ابزار وبمستر

الظواهر التربویة فی عیون الشعر العربی
الظواهر التربویة فی عیون الشعر العربی




من المقطوع به أن الأخلاق أفعال قبل أن تكون أقوالا، والتربیة سلوك ومنهج قبل ان تكون ألفاظا وكلاما، والكلمات أجساد خاویة لا تتحرك إلا بروح العمل، فتكون الفعالیات السلوكیة والتربویة من مصادیق الألفاظ وظواهرها، وكلما كانت الألفاظ أقرب الى النفس الإنسانیة كانت حركة الروح باتجاه الخیر أكثر انسیابیة وأقرب الى مدارج الرقی وسلم السمو.

ولعل ألفاظ التربیة المضغوطة فی أبیات الشعراء هی الأقرب الى النفس المرهفة بعد نصوص القرآن والسنة الشریفة، وهی فی مصاف الحكم الصادرة عن رجال الخیر، على ان الشعر لدى بعض الشعراء هی الحكمة بعینها تندلع من لسان القوافی حروف التربیة الآخذة بمسامع الناس ومشاعرهم نحو التفاعل والانفعال بها منتجة سلوكا واضح المعالم لا یشطط بصاحبه عن جادة الصواب، فلا یظلم نفسه ولا یعتدی على أقرانه، ویتمثل فی حیاته كل قیم الخیر، ویتوسم فیها المقاصد السلیمة الباعثة على الخیر والناهیة عن المنكرات ورفض الخصال السیئة التی تتنكب بصاحبها عن سبیل الرشاد.

ولا یختلف مسرح الحیاة عن خشبة المسرح التی یستعرض فیها المخرج عبر شخصیاته الصراع الخفی والظاهر بین قوى الخیر والشر، بل ان المسرح الفنی هو صورة مصغرة عن مسرح الحیاة الدنیا القائم على ثنائیة الخیر والشر أو الرحمن والشیطان، والشاعر المبدع هو الذی یستعرض ملامح الصراع على مسرح قوافیه، فیتلقى الإنسان الشعر بما یساعده على هضم القیم الصالحة ولفظ الخصال الطالحة. وفی الشعر القریض الذی نظم فی النهضة الحسینیة وما حصل فی كربلاء المقدسة یوم العاشر من محرم عام 61 هـ، الكثیر من الأبیات التی اختزنت فی صدورها وأعجازها قیما ومعانی سامیة، وفیها الكثیر من العادات السالبة التی یختزلها الشاعر فی كلمات جزیلة وهی تدعو المرء الى تجنبها.

الأكادیمی العراقی الدكتور عبد الحسین مهدی عواد، استاذ كلیة التربیة بجامعة البصرة، والمحاضر فی الجامعة العالمیة للعلوم الإسلامیة بلندن، وقف على الدواوین الشعریة الصادرة عن المركز الحسینی للدراسات ضمن موسوعة دائرة المعارف الحسینیة لمؤلفها المحقق الشیخ الدكتور محمد صادق محمد الكرباسی، فاستوقفته الظواهر التربویة المبثوثة فی قصائد شعراء النهضة الحسینیة عبر القرون، فأطال النظر عند بعضها لكثرتها، فتناولها فی خمسة فصول فی كتاب صدر العام 2007 عن بیت العلم للنابهین فی بیروت فی 160 صفحة من القطع الوزیری وحمل عنوان: "الظواهر التربویة فی أشعار دائرة المعارف الحسینیة للعلامة الشیخ آیة الله محمد صادق الكرباسی".

وقد تناول الظواهر التربویة بمنظار أكادیمی، فجاءت فصول الكتاب متسلسلة یأخذ بكلیات الأمور لیصل الى جزئیاتها لینتهی بنتائج عامة، ولهذا فان الفصل الأول بحث "التربیة: مفهومها وأسسها"، وبحث فی الفصل الثانی: "أسس التربیة ومفاهیم الأحداث الحیاتیة"، وبحث فی الفصل الثالث: "الإمام الحسین (ع) وكمال التربیة الإنسانیة"، وبحث فی الفصل الرابع: "التهذیب الذاتی وشعر الشعائر الحسینیة"، وحتى تكون الفصول الأربعة تحت مدى منظاره وأفق آرائه وتصوراته، فان الفصل الأخیر تناول: "التطبیقات السلوكیة لفاعلیة الشعر الحسینی التربویة".

مفهوم التربیة وأسسها

لا تختص التربیة بالنظام الإسلامی، لأنها سلوك بشری فطری، یأتی الدین لتشذیبها وتهذیبها، وهی ممارسة یومیة تلاصق الإنسان كظله، ولذلك جاء البحث فی التربیة ومفهومها وفقا لمراحل البشریة لینتهی بالإسلام باعتبار ان محور الحدیث هو الإمام الثالث من أئمة أهل البیت (ع) وسبط النبی محمد (ص)، وما أفرزته الأشعار التی قیلت فیه وفی نهضته المباركة، من ظواهر تربویة وخلقیة. فالتربیة لكونها النشأة السلیمة للإنسان، فإنها تعنی: "عملیة التدریب والاكتساب التی ینمو الكائن البشری بفاعلیتها لیصل الى درجة الكمال الممكن فی جسمه وعقله وروحه وسلوكه الاجتماعیة"، وبناءاً علیه فإنها: "تصوغ الإنسان وتوجه سلوكه نحو الأفضل فی كل نواحی الحیاة"، فهی إذن: "النشاط الحیاتی الذی یكسو الحیاة الخیر والصلاح".

ولان التربیة تعنی بالدرجة الأولى تهذیب النفس البشریة، فان العلاقة جد وثیقة بین علم النفس وعلم النفس التربوی، بلحاظ: "إن علم النفس هو من المعارف ویعتبر من جهة هو أقدم العلوم فی المعارف الإنسانیة"، ولذلك أضحت النفس شعار فلسفة الفیلسوف الیونانی سقراط (Socrates) (470 -399 ق.م)، ومن بعده أفلاطون (Platon) (427-347 ق.م)، وسار أرسطوطالیس (Aristoteles) (384-322 ق.م) على منوال أستاذه أفلاطون، واهتم علماء الغرب بعلم النفس فی مجال التربیة لما توفر من كاشفیة لدى المربی فی سلوك أفضل الطریق وأنجحها لتربیة الفرد البشری.

أما الإسلام فانه أفرد للنفس البشریة مساحة كبیرة، بوصفها مركز الخیر والشر، وعلیها تنعقد كل فعالیات الإنسان، وبالتبع كل فعالیات البشریة، قال تعالى: (ونفس وما سوّاها. فألهمها فجورها وتقواها. قد أفلح من زكّاها. وقد خاب من دسّاها) الشمس: 7-10، ولأن النفس خطرها عظیم، فان النبی محمد (ص) وصف جهادها وتزكیتها فی میدان معركة السلوك والمعاملة الیومیة بالجهاد الأكبر، فی قبال الجهاد الأصغر فی میدان المعركة العسكریة، وهذا الجهاد یبدأ من الطفولة، فصغار الأمس هم شباب الیوم ورجال الغد، وبالتالی كما یقرر الدكتور العواد انه: "من خلال صقل وترویض وتعلیم الطفل المسلم منذ مراحل نشأته الأولى یمكن تیقظ فطرته السلیمة وإبراز جوانب إنسانیته الحقة. فتكون حصیلة حرص المجتمع الإسلامی على إحراز الفطرة السلیمة والإنسانیة الحقة هی الحصیلة العملیة التربویة حتى لو استخدمت أی من التدریبات التربویة التی هی خلاصة آراء الفلاسفة والمربین".

البیئة والموروث الإنسانی

ویمثل المحیط الإجتماعی الذی تنشد فیه القصائد والخطابات المتضمنة لعیون الشعر الحسینی بیئة خصبة لإظهار الجوانب السلوكیة الطیبة، بخاصة إذا كانت القصائد دافعة للمجتمع لكل ما هو خیر ودافعة عنه كل ما هو شر، وتراكمات القصائد هی فی واقع الأمر موروث حی للأمة جیلا بعد آخر، والفرد الذی ینشأ فی بیئة تخللها المجالس الحسینیة وترتفع فیها أعواد المنابر هی بیئة سلیمة تستحث فی الفرد صغیرا كان أو كبیرا المؤثرات السلوكیة الدافعة بالمرء الى سبیل الخیر، ویأتی الدین لیشد من شبكة المؤثرات ویدعمها.

والخیر الذی تشع خیوطه من واقعة كربلاء وتتمثلها الأشعار هو عنوان عریض یشمل كل منقبة حسیة أو معنویة، وقد وجد المؤلف ان من أهم الظواهر التربویة التی یمكن استقراؤها من القصائد الحسینیة هی:

- خصال البطولة والشجاعة: على اعتبار ان البطولة "صفة جمع لعامة الكمالات"، وهی بذلك: "عنوان المحاسن وشعار الكمال ودلیل الثبات والإیثار والورع والزهد وهی لو اجتمعت فی إنسان لأصبح مصداقا للبطل".

- مبادئ العزم والتصمیم: بلحاظ تحقق خاصیة التلازم بین الشجاعة والبطولة وبین العزم والتصمیم. ولا یخفى: "إن خواص العزم والتصمیم تعنی ملازمة الطریق والحفاظ على العهود"، كما إن: "اطمئنان النفس وتعاظم ثقتها بالوفاء للهدف الذی ارتضته واطمأنت لصحته هی من الأمور المولّدة لخصال العزم"، وهذه المعانی ودلالاتها أهداف تربویة ینشدها كل إنسان.

- مفاهیم التسامی والإباء: وهذه من أشهر السجایا والأخلاق الكریمة، وقد تحققت فی كربلاء وأنشدها الشعراء، ذلك: "إن التسامی والإباء تتحقق كنتیجة لتحقق الشجاعة"، وقد كان الإمام الحسین مثالها: "لذا فان خصلتی التسامی والإباء من مستوحیات شخصیة الحسین (ع) ومكتسباته التربویة من حاضنة الرسول الأعظم (ص)، ناهیك عما جاء من تطبیقاتها فی حادثة استشهاده"، وتأسیسا على ذلك: "لابد لحدیث الخطیب عن حادثة استشهاد الحسین والناظم للشعر عن مآثر الحسین فی حادثة كربلاء من أن یستمد مخیلة أفكاره الخطابیة ومعالم صوره الشعریة من هذه الخصال وما ظهر من تطبیقاتها فی حادثة استشهاد الحسین".

- الإیثار والمواساة: فالخصلة الأولى من إفرازات علو الهمة وعظم النفس، والثانیة من دماثة الخلق ولطافة الشمائل.

أدب العِبرة والعَبرة

یذهب الدكتور عواد الى التأكید بان: "الفاعلیة لأی باعث تربوی تزداد قوة وتتعاظم أثراً إذا تم التعبیر عنها بنظم شعری صادق. ویستمد الشعر فاعلیته من صور موضوعات نظمه.. ویكسب مستمعیه الفهم لخصال من انتظمت القصائد فی مآثره".

ومن هذه الصور ما ینسب الى الإمام علی بن الحسین السجاد (ع) (ت 95 هـ) أو الى أبیه أو الى غیرهما:

    قوم إذا نودوا لدفع ملمة
    والخیل بین مدعس ومكردس
    لبسوا القلوب على الدروع وأقبلوا
    یتهافتون على ذهاب الأنفس

فهذه الأبیات كاشفة عن التطبیق العملی لخصال الشجاعة والتصمیم وشدة العزم، وعندما تتناهى الى أسماع المتلقی یستشعرها فی نفسه لیتمثلها فی حیاته الیومیة، وكلما كان الشعر مجیدا وأمكن استخدامه الحسن فی مجالس الخطابة كان نافذا الى القلوب لان: "الشعائر الحسینیة قد تنتظم بما تحتویها كلمتی عِبرة وعَبره"، كما: "إن العَبرة أو البكاء أو النیاح یجب أن یكون بعد استیعاب العِبرة. وبالعنایة بهذا التطبیق نتسامى بالحسین (ع) الى المستوى الذی أهّله له الخالق عز وجل بشهادته ونمتنع من أن نجعل من شهادة الحسین (ع) موضوعا عاطفیا لیس له إلا مظهر العویل والبكاء فقط"، فالعَبرة طریق الى العِبرة والاعتبار وهما أمران متلازمان لا ینفكان، وهذه الملازمة تفضی الى حساب دائرتی الاقتراب والابتعاد من مركز الهدف، وحسب الدكتور عواد: "ولعل الفارق بین الفهم أن الحسین (ع) قد مات بكربلاء والفهم على أنه استشهد هو الذی خلط بین الفهم على أن (البكاء) إنما حصل لحصول الموت، ولیس لمأساة العِبرة منه. وذلك لأن الشهادة هی تعبیر عن رضا الله فلا یُؤسى لها ولا یُبكى على من نالها. وهنا یتضح الفارق بین المعنى لجانب مهم لجوانب (العَبرة) و (العِبرة)".

كما ان الإمام الحسین (ع) كجده الذی قال فیه القرآن الكریم: (لقد كان لكم فی رسول الله أسوة حسنة) الأحزاب: 21، وهذا المعنى یتمثله الشاعر ابن الساعاتی علی بن رستم الخراسانی (ت 604) فی الأبیات التالیة:

    ولكلِّ حیٍّ أسوةٌ بمحمدٍ
    ومحمدٌ ذو الموقف المحمود
    كم فی مصارع آله من عِبرةٍ
    سوداء عدّوها من التسوید
    فتأسَّ بالمأموم والمسموم
    والــمقتول والمجلوب نحو یزید

الى أن یقول:

سل عن زیادٍ وابنه وارجع الى ** عمروٍ فسل هل عاش بعد سعید

فالشاعر یدعو المتلقی الى الاعتبار وملاحظة ما آلت إلیه حوادث الدهر، ویسوقه الى التأسی بالإمام الحسن بن علی (ع) الذی رحل مسموما عام 50 هـ، وبالإمام الحسین (ع) الذی قضى نحبه شهیدا عام 61 هـ، وبالإمام علی بن الحسین (ع) الذی جلب الى مجلس یزید بن معاویة أسیرا بعد واقعة كربلاء، فهذه الأسماء الخیّرة وما یقابلها من أضداد شرّیرة كانت ولازالت تمثل رجال مسرح الحیاة حیث الصراع بین قوى الفضیلة والرذیلة، فأین الحسین من موقع الحدث وأین یزید؟ فالحسین (ع) سما ذكره بفعاله ومواقفه البطولیة وتهاوى ذكر یزید بجرائره ومواقفه المخزیة.

ولما كان الشعر الحسینی یكثر قراءته من على منابر الخطابة الحسینیة، فان واحدة من شروط عملیة التواصل بین المتلقی والظواهر التربویة فی الشعر الحسینی هو قوة الوسیط أی الخطیب لأن: "إلمام الخطیب بالثقافة التربویة والنفسیة ومعرفته بالدراسات الاجتماعیة والسیاسیة تجعله متمكنا من إبراز الخصائص التربویة للشعر الحسینی، سواء ذلك بتنظیم العرض من على المنبر أو من خلال التدرج بالحدث من حال وقوعه الى الحال الأفضل فی التفكیر والسلوك، فیوفر للمتلقی خیر السبیلین، سبیل تعظیم الشعائر وسبیل الاتعاظ من أحداث التاریخ ومآسیه"، صحیح أن فطرة البشر قد تقود المرء الى ایجابیة السلوك: "إلا أن الخطیب الماهر هو الذی یكمل فاعلیة الحدث الحسینی والأثر الفنی للشعر لتثبیت الخصال التی تقوّم السلوك وتُكسب بموجبها التطبیقات التربویة".

ومثال الخصال الحمیدة "الإخوة والوفاء لها" وتقدسیها، وقد صورها بتعبیر فنی جمیل شاعر القرن الثالث الهجری الفضل بن محمد المطلبی، وهو ینشد:

    إنی لأذكر للعباس موقفهُ
    بكربلاءَ وهامُ القومِ تُختطَفُ
    یحمی الحسین ویحمیه على ظمأٍ
    ولا یُولّی ولا یُثنى ولا یَقفُ
    ولا أرى مشهداً یوماً كمشهده
    مع الحسین علیه الفضل والشرفُ
    أكرم به مشهداً بانت فضیلته
    وما أضاع له أفعاله خَلَفُ

ففی هذه الأبیات التی تحكی موقف العباس بن علی (ع) الأخ المواسی لأخیه: "صوّر الشعر الحسینی خاصیة الإخاء وعنایة الضمیر بالوفاء للأخوة فی مأساة كربلاء تصویرا جعل منه مصدرا تربویا یقتدى به".
كاتب وموسوعة

وجد الدكتور عبد الحسین عواد ان المنهج الذی ابتدعه الفقیه آیة الله الشیخ محمد صادق الكرباسی فی تألیف موسوعة متكاملة عن النهضة الحسینیة من: "ستین بابا یستوفی الحدیث بها عن السیرة والسیاسة والأدب وعلم النفس والكیمیاء والفیزیاء والفن المعماری واللغة والعروض والصرف وغیرها من الموضوعات الأخرى"، جعلها فریدة من نوعها، وزاد فی تألقها أن الكرباسی ختم كل مجلد بقراءة نقدیة لعلم من العلماء الغرب والشرق ومن جنسیات وأدیان ومذاهب مختلفة: " وهو الأمر الذی برهن على الموضوعیة التی نأت بالنتائج عن الفئویة وجعلتها فی مدارات المنظوم العلمی العام، أی فی المنظور الذی یتعامل مع المادة العلمیة كعنصر موجود خاضع للدراسة الموضوعیة والعلمیة، وهو العامل المهم الذی ضاعف فی اهتمام الدارسین والباحثین فی مدارات المعرفة التی عرضت لها دائرة المعارف الحسینیة".

ولاشك أن مدارات المعرفة هذه: "والأطر المتعددة والمتنوعة التی انتظمت فی تألیف دائرة المعارف الحسینیة منحتها الملكة الإبداعیة والخصائص الأكادیمیة والثراء الثقافی والكم العلمی الذی برهن على ملكة المؤلف لخصائص الصبر والتأنی فی الكتابة والتألیف المتقن. وهی سمات ترتفع بالمؤلِّف والمؤلَّف الى درجة التقدیر ومن ثم الخلود والبقاء والتجدید"، وبتقدیر العواد الذی یشرف على رسائل علمیة فی الدراسات العلیا: "أثبت هذا العمل المنتظم أن المؤلف یمتلك من الإبداع الأكادیمی ما یجعله متمیزا بشهادات ذوی الخبرة العلمیة والأكادیمیة"، ولذلك فلا عجب أن ینال صاحب الموسوعة: "أربع شهادات للدكتوراه من جامعات سوریا ولبنان والولایات المتحدة الأمیركیة".

+درج شده توسط مترجم عربی - دکتر مهدي شاهرخ در شنبه ۱۱ اردیبهشت ۱۳۸۹و ساعت 19:39|