ابزار وبمستر

تجلیات الأسلوب والأسلوبیة فی النقد الأدبی
تجلیات الأسلوب والأسلوبیة فی النقد الأدبی
مقدمة:‏

إن اطراد الدراسات اللغویة والاهتمام بها فی الوقت الحاضر ولا سیما المناهج اللغویة فی دراسة الأدب أو فی الدراسات الأدبیة، قد مهّد السبیل إلى ظهور النظریة اللغویة الحدیثة بوصفها نظاماً مساعداً فی النقد الأدبی.‏

وثمة مناهج أو مداخل كثیرة، متباینة فی نظرتها إلى النص الأدبی تحلیلاً وتقدیراً وتقویماً، ومنها على سبیل المثال المدخل اللغوی أو المنهج اللسانی الذی لا یستغنی عنه الناقد الأدبی. فعلم اللغة یمنح النقد الأدبی سنداً نظریاً بوصفه ضرورة كضرورة الریاضیات للفیزیاء، فالناقد الجید بحكم اهتماماته فی تحلیل النص وكشف جمالیاته البلاغیة والفنیة هو لغوی جید، علماً أن لا وجود لأی نص أدبی خارج حدود لغته، الإثاریة أو الانفعالیة شریطة أن یكون التعبیر عن عناصر النص سلیماً ومقبولاً عند المتلقی الذی لا یقل شأناً عن مبدع النص، بمنظور النقد الفنی التحلیلی.‏

1 ــ علم الأسلوب:‏

إذا كان الأسلوب ظاهرة تتمثل فی النصوص المنطوقة أو المكتوبة، أو هو الطبقة العلیا لهذه الظاهرة، فإنه یبرز خلال عملیة التلقی بشكل لا تستطیع مناهج علم اللغة التقلیدیة، من نحویة ودلالیة، أن تلم به أو تحلل مقاصده وتأثیراته. كما أن الوصول إلى تعریف دقیق لمقولة الأسلوب لا یتم إلا بتحدید نظریته، ومعرفة طبیعة العلم الذی یكرس له بوصفه فرعاً لعلم آخر أو قائماً بنفسه.‏

ففی نظریة الأسلوب یتحدد مجال الظاهرة المدروسة ومكانها العلمی الدقیق، وعلى هذا فإنه إذا تصوّرنا علم الأسلوب جزءاً من علم اللغة، كان علینا أن نحلل نظریته إلى عناصرها المختلفة، فنجعل أسلوب النصوص الأدبیة تطبیقاً جزئیاً لمقولة أسلوبیة عامة، وحینئذ تعتمد النظریة الأسلوبیة على علاقة النظام اللغوی العام بمفهوم "سوسیر" بأسلوب نص معین كمظهر للكلام، ویتعین علیها أن توضح بعض التصورات المهمة فی الأدب، مثل أسلوب مؤلف معین، أو جنس أدبی بأكمله، وما یعتریه من تطور أو تغیر على مر العصور.‏

فالنظریة الأسلوبیة تستمد معاییرها من النظریة العلمیة، أو من العلم الذی تنتمی إلیه تفرع جزئی منه، وتخضع لشروطه العامة فی التحقیق والتزییف، وهی فی معظم الدراسات العلمیة المعاصرة للأسلوب تعد جزءاً من نظریة تقف إلى جوار النظریة النحویة وتماثلها لهذا فإنه فی مقابل "علم اللغة" تقوم عملیة "البحث الأسلوبی" التی تعتمد على أسس النظریة الأسلوبیة، وتستمد منها منهج دراسة وتنظیم المواد، بالتضافر مع العلوم الأخرى فی مناطق تلاقیها. وفی البحوث الأسلوبیة للنصوص الأدبیة وهی التی تعنینا هنا ــ ینبغی أن تستكمل دراسة الأسلوب فی مستویاته اللغویة باستخدام المقولات المتصلة بالأدب والعلوم الفلسفیة والاجتماعیة والتاریخیة.‏

2 ــ مفهوم الأسلوب:‏

لعل المعضلة الأكبر من تحدید معیار اللغة تعریف مفهوم الأسلوب، بل لعلها المعضلة الأكثر إثارة للجدل فی دراسة اللغة. یصف إنكفیست الأسلوب على "أنه مألوف بقدر ما هو مخادع، فمعظمنا یتحدث عنه برقة وحنان مع أن لدى القلیل منا الاستعداد لتحدید معناه بدقة"(1).‏

وقد جرت محاولات عدة لتعریفه، فتدرّجت من رؤیته كوعاء للمعنى، مروراً بمطابقته مع شخصیة المؤلف، وإنكاره جملة وتفصیلاً، ووصولاً إلى اعتباره خیاراً لغویاً وظیفیاً ومقرراً ومكوناً وجوهریاً للمعنى. وهذه أهم محاولات تعریف مفهوم الأسلوب.‏

2 ــ 1 الأسلوب كوعاء للمعنى:‏

من أهم وجهات النظر القدیمة الحدیثة اعتبار الأسلوب وعاء لاحتواء المعنى المراد بداخله، فاللغة ثوب المعنى، والأسلوب زی هذا الثوب. یعبر الشاعر والناقد الإنجلیزی الشهیر دریدان" Dryden" عن هذه باعتبار الأسلوب..." فن خطابة، أو فن إلباس الفكرة وتزیینها". كما یشیر الشاعر المعروف كولیریدج (Coleridge)‏

إن هذا المعنى بقوله "إن الأسلوب ما هو إلا فن نقل المعنى بشكل ملائم وواضح أیاً ما كان هذا المعنى.."(2)‏

الأسلوب كانحراف:‏

ارتأى الشكلانیون ونقاد آخرون أن الأدب انحراف عن معیار اللغة، وقد نبذه معظم الأسلوبیین المعاصرین نذكر على سبیل المثال، ساندل (Sandel) الذی یوافق بیزلی (1969) (Paisely) فی قوله إنه "من الصعب قبول أن یكون الأسلوب هو الطریقة اللاتقلیدیة وغیر المعتادة فی الاستعمال"(3).‏

2 ــ 2 الأسلوب كلسان حال صاحبه:‏

قوام هذه الرؤیة المعروفة للأسلوب أنها تطابق بین الأسلوب وصاحبه، من أنصارها المتشددین (میدلتون مری) الذی یعتبر الأسلوب لسان حال الكاتب ومواقفه ومشاعره. إذ یقول (ویذیل): "الأسلوب خصیصة من خصائص اللغة تنقل بدقة عواطف وأفكار خاصة بالمؤول"(4).‏

فی الواقع لا یسعنا إلا أن نقول إن هذا المفهوم للأسلوب أخفق فی إقناع القراء لأنه مجحف. إذ كیف لنا أن نحكم على شخصیة الكاتب بهذه الطریقة؟ فكم من كاتب تعارضت شخصیته تماماً مع صورة فی عمله. وكم من كاتب تناول أعمالاً واتجاهات متناقضة أشد التناقض، ولكنهم لم یتهموا بانفصام الشخصیة.‏

2 ــ 3 الأسلوب هو المعنى:‏

رفض أصحاب هذا الرأی عن مفهوم الأسلوب فكرة الثنائیین بالفصل بین الشكل والمضمون، من قبل فی عام (1857) قالها (فلوبیرت): "كالروح والجسد، الشكل والمضمون بالنسبة إلى شیء واحد". كما أن النقاد الجدد قد تبنوا هذه الفكرة برفضهم الفصل بین المعنى والمبنى وحسب أصحاب هذا الرأی، الأسلوب نتاج الدمج بین الشكل والمضمون، وأی تغییر فی الأول یستدعی تغییراً فی الثانی.‏

2 ــ 4 الأسلوب كاختیار مفهوم وظیفی:‏

لم یستطع أی من المفاهیم السابقة عن الأسلوب إقناعنا، لذلك نحن بحاجة إلى مفهوم أكثر فائدة وشمولیة ودقة ینفعنا فی وضعه موضع التطبیق فی دراستنا للنصوص الأدبیة فیما بعد فی هذا العمل. ولعل هذا متاح من خلال رؤیة الأسلوب كاختیار أساسه نحوی /قواعدی ودلالی/ معجمی بشكل رئیسی. هذا وإن كثیراً من الأسلوبین المعاصرین یرونه هكذا بشكل أو بآخر. وحسب هذا المفهوم كل الخیارات اللغویة أسلوبیة من حیث المبدأ، فلكل منها وظیفة (أو أكثر) تختلف من نص على آخر ومن سیاق على آخر.‏

ویعرّف كارتر الأسلوب بقوله: "یتأتى الأسلوب من التداخل المتزامن للتأثیرات (الأسلوبیة) فی عدد من مستویات اللغة". وهكذا یمكن إعطاء التعریف التالی الشامل والمبسط للأسلوب: "الأسلوب مجموعة الوظائف الأسلوبیة/ اللغویة المنتقاة من المخزون القواعدی والمعجمی والصوتی والشكلی للغة العامة".‏

3 ــ ماهیة الأسلوب والأسلوبیة:‏

الأسلوب والأسلوبیة مصطلحان یكثر ترددهما فی الدراسات الأدبیة واللغویة الحدیثة، وعلى نحو خالص فی علوم النقد الأدبی والبلاغة وعلم اللغة.‏

ــ ودائرة المصطلح الأول أكثر سعة من دائرة المصطلح الثانی على المستویین الأفقی والرأسی. ونعنی بالمستوى الأفقی، الاستخدام المتزامن للمصطلح فی حقول متعددة متجاوزة أو متباعدة، وبالمستوى الرأسی، الاستخدام المتعاقب فی فترات زمنیة متتابعة داخل حقل واحد. فكلمة الأسلوب من حیث المعنى اللغوی العام یمكن أن تعنی "النظام والقواعد العامة، حین نتحدث عن "أسلوب المعیشة" ویمكن أن تعنی كذلك "الخصائص الفردیة" حین نتحدث عن "أسلوب كاتب معین".‏

وعن طریق هذین التصورین الكبیرین دخل استخدام مصطلح "الأسلوب" فی الدراسات الكلاسیكیة المعیاریة التی تسعى إلى إیجاد المبادئ العامة لطبقة من طبقات الأسلوب، أو للتعبیر فی جنس أدبی معین.‏

هذا الاتساع الأفقی فی دلالة معنى "الأسلوب" یقابله مجال أكثر تحدیداً فی دلالة معنى "الأسلوبیة"، حیث تكاد تقتصر فی معناها على الدراسات الأدبیة، وإن كان بعض الدارسین، مثل جورج مونان، یحاول أن یمتد بها نظریاً لتشمل مجالات مثل الفنون الجمیلة والمعیار والموسیقى والرسم، مع أنه یعترف فی الوقت ذاته أن الحقل الذی أخصبت فیه علمیاً حتى الآن هو حقل الدراسات الأدبیة.(5).‏

أما فیما یتصل بالمستوى الرأسی، الذی یقصد به التعاقب الزمنی فی حقل واحد ــ وهو حقل دراسات اللغة والأدب فی حالتنا ــ فإن مصطلح "الأسلوب" سبق مصطلح "الأسلوبیة" إلى الوجود والانتشار خلال فترة طویلة.‏

4 ــ تنوع المدارس الأسلوبیة:‏

یمكن اللجوء إلى أشهر الخیوط العامة، وأشهر الاتجاهات التی یمكن أن یندرج تحتها كثیر من التفاصیل الدقیقة. ومن هذه الزاویة یمكن رصد اتجاهین كبیرین فی دراسة الأسلوب الحدیث هما: الاتجاه الجماعی الوصفی، أو أسلوبیة التعبیر، والاتجاه الفردی، أو الأسلوبیة التأصیلیة، وسوف نحاول إعطاء فكرة عن كل من الاتجاهین.‏

أولاً: الأسلوبیة التعبیریة:‏

یرتبط مصطلح الأسلوبیة التعبیریة، وكذلك مصطلح الأسلوبیة الوصفیة، بعالم اللغة السویسری شارل بالی (1865 ــ 1947). تلمیذ اللغوی الشهیر "فاردیناند دی سوسیر" (1857 - 1913). وخلیفته فی كرسی الدراسات اللغویة بجامعة جنیف. ویعد بالی مؤسس الأسلوبیة التعبیریة، وقد كان سوسیر یرى أن اللغة خلق إنسانی ونتاج للروح، وأنها اتصال ونظام رموز تحمل الأفكار، فجانب الفكر الفردی فیها لیس أقل جوهریة من جانب الجذور الجماعیة.‏

ومن ثم فإن الفرد والجماعة یسهمان فی إعطاء قیمة تعبیریة متجددة للأسلوب، ولا یكتفیان بتلقی القیم الجمالیة عن السابقین، وهذه النقطة الأخیرة هی التی حاول بالی التركیز علیها.‏

فقد كانت البلاغة القدیمة فی هذا الصدد تلجأ إلى فكرة "قوائم القیمة الثابتة" التی تستند إلى كل شكل تعبیری "قیمة جمالیة" محددة. ومن خلال هذا التصور كان یتم تقسیم التصور إلى "صور زیادة"، مثل الإیجاز والحذف والتلمیح، والانطلاق من ذلك إلى تقسیم الأسلوب ذاته إلى طبقات: أسلوب سام، وأسلوب متوسط، وأسلوب مبتذل.‏

لكن نظریة "القیمة الثابتة" تعرضت لألوان كثیرة من النقد، كان من أشهرها ما أشار إلیه "رینیه ویلیك"(6) من أن "قیمة الأداة التعبیریة" تختلف من سیاق إلى سیاق، ومن جنس أدبی إلى جنس أدبی آخر. فحرف العطف "الواو" عندما یتكرر كثیراً فی سیاق قصة من قصص الكتاب المقدس، یعطی للتعبیر معنى الاطراد، والوقار. لكن هذه الواو لو تكررت فی قصیدة رومانتیكیة فإنها قد تعطی مشاعر تعویق وإبطاء فی وجه مشاعر ساخنة متدفقة.‏

الأسلوبیة البنائیة:‏

هی أكثر المذاهب الأسلوبیة شیوعاً الآن، وعلى نحو خاص فیما یترجم إلى العربیة أو یكتب فیها عن الأسلوبیة الحدیثة، وهی تعد امتداد لآراء سوسیر الشهیرة، التی قامت على التفرقة بین ما یسمى اللغة وما یسمى الكلام. وقیمة هذه التفرقة تكمن فی التنبه إلى وجود فرق بین دراسة الأسلوب بوصفه طاقة كامنة فی اللغة بالقوة، یستطیع المؤلف استخراجها لتوجیهها إلى هدف معین، ودراسة الأسلوب الفعلی فی ذاته، أی أن هناك فرقاً بین مستوى اللغة ومستوى النص، والبلاغة التقلیدیة لم تكن تعهد هذا التفریق وقد أخذ هذا التفریق أسماء ومصطلحات مختلفة فی فروع المدرسة البنائیة، فجاكوبسون یدعو إلى التفریق بین الثنائی (رمز ـ رسالة) وجیوم یطلق علیه (لغة ـ مقالة) أما یمسلیف فیجعل التقابل بین (نظام ـ نص)، ویتحول المصطلح عند تشومسكی إلى ثنائیة بین (قدرة بالقوة ـ ناتج بالفعل) وهذه المصطلحات على اختلافها تشف عن مفهوم متقارب فی دراسة اللغة والأسلوب، كان قد أطلق شرارته سوسیر، وطوّره بالی، وأكمله البنائیون المعاصرون.‏

ویركز جیوم على أثر هذه التفرقة فی الأسلوب، حین یبین أن هناك فرقاً بین المعنى وفاعلیة المعنى فی النص، وأن كل رمز یمر بمرحلة القیم الاحتمالیة على مستوى المعنى، ومرحلة القیمة المحددة المستحضرة على مستوى النص وقد تقود هذه المبالغة فی هذا التحلیل إلى القول بأن الرمز اللغوی لا یوجد له معنى قاموس، ولكن توجد له استعمالات سیاقیة(7).‏

أما رومان یاكبسون فقد ركز فی تحلیله للثنائی (رمز ــ رسالة) على الجزء الثانی منهما ــ دون أن یهمل الأول ــ لأنه یعتقد أن الرسالة هی التجسید الفعلی للمزج بین أطراف هذا الثنائی، وهو مزج عبر عنه یاكبسون حین تسمى إحدى دراساته حول هذه القضیة: "قواعد الشعر وشعر القواعد" وهو یعنی بقواعد الشعر دراسته الوسائل التعبیریة الشعریة فی اللغة، وبشعر القواعد دراسة الفعالیة الناتجة من وضع هذه الوسائل موضع التطبیق.‏

ثانیاً: الأسلوبیة التأصیلیة:‏

إذا كانت السمة العامة للأسلوبیة التعبیریة الوصفیة هی طرح السؤال: "كیف" حول النص المدروس، فإن الأسلوبیة التأصیلیة تهتم بأسئلة أخرى مثل "من أین" و"لماذا" وهذا اللون من التساؤل یقود الباحث بحسب اتجاه المدرسة التی ینتمی إلیها، وبحسب لون اهتماماتنا التاریخیة أو الاجتماعیة أو النفسیة أو الأدبیة..‏

ویمكن أن نقف سریعاً أمام اتجاهین من اتجاهات المدرسة التأصیلیة:‏

الأسلوبیة النفسیة الاجتماعیة:‏

فی سنة 1959 كتب الباحث الفرنسی" هنری موریر "كتاباً عن سیكولوجیة الأسلوب"(8). طرح فیه نظریته الخاصة التی حاول من خلالها استكشاف ما أسماه "رؤیة المؤلف الخاصة للعالم" من خلال أسلوبه. واكتشاف هذه الرؤیة یقوم على أن هناك خمسة تیارات كبرى تتحرك داخل "الأنا العمیقة". وأن هذه التیارات ذات أنماط مختلفة. والتیارات الخمسة الكبرى هی: القوة والإیقاع والرغبة والحكم والتلاحم، وهی الأنماط التی تشكل نظام "الذات الداخلیة".‏

وقد یظهر كل نمط منها فی شكل إیجابی أو سلبی، فالقوة قد تكون قاعدتها الشدّة أو الضعف، والإیقاع قد یكون متسقا أو ناشزاً، والرغبة قد تكون صریحة أو مكبوتة، والالتحام قد یكون واثقاً أو متردداً، والحكم قد یكون متفائلاً أو متشائماً.‏

5 ـ الأسلوبیة الأدبیة:‏

تعدّد الأسلوبیة الأدبیة أخصب ما تفرع عن فكرة "الأسلوبیة التأصیلیة" أكثرها فی تاریخ "التعبیر" فی القرن العشرین، ونبه كارل فسلر فی أوائل القرن إلى ضرورة بالغة بالاهتمام فی التاریخ الأدبی: "لكی ندرس التاریخ الأدبی لعصر ما، فإنه ینبغی على الأقل الاهتمام بالتحلیل اللغوی بنفس القدر الذی یهتم فیه بتحلیل الاتجاهات السیاسیة والاجتماعیة والدینیة لبیئة النص"(9). ولكن الذی طور هذا الاتجاه وحوله إلى نظریة متكاملة فی النقد اللغوی أو الأسلوبیة الأدبیة هو العالم النمساوی لیو سبیتزر وقد ألف كتاب اللسانیات واللغة التاریخیة قد عرض فیه للمنهج الذی اتبعه هو فی دراسة سرفانتس، وفیدر، ودیدرو، وكلودیل. وتتلخص خطوات المنهج عند سبیتزر فی النقاط التالیة:‏

1 ــ المنهج ینبع من الإنتاج ولیس من مبادئ مسبقة. وكل عمل أدبی فهو مستقل بذاته كما قال برجسون.‏

2 ــ الإنتاج كل متكامل، وروح المؤلف هی المحور الشمسی الذی تدور حوله بقیة كواكب العمل ونجومه، ولابد من البحث عن التلاحم الداخلی.‏

3 ــ ینبغی أن تقودنا التفاصیل إلى المحور "الأدبی"، ومن المحور نستطیع أن نرى من جدید التفاصیل، ویمكن أن نجد مفتاح العمل، كله فی واحدة من التفاصیل.‏

4 ــ الدراسة الأسلوبیة ینبغی أن تكون نقطة البدء فیها لغویة، ولكن یمكن لجوانب أخرى من الدراسة أن تكون نقطة البدء فیها مختلفة: "إن دماء الخلق الشعری واحدة، ولكننا یمكن أن نتناولها بدءاً من المنابع اللغویة، أو من الأفكار، أو من العقدة، أو من التشكیل". ومن خلال هذه النقطة وضع سبیتزر طریقاً بین اللغة وتاریخ الأدب.‏

5 ــ النقد الأسلوبی ینبغی أن یكون نقداً تعاطفیاً بالمعنى العام للمصطلح، لأن العمل كل متكامل وینبغی التقاطه فی "كلیته" وفی جزئیاته الداخلیة. لقد كان هذا المنهج التفصیلی الذی أورده سبیتزر فی كتابه ذا أثر كبیر فی إخصاب النقد الأدبی وتخلیصه من بعض الآثار السلبیة للاتجاه الوضعی الذی كان لانسون یمثل قمّته فی بدایات هذا القرن، وارتكزت فی النقد الأدبی مبادئ لم تكن شائعة من قبل.‏

أ ــ النقد الأدبی ینبغی أن یكون داخلیاً، وأن یأخذ نقطة ارتكازه فی محور العمل الأدبی لا خارجه.‏

ب ــ أن جوهر النص یوجد فی روح مؤلفه، ولیس فی الظروف المادیة الخارجیة.‏

ج ــ على العمل الأدبی أن یمدّنا بمعاییره الخاصة لتحلیله، وأن المبادئ المسبقة عند النقاد الذهنیین لیست إلا تجریدات تعسفیة.‏

د ــ أن اللغة تعكس شخصیة المؤلف، وتظل غیر منفصلة عن بقیة الوسائل الفنیة الأخرى التی یملكها.‏

هـ ــ أن العمل الأدبی بوصفه حالة ذهنیة لا یمكن الوصول إلیه إلا من خلال الحدس والتعاطف.‏

6 ــ الأسلوبیة اللغویة:‏

یهتم هذا المنهج بشكل رئیسی بالوصف اللغوی للسمات الأسلوبیة إنها بهذا المعنى الشكل الصرف للأسلوبیة. یستهدف مؤیدوها الإفادة من بحث اللغة والأسلوب الأدبیین فی إصلاح طرائق تحلیلهم للغة، وذلك لتحقیق تقدم فی تطویر نظریة اللسانیة.‏

وعلیه فقد كان الوصف اللغوی للسمات الأسلوبیة هدفاً للتحلیل الأسلوبی الذی اعتمده من یسمون بالأسلوبیین التولیدیین أمثال: أومان وثورن، كما ظهر فی الحقبة نفسها (أی بین الخمسینیات وأوائل السبعینیات) فئة أخرى من الأسلوبین اللغویین المعروفین بالأسلوبیین الحسابیین، منهم ما یلیك (1967) الذی قام بدراسة حسابیة بالكومبیوتر لأسلوب جاناثان سویفت، وجیبسون (1966) و(دراسته الإحصائیة لأسالیب النثر الأمریكی)، وأومان أیضاً (1962) و(دراسته لأسلوب جورج برنارد شو)(10).‏

7 ـ الأسلوبیة اللغویة المعاصرة:‏

من بین الأشكال الحدیثة الأسلوبیة اللغویة دراستان قامت بهما بیرتون للحوار الدرامی (1980) وبانفیلد للخطاب الروائی‏

(1982). على الرغم من أن طریقة بانفیلد المعتمدة على القواعد التولیدیة للجمل الروائیة أكثر تطوّراً ودقّة من سابقاتها، فهی فی حقیقة الأمر عودة إلى طریقة الأسلوبیة التولیدیة، لأنها تركز بشكل صرف على الصیغ اللغویة للجمل الروائیة لا أكثر ولا أقل.‏

8 ــ المحاسن والمساوئ:‏

لا عجب فی أن یتعرض هذا المنهج إلى هجوم شدید وانتقادات حادة من داخل معسكر الأسلوبیة وخارجه. ولعله المنهج الذی أساء إلى سمعة الأسلوبیة فی أروقة الدراسات الأكادیمیة.‏

لكن هذا لا یمنع من أن له بضع محاسن نذكرها أولا قبل التعریج على المساوئ.‏

ــ تقدم الأسلوبیة اللغویة طرائق علمیة ومنظمة فی تحلیل اللغة ووصفها. ویعدّ هذا إسهاماً جیّداً فی تطویر مداركنا ومعرفتنا للغة، خاصة بالنسبة للقراء والطلبة الأجانب.‏

ــ المیزة الأخرى لهذا المنهج كامنة فی تزویدنا فی أكثر من مناسبة بمعاییر یعول علیها فی وضع أیدینا على السمات الأسلوبیة الهامة فی النصوص (كما فعلت طریقتا بیرتون وبانفیلد).‏

ــ الحسنة الثالثة تقدیم هذا المنهج فرصة للسانیین والقراء والطلبة للاضطلاع باكتشافات جدیدة فی التحلیلات اللغویة التی تسهم بدورها فی تطویر نظریة اللسانیة، وقد یمكن اعتبار الأسلوبیة اللغویة خطوة أولیة فی "دراسة بنیویة وأدبیة وتاریخیة أوسع لنص لغوی ما"، كما یشیر إینكیفست.(11).‏

أما عن عیوب هذا المنهج فتتمثل:‏

* أولاً: بشحه فی الإسهام فی التحلیل الأدبی إسهاماً كبیراً. إذ یقوم بأعباء قدر من التحلیل، لكنه قدر غیر كاف، بل أقل أهمیة من القدر الأكبر الأساسی منه، وهو الوظائف الأسلوبیة وعلاقتها بالمعنى وتأثیرها علیه.‏

* فی واقع الأمر هذا الجانب الأدبی من النصوص واقع خارج نطاق هذا المنهج. یحمل هالیدای ذات الرأی بقوله: "اللسانیة غیر كافیة وحدها فی التحلیل الأدبی، والمحلل الأدبی ــ لا اللسانی ــ هو وحده الذی یحدد مكان اللسانیة فی الدراسة الأدبیة"(12).‏

من جهة أخرى، لا تهتم الأسلوبیة اللغویة بالتأویل، ولا تتخذه كغایة من غایاتها. بل غایتها القصوى تقدیم وصف لغوی دقیق لنص ما. على الرغم من أن الوصف وجه من وجوه التأویل فإنه لیس تأویلاً. بل هو تمهید وأرضیة أساسیة ینطلق منها التأویل.‏

وهذا سر وجود علاقة غیر رسمیة بین اللسانیة والنقد الأدبی یبرزها هذا المنهج الأسلوبی. وهكذا یتضح لنا مما سبق أن الأسلوبیة اللغویة نافعة جداً على صعید الوصف اللغوی وتوسیع مداركنا اللغویة وحسب، لكنها لا تجدی نفعاً فی تغطیة الجوانب الهامة الحساسة للنصوص الأدبیة. بعبارة أخرى، تجیب على مادة "لماذا" فقط.‏

إننا فی حاجة إلى منهج بدیل یستطیع الإجابة على "كیف" و"لماذا"، منهج قادر على إبلاغنا ما الذی یجعل النص الأدبی أدبیاً، إذ حسب منهج الأسلوبیة اللغویة "من السهل جداً إزاغة البصر عما یجعل الأدب أدباً" كما عبر عن ذلك كارتر (1979).‏

ولما كان النقد فی بعض معانیه، فن التمییز بین الأسالیب الأدبیة صارت العلاقة بینه وبین الأسلوب والأسلوبیة وعلم الدلالة وكلها تنضوی تحت مصطلح واحد هو علم اللغة، أو الألسنیة أو اللسانیات.‏

إن اطّراد الدراسات اللغویة والاهتمام بها فی الوقت الحاضر ولاسیما المناهج اللغویة فی دراسة الأدب أو فی الدراسات الأدبیة، قد مهد السبیل إلى ظهور النظریة اللغویة الحدیثة بوصفها نظاماً مساعداً فی النقد الأدبی.‏

وثمة مناهج أو مداخل كثیرة، متباینة فی نظرتها إلى النص الأدبی تحلیلاً وتقدیراً وتقویماً، ومنها على سبیل المثال المدخل اللغوی أو المنهج اللسانی الذی لا یستغنی عنه الناقد الأدبی، فالناقد الجید بحكم اهتماماته فی تحلیل النص وكشف جمالیاته البلاغیة والفنیة هو لغوی جید، علماً أن لا وجود لأی نص أدبی خارج حدود لغته الإشاریة أو الانفعالیة شریطة أن یكون التعبیر عن عناصر النص سلیماً ومقبولاً عند المتلقی الذی لا یقل شأناً عن مبدع النص.‏

وإذا كانت المناهج اللغویة مختلفة ومتباینة فی مدى علاقتها بدراسة "النص الشعری"، على سبیل المثال فإن المناهج النقدیة مختلفة ومتباینة أیضاً، فقد تتوازى وتتقاطع وتتعاون وتتصارع وهی دائماً تدّعی لنفسها أنها تهدف إلى تنویر النص وتعلن اهتداءها إلى فهم أفضل بطبیعة هذا النص.(13).‏

وقد أدى التركیز على تحلیل النص وتروضه بوصفه لغة لا یقوى على شرعیتها ومرجعیتها الأدائیة والتعبیریة إلى بروز اتجاهات مرتبطة بالتحلیل الأسلوبی ــ البلاغی مهّدت السبیل إلى استحداث مهم. سمّی فیما بعد "بفلسفة الأسلوب" و"فلسفة البلاغة" فی النقد الأدبی الحدیث. وتُعنى هذه المداخل النقدیة بصلب "البنیة الأدبیة" و"المجاز" و"مماثلة الواقع" والمعجم "والسیاق" و"السخریة" و"بناء الجملة" و"موسیقى اللغة" و"التوازن"(14). وكلها سمات لغویة تسعى إلى تحلیل النص الأدبی وتقدیمه كلاّفنیا جدیراً بتحقیق الاستجابة العفویة عند متلقیه.‏

ــ تحاول اللغة الأدبیة فی تعاملها مع النص الأدبی من خلال مناهجها المختلفة، استیعاب التوازن الحاصل بین "المبدع ــ النص" و"النص ــ المتلقی"(15) وهی سلطة فنیة تبتعد فیها اللغة عن مرجعیاتها القواعدیة والإعرابیة والنحویة لتزوید آفاق الدلالة حیث یصیر "النص" یتمتع بحركته الفنیة ــ الإبداعیة وحركته التوصیلیة عند المتلقی.‏

فالعلاقة بین النص والمتلقی هی جوهر العملیة النقدیة الحدیثة والمعاصرة، تلك العملیة التی ترى فی النص الأدبی ــ الشعری بفنونه وأنواعه‏

إن مهمة علم اللغة هی الاستفسار واستقراء ما سمّاه "تشومسكی" بالعلاقة الحمیمیة بین الخصائص الداخلیة للعقل وبین سمات البناء اللغوی(16). فی حین تكون مهمة النقد الأدبی واحدة من رؤاه العصریة، هی البحث فی العلاقة بین تنظیم الحس الجمالی الإنسانی وبین خصائص البناء الأدبی واللغة.‏

وعلیه فالنقد الأدبی هو فن الحكم على التجارب الأدبیة الحدیثة والتراث الأدبی والآثار الفنیة(17). فبرزت على الساحة النقدیة العالمیة والعربیة ضروب من النقد كالنقد القیاسی والنقد الأكادیمی والنقد الإیدیولوجی العقائدی، والنقد التاریخی والنقد الشخصی والنقد الفلسفی والنقد اللغوی وغیرها، وكلّها ضروب نقدیة تنطلق من النص الأدبی فی علاقته بمبدعه من جهة أو علاقته بمتلقیه من جهة أخرى أو علاقته ببیئته من جهة ثالثة، ومن هنا قیل إن الإنتاج الأدبی یحكمه محوران، محور اللغة التی هی ملك للبیئة الاجتماعیة التی تنشأ عنها، ومحور الأسلوب الذی هو ملك الأدیب أو الشاعر. وما بین هذین المحورین، اللغة والأسلوب، یولد فن الإبداع فی الكتابة الأدبیة أو فی التجربة الشعریة، وقد أدى الاهتمام بهذا الجانب إلى ظهور ما یسمى بـ: الأسلوبیة ــ اللغویة التی ترى أن الأسلوب قد یكون انزیاحاً أو انحرافاً أو عدولاً عن السیاق اللغوی المألوف فی هذه اللغة أو تلك.‏

ــ والمنهج التفكیكی/ والنقد التفكیكی أو التشریحی الذی دعا إلیه دیریدا منذ سنة 1967. تستند مرجعیاته إلى فكرة الأثر، أی أن الأثر هو محور تفكیك النص أی أن الاهتمام بالنتیجة قبل التفكیر بالسبب. فلولا وجود قرّاء لم یكتب الكاتب نصه ولا ینظم الشاعر قصیدته، أی أن المتلقی هو سبب فی الإبداع وسبیل إلى دفع المبدع إلى الإبداع والخلق الفنیین، فضلاً عن أن هذا المنهج النقدی التفكیكی أو التشریحی یلغی وجود حدود بین نص وآخر وتقوم هذه النظریة على مبدأ الاقتباس ومن ثم تداخل النصوص أو التناص.‏

ــ فالقراءة التفكیكیة أو التشریحیة قراءة حرّة ولكنها نظامیة وجادة وفیها یتوحدّ القدیم الموروث وكل معطیاته مع الجدید المبتكر وكل موحیاته من مفهوم السیاق حیث یكون التحول.‏

والتحول هو إماء بموت وفی اللحظة نفسها تبشیر بحیاة جدیدة(18). والناقد الأسلوبی ــ اللغوی یبدأ تحلیلها للإصغاء إلى صوت الشاعر، وهذا یعنی أنه یبدأ قارئاً وحین یصیر هذا القارئ ناقداً أسلوبیاً، فإنه یهتم بما یحدث للغة على یدی الشاعر مبدع النص الشعری. (19) من محاكاة وأصالة أو تسطح أو عمق أو وضوح وغموض.‏

وعلى هذا الأساس فثورة علم اللغة الحدیث والمعاصر الیوم هو ثورة فی التحلیل والتعلیل. كما هی ثورة المنهج أداة ومصطلحاً. وانعكاساتها فی مناهج النقد الأدبی المعاصر التی اهتمت بالأسلوب بوصفه سطح التعبیر اللغوی ومنه إلى أعماق التجربة الأدبیة، تحلیلاً وتعلیلاً، إذ یفترض بالناقد التطبیقی أو العملی الجید أن یكون لغویاً جیداً، فالأدب أعلى تعبیر لغوی وما یبتكره على اللغة من سباقات جدیدة تظهر إثارة فی النقد الأدبی قبل أی فن من الفنون الأدبیة أو أی جنس من الأجناس الأدبیة الأخرى، نظراً لأن التمییز بین الشكل والمعنى فی اللغة وبین الأثر أو الصورة والتأثیر فی الأسلوب ظاهرة طبیعیة لا شك فیها. فقد جرت العادة فی وقت من الأوقات، فی الدرس النقدی الأدبی الأوروبی، إلى الاعتقاد بأن الأسلوب یقترن بالزخرفة أو الزینة، فهو "زینة الأفكار" على حد تعبیر الأدیب الإنكلیزی "اللورد جستر فیلد"، فی حین عدّه "فلوبیر" مزاجاً فردیاً عالیاً وفریداً للرؤیة.(20) فثمّة فرق بین العملیة الشعریة التی تعنی كل الأنشطة والفعالیات التی من خلالها تولد القصیدة، وتتكون بأسلوبها الشعری الخاص بها، فی حین أن التحلیل الأدبی محاولة تشریح القصیدة. وإذا كان تشریح القصیدة ذا أبعاد لغویة وفنیة برز أكثر من احتمال فی تفسیر العلاقة القائمة بین الشعر واللغة وتعلیلها، ومنها كون الشعر لغة أی أن الشعر یكمن وراء ظاهرة نسمیها ظاهرة اللغة وحینئذ یكون الشعر جزءاً من هذه الظاهرة، وربما كان هذا المفهوم وراء مقولة "مالا رمیه" الفرنسی" الشعر لا یكتب بالأفكار، ولكن یكتب بالكلمات"(21) ویبدو أن هذه الثنائیة اللغویة ــ الفنیة هی التی تبنّاها النقد الأدبی ولاسیما فی نقد الشعر، معیاراً فی التحلیل النقدی. ففی الوقت الذی یهتم به علم اللغة فی وصف النص، فإن الأسلوبیة، أو علم الأسلوب یهتم بالاختلافات والفروق التی تظهر فی النص أو الأصل وبعبارة أخرى فإن العلاقة بینهما: بین علم اللغة والأسلوبیة هی أن علم اللغة یتعامل مع الأنماط والأسالیب فی حین تتعامل الأسلوبیة مع النماذج والرموز ومن هنا صارت "الجملة" الوحدة العلیا فی علم النماذج والرموز ومن هنا صار النص مجموع الجمل أی الوحدة الكبیرة فی الأسلوبیة (22)، وهو أی النص الأساس الذی یقوم علیه التحلیل الأسلوبی الذی مهّد إلى التحلیل النقدی الذی تحوّل إلى تحلیل نقدی لغوی من خلال الجملة أو إلى تحلیل نقدی أسلوبی من خلال النص.‏

إن الجملة والنص هما عماد التحلیل اللغوی الأدبی الذی وجد فی الأسلوبیة التی تحلل الأشكال والأسلوبیة الأدبیة التی تحلل المضامین. (23).‏

9 ــ خاتمة:‏

من كل ذلك نخلص إلى أن التقدّم الذی حظی به الحقل اللسانی أو اللسانیات فی العصر الحدیث دراسة وتحلیلاً وتعلیلاً تقویماً ونقداً ذاتیاً إیجابیاً أو سلبیاً قد تسرّب إلى الحقل النقدی الأدبی الذی لم یكن بمعزل عن المناخ العام الذی تمثله ثورة المعرفة الإنسانیة بمصطلحاته الجدیدة، ورؤاها المتعددة فی الربط بین الثقافة النقدیة الأدبیة والثقافة اللسانیة تخصصاً ومفهوماً ومنهجاً وإذا كان الأدب "أرضاً مالك لها" ــ على حد تعبیر الشكلانیین الروس ــ فإن التقدم الثقافی والحضاری الذی اتسمت به اللسانیات فی القرن العشرین ولاسیما بعد العقد الثانی منه، وتطور النقد الأدبی منهجاً ودراسة وتحلیلاً، قد هیأ المناخ لتحصین هذه الأرض وحمایتها وإعطائها شرعیة الامتلاك.‏

الهوامش:‏

1 ــ مجلة: كتاب الریاض العدد 60 دیسمبر 1998، مقال: الأسلوبیة والتأویل والتعلم، حسن غزالة، تصدر عن مؤسسة الیمامة الصحفیة. السعودیة. ص 38.‏

2 ــ مفهوم الأسلوب: حسن غزالة ص. 39.‏

3- Paisloy W. 1969 styding style as deviation from en coding norms. In gerdner. G. et al (eds) the analysis of communication content. n k. p. 11

4- Wetherill. P m 1974 the literary text. An examination of critical methodology. Oxford. P. 133.‏

5- Mounin; stylistique encyclopedia univer. P 466.‏

6 ــ الأسلوب والأسلوبیة أحمد درویش، مجلة النقد الأدبی مجلد 5 عدد 1 أكتوبر نوفمبر دیسمبر 1984 مطابع الهیئة المصریة العربیة للكتاب ص 60 ــ 64.‏

7 ــ المرجع نفسه، ص: 65.‏

8 ــ المرجع نفسه، ص 66.‏

9 ــ المرجع نفسه، ص: 67.‏

10 ــ المرجع نفسه، ص: 51.‏

11- Enkvist. N 1973 linguistic stylistic. Paris p. 68.‏

12- Halliday. M. a. k and Mcintosh. A. 1966 patter ns of language London. P.67

13 ــ ترویض النص وسلطة اللغة، عناد غزوان، محاضرة ألقیت سنة 1998 اتحاد الكتاب والأدباء العراق بغداد.‏

14 ــ مداخل نقدیة معاصرة إلى دراسة النص الأدبی، محمود الربیعی، عالم الفكر، مجلد 23 العددان 1 ــ 2، 1994 ص، 299.‏

15 ــ فی العلاقة بین المبدع والنص والمتلقی، فؤاد المرعی، عالم الفكر، مجلد 23، العددان 1 و2 الكویت 1994 ص 336 ــ 337.‏

16 ــ علم اللغة والأسلوب الأدبی، دونالد سی، فریمار، الولایات المتحدة الأمریكیة، 1970 ص 4. 3.‏

17 ــ النقد الجمالی، أندره ریشار، ترجمة هنری زغیب، منشورات عویدات، بیروت، لبنان ط 1974. ص 9.‏

18 ــ الخطیئة والتفكیر من البنیویة إلى التشریحیة قراءة نقدیة لنموذج إنسانی معاصر، عبد الله الغذامی، النادی الثقافی، جدة 1405هـ ــ 1985. ص 20 ــ 22 ــ 49 ــ 50.‏

19 ــ اللغة والشاعر ماری بوروف شیكاغو، لندن 1979 ص 5.‏

20 ــ أنماط الأسلوب الأدبی، جوزیف ستریاكا، لندن 1971 ص 233.‏

21 ــ منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق ــ 2000 مقال: اللسانیات والنقد الأدبی، أد، عنان غزوان.‏

22 ــ الأسلوب فی اللغة، توماس، أی، سبیك، نیویورك ولندن ــ ص 9. 82. 87. 88.‏

23 ــ الأسلوب الأدبی، سیمور جاغان، مطبعة جامعة أوكسفورد 1971 ص 24. 43.‏

+درج شده توسط مترجم عربی - دکتر مهدي شاهرخ در پنجشنبه ۱۲ فروردین ۱۳۸۹و ساعت 19:27|