ابزار وبمستر

التشاؤم الاجتماعی عند نازك الملائكة
التشاؤم الاجتماعی عند نازك الملائكة



الموجز

اعتنى الشعراء الكثیرون بدراسة الموضوعات الاجتماعیة بما أنهم یرون استخفاف الشعب و ذلهم أمام احتلال الأجانب و ظلمهم و استبدادهم و مسألة الجهل و التأخر و التخلف و غیر ذلك.

الشعر الاجتماعی الذی یعالج فیه الشاعرآلام شعبه والأمراض الاجتماعیة كالجهل والفقر والأمیة یدعو إلى تحریر المرأة وتربیة الأطفال ویكشف مضارّ بعض المفاسد الاجتماعیة كالقماروالفحشاء وما إلى ذلك و یتحدث كثیرا عن المسائل الوطنیة و العنایة والحنان على المظلومین والبؤساء والفقراء و فی هذا المجال یرید الشاعر ترقیة شعبه، إصلاح المفاسد وزینة الإنسان نفسه بالخصال الحمیدة و فضائل أخرى؛ لأن نتیجتها تآلف المجتمع والسعادة فی الحیاة و التآخی بین الناس.و یحاول رفع مستوى الناس الاجتماعی بمكافحة الجهل والأمیة ونشرالعلم وإثارة الرغبة فی التعلم و التحصیل ویرى أن الجهل سبب آفات مختلفة فی جمیع طبقات المجتمع وأنه أرض مستعدة لجمیع المفاسد و الشرور .

إذن تنبع آلام الشاعر من أجل القضایا الاجتماعیة السائدة فی المجتمع الذی یعیش فیه، تؤثر فی حدة تشاؤمه وأشعاره تتحدث عن تلك الأوضاع الفاسدة و تبین الخراب و الدمار فی مجتمعه فی أسلوب متشائم حزین الكلمات الرئیسیة: القضایا الاجتماعیة، الشعرالاجتماعی، المفاسدالاجتماعیة، إصلاح المفاسد.

التمهید

بعض الأحیان یشغل الشاعر بالبیئة التی یعیش فیها و آلامه نابعة من أجلها و الأوضاع السیاسیة و الاجتماعیة السائدة فی المجتمع الذی یعیش فیه تؤثر فی حدة تشاؤمه و أشعاره تتحدث عن تلك الأوضاع الفاسدة و تبین الخراب و الدمار فی مجتمعه فی أسلوب متشائم حزین و یحكی شعره عن عصبیته و التزامه بما یجری حوله و یبرهن ضیقه الشدید و السید"الكفراوی" یسمی هذا النوع من الشعراء بالثوار السلبیین (الكفراوی، محمد عبد العزیز، تاریخ الشعر العربی، ج٤،ص10٤).

الشاعر الیوم شاعر الجماهیر والمجتمع، إذن یجب علیه أن ینزل إلى مستوى الشعب والمجتمع ویخاطبهم بالمستوى السهل و بلغة یفهمونها ومهما یكن الموضوع خطیرا معقدا فاللغة التی یستعملها الشاعر سهلة و لو كانت فی أشد الموضوعات تعقیدا.

فتحت السیدة نازك الملائكة عیونها إلى الآفاق الوسیعة الإنسانیة و كانت شدیدة الحساسیة إزاء تموجات العالم الفكریة بصورة عامة و المجتمع العراقی بصورة خاصة وهذا التألم و الحزن كان الباعث على تشاؤم الشاعرة، إذن ألمها لیس ألما شخصیا بل:

سأحمل قیثارتی فی غد
و أبكی على شجن العالم (دیوان نازك الملائكة،ج1،ص9٦5)

و كل ما ترید، هو أن تجد سبیلا للإصلاح، هی تعلم جیدا بأن الشعر مرتبط بالعواطف والشعور و ینادی القلوب والأفئدة؛ لهذا السبب تأثیر الشعر أكثر وأعمق فتتمسك بهذه الوسیلة ربما تصلح المجتمع.

اعتمدت الشاعرة فی شعرها على أفكار وعواطف مستمدة من حاجات المجتمع و كثیرا ما كان الغرض فی نظم الأشعار غایة اجتماعیة و كانت متصلة بعصرها و لم تنفصل عنه و تعیش فی بیئة التی أوجدت فیها. قلبها الرقیق، حیاتها المؤلمة و الحزینة، اطلاعها على الشقاء المنتشر و المحن و المصائب فی طبقات الأمة المختلفة دافع إلى الشفقة و الحنان والاتصال بالمجتمع و هكذا كانت اجتماعیة و تحس برسالتها الاجتماعیة إحساسا خاصا و قامت بها مخلصة؛ لأنه لا بدّ للشاعر الذی یرى المسائل الاجتماعیة و یرید أن ینشد فیها، نظر دقیق إلى الحقیقة و الواقع لیرى الضعف والرخوة والركود و…فی المجتمع، لهذا السبب غشی على بصیرتها و نظرتها طبع متشائم؛ لأنها لم تر من المجتمع الذی كانت فیه إلا الكآبة الألیمة و مأساة الحیاة المؤلمة و سیطرت على عقائدها الشخصیة مسحة التشاؤم و لم یكن فی إمكانیتها أن تضع على هذا التشاؤم بلسم التفاؤل فی هذا الأوان.

فسدت أحوال الأمة خاصة فی الحرب العالمیة الثانیة و بعدها و امتد هذا الفساد إلى كل بیت و كوخ؛ حتى إلى كل قلب و فكر من متاعب و أزمات سیاسیة و اقتصادیة و اجتماعیة و ما إلیها. و تحس نازك الملائكة بآلام إنسانیة مرزئة متصلة بعواطفها و أحلامها الخاصة و قد تعرضت لكثیر من التجارب المریرة فی حیاتها نتیجة لأسفارها و تقلبها من الشرق و الغرب و تستغرق فی آلامها وتذوب فی بیئتها حتى تصیر جزءا منها و ترى الشعب فی نفسها و فی نفسها الشعب، حیث تعتقد بأن الإنسان إضافة عن وجوده الفردی مسؤول عن جمیع الناس و كل البشرو تسعى لتلمس جذور الإنسان الممتدة فی الواقع.

إن الظروف التی كان یعانیها المجتمع العراقی آنذاك و الأزمات و الظلمات التی تراكمت حولها و اسودت الدنیا فی عینها و تعقدت الدنیا شدیدا قد انتهت إلى المحنة فی نفسها و كانت منشأ هذا الحزن و الألم فی قلبها و تبدو علاماتها فیها.

إذن تشاؤمها لا ینبع من نفسها وحدها بل إنما ینبع من مجتمعها قبل كل شیء؛ لأن الفساد قد عم المجتمع؛ بما أنه كان فی الاحتلال الإنجلیزی و بعده كان فی انتدابه و هناك لا فرق بین الاحتلال و الانتداب و كان المجتمع العراقی فی حیاة البؤس و الشقاء و الیأس مما كان یتلاحق علیه من الكوارث و الفواجع و مما یجر إلى الحرمان و الجوع و تشرید الأطفال و النساء و ازدیاد المآسی و الأحزان.

إذن طبیعی بأن تسود الشعر روح التشاؤم خلال الحرب و یطفح بالحزن و الألم خاصة حدثت حروب داخلیة كثیرة فی المجتمع العراقی و الأهم منها الحرب العالمیة حیث زادت فی تشاؤمها؛ لإحساسها بآلام مجتمعها و شهدت حوادثها بأم عینها . و هی كشأن سائر الشعراء الملتزمین تشعر شعورا عمیقا بآلام الحیاة التی یحیاها وطنها و تعكسها محنته و ترى فساد الوطن دون الأمل و الرجاء فی تحقق آمالها والآخرین من أبناء الوطن . إذن الحالة الاجتماعیة بسبب المسائل المختلفة تستدعی شدة الألم و الیأس و قد أصبح المجتمع ملیئا بالخرافات المضرة دون حقائق نافعة و قد عنى بما لایعنیه و ترك ما یعنیه، فتشاؤمها مستمد من تشاؤم مجتمعها؛ لأن موجات الیأس و الحزن كثرت خاصة أیام الاحتلال و الانتداب على جمیع الشباب و النفوس؛ فتشاؤمها كان طبیعیا .

تصور الشاعرة المجتمع العراقی الذی كان یعانی من الآلام و الهموم فی هذه الحقبة من التاریخ أو فی هذا العصر الذی نظمت فیه شعرها . و لم یكن شعورها وفقا على خلجات نفسها و أحداث حیاتها فقط؛ فهی قد شاركت الشعب فی مصائبه و سمعت شكاوى المظلومین و الفقراء نالت الشاعرة بعض النواحی الاجتماعیة وعالجت مشاكل مجتمعها؛ مع أنها تعنی بذاتها و تتحدث عما فی نفسها، لكنها لا تغفل عن المجتمع الذی تعیش فیه؛ لأن نفسها تذوب فی المجتمع و ترى نفسها فیه؛ كأنها ذرة منها تعیش فی بقائه و تموت بموته.

تصور الشاعرة طفلة نائمة فی الشارع لیلا من أجل فقرها و أن البرد كیف ینهشها فترتعش من الرعد و تعبر عن ألمها،جوعها و فقرها فی قصیدة " النائمة فی الشارع" وتقول:

    فی الكرّادة، فی لیلة أمطار و ریاحْ
    و الظلمة سقف مُدّ و ستر لیس یزاح
    فی منعطف الشارع، فی ركن مقرور
    حرست ظلمة شرفة بیت مهجور
    كان البرق یمر و یكشف جسم صبیّهْ
    رقدت یلسعها سوط الریح الشتویهْ
    رقدت فوق رخام الأرصفة الثلجیهْ
    تُعول حول كراها ریح تشرینیهْ (نازك الملائكة، دیوان، ج1، ص9٦2).

أو تصف مشكلة إمرأة فی زقاق بغداد فی قصیدة " مرثیة إمرأة لا قیمة لها" أو عندما تبحث عن السعادة فی قصور الأغنیاء و تصف عیشهم فی البذخ و الترف و مشاكلهم الروحیة و تقارن حیاتهم و حیاة الفقراء فی قصیدة " القصر و الكوخ". و تصف مشاكل الریفیین بأن سكانه فقراء محرومون و یعیشون عیشة البؤس و العذاب ثم تصور راعیا صغیرا یأكله الذئب و تصف الثلوج التی تهبط طوال الشتاء و تحرم الفلاحین من استنبات الأرض و نتیجته انتشار الجوع والحزن بینهم و موت مواشیهم وتقول:

    حدّثونی ما لی أراكم حزانى؟
    كل راع فی وحشة و اكتآب
    كل راع جهم الملامح لا
    یشدو و لایزدهیه سحر الغاب
    فهو عند الینبوع ینظر فی الظل
    إلى الأفق شاحبا مصدوما
    ممعنا فی الجمود و الصمت كالموتى
    یناجی الفضاء یرعى الغیوما
    لم تزل قربه على العشب النادی
    عظام لكائن مقتول
    هو ذاك الراعی الصغیر الذی
    راح طعاما للذئب بین الحقول ( نازك الملائكة، دیوان، ج1، ص98).

و تصور هذه الآلام و الأزمات و المشاكل الاجتماعیة بصورة جیدة من أجل ارتوائها بتفكراتها الرومنسیة الطافحة التی تمتعت بها بألوانها المختلفة. و ألمها الحزین الذی اعتراها مع مرور الزمن و تعمقت جذوره فی أعماق حیاتها و وجودها، حیث یزید إیمانها بعبثیة الحیاة كلها و تعتقد أن الحیاة كلها ألم و إبهام و تعقید، لیس نفسیا فقط بل ألم إنسانی و ألم المجتمع البشری.

وفی هذا المنطلق نذكر شذرات من أشعارها:

تبكی الشاعرة على شجن العالم حینما ترى ركب الجیاع والحزانى:

    و أبصرت عند ضفاف الشقاء
    جموع الحزانى و ركب الجیاع
    سأحمل قیثارتی فی غد
    و أبكی علی شجن العالم ( نازك الملائكة، دیوان، ج1، ص9٦5).

أو عندما ترى بشرا جائعین فی القرى:

    خیّبتها القرى و دجاها الحزین
    إن فی أرضها بشرا جائعین
    لم تجد عندهم غیر دمع سخین ( نازك الملائكة، دیوان، ج1، ص٤٤٦).

و لا یمكن لهم أن یفكروا فی العوالم العالیة لأنهم فی صراع مع الجوع دائما:

    كیف یرقى الجیاع فی عالم الروح
    و هم فی حبالة الجسم أسرى
    هؤلاء الجیاع فی عزلة الحرمان
    تمتد حولهم أسوار
    لفّ أرواحهم حجاب كثیف
    و انطوت فی عیونهم أسرار ( نازك الملائكة، دیوان، ج1،ص1٤٤).

و تصف القرى و ساكنیها و أكواخهم هكذا:

    تلك أكواخهم حصیر و أحجار
    و بؤس مخیم لا یزاح
    تخجل الشمس أن تمر علیها
    و یحید الضحى و یكبو الصباح
    غرف رثّة المداخل و الجدران
    سود تجول فیها الریاح
    فی دجاها یعیش قوم جیاع
    نضبت فی أیدیهم الأقداح
    جیاع فی ظلمة الكوخ لم
    تدر بأحزانهم عیون الصباح
    یا دیارا سكانها الجوع و الحمى
    خواء من الندى و الحنان ( نازك الملائكة، دیوان، ج1، ص39٤).

و تعتقد أن الإنسان لم یستطع أن یبید الفقر و الشقاء فی الحیاة:

    هل غلبنا الشقاء و الفقر فی أرجاء
    هذا الكون الطحین الذلیل
    و الصغار العراة هل وجدوا مأوى
    و دفئا عبر الشتاء الطویل
    و الأذى و الشرور هل دحرتها
    الحرب یا من حملتموها لظاها
    أسفا لم یزل على الأرض من
    یتخذ الكأس و المجون إلها
    لم تزل فی الوجود أغنیة تقطر
    حزنا على شفاه جیاع
    فی هتافات لاجئین رمتهم
    محنة الحرب للغنى و الضیاع ( نازك الملائكة، دیوان، ج1،ص390).

و تبكی على أشقیاء الأرض بقولها:

أو دعینی أبكی على أشقیاء

الأرض بین الحنین و الحرمان ( نازك الملائكة، دیوان، ج1،ص155).

و یشتد تشاؤمها عندما تشاهد صرخات الجیاع و دموعهم و شقاءهم:

    اقلعی اقلعی بنا قد سئمنا
    صرخات الجیاع فی كل شعب
    قد رأینا الدموع فی كل عین
    و شهدنا الشقاء فی كل قلب ( نازك الملائكة، دیوان، ج1،ص109)
     
    أو عندما تشاهد الجوع و الفقر و عدم الرخاء، حیث تقول:
    
    أین؟ ضاع الخیال و الحلم
    الفاتن ضاع الجمال ضاع الرخاء
    لیس إلا دنیا من الجوع و الفقر
    علیها یعذب الأبریاء ( نازك الملائكة، دیوان، ج1،ص7٤).

تصف الشاعرة حالة الریفی أنه:

لیس تحت الصفصاف إلا بیوت

الطین و السقم و الطوى والبكاء ( نازك الملائكة، دیوان، ج1،ص109).

و تصرخ حینما تنظر إلى حالتهم فی الشتاء:

لیس یدری ما یفعل الجوع و الحزن

بأهل الأكواخ كل شتاء ( نازك الملائكة، دیوان، ج1، ص٦10).

و یكفی الأرض دمع البائسین و الأیتام:

حسب هذی الأرض الكئیبة دمع

البائسین الجیاع و الأیتام ( نازك الملائكة، دیوان، ج1،ص138).

ثم تخاطب الإنسان أنه لم یقدر أن یتغلب على الفقر والحرمان و تسأل عنه:

    هل تغلبتم على الفقر و الأحزان
    و السقم أیها الواهمونا ( نازك الملائكة، دیوان، ج1،ص59).
    
    و تجیب نفسها عن هذا السؤال بأن الإنسان لم یقدر علیه:
    لم تزل فی الوجود أغنیة الحزن
    یغنی بها الضعاف الجیاع
    لم یزل فی الوجود مرضى حیارى
    أبدا تعتریهم الأوجاع (نازك الملائكة، دیوان، ج1،ص59).

و ترى أن الغنی یستثمر الفلاح الذی یعیش عیشة السوء، فی الحقیقة ترى فی واقع المجتمع الإنسان الحریص الجشع كل الحرص یظهر قدرته على الضعفاء:

    فكنوز الغنی یجمعها الفلاح
    فی عمره الشقی الكسیر
    ذلك الكادح المعذب فی
    القریة بین المحراث والناعور
    فهو یلقی البذور و الترف
    الهافئ یجنی و تشهد الأحزان
    و یموت الفلاح جوعا لیفتر
    لعینی ربّ القصور النعیم ( نازك الملائكة، دیوان، ج1،ص159).

تشاهد الشاعرة هذه القضایا و سوء الحالة الاجتماعیة فیشتد تشاؤمها ، حیث تملأ آهاتها الفضاء: طغت فی الفضاء آهاتنا الحیرى

تغنی رجاءنا المصروعا ( نازك الملائكة، دیوان، ج1،ص0٦1).

ربما یمكن أن نعتبر هذه القصیدة لها خیر وصف فی هذا المنطلق- القضایا الاجتماعیة-، عندما ترى طفلة نائمة جائعة على أرض الشارع فی الشتاء:

    أیام طفولتها مرّت فی الأحزان
    تشرید، جوع، أعوام من الحرمان
    إحدى عشرة كانت حزنا لا ینطفئ
    و الطفلة جوع أزلی تعب ظمأ
    و لمن تشكو؟ لا أحد ینصت أو یعنی
    و المجتمع البشری صریع رؤى و كؤوس
    و الرحمة تبقى لفظا یقرأ فی القاموس
    و ینام فی الشارع یبقون بلا مأوى
    لا حمى تشفع عند الناس ولا شكوى
    هذا الظلم المتوحش باسم المدنیة
    باسم الإحساس ، فوا خجل الإنسانیة

( نازك الملائكة، دیوان، ج1،ص279).

أو عندما تشاهد امرأة فقیرة فی الشارع و تصف حالتها كیف تموت ؟ و یموت مثلها كثیرون من الناس الذین نسمیهم سواد الناس و تصور حالة أزقة بغداد و شوارعها كیف یسودها الفقر و الحرمان فی قصیدة" مرثیة إمرأة لا قیمة لها" ( نازك الملائكة، دیوان، ج1،ص273).

    ذهبت و لم یشحب لها خد و لم ترجف شفاه
    تسمع الأبواب قصة موتها تُروى و تُروى
    لم ترتفع أستار نافذة تسیل أسى و شجوا
    لتتابع التابوت بالتحدیق حتى لا تراه
    إلا بقیة هیكل فی الدرب ترعشه الذِكَر
    نبأ تعثر فی الدروب فلم یجد مأوى صداه
    فأوى إلى النسیان فی بعض الحفر
    یرثى كآبته القمر
    و اللیل أسلم نفسه دون اهتمام للصباح
    و أتى الضیاء بصوت بائعة الحلیب و بالصیام
    بمُواء قطّ جائع لم تبق منه سوى عظام
    بمشاجرات البائعین، و بالمرارة و الكفاح
    بتراشق الصبیان بالأحجار فی عُرض الطریق
    بمسارب الماء الملوّث فی الأزقه، بالریاح
    تلهو بأبواب السطوح بلا رفیق
    فی شبه نسیان عمیقْ
 

+درج شده توسط مترجم عربی - دکتر مهدي شاهرخ در پنجشنبه ۱۲ فروردین ۱۳۸۹و ساعت 19:17|