النسویة فی القصة القصیرة
نماذج سوریة
یحسن فی البدایة أن نتوقف عند إشكالیة مصطلح (النسویة) الذی أسیء فهمه كثیرا! إذ إن ما أقصده هو انفتاح اللغة الأدبیة على خصوصیة التجربة النسویة، التی نلمسها فی إبداع المرأة، دون أن نحمّل هذا المصطلح أی دلالات تؤدی إلى تمییز أو تفوق أدب المرأة على أدب الرجل! لأن الإبداع، فی رأیی، هو الانتماء الحقیقی للأدب بغض النظر عن جنس قائله.
خصوصیة دلالة العنوان:
نلمح هذه الخصوصیة فی اختیار عنوان قصة "أنیاب رجل وحید" [1] (فی مجوعة غادة السمان "لا بحر فی بیروت" التی ظهرت طبعتها الأولى 1963) یلاحظ أن هذا العنوان یحمل دلالات القهر والمعاناة التی تتبدى فی اختیار لفظة (أنیاب) التی أضیفت إلى الرجل، وشكلت وحدة دلالیة معها بسبب وحدة المتضایفین، مما یعنی أن الكاتبة ترى الآخر بصورة مشوهة، لكن صفة (وحید) خفّفت من هذا التشوّه، إذ جعلتنا نلمس تعاطف الكاتبة مع ظروف الرجل (أستاذ الجامعة بسام) الذی یعیش تجربة غرائبیة، فقد أُخبر عبر هاتف أتاه فی المنام بأنه مشرف على الموت بعد یومین، فیطغى علیه إحساس الزوال، ویتضاعف إحساسه بالحاجة إلى الآخرین، لكنهم یكشرون عن أنیاب الخداع، فلم یجد أمامه إنسانا مخلصا سوى (سلمى) تبدو المرأة هی ملاذ الرجل فی محنته، بما تجسده من قیم الحب التی هی حبل نجاة للإنسان الوحید عالم مزیف! فهی تعید للرجل إنسانیته، وتخلصه من أنیابه ووحدته، مما یعنی سیطرة صورة المرأة المنقذة على لا شعور
الكاتبة غادة السمان!
خصوصیة التجربة:
نلمس فی مجموعة ألفة الأدلبی "ویضحك الشیطان" التی ظهرت (1970) نعایش فی قصة "من أجلك أنتِ" تجربة المرأة المهانة التی اعتدى خطیبها على شرفها وتخلى عنها بعد أن عرف أنها حامل!
یتجلى الخیال المقهور هنا فی تحویل هذا الرجل إلى قطیع من الذئاب، وبذلك لا تستخدم الكاتبة الصفة السلبیة (ذئب) بصیغة المفرد بل تجعلها بصیغة الجمع، فیصبح الخطیب الهارب من مسؤولیته قطیعا من الذئاب تلاحق المرأة! "آه من الذئاب!…قطیع من الذئاب یحمل رؤوسا بشریة یطاردنی، یعوی ورائی…أسرع الخطا، أركض كمجنونة…" [2]
بدت لغة الحلم إثر تجربة المرأة مع الرجل المعتدی تجسیدا لمخاوفها تستطیع عبره التنفیس عن رعبها وقلقها الذی یصل حدّ الجنون!
نلمس جمالیة الحوار الذی ینبع من خصوصیة التجربة، إذ نعایش فی هذه القصة تجربة فریدة تجسد بؤس المرأة الحامل المخدوعة، التی لا تجد من تبثه شكواها وحزنها سوى الجنین! فهو المستمع الوحید الذی ترتاح إلیه، لذلك تنشئ حوارا مدهشا بینها وبینه فی أحشائها (مفترضة أنه طفلة) وبما أن المستمع (الجنین) لا یستطیع الحوار، فإن حوارها بدا داخلیا أشبه بلحظة بوح واعتراف ودفاع عن النفس، إنه حوار مع الذات وكشف للحظات ضعفها وحرمانها! كما هو كشف لآمالها ومخاوفها، إذ یطاردها كابوس أنها ملاحقة تقع فی فخاخ الذئاب!
اهتمت الكاتبة بأن تجعلنا نعایش تفاصیل هذه الأزمة منذ الافتتاحیة، ففی الجملة الأولى فیها "صحوت من نومی مرتاعة أرتجف" وحتى الخاتمة "سأقدم على الأمر الفظیع (إسقاط الجنین) وسأحرم منك! لا من أجلی أنا بل من أجلك أنت"
تلجأ الكاتبة إلى تقنیة الحوار الذی یعتمد اللحظة الراهنة (أی الترهین السردی) فیكشف مدى أزمة بطلتها الداخلیة (إسقاط الجنین أمر فظیع ومحرم دینیا واجتماعیا) كما یكشف صراعا بینها وبین ذاتها تحسمه لصالح الطفلة، وكذلك لجأت الكاتبة إلى العبث بالزمن وجسدت لنا عبرالحوار الذی یجسد لحظة مستقبلیة حاسمة فی حیاة (الطفلة لجنین)!إذ تخیلت طفلتها صبیة جمیلة یرفضها خطیبها لأنها ابنة غیر شرعیة، فنجدها تحاسب أمها باكیة "لِمَ كتمت عنی الأمر؟…"
إن تجاوز اللحظة الحاضرة إلى المستقبل، یدفعها إلیه خوف من مجتمع ینسج البؤس حول مصیر طفلتها غیر الشرعیة، لذلك تساعدها هذه التقنیة على استباق الأحداث وحسم أمرها فی التخلص من الجنین، وهی تمهد لهذا الاستباق الذی یستشرف المستقبل بعبارة "هأنذی أتخیلك" كی تمهد للمتلقی نقلتها الزمانیة وتضمن تفاعله.
ثمة نوع من الترتیب رغم تجاوزها للمألوف فی تقدیم أحداث القصة عبر إطار زمنی حر (حاضر، ماض، مستقبل) فقد لاحظنا أن حدیثها عن الماضی قد سبق حدیثها عن المستقبل، إنها ترید أن تقدم للمتلقی ماضی الشخصیة ولحظات ضعفها ثم آلام تنتظرها فی المستقبل، مما سینعكس على قرارها الذی اتخذته فی حاضرها، رغم أنه یتنافى مع تلبیة حاجات المرأة الداخلیة وهی تجربة الأمومة!
تجربة الأمومة:
فی مجموعة ملاحة الخانی "كیف نشتری الشمس" (1978) تستوقفنا قصة "أنت شبیهی" التی نجد فیها تجربة الأمومة بصورة مدهشة، فقد استطاعت الكاتبة أن تقدم رؤیتها عبر صورة تجسد بؤس العلاقة بین أم وحیدة وابن عاق نسی أمه وهو یلهث وراء لذاته ونجاحاته المادیة، وقد جاءت هذه الصورة على لسان الابن العاق، فبدا لنا صوت أعماقه واضح البشاعة "مع توالی الأیام نبتت لی مخالب أخفیها وبراثن أتستر علیها، وفی موضع القلب أحمل فلزة من صخر …أنت وحدك موئلی، ودارك ملاذی.
مررت أصابعها على جبینی، توقفت عند العینین، تبسمت. المرارة تقطر من التجاعید المرسومة حول الفم. أحس طعمها فوق لسانی تلدغنی ، أصابعها تغوص الآن فی عمق شعری، تدغدغه بعنف..شیء ما مدبب فی رؤوس الأصابع یجرح جلدة الرأس…یهبط على جبینی الذی ینـزف للتو، تكاد الأصابع تبلغ عینیّ… الأظافر نبتت واستطالت وقست باتت مثل أظافر فهد متوحش." [3]
ثمة هاجس لدى الكاتبة هو أن تجسد خصوصیة مشاعر الأمومة المكلومة، فحاولت تجسید هذه التجربة عبر أدوات تصویریة، فأی انحراف فی العلاقة بین الأم وابنها، تجعل الولد العاق یضع صخرا مكان قلبه، فیعیش حیاة منسلخة عن عالم الإنسان! إذ تنبت له مخالب، خاصة بعد أن حلت المرارة محل الرقة والحب فی قلب الأم، لذلك لن نستغرب هذه الصورة للأم التی تود لو تمزق ابنها اللاهث وراء المادة ناسیا المعانی النبیلة والقیم! لهذا نكاد نفتقد، هنا، الألفاظ الرقیقة، مع أن المشهد الذی تقدمه مشهد لقاء أم بابنها المسافر! فقد طغت الألفاظ ذات الدلالة القاسیة والمتوحشة (فلزة من صخر، المرارة، شیء ما مدبب، الأظافر: تكررت مرتین، برائن، مخالب، فهد، متوحش) كذلك نجد الأفعال بدت ذات دلالات عنیفة (تلدغنی، یجرح ، ینـزف) حتى الفعل الذی قد یحمل دلالة تبعده عن العنف (یدغدغ) تضیف إلیه صفة تجعله قاسیا (تدغدغنی بعنف)، أو تجعله یحمل هذه الدلالة من خلال السیاق (تقطر المرارة) (تكاد الأصابع أن تبلغ عینی)
قدمت الكاتبة عبر ذلك كله صورة فنیة تشكل معادلا لحقیقة بتنا الیوم نعایشها، وهی افتقاد كل ما هو جوهری ینعش الوجود الإنسانی ویعطی للحیاة معنى (رقة الأمومة وحنانها، وتجاوز الأبناء أنانیة الذات) فی مقابل اللهاث وراء الزیف والمال، لهذا بتنا نستبدل بحب الأم مخالب فهد متوحش!
استخدمت الكاتبة أم عصام (خدیجة الجراح النشواتی) فی مجموعة "عندما یغدو المطر ثلجا" فی قصتها "الحقیقة العاریة" لغة رمزیة للدلالة توحی ببؤس العلاقة بین الرجل والمرأة، لذلك تستعیض فی هذه القصة عن الاسم أو الصفة الاجتماعیة، فالزوجة تصبح "فأرة" والزوج "سجانا" وبذلك تكون الدلالة السلبیة من نصیب الرجل والمرأة دون أی تحیز من الكاتبة لجنسها!
لكن ما لاحظنا فی هذه القصة هو تسلیط الضوء على صوت المرأة فی لحظة تأزم، فنلمس تفاهة الحیاة التی تعیشها بسبب الزوج الذی یفرض علیها قیم الحیاة الحدیثة بنظره (السهر، الرقص، المجون، حیث یتبادل الرجال زوجاتهم) فی حین نجد الزوجة ترفض الانصیاع لهذه الحیاة، وینتابها الخوف على ابنتها فتقدم لها الحقیقة العاریة التی تعنی خلاصة تجربتها المرة فی الحیاة فتقول؛: "المدینة زیف وتمثیل لا تحرر وصدق…ستهمس لها بألا تقبل الحیاة فی سجن كسجنها، بل فی قصر… قصر فی مفهومه لا فی قیمته المادیة وریاشه الفاخرة…ستعلمها بأن تقبل رفیق عمرها صدیقا وندا وفیا، یقدر وفاءها له ویحترمه… سترسم لها خطوط الحقیقة العاریة." [4]
مع الحیاة المشوّهة لن تستحق المرأة اسما عادیا أو لقبا اجتماعیا وإنما ستطلق الكاتبة علیها اسما رمزیا "فأرة" یجسد بؤس حیاتها التی أوصلتها إلى الهامشیة والمهانة، وكذلك لن نسمع اسم الزوج ولن نلمس صفته الاجتماعیة، بل سنجده من خلال الدور الذی یمارسه هو "السجان" ویتحول بیت الأحلام الزوجیة إلى سجن تنتهك القیم فیه!
لذلك نجد المرأة تهرب من حاضرها التعس إلى أحلام الماضی، لكن هذا الهروب لن یشكل ملاذا لها، فقد تجسدت أحلامها فی أسوأ صورة، لهذا كان إحساس الفجیعة یشمل حاضرها كما شمل ماضیها، یأتی صوت أعماقها عن طریق الراویة، الذی یبدو لنا حمیمیا أحیانا، إذ قلما تتحدث الشخصیة بلسانها (مستخدمة ضمیر الأنا) فهی تتحدث بلغة حذرة، مستخدمة صیغة الغائب، لعل الكاتبة تتجنب إساءة فهم قد تتعرض له من قبل المتلقی الذی قد یماهی بینها وبین الشخصیة النسویة! لذلك تلجأ إلى ضمیر الجماعة، كی تلمح إلى أن هذه المعاناة جماعیة لا علاقة لها بذات الكاتبة.
خصوصیة علاقة المرأة مع الزمن:
نلمح هذه الخصوصیة فی قصة أخرى لأم عصام هی "المرحلة الصعبة" إذ نعایش تجربة تكاد تكون خاصة تدعى أزمة منتصف العمر، صحیح أن هذه الأزمة یتعرض لها كل من المرأة والرجل، لكن معاناة المرأة تبدو أكثر حرقة، لهذا تسیطر لغة الوجع الروحی على الشخصیة النسویة فنسمعها تقول: "تتحسر روحها" أو "روحها تتبدد فی الشكوى" أو تتلوى الروح تتمتم" فقد أعلن موتها حین بلغت منتصف العمر!
وبذلك نعایش فی هذه القصة أزمة المرأة التی تدعوها الكاتبة بـ"المرحلة الصعبة" فی عنوان یجسد المقولة الأساسیة للقصة، ویسلط الضوء على لحظة مأزومة تمر بها المرأة، تزیدها قلقا وخوفا من الحیاة، خاصة حین لا تجد عونا من أحد، حتى من زوجها ینشغل بالقراءة عن الإصغاء إلیها، لذلك بدا لنا الحوار الخارجی أشبه بحوار داخلی، مادام الآخر "یغرق فی هدوئه وصمته وعیناه مسافرتان عبر السطور"
لهذا یسیطر على المرأة إحساس بالدمار فـ"فی المرحلة الصعبة یتهدم كل شیء، ونخال الأیام قد انتهت" تتابع تداعیاتها عن الماضی بكل ما یعنیه جمال الشباب الذی یحمل بین یدیه إمكانات الفرح والأمل "تبدأ الحیاة والمستقبل یتراءى خلف بریق الأمل…نخال الغروب شروقا، نخال كل ما نحصل علیه سیلفحنا بحرارة الغد الذی لم یولد بعد." [5]
أعتقد أن عدم استخدام ضمیر الأنا المفردة، فی هذه القصة، أفقد الخطاب حمیمیته، مما أدى إلى جعله أقرب إلى الخطاب العام! لعل الخوف من المجتمع دفعها إلى استخدام ضمیر یبعد عنها الشبهات!!
تشوّه العلاقات الإنسانیة:
فی مجموعة ضیاء قصبجی "ثلوج دافئة" ترصد بلغة غرائبیة تشوه العلاقات الإنسانیة إلى حد مفزع، والكاتبة هنا لا تبرئ المرأة وتتهم الرجل، بل تبدو معنیة بالتشوهات النفسیة التی تحاصر المرأة الیوم! فحین تذهب الصدیقة (فی قصة "نداء من الماضی") لتعزی صدیقتها، التی تربطها بها خیوط مودة بالیة، بوفاة والدها یستقبلها كلب أسود حاول الخروج إلیها لیفترسها، وهو ینبح نباحا شرسا….وینظر إلیها بعینین یتطایر منها الشرر، كان مخیفا…" لذلك تساءلت بینها وبین نفسها "هل یؤدی الإخلاص إلى التهلكة أحیانا!" [6]
فالصدیقة اللاهثة وراء متع الحیاة تركت كلبا یتلقى العزاء، لذلك نجد هذه الصدیقة تتمتم فی الخاتمة برغبة مكبوتة، تنطق بالحقیقة المؤسیة "ألیس من الأفضل أن یذهب الكلب وتبقى السیدة؟؟!!" فنلمح رغبة ملحة فی أن تعود الحیاة إلى وضعها الطبیعی، فیتم الاحتفاء بالعلاقات الإنسانیة!
نلاحظ فی الخاتمة استخدام لغة حیادیة، فالصدیقة التی تهرب من صدیقتها تفقد صفة الصداقة لذلك تصبح (سیدة) فقط، لاحق لها فی امتلاك اسم یقوم على الصدق والمحبة، لهذا أطلقت علیها اسما محایدا (سیدة) تستحقه وتحرمها من صفة لا تستحقها (الصدیقة)!
كنت أتمنى لو كثّفت الكاتبة لغتها أكثر، فتخلت عن بعض تداعیاتها التی أساءت إلى بنیة القصة، كتلك التی تتحدث عن ضعف ذاكرتها، وعن بعض صفاتها (ص 37_ ص 38)
لعل الغرائبیة سمة من سمات الكاتبة ضیاء قصبجی، لهذا لا تمیز فی أغلب قصص مجموعتها بین امرأة أو رجل، كأنها ترید أن تنذرنا بأننا إذا لم نحافظ على علاقاتنا الإنسانیة بكل دفئها، سنعیش حیاة مشوهة تصل حد الحیوانیة، ففی قصة "لیلة العرس" نجد مظاهر البذخ تصل حدودا غیر طبیعیة، لذلك بدا العریس "وحشا" وبدت العروس "نعامة" تدهشنا هذه القصة بدلالاتها الساخرة التی تجعل من أجواء البذخ والتفاهة جوا یقترب من حدیقة الحیوان، مما یذكرنا بعوالم زكریا تامر الساخرة.
العلاقة مع الرجل:
بدت الكاتبة معنیة بالحفاظ على عالم نقی یسود حیاتنا الاجتماعیة، لذلك تقوم بتسلیط الضوء على العلاقة المشروخة بین المرأة والرجل فی قصتها "شروخ فی الخیمة" التی یوحی عنوانها بتمزق الروابط الأسریة التی تجمعها خیمة الزوجیة، خاصة حین تصبح العلاقة بین المرأة والرجل علاقة سید بمسود، تقول الزوجة: "أنتظر أن یأمرنی بنصبها (الخیمة) فی المكان الذی یریده"
قدمت لنا الكاتبة العلاقة المشروخة عبر صوت أعماق المرأة التی تبوح بآلامها وتسرد قهرها بسبب تسلط الرجل "فقال بصوته الزاجر" فنعایش بؤس العلاقة الزوجیة بكل تناقضاتها، إذ نجد مقابل لغة الزجر الذكوریة لغة الحب الأنثویة، فتجیب المرأة بصوت یملؤه الحب والحنان" لذلك وجدنا المرأة تعیش علاقة غیر سویة أشبه (بالمازوشیة) فتردد بینها وبین نفسها عبارة تجسد ذلك "إنه ظالمی لكننی أعشق ظلمه" فالظلم والزجر والأنانیة والعطالة سمات الرجل (یأكل بشهیة وحده، یغط فی نوم عمیق) لكونه ینعم بالهدوء وعدم المبالاة بمن حوله!
نلمس لدى الكاتبة تعاطفا ضمنیا مع المرأة ، فنسمع وجهة نظرها فی حین یغیب صوت الرجل فی هذه القصة فیتجلى عبر جمل قصیرة ترتكز على توجیه الأوامر للمرأة "ثبتی عمود الخیمة هنا…وافتحیها" فی حین تبدو المرأة فاعلة معطاءة (تهیئ لزوجها الفراش الوثیر وتنام على البساط، تقدم له الطعام ثم تتناول بقایاه!)
أمام هذا القهر تستجیب المرأة لنداء حب متكافئ، یدعوها إلیه رجل آخر یراها إنسانة لا عبدة، یتعاون معها على حمل أعباء الحیاة.
یلفت نظرنا أننا لا نجد فی هذه القصة أسماء تحملها الشخصیات سواء أكانت شخصیات ذكوریة أم أنثویة، تكتفی الكاتبة بتجسیدها عبر الضمائر، كی تضفی عمومیة على فضاء قصتها، لكن الملاحظ أن الرجل الظالم تبدى لنا عبر الضمیر الغائب فی حین تبدى لنا الرجل المحب عبر ضمیر المتكلم الذی ینطق بلغة إنسانیة تؤسس لعلاقة متكافئة بین المرأة والرجل فی الوقت الحاضر والمستقبل، مادام الماضی لم یعد ملكا لنا!
نفتقد فی البدایة، مع توتر العلاقة بین المرأة والرجل، ضمیر الجماعة الذی یوحد بینهما، لكننا مع ظهور علاقة إنسانیة تقوم على الحب والفهم، یبدو لنا ضمیر الجماعة قد وحد بینهما، فباتت أفعال المرأة والرجل واحدة (مررنا، سررنا) وصفاتهما واحدة (مسرورین) بل أصبح هدفهما واحدا (متجهین نحو …)
أفلحت الكاتبة فی توظیف الطبیعة لتكون معادلا فنیا لعلاقة المرأة بالرجل، فالعلاقة غیر السویة (الظالمة بینهما) تنعكس على علاقة اللیل بالنهار "داهم اللیل النهار" أما شروق الشمس فقد أصبح "معركة" وظلام اللیل أصبح "احتلالا" وبذلك نفتقد، مع علاقة القهر التی تؤسس علاقة المرأة بالرجل، جمالیة لقاء اللیل بالنهار (الغسق والشروق) إذ بات اللقاء صدامیا بینهما كأنه لقاء حربی!
من الملاحظ أن الكاتبة جعلت العلاقة غیر السویة بین المرأة والرجل فی فضاء خیمة ممزقة! أی فی فضاء ذی دلالة تقلیدیة، تقهر المرأة، فالخیمة مازالت رمزا، باعتقادنا للحیاة القبلیة التی وصلت فی الجاهلیة إلى درجة وأد المرأة! وقد منحت الكاتبة صفة التمزق للخیمة لتـزید فی دلالة بؤس العلاقة المشوهة بین المرأة والرجل التی تظللها خیمة ممزقة! أما العلاقة السویة فقد تمت فی فضاء الطبیعة التی تحمل دلالة منفتحة على الجمال "الأرض الخضراء" حیث یتم اللقاء "فی ظلال الزیزفون" "أمام غدیر طافح بالماء" حیث توقفت الشمس عن معركتها وعاد إلیها شروقها الجمیل، فانتشت الطبیعة فرحة، وكست أشعة الشمس میاه الغدیر "بریقا متراقصا"
إن جمال العلاقة الإنسانیة بین المرأة والرجل انعكس على الطبیعة، فغابت اللغة القاسیة التی تجعل الفضاء الطبیعی أشبه بفضاء حربی (داهم، معركة، احتلال…) فتقتل أیة إمكانیة لوجود علاقة إنسانیة! ولكن مع العلاقة الندیة بین الرجل والمرأة ظهرت اللغة الرقیقة ذات الإیحاءات الجمیلة المعطاءة (الخضراء، ظلال، غدیر، طافح…) بل تحولت الطبیعة إلى أم رؤوم تحنو على المرأة والرجل حین سكن الحب قلبیهما، فابتعدا عن الحیاة الجاهلیة "سرنا فی الطریق الذی یبتعد عن الخیمة… تحت أشجار الصنوبر التی تحنو بأوراقها وظلها علینا." [7]
وبذلك أسهمت اللغة الحساسة فی تأسیس فضاء قصصی متمیز، یهب القصة جمالیة خاصة تجعل عملیة تلقی القصة عملیة ممتعة، تغنی الروح والفكر، وتجسد طموح المرأة إلى فضاء أكثر إنسانیة ینأى عن السیاق الجاهلی الذی مازال یرمی بثقله على العلاقة بین المرأة والرجل.
مع مجموعة "غسق الأكاسیا" لأنیسة عبود تحضر الطبیعة فی المقولة الأساسیة للمجموعة (العوان) كما تحضر فی التفاصیل، فهی جزء أساسی فی صراع القیم والمثل مع القبح!
نلاحظ امتزاج لغة الهم الخاص بلغة الهم العام، إذ إن أی دمار للوطن سینعكس أول ما ینعكس على روح المرأة الصافیة! وهی غالبا امرأة ریفیة ("شروخ فی الزمن" "المرآة") لذلك بدت المدنیة الزائفة التی نعیش فیها الیوم المصدر الأساسی للكآبة التی تعانیها المرأة، إنها مصدر البشاعة التی حلت بحیاتنا!
تبدو لنا المدینة المشوهة وقد اعتدت على الطبیعة، فقتلت أجمل رموزها "شجرة الشط" عندئذ تقتل الأصالة والنقاء والحب والعطاء من أجل أن یسود الاستهلاك والمال! وقد بدت هذه المجموعة عبر فضائها المشوه (المدینة) وفضائها النقی (الریف) استمرارا للفضاءات التی عایشناها فی روایتها "النعنع البری"
التجریبیة فی القصة القصیرة:
یسجل للكاتبة أنیسة عبود أنها استطاعت أن تقدم القصة القصیرة التجریبیة بشكل إبداعی، ففی قصة "انفجار الألوان" تمتزج القصة القصیرة باللوحة التشكیلیة، إذ تسرد علینا القصة عن طریق لوحة ترسمها الشخصیة (زنوبیا) تفاصیل حیاتها فتبدو لنا الریشة قلما تستجلی بها أعماقها "أغمر ریشتی فی الماء كأنی أغمرها فی محیط بعید أمتد باتجاهه، علنی أرى نهایة هذا العماء الذی بدأ یتبلور فی أعماقی." [8]
تتیح عوالم الفن التشكیلی للكاتبة أدوات تعبیریة مبدعة، لو تأملنا لفظة (ریشة) التی قد تكون أداة رسم وقد تكون ریشة طائر فی مهب الریح، وقد استطاعت هذه الدلالة أن تجسد لنا الضیاع فی محیط مضطرب، لذلك لن نستغرب سیطرة الألوان السوداویة التی تحمل دلالات حزینة! إن حزن (زنوبیا) لیس حزنا عادیا أو شخصیا إنه "حزن كونی" یؤلمها ما أصاب أمتها من انكسارات التی تدعوها ساخرة بانتصارات، فتتضح لنا معالم الشخصیة عبر لغة التناقضات التی تجعل الشخصیة "وریثة انتصارات الخلیج وانتصارات النفط وانكسارات الأعماق" لهذا بات الفضاء الزمنی الذی تعیشه متأرجحا متراقصا كورقة تعبث فیها الریح! لا یوحی لها بالاستقرار أو الأمان!
نعیش مع هذه الشخصیة (زنوبیا) معاناة المرأة المبدعة، التی بدأت تحقق نقلة نوعیة فی وعیها، إذ ترى وجودها الإنسانی عبر الإبداع، لا عبر الرجل! لذلك نسمعها تقلب مقولة دیكارت "أنا أفكر إذا أنا موجود" إلى "أنا أرسم إذا أنا موجودة" لكن هذا الوجود الإبداعی تهدده علاقات إنسانیة مشوهة تحیط بها سواء مع الرجل أم مع المجتمع بما فیه من حیتان مستوردة تهدد بالتهام الأصالة والجمال من حیاتنا!
تتضح لنا فی هذه القصة العلاقة بالرجل وتكتفی الكاتبة بالتلمیح إلى العلاقات الأخرى التی بدأت تشوهها الحیتان، نظرا لطبیعة القصة التی تقوم على الكثافة والاختزال!
تبدو لنا (زنوبیا) امرأة جدیدة، تبحث عن ذاتها فتجدها عبر الإبداع الفنی، فهی مقتنعة بأن الإبداع صنو الخلود" وهذا ما یهدد علاقتها بالرجل الذی لم یتفهم بعد أعماق المرأة المبدعة، لهذا كانت علاقتها بالألوان علاقة انسجام حتى بدت مندغمة متداخلة بوجودها، فی حین كانت تنظر إلى (عاصم) ضجرة "ترى خیالات عینیه ووجنتیه وشعره، فهی غیر متأكدة من لون عینیه ولا من لون شعره"
إذا ثمة فرق بین الاندغام والتوحد مع الألوان وبین تحول الرجل إلى مجموعة خیالات باهتة، لذلك لن تستطیع تذكر لون شعره أو عینیه، فكأن الفن هو الحقیقة التی تتأكد فی أعماقها، فی حین بات وجود الرجل أقرب إلى الوهم، فهی غیر متأكدة من وجوده، لذلك یبدو لنا سؤال الرجل "أتحبیننی؟" فی الافتتاحیة سؤالا ذا دلالة سلبیة، لأن وجود الرجل فی حیاة المرأة المبدعة یدمر فنها، فقد سمعنا جواب (زنوبیا) عن هذا السؤال "أتحبیننی؟" موحیا لنا بدمار الفن "أفرط شعر الریشة فیتناثر عبر فضاءات الغرفة المزدحمة بالألوان والأشیاء والغضب" لذلك من حقها أن تتساءل: "أی سؤال هذا الذی یقف بالباب موجها لی متطاولا كشجرة تسد علی بظلالها كل منافذ الشمس"
صحیح أن الرجل (الشجرة) ضروری للحیاة لكنه لن یكون فی أهمیة الشمس أی (الفن) بالنسبة إلى المرأة، لذلك قد یؤدی وجوده لسد آفاق الحیاة أمامها فتراه نوعا من "الطوفان" الذی یدمر حیاتها، فی حین یراها الرجل "قصیدة" تزین حیاته!
تبدت لنا علاقة المرأة بالرجل، عبر لغة مأزومة (تسد منافذ الشمس، الطوفان، الغضب…) توحی لنا بمعاناة المرأة مع الرجل، إنه یحاول ترویضها كی یصبح عالمها الوحید تدور حیاتها حوله، فهو لا یمكنه أن یصدق أن بإمكان المرأة أن تنشغل عنه بإبداعها الخاص، لترى وجودها من خلاله! بمعزل عن الرجل!
یبدو لنا الرجل أكثر انشغالا بعالم المادیات، فی حین تبدو المرأة مهمومة بهم الوطن والإنسان! لذلك لم یعد یوحی لها "بلوحات جدیدة ولا بانفجارات لونیة"
لكن الكاتبة تدرك أن أی دمار یلحق بالوطن، فی ظل النظام العالمی الجدید، لن یصیب المرأة دون الرجل، لذلك لابد أن یتحدا للوقوف ضده، تتعمد الكاتبة إخفاء ضمیر (الأنا) الذی لحظناه فی القصة أثناء الحدیث عن هم الإبداع (الذی هو هم ذاتی) لیفسح المجال لضمیر الجماعة (الذی یضم النساء والرجال) فالأخطار تحیق بهما معا "إن عالما جدیدا ینبثق الآن من أصابعنا وذاكرتنا یحمل السیاط ویجلدنا لنعترف على أنفسنا ولندخل لعبة السجن الجدیدة." [9]
تحاول الكاتبة تقدیم ملامح عالم الاستهلاك، وقد عززتها الأقمار الصناعیة التی جعلت الإنسان العربی مهددا بتدمیر شخصیته وهویته، كی یبقى فی سجن التخلف والذل! ویعیش مقلدا لا مبدعا!!
لهذا تتمنى (زنوبیا) أن یكون الرجل سفینة إنقاذ تساندها كی تواجه بؤس حیاتها وكآبتها، لكن الرجل یخیب ظنها، مازال ممسوخا داخل أفكاره وأنانیته! تراه نقیضا للفن تراه وسیلة تعول علیها فی مواجهة هذا الدمار وهذا الانهیار فی القیم والمثل.
وقد أسهمت اللغة الشعریة فی بناء القصة، واستطاعت أن تجسد الحلم والمكونات الداخلیة اللاشعوریة الأخرى، فعایشنا فیها كثافة الرموز، والدلالات التی توحی باختلاط المثل وسیطرة القلق على الشخصیة بعد الطوفان الذی بدأ یدمر حیاتنا، بكل ما تحمله من قیم أصیلة: قیم الحب والجمال والعطاء! "یا لهذه الریشة الملعونة التی ترفض أن تنصاع لرغبتی…أرید أن أرسم فتاة فی طرف اللوحة هنا، أریدها باسمة فرحة…مشرقة الوجه كشجرة اللوز المغسولة بالمطر..لكن الریشة لا ترسم إلا فتاة مدبوغة بالحقول والهجیر والخوف…" [10]
تمنح القیم المعنى الحقیقی للحیاة، لذلك تفتقد المرأة السعادة والحلم بحیاة أفضل حین تفتقدها، لهذا تعیش القلق والخوف والهجران فی زمن الاستهلاك!!
لو تأملنا الفضاء المكانی فی هذه اللوحة للاحظنا الحضور الكثیف للریف بكل تنوعاته (روعة الخضرة، حیواناته وطعامه…) فهو المنبع الوحید للفن، وبالتالی المنبع الوحید القادر على مواجهة الدمار، فی حین بدت المدینة نقیضا للفن، لذلك حین ترسم (زنوبیا) شارعا فی مدینتها تبدو عاجزة عن الإبداع، إذ تخرج الألوان من قانونها…مزج الأزرق بالأصفر لم یعطِ اخضرارا" لأن المدینة تقتل الخضرة والجمال، فهی بالتالی عاجزة عن إلهام الفنان!
وقد منح البناء التشكیلی القصصی، إن صح التعبیر، الكاتبة قدرة مدهشة فی التخییل، فالشخصیة مثلا ترسم فی لوحتها خرافا سرعان ما تختفی، فقد التهمها كلب كبیر، ثم انقض على الرسامة ناشبا أظفاره فی رقبتها، فهو عالم القوى الكبرى التی لن تفسح المجال للوداعة والمحبة والعطاء، لذلك یلتهم الكلب الخراف، ولن یفسح المجال للفن الصادق أن یقول كلمته، سیبذل كل جهده لخنق هذه الكلمة وینشب أظفاره فی عنق كل مبدع!
وقد اختارت الكاتبة اسما لشخصیتها اسم بطلة تاریخیة، واجهت الأعداء وفضلت الموت على الأسر، إنه اسم (زنوبیا) وقد كان اختیارها موفقا لأننا أمام بطلة معاصرة تواجه دمار وطنها الذی توصل للحقیقة والجمال والمثل ویقاوم الزیف والبشاعة!
بدت لنا هذه الشخصیة أشبه بالشخصیة الرسولیة التی تحس بتفردها بفضل إبداعها، لذلك وجدنا لدیها طموح الرسل فی خلق عالم جدید نقی، بإمكانه أن یقاوم الزیف والطوفان الذی سیغرق العالم، نسمعها تقول "لدی أمور أود أن أنجزها قبل الطوفان"
وقد اختارت الكاتبة اسما عادیا للرجل، لا علاقة له بالتاریخ، لكنه یوحی لنا بصفة الردع التی یراها منوطة به، إذ لدیه رغبة فی أن یعصم المرأة من فنها ویبعدها عن كل ما یلهیها عن وجوده، لذلك كان اسم "عاصم" موحیا بدلالات سلبیة!
صحیح أننا لاحظنا امتزاج هموم الوطن بهم المرأة فی هذه القصة، لكننا لمسنا خصوصیة الخطاب النسوی بكل معاناته الذاتیة والعامة، وبفضل استخدام الكاتبة لضمیر (الأنا) بدت لنا القصة أشبه بقصیدة بوح تضیء أعماق المرأة بما یشبه الاعتراف، نسمع زنوبیا تقول:"أنا كغیری من النساء أحب الهدایا، ولكن یكفی أن تهدینی قرنفلة أو قصیدة… لأعترف بأنی انتظرت هدایاك…ویوم كانت تغیب هدایاك الصغیرة، كنت أحزن وأتوقف عن الرسم، لا أعرف لماذا، ربما هی أنانیة المرأة… أعرف أنی لم أعترف لك بحبی مع أننی كنت أرید أن تعترف لی بحبك فی كل لحظة، الهدیة اعتراف بالحب، أو هی بوح آخر أكثر ترمیزا وأكثر خصوصیة من البوح…" [11]
مع هذه اللغة الحمیمة نسمع صوت أعماق المرأة معترفا بما یفرحها من تصرفات وما یسعدها من أقوال، فنعیش معها صدق التجربة وحرارتها، فرسمت لنا الكاتبة أبعادا للذات الأنثویة قلما نظفر بها فی الحیاة العادیة!
افتقدنا فی اللغة القصصیة لدى أنیسة عبود،أحیانا، الكثافة والإیجاز، دون أن یعنی هذا القول افتقادها للغة متمیزة فی حساسیتها وشاعریتها، مما یمكنها من تقدیم قصة تجریبیة متمیزة.
أخیرا لابد أن یلاحظ المتتبع للقصة القصیرة النسویة السوریة أنها استطاعت أن تجسد خصوصیة التجربة الأنثویة عبر خطاب قصصی یسعى للتمیز، والنطق بلغة أدبیة خاصة، تمنح القصة فرادتها، فحاولت المزج بین الأسلوب الحداثی والأسلوب التقلیدی! وهذا ما حاوله الكاتب فی إبداعه فی أغلب الأحیان! من أجل أن یتمّ التفاعل مع المتلقی بشكل أفضل.
وقد بدا لنا أسلوب الحداثة أسلوبا تجریبیا، كل كاتبة تسعى فیه لیكون لها صوتها المتمیز، صحیح أنها حاولت الابتعاد عن الأسلوب التقلیدی، لكن دون أن یعنی هذا القول وجود حاجز حدیدی، فی كثیر من الخطاب القصصی، یفصل بین الطریقة التقلیدیة، التی تقدم فضاء القصة بشكل منتظم عبر لغة واقعیة، وبین الطریقة الحدیثة التی تجسد صوت الأعماق، عبر لغة الشعر والتخییل.
لكن ما نلاحظه هو تلك المعاناة المشتركة بین الكاتبات سواء كتبن القصة الحداثیة أم القصة التقلیدیة، وهی اللغة الفضفاضة التی تفتقد الكثافة اللغویة، مع أنها من أبرز سمات القصة القصیرة. لكن ما یسجل لصالح القصة النسویة السوریة أننا لم نجد فی لغة الخطاب تلك اللغة المتشنجة الانفعالیة أو المتعصبة التی تقطر كراهیة للآخر (الرجل) مما یعنی تجاوزها محدویة الأفق وفجاجة فی الوعی!
حواشی
[1] غادة السمان "لا بحر فی بیروت" دار الآداب، بیروت، ط3، 1975
[2] ألفة الأدلبی "ویضحك الشیطان وقصص أخرى" مكتبة أطلس، دمشق، 1973، ص 16
[3] ملاحة الخانی "كیف نشتری الشمس" نشرت بالتعاون مع اتحاد الكتاب، بدمشق، ط1، 1978، 16
[4] أم عصام "خدیجة الجراح النشواتی) "عندما یغدو المطر ثلجا" دار مجلة الثقافة، دمشق، ط1، 1980، ص 172
[5] المصدر السابق، ص 190
[6] ضیاء قصبجی "ثلوج دافئة" اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 1992، ص 41
[7] المصدر السابق، ص 31
[8] أنیسة عبود "غسق الأكاسیا" اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 1996، ص 150
[9] المصدر السابق، ص 154
[10] المصدر السابق نفسه، 158
[11] نفسه، ص 155
+درج شده توسط مترجم عربی - دکتر مهدي شاهرخ در پنجشنبه ۱۲ فروردین ۱۳۸۹و ساعت 19:29|