ابزار وبمستر

الأدب والموت
الموت هو من أكثر الموضوعات التی تحفل بها أعمال الشعراء والروائیین والمسرحیین المحدثین. فوعی الإنسان بان حیاته لها بدایة ولها نهایة دفعه إلى تأمل القوى التی تقف وراء الوجود ومعنى الوجود وطبیعته. وبالرغم من أن كل كاتب یعالج قضیة الموت بشكل مختلف فإن النقاد والباحثین توصلوا إلى جملة من الطرق التی تعالج بها فكرة الموت فی الأدب.



قدم الكتاب المحدثون الموت على انه المشكلة الوجودیة النهائیة التی تثیر كثیرا من القلق لأنها تفتح طریقا لاكتشاف الذات. كما أن الموت یمكن فهمه فی سیاق اكبر یتمثل فی انه جزء من دورة طبیعیة من الفناء والتجدد. وقد عالج بعض كتاب الكومیدیا السوداء والكتاب العبثیین الموت بشكل هزلی وجعلوه فكرة تبعث على الضحك. ومع ذلك فان هؤلاء الكتاب یدركون أن الموت موضوع على درجة عالیة من الجدیة. ویحمل الموت فی الأدب العدید من المضامین الرمزیة، فارتبط بالهروب والانسحاب فأصبح بذلك مصدرا من مصادر المعانی فی الأدب.



احتل الموت فی الروایة والقصة القصیرة الحدیثة مكانا بارزا. یرى النقاد فی أعمال فرانز كافكا Franz Kafka ودی اتش لورانس D. H. Lawrence اهتماما وجودیا بمشكلة الموت التی تقف وراء حالات من الاستلاب والخوف والانسحاب والتقوقع فی داخل الذات من اجل تجنب مواجهة قوى الموت والفناء. والموت فی أعمال الكتاب المحدثین یرتبط فی الغالب بأفراد تتعاون قوى داخلیة وخارجیة لفصلهم عن الإنسانیة على نحو رمزی. ویرى الباحثون أن اهتمام الكتاب المحدثین بدراسة الموت یفتح لكثیر منهم الطریق أمام فهم أكمل للحیاة وكیف یحیاها الإنسان. ففی أعمال كتاب من امثال غیرترود شتاین Gertrude Stein وایتالو سفیفو Italo Svevo وخاصة فی كتابه – اعترافات زینو- یفضی التأمل والبحث فی محدودیة الحیاة البشریة إلى فهم الهویة الشخصیة وإلى الكشف عن معنى الحیاة. وقد استعمل الكتاب المحدثون الموت كاستعارة ساخرة للحیاة والفن فی القرن العشرین، فالموت یتسلل إلى ثنایا القصة والى عقول الشخصیات ویرسم شكلا عبثیا لقصر حیاتهم ولا جدواها.



وتمتد أشكال الهزل الأسود فی الروایة إلى میدان الدراما فیبحث كتاب الكومیدیا المأساویة ومسرح العبث من أمثال سامیویل بیكیت Samuel Beckett ویوجین یونسكو Eugène Ionesco وهارولد بنتر Harold Pinter الجانب الهزلی للموت. ومع ذلك فان النقاد اكتشفوا كثیرا من التنوع فی كتابات هؤلاء المسرحیین. یعتقد بیكیت انه فی وجه عجزنا عن فهم الموت ومعناه لا یسعنا إلا أن نضحك من عبثیة هذا الكون. ویرى النقاد أن یونیسكو فی معالجته لفكرة الموت أكد معنى الحیاة وجدواها. أما یوجین أونیل Eugene O'Neill وتنیسی ولیامز Tennessee Williams فاستعملا الموت لتتویج الحدث المأساوی على خشبة المسرح وانهائه. وقال الناقد فیلیب ارماتو إن مسرحیات تنیسی ولیامز هی بحث شاعر عن حل للمشكلات التی تولدت من وعی الانسان بحتمیة الموت. بینما رأى ناقد اخر هو روبرت فیلدمان ان مسرحیات یوجین أونیل تعبیر عن الشوق إلى الموت هربا من آلام الحیاة.



هذه المواقف من الموت تنعكس فی الشعر كذلك. ویرى النقاد أن أكثر الشعراء الذین بحثوا فی الموت هم الذین كتبوا أشعارا اعترفوا فیها بمكنونات نفوسهم من امثال سیلفیا بلاث Sylvia Plath وآن سیكستون Anne Sexton وروبرت لویل Robert Lowell وجون باریمان John Berryman. فی أشعار هؤلاء وأمثالهم یقع الوعی بحتمیة الموت فی أعماق الخبرة الحیاتیة، وهی الخبرة التی أدت فی حال بلاث وسیكستون إلى الانتحار. 
+درج شده توسط مترجم عربی - دکتر مهدي شاهرخ در پنجشنبه ۱۲ فروردین ۱۳۸۹و ساعت 19:18|