقع في الأسماء.
المقاربة الحديثةللاستعارةمحمّد الشّاوش نموذجا
المجاز: قرائنه
لعلّه من الضروريّ أن ننطلق من تقديم ما جاء في كتاب الأستاذ محمّد الشّاوش في تحليل الاستعارة من المقدّمة التي صدّر بها دراسة المجاز مطلقا وفيها حدّد مختلف القرائن التي تهدف القارئ إلى إدراك خورج اللّفظ من أصل الوضع إلى المعنى المجازيّ وذلك لأنّنا نراه يلحّ في تحليل كلّ نوع من الاستعارة على توضيح القرينة التي تمنع أن يكون اللّفظ قد استعمل على الحقيقة.
وقد قسّم القرائن إلى قسمين كبيرين هما: القرائن المقاميّة والقرائن المقاليّة.
1 القرائن المقاميّة: وهي كما يظهر جليّا من الاسم تدرك من المقام أي من خارج النّصّ وهي نوعان:
أ- القرينة الماديّة: وتتمثّل في الإطار الماديّ الذي حدث فيه الكلام من زمان ومكان وأشخاص وأحداث ويُشترط أن يكون السّامع حاضرا:
مثال: تقول "جاء الأسد" وأنت تخبر السّامع وقد أقبل عليكما شخصٌ معروف بشجاعته.
ب- القرينة الثقافيّة:وهي جملة المعارف والتّجارب التي حصلت للفرد.
2 القرائن المقاليّة: توجد في النّصّ وهي نوعان أيضا:
أ- القرينة النّصيّة: وهي توجد في النّصّ أو في جزء منه ، قرينة تهدي السّامع إلى موطن المجاز.
فعبارة مثل " ضحك البدرُ" تتضمّن مجازا في ضحك متى كان النّصّ وصفيّا يتعلّق بالقمر. وهي في البدر إذا كانت القصيدة غزليّة.
ب- القرينة الدلاليّة المنطقيّة: وهي ترجع إلى ما بين الألفاظ من اتّفاق وتضارب فعندما نقول " خجل الأفقُ" نفهم منطقيّا أنّه يوجد مجاز لأنّ الخجل لا يكون إلاّ من العاقل.
تحليل الأستاذ الشّاوش للاستعارة
درس الأستاذ الشّاوش الاستعارة وقسّمها من حيث نوع اللّفظ المستعار ومن حيث موافقة اللّفظ المستعار للمشبّه أو المشبّه به في عمليّة التشبيه الضمنيّة التي تقوم عليها الستارة ومن حيث الملائم.
1 أنواع الاستعارة باعتبار نوع اللّفظ المستعار:
تنقسم الاستعارة باعتبار نوع اللّفظ المستعار إلى قسمين : استعارة أصليّة وأخرى تبعيّة.
الاستعارة التبعيّة: هي التي تجري في الفعل.
2 أنواع الاستعارة باعتبار موافقة اللّفظ المستعار للمشبّه أو المشبّه به.
لمّا كانت الاستعارة تقوم على عمليّة تشبيه ضمنيّة فإنّ اللّفظ المستعار يمكن أن يوافق المشبّه به في عمليّة التشبيه هذه أو المشبّه وعلى هذا الأساس تقسّم الاستعارة إلى تصريحيّة ومكنيّة.
أ- الاستعارة التصريحيّة:
هي التي يكون فيها اللّفظ المستعار بمثابة المشبّه به في عمليّة التشبيه الضمنيّة التي تقوم عليها الاستعارة.
مثال: طلع البدرُ وأنت تقصد الحبيبة
عمليّة التشبيه الضمنيّة: المشبّه: الحبيبة } موطن الاستعارة : البدر
المشبّه به: البدر } المشبّه به: الاستعارة تصريحيّة
ب- الاستعارة المكنيّة:
هي الاستعارة التي يكون فيها اللّفظ المستعار بمثابة المشبّه في في عمليّة التشبيه الضمنيّة ويؤكّد الأستاذ الشّاوش أنّ الاستعارة المكنيّة تكون ناتجة دائما 1عن إجراء استعارة تصريحيّة تبعيّة اللّفظُ المستعارُ فيها فعل أو صفة مشتقّة وسنحاول توضيح رؤية الأستاذ الشّاوش هذه من خلال المثال التالي:
"ضحك الرّوضُ" ← مجاز موطنه فعل ضحك
القرينة المانعة: قرينة دلاليّة منطقيّة الضحك لا يكون إلاّ من العاقل
المجاز استعارة لقيامه على عمليّة تشبيه ضمنيّة:
المشبّه: تفتّح الأزهار اللّفظ المستعار: ضحك
المشبّه به: الإنسان الضّاحك يوافق المشبّه به
الاستعارة تصريحيّة
"ضحك الرّوضُ" * في إسناد الضحك للرّوض "تشخيصٌ" للرّوض ترتّب عنه تشبيه ضمنيّ.
المشبّه: الرّوض اللّفظ المستعار: الرّوض
المشبّه به: الإنسان الضّاحك يوافق المشبّه
الاستعارة مكنيّة
أوّل ما يُستخلص في هذا التّحليل هو أنّ كلّ استعارة هي بالضّرورة تصريحيّة لذلك نراه يلحّ على أنّ عمليّة التَحليل تنطلق في "البحث عن الاستعارة التصريحيّة أوّلا" 2
كما نلاحظ أنّ اللّفظ المستعار هو مرّة "ضحك" وأخرى "الرّوض" وهذا في رأينا يتناقض مع ما ذكره في بداية التّحليل من أنّ في هذه الجملة مجاز موطنه فعل" ضحك"
3 أقسام الاستعارة باعتبار الملائم:
قد تكون الاستعارة مرفوقة بما يلائم المشبّه أو المشبّه به في عمليّة التشبيه الضمنيّة التي تقوم عليها الاستعارة كما يمكن أن ينعدمَ وجود الملائم وعلى هذا الأساس تقسّم الاستعارة إلى مرشّحة ومجرّدة ومطلقة.
أ- الاستعارة المرشّحة:
هي استعارة ذُكر معها ملائم يرجّح المعنى المجازيّ أي ذُكِرَ معها ملائم للمشبّه به ففي جملة الحجّاج " أرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها" الاستعارة مرشّحة بـ: "حان قطافها" لأنّها عبارة تقوّي المعنى المجازيّ.
ب- الاستعارة المجرّدة:
هي استعارة ذُكِرَ معها ملائم يناسب المعنى الحقيقيّ أي هي استعارة ذكر فيها ملائم للمشبّه.
ففي جملة" رنت لنا من بين الصّفوف ظبيةٌ شقراءُ" الاستعارة مجرّدة بعبارة" بين الصّفوف"وبـ" شقراء" لأنّهما يلائمان المعنى الحقيقيّالمشبّه.
ج- الاستعارة المطلقة:
هي استعارة غاب فيها ما يلائم المعنى المجازيّ أو المعنى الحقيقيّ مثل قول المتنبّي" يا بدرُ" كما تعدّ الاستعارة عند البلاغيّين مطلقة إذا ما ذُكِرَ معها ما يلائم المشبّه به وما يلائم المشبّه في الآن نفسه.
وقد لاحظ الأستاذ الشّاوش أنّ اجتماع ما يلائم المعنى المجازيّ والمعنى الحقيقيّ يُحدِثُ في السّامع ما لا يُحْدِثُهُ غيابُهما وبالتّالي فالصّورة الحاصلة في اجتماعهما هي غير الصّورة الحاصلة من غيابهما وعلى هذا الأساس اعتبر الأستاذ الشّاوش " الاستعارة التي يُذكَرُ معها ملائم يرشّحُها وآخَرُ يُجرّدُها استعارة مرشّحةً ومجرّدَةً لا استعارة مطلقةً"
د- الاستعارة التمثيليّة:
إذا كانت الاستعارة غير التمثيليّة تجري في لفظ مفرد فإنّ الاستعارة التّمثيليّة تجري في تركيب مستقلّ يَعْدِلَ به المتكلّم عن معناه الأصليّ إلى معنى مجازيّ آخر بينه وبين الأوّل علاقة مشابهة.
ففي قولك لمن يأتي عملا لا طائل من ورائه: أنت تعدو بلا بعير" استعارة تمثيليّة
وأغلب الاستعارات التمثيليّة من الأقوال المأثورة والأمثال السّائرة التي تُذْكَرُ في غير المقام الذي قيلت فيه لعلاقة المشابهة بين الحالين.
وما يمكن ملاحظته في تحليل الأستاذ الشّاوش للاستعارة هو أنّه تعامل مع المدوّنة البلاغيّة القديمة تعاملا نقديّا لم يكتف بترديد ما جاء به الأوائل.
ويمكن أن نخرج من تحليله بالاستنتاجات التالية:
* يرى الأستاذ الشّاوش أنّ كلّ استعارة هي تصريحيّة وعلى هذا النّحو هو يخالف الرأي القائل ترد تصريحيّة أو مكنيّة.
* يخالف الأستاذ الشّاوش البلاغيّين القدامى في اعتبار الاستعارة المرشّحة المجرّدة استعارة مطلقة لأنّ الصورة الحاصلة في اجتماع الملائم المرشّح للاستعارة والملائم المجرّد لها هي غير الصّورة الحاصلة من انعدامهما لذلك يرى أنّ الاستعارة التي يُذكر معها ملائم يرشّحها وآخر يجرّدها تعتبر استعارة مرشّحة مجرّدة لا استعارة مطلقةً.
…………………….
الكناية
هي تعبير لا يقصد منه المعنى الحقيقي ، و إنما يقصد به معنى ملازم للمعنى الحقيقي .
أو هي : تعبير استعمل في غير معناه الأصليالخيالي الذي وضع له مع جواز إرادة المعنى الأصلي الحقيقي .
مثال:قال تعالى وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِالفرقان: من الآية27 .
لو تأملنا الآية السابقة نجد أن المقصود من هذه الآية ليس المعنى الحقيقي وهو عض اليدين، وإنما يقصد المعنى الخيالي الملازم لذكر هذه الآية الذي يتوّلد ويظهر في ذهننا من: الندم الشديد حيث إن من ظلم نفسه بكفره بالله ورسوله ولم يستجب لدعوة الإيمان يرى مصيره المرعب يوم القيامة ألا وهو النار فيندم على ما كان منه في الحياة في وقت لا ينفع يه الندم ، فيعض على يديه .
أنواع الكناية :
1 – كناية عن صفة :
وهى التي يكنى بالتركيب فيها عن صفة لازمة لمعناه كالكرم – العزة – القوة – الكثرة ...
مثال : قال تعالى وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ
كناية عن صفة البخل وكناية عن صفة التبذير.
2 – كناية عن موصوف :
وهي التي يكنى بالتركيب فيها عن ذات أو موصوف العرب – اللغة – السفينة وهى تفهم من العمل أو الصفة أو اللقب الذي انفرد به الموصوف .
مثال فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ كناية عن سيدنا يونس .
3– كناية عن نسبة : وهى التي يصرح فيها بالصفة ولكنها تنسب إلى شئ متصل بالموصوف كنسبته إلى الفصاحة – البلاغة – الخير حيث نأتي فيها بصفة لا تنسب إلى الموصوف مباشرة بل تنسب إلى شيء متصل به ويعود عليه .
مثال : قال الشاعر : أبو نواس في مدح والي مصر :
فما جازه جود ولا حل دونه *** ولكن يسير الجود حيث يسير
فقد نسب الجود إلى شيء متصل بالممدوح وهو المكان الذي يوجد فيه ذلك الممدوح .
توضیح آخر:
الكناية
هي تعبير لا يقصد منه المعنى الحقيقي ، و إنما يقصد به معنى ملازم للمعنى الحقيقي .
أو هي : تعبير استعمل في غير معناه الأصلي الخيالي الذي وضع له مع جواز إرادة المعنى الأصلي الحقيقي .
.. لتوضيح الكلام السابق بمثال يقول أبي نظيف اليد من الواضح أن المعنى الحقيقي هنا ليس مقصوداً وهو معنى غسل اليد و نظافتها من الأقذار ، وإنما يقصد المعنى الخيالي الملازم لذكر هذه العبارة الذي يتولد ويظهر في ذهننا من: العفة أو الأمانة، أو النزاهة أو الترفع أو نقاء الضمير.. وما شابه ذلك من المعاني المجردة حسب سياق الحديث ، وهذه هي الكناية معنى ملازم للمعنى الحقيقي .
مثال آخر: قال تعالى وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ الفرقان: من الآية27 .
لو تأملنا الآية السابقة نجد أن المقصود من هذه الآية ليس المعنى الحقيقي وهو عض اليدين، وإنما يقصد المعنى الخيالي الملازم لذكر هذه الآية الذي يتوّلد ويظهر في ذهننا من: الندم الشديد حيث إن من ظلم نفسه بكفره بالله ورسوله ولم يستجب لدعوة الإيمان يرى مصيره المرعب يوم القيامة ألا وهو الإحراق في النار فيندم على ما كان منه في الحياة في وقت لا ينفع فيه الندم ، فيعض على يديه .
تدريب : بين الكناية فيما يأتي :
عتريس خفيف اليد - عاتبت صديقي فاحمر وجهه - الحر يأبى الضيم - الحلاق خفيف اليد - أنا الذى نَظَر الأعْمَى إلى أدَبي - قال أعرابي لأحد الولاة : أشكو إليك قلة الجُِرْزان الفئران الكبيرة - لغة الضاد هي لغة القرآن - كنانة الله كم أوفت على خطر .
أنواع الكناية :
1 - كناية عن صفة :
وهى التي يكنى بالتركيب فيها عن صفة لازمة لمعناه كالكرم - العزة - القوة - الكثرة ...
مثال : قال تعالى وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ
كناية عن صفة البخل كناية عن صفة التبذير
فلان ألقى سلاحه كناية عن الاستسلام .
فلان نقي الثوب كناية عن النزاهة والطهارة .
2 - كناية عن موصوف : وهى التي يكنى بالتركيب فيها عن ذات أو موصوف العرب - اللغة - السفينة وهى تفهم من العمل أو الصفة أو اللقب الذي انفرد به الموصوف .
مثال :فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ كناية عن سيدنا يونس .
قال الشاعر : يا ابنة اليم ما أبوك بخيل كناية عن السفينة .
3 - كناية عن نسبة : وهى التي يصرح فيها بالصفة ولكنها تنسب إلى شئ متصل بالموصوف كنسبته إلى الفصاحة - البلاغة - الخير حيث نأتي فيها بصفة لا تنسب إلى الموصوف مباشرة بل تنسب إلى شيء متصل به ويعود عليه .
مثال : قال الشاعر : أبو نواس في مدح والي مصر :
فما جازه جود ولا حل دونه ولكن يسير الجود حيث يسير
فقد نسب الجود إلى شيء متصل بالممدوح وهو المكان الذي يوجد فيه ذلك الممدوح .
مثال : الفصاحة في بيانه والبلاغة في لسانه
كناية عن نسبة هذا الشخص إلى الفصاحة ؛ لأنها في بيانه وإلى البلاغة ؛ لأنها في لسانه .
مثال : الفضل يسير حيث سار فلان كناية عن نسبة الفضل إليه.
سر جمال الكناية :
الإتيان بالمعنى مصحوبا بالدليل عليه في إيجاز وتجسيم.
س1 : كيف أفرق بين الكناية والاستعارة ؟
جـ : الفرق أن في الاستعارة هناك قرينة تمنع وجود المعنى الحقيقي، فحين أقول: رأيت أسداً يحكي بطولاته ، فـ أسد هنا استعارة، والقرينة يحكي وهذه القرينة مانعة لإرادة المعنى الحقيقي ، فلا يوجد أسد يحكي أو يتكلم ، بينما في الكناية لا توجد قرينة تمنع وجود المعنى الحقيقي، فحين أقول : عتريس يده طويلة فيجوز إرادة المعنى الحقيقي وهو طول اليد ، كما يجوز إرادة المعنى الخيالي الذي يختفي خلف المعنى الحقيقي و هو أنه لص .
س2 : بين الكناية فيما يأتي :
1 - يقول الشابي مخاطباً المستعمر : سخرت بأنّات شعب ضعيف .
2 - قالت الخنساء في أخيها صخر : طويلُ النِّجادِ رفيعُ العِمَادِ
3- للبارودي وهو يتحدث عن الخديو إسماعيل :
يَوَدُّ الفتَى أنْ يجمعَ الأرضَ كُلَّها إليه ولمَّا يَدْرِ ما اللهُ صانِعُ
4 - قال النبي صلى الله عليه وسلم : الخيل معقود بنواصيها الخير .
5 - قال الله تعالى : وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ القمر:13 .
6 - لعنترة : وفي الحرب العوان ولدت طفلا ومن لبن المعامع قد سقيت
7 - اليُمْن يتبع ظله والمجد يمشي في ركابه
8 - لعمرو بن كلثوم في معلقته : بِيَوْمِ كَرِيهَةٍ ضَرْباً وَطَعْناً ..
9 - لحسان بن ثابت في الإشادة بصحابة الرسول - صلى الله عليه وسلم - :
لا يفخرون إذا نالوا عدوهم وإن أصيبوا فلا خور ولا جُزُعُ
10 - للمتنبي : فالخيلُ والليلُ والبيداءُ تعرفني والسيفُ والرمحُ والقرطاسُ والقلمُ
11 - قال الشاعر : الجود بين ثيابه والفضل بين ركابه
12 - لشوقي في غربته : يا بْنَةَ اليَمِّ ما أبوكِ بَخِيلٌ مَالَهُ مُولَعًا بمَنْعٍ وحَبْسِ ؟
13 - للأعشى في وصف محبوبته : .. ولا تَرَاها لسِرِّ الجار تَخْتَتِل
14 - كلما نصحته أعطاني ظهره .
15 - محمد طلق اليدين ، وبيومي جامد الكف .
16 - أحمد رابط الجأش ، بينما معتز مخلوع الفؤاد .
17 - ركب وليد جناحي نعامة.
18 - عتريس أقبل يختال تيها .
19 - المصري لا يلبس ملابس الهوان .
20 - لا تكاد النجوم تبرح مكانها .
21 - وبناة الأهرام في سالف الدهر كفوني الكلام عند التحدي.
22 - أراك تقدّم رجلاً وتؤخّر أخرى
…………………………….
المجاز المرسل
هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة غير المشابهة ، ويجب أن تكون هناك قرينة تمنع المعنى الأصلي للفظ .
أو هو كلمة لها معنى أصلي لكنها تستعمل في معنى آخر على أن يوجد علاقة بين المعنيين دون أن تكون علاقة مشابهة ، وتعرف تلك العلاقة من المعنى الجديد المستخدمة فيه الكلمة .
من نحو : " قبضنا على عين من عيون الأعداء".
فلفظ "عين " هنا ليس المقصود منها العين الحقيقية وإنما المقصود منها الجاسوس ، و القرينة التي تمنع المعنى الأصلي للفظ هنا أنه لا يمكن القبض على العين فقط دون بقية جسد الجاسوس !
ملاحظة : سمي المجاز بالمجاز المرسل ؛ لأنه غير مقيد بعلاقة واحدة ، كما هو الحال في الاستعارة المقيدة بعلاقة المشابهة فقط ، ولأن علاقاته كثيرة .
وعلاقات المجاز المرسل كثيرة أهمها:
1 - الجزئية : عندما نعبر بالجزء ونريد الكل .
قال تعالى: فتحرير رقبة مؤمنة فكلمة رقبة مجاز مرسل علاقته الجزئية ؛ لأنه عبر بالجزء الرقبةوأراد الكل الإنسان المؤمن .
2 – الكلية : عندما نعبر بالكل ونريد الجزء .
قال تعالى: يجعلون أصابعهم في آذانهم فــ أصابعهم مجاز مرسل علاقته الكلية ؛ لأنه عبر بالكل أصابعهموأراد الجزء أناملهم أي أطراف أصابعهم .
3 – المحلّية : عندما نعبر بلفظ المحل ونريد الموجود فيه.
قال تعالى: واسأل القرية فــ القرية مجاز مرسل علاقته المحلّية ؛ لأنه ذكر القرية وأراد أهلها الذين محلهم ومكانهم القرية ، فالعلاقة المحلية .
4 – الحاليّة : عندما نعبر بلفظ الحال ونريد المكان نفسه.
مثل : إِنَّ الْأبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ فقد استعمل نعيم وهو دال على حالهم، وأراد محل ومكان النعيم وهو الجنة.
5 – السببية :
وهي تسمية الشيء باسم سببه ، أو عندما نعبر بالسبب عن المسبَّب.
مثال : رعت الماشية الغيث المجاز في كلمة : الغيث ، فهي في غير معناها الأصلي ؛ لأن الغيث لا يرعى ، وإنما الذي يرعى النبات. حيث أن الغيث سبب للنبات فعُبِّر بالسبب عن المسبَّب .
6 – المسبَّبِيّة : وهي تسمية الشيء باسم ما تسبب عنه.
قال تعالى : هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَاء رِزْقًا .. المجاز في كلمة : رزقًا ، فهي في غير معناها الأصلي ؛ لأن الذي ينزل من السماء المطر وليس الرزق، وعبر بالرزق عن المطر؛ لأن الأول الرزقمتسبب عن الثانيالمطر.
7 - اعتبار ما كان : بأن يستعمل اللفظ الذي وضع للماضي في الحال
قال تعالى : وآتوا اليتامى أموالهم .. المجاز في كلمة : اليتامى ، فهي في غير معناها الأصلي ؛ لأن اليتيم وهو : من فقد والده قبل الرشد لا يأخذ ماله ، وإنما يأخذ المال عندما يتجاوز سن اليُتْم ويبلغ سن الرشد ، فاستعملت كلمة يتامى وأريد بها الذين كانوا يتامى ، بالنظر إلى حالتهم السابقة .
8 - اعتبار ما سيكون : بأن يستعمل اللفظ الذي وضع للمستقبل في الحال .
قال تعالى : إنَّكَ ميتٌ وإنهم ميتون المجاز في كلمة : ميتٌ ، فهي في غير معناها الأصلي ؛ لأن المخاطب بهذا هو النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد خوطب بلفظ ميت وهو لا يزال حيًا بالنظر إلى ما سيصير إليه أي باعتبار ما سيكون.
توضیح آخر......................................
المجاز المرسل
هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة غير المشابهة ، ويجب أن تكون هناك قرينة تمنع المعنى الأصلي للفظ .
أو هو كلمة لها معنى أصلي لكنها تستعمل في معنى آخر على أن يوجد علاقة بين المعنيين دون أن تكون علاقة مشابهة ، وتعرف تلك العلاقة من المعنى الجديد المستخدمة فيه الكلمة .
مثال لذلك : " قبضنا على عين من عيون الأعداء" فلفظ "عين " هنا ليس المقصود منها العين الحقيقية وإنما المقصود منها الجاسوس ، و القرينة التي تمنع المعنى الأصلي للفظ هنا أنه لا يمكن القبض على العين فقط دون بقية جسد الجاسوس !
س : لماذا سمي المجاز بالمجاز المرسل ؟
جـ : سمي المجاز بالمجاز المرسل ؛ لأنه غير مقيد بعلاقة واحدة ، كما هو الحال في الاستعارة المقيدة بعلاقة المشابهة فقط ، ولأن علاقاته كثيرة .
وعلاقات المجاز المرسل كثيرة أهمها:
1 - الجزئية : عندما نعبر بالجزء ونريد الكل .
قال تعالى: فتحرير رقبة مؤمنة فكلمة رقبة مجاز مرسل علاقته الجزئية ؛ لأنه عبر بالجزء الرقبةوأراد الكل الإنسان المؤمن .
قال الرسول صلى الله عليه وسلم : أصدق كلمةٍ قالها شاعر كلمة لبيد : ألا كُلُّ شيءٍ ما خلا الله باطلُ فــ كلمة مجاز مرسل علاقته الجزئية ؛ لأنه عبر بالجزء كلمة
وأراد الكل الكلام .
2 – الكلية : عندما نعبر بالكل ونريد الجزء .
قال تعالى: يجعلون أصابعهم في آذانهم فــ أصابعهم مجاز مرسل علاقته الكلية ؛ لأنه عبر بالكل أصابعهموأراد الجزء أناملهم أي أطراف أصابعهم .
شربتُ ماء زمزم . فــ ماء زمزم مجاز مرسل علاقته الكلية ؛ لأنه عبر بالكل ماء زمزموأراد الجزء زجاجة ماء مثلاً .
3 – المحلّية : عندما نعبر بلفظ المحل ونريد الموجود فيه
قال الشاعر : بلادي وإن جارت عليّ عزيزة وقومي وإن ضنوا عليّ كراما
فــ بلادي مجاز مرسل علاقته المحلّية ؛ لأنه ذكر البلاد وأراد أهلها فالعلاقة المحلية .
قال تعالى: واسأل القرية فــ القرية مجاز مرسل علاقته المحلّية ؛ لأنه ذكر القرية وأراد أهلها الذين محلهم ومكانهم القرية ، فالعلاقة المحلية .
4 – الحاليّة : عندما نعبر بلفظ الحال ونريد المكان نفسه.
مثل : إِنَّ الْأبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ فقد استعمل نعيم وهو دال على حالهم، وأراد محل ومكان النعيم وهو الجنة.
نزلتُ بالقوم فأكرموني .المجاز المرسل في كلمة القوم ؛ لأن القوم لا يُنزل بهم ، وإنما يُنزل في المكان الذي يسكنه القوم ، فذكر الحال وهو قوم وأراد المحل وهو المكان .
5 – السببية :
وهي تسمية الشيء باسم سببه ، أو عندما نعبر بالسبب عن المسبَّب.
رعت الماشية الغيث المجاز في كلمة : الغيث ، فهي في غير معناها الأصلي ؛ لأن الغيث لا يرعى ، وإنما الذي يرعى النبات. حيث أن الغيث سبب للنبات فعُبِّر
بالسبب عن المسبَّب .
6 – المسبَّبِيّة : وهي تسمية الشيء باسم ما تسبب عنه.
قال تعالى : هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَاء رِزْقًا .. المجاز في كلمة : رزقًا ، فهي في غير معناها الأصلي ؛ لأن الذي ينزل من السماء المطر وليس الرزق، وعبر بالرزق عن المطر؛ لأن الأول الرزقمتسبب عن الثانيالمطر .
7 - اعتبار ما كان : بأن يستعمل اللفظ الذي وضع للماضي في الحال
قال تعالى : وآتوا اليتامى أموالهم .. المجاز في كلمة : اليتامى ، فهي في غير معناها الأصلي ؛ لأن اليتيم وهو : من فقد والده قبل الرشد لا يأخذ ماله ، وإنما يأخذ المال عندما يتجاوز سن اليُتْم ويبلغ سن الرشد ، فاستعملت كلمة يتامى وأريد بها الذين كانوا يتامى ، بالنظر إلى حالتهم السابقة .
8 - اعتبار ما سيكون : بأن يستعمل اللفظ الذي وضع للمستقبل في الحال .
قال تعالى : إنَّكَ ميتٌ وإنهم ميتون المجاز في كلمة : ميتٌ ، فهي في غير معناها الأصلي ؛ لأن المخاطب بهذا هو النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد خوطب بلفظ ميت وهو لا يزال حيًا بالنظر إلى ما سيصير إليه أي باعتبار ما سيكون.
قال تعالى: إنّي أراني أعصر خمراً أي عصيراً سيتحول إلى الخمر، إذ هو حال العصر لا يكون خمراً .
سر جمال المجاز :
الإيجاز و الدقة في اختيار العلاقة مع المبالغة المقبولة
+درج شده توسط مترجم عربی - دکتر مهدي شاهرخ در شنبه ۲۰ آبان ۱۳۹۱و ساعت 23:35|