ابزار وبمستر

معالم شخصیة أبی العتاهیة فی الأندلس
معالم شخصیة أبی العتاهیة فی الأندلس



مقدمة:
لا جدال أن دراسة الشعر الأندلسی لا تكون بمنأى عن دراسة تیاراته وشعرائه فی المشرق، إذ إن الشاعر فی البیئة الأندلسیة ظل مشدوداً إلى أجداده المشارقة، ینهل من روافد ثقافتهم العربیة الأصیلة، إلى جانب تأثره بالقرآن الكریم والأحادیث النبویة والحكم والأمثال والخطب والرسائل، كما تأثر بالفلسفة والتاریخ وغیرها من العلوم والفنون.

والحقیقة أن الشعر الأندلسی فی بدایاته الأولى قد تأثر بالشعر الجاهلی والإسلامی والأموی، بید أن هذا التأثیر قوی وتعمق عند اتصاله بالأعلام المجددین من طلیعة شعراء العصر العباسی الذین كانت لهم مكانة ومنزلة مرموقة فی المشرق، من أمثال: بشار بن برد وأبی نواس وأبی العتاهیة فی القرن الثانی الهجری وابن المعتز وأبی تمام والبحتری وأبی العلاء المعری، والمتنبی فی القرنین الثالث والرابع الهجریین.

وقد تفاوت تأثیر هؤلاء الشعراء فی الشعر الأندلسی، فمنهم من كان أثره واضحاً كل الوضوح، بحیث استأثر باهتمام الأندلسیین أكثر من غیره نظیر: أبی تمام والمتنبی وأبی العلاء، ومنهم من كان تأثیره محدوداً فی نفوس الأندلسیین.

ومن بین الشعراء المشارقة الذین كان لهم تأثیر بارز فی الشعر الأندلسی الشاعر أبو العتاهیة، الذی تبدت معالم شخصیته واضحة، بینة القسمات، واحتلت شخصیته مكانة مرموقة فی نفوس الأندلسیین، إذ تعددت مظاهر شخصیته وتنوعت مما بین معان وصور شعریة، وبناء قصیدة، وأسالیب، ولغة وموسیقى، فقد عُرف عن أبی العتاهیة أنه تغزل ومدح وهجا، ولكن فنه الذی عرف به، وقدره معاصروه من أجله هو فن الزهد، وفن صیاغة الحكم والأمثال، فقد فتح باباً واسعاً من أبواب الشعر العربی هو شعر الزهد، الذی اتخذ منه فناً غلب على فنون شعره كلها، انقطع إلیه، لا ینظم فی غیره، لفترة طویلة من فترات حیاته، ولم یكن هذا الغرض باباً واسعاً مستقلاً، حتى كان أبو العتاهیة شاعر الزهد.

ویعد الشاعر أبو العتاهیة إلى جانب الشاعرین: بشار بن برد وأبی نواس، من أبرز زعماء الاتجاه التجدیدی المحدث فی العصر العباسی، ذلك أن مذهبه الفنی قائم على التجدید فی الموضوع والمبنى الشعری معاً.

وأبو العتاهیة هو إسماعیل بن القاسم، ولد سنة 130 سنة هـ ونشأ قرب الكوفة، وسكن بغداد، كان فی بدء أمره یبیع الجِرَار، ثم برع فی نظم الشعر، وخالط أهل اللهو والمجون، اتصل بالخلفاء العباسیین بخاصة الرشید؛ وفی عهد هذا الخلیفة تحول من حیاة اللهو والمجون على حیاة الزهد فی الدنیا والتقشف، فطلب إلیه أن یعود، فأبى، فحبسه فی منزل مهیأ حتى عاد إلى الشعر، ولزم الرشید، وقد مدح بعد الرشید الأمین، فالمأمون، وتوفی سنة 211هـ (2: 4 /310).

ومن یتتبع سیرة الزاهد أبی العتاهیة، یجده أنه بعد أن تاب ورجع إلى طریق الله قطع صلته بحیاته اللاهیة العابثة، وأصبح یجاهد نفسه الأمارة بالسوء، ویدعو الى ترك الدنیا وتحقیرها، وهجر لذائذها وترفها تارة، ویحث على التقى والتفرغ إلى العبادة وطاعة الله، والتمسك بالصالح من الأعمال، وأداء الفرائض، ویذكر الموت وملاحقته للخلق، محاولاً إقناع النفس بأن الموت مصیر كل شی، ویظهر فی مواقف أخرى الندم ویبدی الضراعة ویطمع فی الغفران.
مظاهر اهتمام الأندلسیین بأبی العتاهیة:

یبدو أن أشعار أبی العتاهیة قد وصلت إلى الأندلس عن طرق ثلاثة:

أولها: طریق الوافدین الأندلس من علماء المشرق وأدبائه، الذین جلبوا عددا وافرا من كتب المشارقة فی الزهد والرقائق والمواعظ، وطبقات النساك وغیرها، حیث كانت تروى وتشرح وتحفظ، بل إن أشعار بعض الزهاد المشارقة وأخبارهم كانت تروی فی مجالسهم الخاصة. ومن هؤلاء إبراهیم بن سلیمان الشامی الذی دخل الأندلس فی أواخر أیام الحكم بن هشام، إذ یروی المقری: أنه أدرك بالمشرق كبار الشعراء المشارقة المحدثین، وأنه لقی ببغداد الشاعر أبی العتاهیة، واستمع إلیه، وروى عنه شعره، وأشاعه بین الأندلسیین(19: 2 / 748).

وثانیها: عن طریق أولئك الأندلسیین الذین رحلوا إلى المشرق؛ طلباً للعلم والأدب، ثم عادوا بما حصلوا علیه من ذلك، بما یتیح لهم أن یمتلكوا من كتب الأدب والدواوین الشعریة وكتب المنتخبات الأدبیة، مثل: كتاب الأغانی للأصفهانی، وعیون الأخبار لابن قتیبة، ویتیمة الدهر للثعالبی، دیوان أبی نواس، وابن المعتز، أبی العتاهیة، ومن هؤلاء وفدوا على المشرق وعادوا إلى الأندلس الشاعر عباس بن ناصح ویحیی الغزال وغیرهما.

وآخرها: الموسوعات الأدبیة والمختارات الشعریة للكتاب الأندلسیین التی أدت دوراً كبیراً فی نشر أشعار أبی العتاهیة فی ربوع الأندلس، وفی هذا المجال یمكن الإشارة إلى كتابین من كتب المختارات الأدبیة هما: العقد الفرید لابن عبد ربه فی " الزمردة فی المواعظ والزهد"، وبهجة المجالس لابن عبد البر، وهذان الكتابان یعدان موسوعة أدبیة حافلة بالنصوص المشرقیة والمغربیة القیمة شعراً ونثراً فی شتى الفنون والأغراض والمواقف، وقد أردا أن ینقلا إلى الأندلسیین ثقافة عامة عن المشرق تغنیهم عن الرجوع إلى كثیر من الكتب والمراجع والدواوین الشعریة وغیرها.

قد ورد فی هذین الكتابین شواهد عدیدة من أخبار أبى العتاهیة وأشعاره، فی مختلف الأغراض الشعریة من: مدح وزهد وهجاء وغزل، بید أن النصیب الأكبر كان لغرض الزهد، ولیس من شك فی أن هذا العمل كان من أهم العوامل التی زادت من اهتمام بالأندلسیین بشخصیة الشاعر أبى العتاهیة والاتجاه الشعری الذی كان یسیر فیه، والمذهب الفنی الذی یأخذ به.

ولعل من أبرز مظاهر اهتمام الأندلسیین بشخصیة شاعر الزهد المشرقی أبی العتاهیة فی الأندلس ما قام به العلماء الأندلسیون من انتقاء واختیار لأشعار أبى العتاهیة وجمع أخباره، وهو یعد عملاً ذا تأثیر واضح فی التعریف بشخصیة أبی العتاهیة، فقد قام الفقیه ابن عبد البر النمر القرطبی (ت 463 هـ) بجمع أشعار أبى العتاهیة فی دیوان مستقل سماه " الاهتبال بما فی شعر أبى العتاهیة من الحكم والأمثال" (3: 26)، أما أبو الحسن على بن أحمد بن العباسی، فقد انتقی من أشعار أبى العتاهیة وأخباره الشیء الكثیر؛ الأمر الذی دفعه إلى أن یضمنها فی كتاب له وسمه بـ"المختار من شعر أبى العتاهیة وأخباره"(17: 2/ 541).

وتشیر الروایات التی تناقلها أدباء الأندلس إلى أن أبا العتاهیة یعد من طلیعة الشعراء الذین اهتم الأندلسیون بهم، واستساغوا شعرهم وأحبوه، لاسیما شعره الزهدی الذی كان محط إعجابهم، وقد لجئوا إلى طریقته فی النظم، فقد شغفوا بشعره، وأخذوا یتدارسونه فی مجالسهم، وكان للأندلسیین غرام بحفظ أشعاره التی ذاعت على الألسنة، وتناقلها الناس لمقامها ومنزلتها، فعمدوا إلی الاقتباس منها، والاستشهاد بها فی مصنفاتهم الأندلس، وكان تأثیره فی بعضهم عظیماً، إذ لا یكاد القارئ یلم بشعر الزهد الاندلسی حتى یدرك أثر أبى العتاهیة واضحا فیه، ولا یخفى على أحد أن أشعار أبی العتاهیة الزهدیة كانت أحد الروافد الأساسیة التی أسهمت فی استقواء حركة الزهد فی الأندلس (1:40).

فابن بسام یذكر فی ذخیرته أن مذهب أبی العتاهیة الزهدی قد انتشر وذاع لدى بعض الأفراد الزهاد الأندلسیین، إلى الدرجة التی جعلت أحد الشعراء الأندلسیین یتشبّه به فی طریقته: كالشیخ أبی الحسن علی بن إسماعیل القرشی الأشبونی أحد الأدباء النبلاء والشعراء المحسنین، له أشعار فی التذكیر والتدبر فی معنى الحیاة، وأنه أنفد فی التلبس بذلك صدراً من عمره، ثم مال إلى النسك والتقشف ونظم فی تلك المعانی أشعاراً رائقة وضروباً فی رقعة من جنة له على بحیرة "شقبان" عرفت برابطة "الطیطل"، ولزم العبادة بها إلى أن توفی". ویقول ابن بسام فی ترجمته:" وكان یعرف عندنا بـ"الطَّیْطًل" ممن نظم الدر المفصل، لا سیما فی الزهد، فإن أهل أوانه كانوا یشبهونه بأبی العتاهیة فی زمانه"(14: 2 / 305).

ولا ریب فی أن الشاعر "الطَّیْطًل" كان یتمتع بمقدرة شعریة عالیة، وأن أشعاره على قدر من الذیوع والشهرة، وأنها كانت تتردد على ألسنة الأندلسیین، لذا لقبوه بشاعر الزهد فی المشرق أبی العتاهیة، ومن نظم الطیطل(15: 1/5 /195):

    یــا غافلا شأنـــه الرقــاد
    كأنما غیــــرك المـــراد
    والموت یـــرعاك كل حیــن
    فكیـــف لم یجفك المهـــاد
    ما حال سفر بغیـــــر زاد
    والأرض قفـــر ولا مــزاد
    وكانت "النملة" من المخلوقات التی اتخذها هذا الشیخ الزاهد آیة من آیات الله فی خلقه، فی تأمل خلقتها، وكدها فی رزقها، وهی مما یسلك فی هذا الفن الزهدی، ویستدل بها على قدرة الله تعالى وعظمتهن فی مثل قوله(15: 1 /5/196):
    وذات كشح أهیــف شختِ
    كأنما بولغ فی النـــحتِ
    زنجیــــة تحمل أقواتـها
    فی مثـل حـدی طرف الجفتِ
    كأنما آخـــــرها قطـرة
    صغیـرة من آخر قطرة الزفتِ
    وهو یرید من هذا الوصف الاستدلال على عظمة الخالق وبدیع صنعه فی الخلق، إذ یقول:
    تشهد أن اللـــه فی ملكه
    خالقها فی ذلك الســـمتِ
    سبحان من یعلم تسبیـحها
    ووزنها من زنة البــختِ
    فنسبتی منها لفرط الضـنى
    نسبتها منــــه بلا كّتِ
    كلا ولو حاولت من رقــة
    لحلت بین الثوب والتـختِ
    مظاهر تأثر الأندلسیین بشخصیة أبی العتاهیة ومذهبه الشعری:
    تعددت مظاهر تأثر الشعراء واختلفت باختلاف تجربة الشاعر ونفسیته والظروف التی وقع تحت تأثیرها ووفق ثقافته، وفی الإمكان توزیع هذا التأثر على مجالات ثلاثة هی: الثورة على الحكام الظلمة وانغماسهم فی الترف، والمعانی والأفكار، والسمات الفنیة، وسیتم تناولها على النحو الآتی:
    أولاً ـ الثورة على الحكام الظلمة وانغماسهم فی الترف.
    المتتبع حیاة الشاعر أبی العتاهیة یجده فی مرحلة من مراحل حیاته یتخذ من الشعر الزهدی سلاحاً یشهره فی وجه سادة عصره من الخلفاء والأمراء، مهاجماً ما فی حیاتهم من میل إلى الملذات والشهوات، والانصراف إلى الدنیا بما فیها من زخرف كاذب ومتاع زائل بدلاً من التعلق بالآخرة، والعمل الصالح، یقول موجهاً شعره إلى الخلیفة هارون الرشید، معبراً فیه عن نقمة حقیقیة على الملوك فی كل زمان ومكان(9: 38):
    إن كنــت تطمع فی الحیـــاة فهات
    كم من أب لك صـــار فی الأمـواتِ
    زرت القبـور قبـور أهل الملـك فی
    الدنیا وأهل الرتــــع فی الشهواتِ
    كانــوا ملوك مآكــــل ومشارب
    وملابس وروائــح عطـــــراتِ
    فإذا بأجســـاد عریــن مـن الكسا
    وبأوجــه فی التــرْب منــعفراتِ
    لم تبــق منــها الأرض غیر جماجم
    بیــض یلحن وأعظــم نخــراتِ

وفی الأندلس اتخذ الشعر من الزهد أداة للهجوم على سادة العصر من الحكام والأمراء، إذ اشتهر الأمیر الحكم بن هشام الملقب بالربضی بأنه كان طاغیاً مسرفاً منهمكاً فی لذاته ومباذله، حتى شاع أمره، وتعقبه الناس بألسنتهم، وفی أیامه أحدث الفقهاء إنشاد أشعار الزهد، والحض على قیام اللیل فی الصوامع، أعنی صوامع المساجد، وأمروا أن یخلطوا مع ذلك شیئاً من التعریض به، مثل أن یقولوا:"أیها المسرف المتمادی فی طغیانه، المصر على كبره، المتهاون بأمر ربه، أفق من سكرتك، وتنبه من غفلتلك… وما نحا هذا النحو، وكان أشد الناس علیه فی أمر هذه الفتنة الفقهاءُ، هم الذین یحرضون العامة ویشجعونها"(19: 30).

ومما یؤسف له أن الأشعار الزهدیة التی قیلت فی الهجوم على الحكم الربضی وانتقاد سلوكه المتصف بالظلم والفساد والانهماك فی الشهوات لم تصل إلینا، ویبدو أنها ضاعت من جملة ما ضاع من التراث العربی فی الأندلس، ولو أنها وصلت إلى أیدی الباحثین، لكان فی الإمكان رصد دور الزهاد من الفقهاء الذین ضمنوا أشعارهم الزهدیة معانی حث العامة من الأندلسیین على الثورة على أمثال هؤلاء الحكام الذین مالوا إلى حیاة العبث واللهو، وغرقوا فی الملذات والشهوات.
ثانیاً ـ المعانی والأفكار:

الدارس المتمعن للأشعار التی خلفها الشعراء الزهاد فی الأندلس، یدرك أن هناك تشابهاً كبیراً بینها وبین أشعار أبی العتاهیة الزهدیة، ذلك أن شخصیة أبی العتاهیة بأفكاره ونظراته فی الحیاة والموت تسری واضحة جلیة فی تلك الأشعار، وفی المجال یرى أحد الباحثین أن أثر أبی العتاهیة فی تقویة النزعة والاتجاه الشعری لا یمكن إنكاره، بید أن یذهب فی الوقت نفسه إلى القول بأنه من العسیر أن یحكم المرء بأن الأندلسیین قد استعاروا هذا الموضوع من أبی العتاهیة أو اقتبسوا تماماً فنه الشعری، ویعلل ذلك بأن "الزهد موضوع مشترك بین أناس ینظرون إلى الحیاة الدنیا من خلال نظرهم إلى الموت والحیاة الفانیة؛ ولأن الزهد نزعة لها أصولها الاجتماعیة، ولیست تجیء كلها اقتباساً"(5: 116، 117).

أول ما یلقى القارئ من الشعراء الأندلسیین الذین تأثروا فی سلوكهم وأفكارهم ومعانیهم بشعر أبی العتاهیة هو الشاعر یحیى الغزال، فالمتتبع حیاة هذا الشاعر، یجد أن ثمة تشابهاً كبیراً فی المسلك الحیاتی بینه وبین أبی العتاهیة، فقد انغمس الحكم الغزال فی مطلع شبابه فی حیاة اللهو والمجون، ثم صحا من غفلته وتزهد فی أخرة من عمره، وقد أشار إلى هذه الحقیقة ابن دحیة فی قوله:"وقد ترك شرب الخمر، وتزهد فی الشعر وشارف الستین، وركب النهج المبین"(18: 147، 148).

ومن یراجع المقطعات الشعریة التی قالها الحكم الغزال فی الزهد یجد أنه قد تأثر فی كثیر منها بروح أبی العتاهیة ومعانیه وأفكاره، فهو فی إحدى مقطعاته الزهدیة یذكر القارئ بأبی العتاهیة، حین یذكر الموت وفناء الحیاة، یقول (7: 315):

    ومن إنعام خالقنا علیــنا
    بأن ذنوبــنا لیست تفوحْ
    فلو فاحت لأصبحنا هروباً
    فرادى بالفلا ما نستـریحْ
    وضاق بكل منتحل صلاحاً
    لنتن ذنوبه البــلد الفسیحْ
    فهو فی هذه الأبیات ینسج على منوال أبی العتاهیة فی القصیدة التی بها قوله (9: 59،60):
    خانك الطرف الطموح
    أیها القلب الجمــوح
    أحسنَ اللـهُ بنـــا
    إن الخطایــا لا تفوحْ
    فإذا المستور منـــا
    تحت ثوبیه فضــوح
    ویعثر القارئ فی شعر الغزال الزهدی على نقدات اجتماعیة لما كان علیه سلوك الأفراد فی مجتمعه حیث تعد المصالح الفردیة هی المحرك الأساسی للأفراد، یقول فی بیتین من الشعر تتشح نظرته فیهما بالتشاؤم القاتم (5: 130):
    ما أرى هاهنا من النــاس إلا
    ثعلباً یطلب الدجـاج وذیــبا
    أو شبیــهاً بالقط ألقى بعینیـ
    ـه إلى فأرة یریـد الوثـوبا
    أما الشاعر الزبیدی، فقد تأثر بمعانی أبی العتاهیة ونظرته الزهدیة فی قوله(21:1 /410):
    لقد فاز الموفق للصــواب
    وعاتب نفسه قبل العتــاب
    ومن شغل الفؤاد بحب مولى
    یجازی بالجزیل من الثواب
    فذاك ینـــال عزاً لا كعز
    من الدنیا یصیـر إلى ذهاب
    تفكر فی الممات فعن قریب
    یُنادى بالرحیل إلى الحساب
    وقدم ما ترجی النفع منــه
    لدار الخلد واعمل بالكتـاب
    ولا تغتر بالدنیـــا فعمَّا
    قریب سوف تؤذن بالخراب
    إذا سمعنا هذا الشعر وجدنا الموضوع والشكل قد اتفقا على النظر معاً إلی أبی العتاهیة فی مثل قوله(9: 23):
    لدوا للموت وابنـوا للخراب
    فكلكم یصیـــر إلى تباب
    لمن نبنی ونحن إلى تراب
    نصیر كما خلقنا من تراب

أما الشاعر ابن عبد ربه الذی عرف عنه أن كان یمیل إلى معارضة المشارقة، والسیر فی ركابهم، فقد اجتهد ما استطاع فی الأخذ من أفكارهم ومعانیهم، مضیفاً علیها، وكان فی ذلك یختار فی كل موضوع من موضوعات شعره إماماً من المشارقة، وفی مجال الزهد اختار إمامه أبا العتاهیة(16:3 / 124).

لقد نظم ابن عبد ربه قصائد زهدیة دارت حول معانی الزهد والتوبة سمیت" بالممحصات" التی نقض فیها ما قاله فی أیام الصبا والشباب بقصائد فی المواعظ والزهد، والتزم فیها الوزن والقافیة وحركة الروی ومن أمثلتها قوله (9:1 / 165، 166):

    یا عاجزاً لیس یعفو حین یقتدرُ
    ولا یقضی له من عیشه وطرُ
    فقد عارض فی البیت الأخیر قطعة قالها أیام الصبا واللهو تبدأ بقوله:
    هلاّ ابتكرت لبین أنت مبتكر
    هیهات یأبى علیك الله والقدرُ

ومن المعروف أن الشاعر ابن عبد ربه فی نظمه "الممحصات" كأنما عدّ شعره فی شبابه ذنوباً وآثاماً، إنما كان محاكاة للشعراء العباسیین ـ لا سیما شاعر الزهد أبا العتاهیة ـ، لا اقترافاً حقیقیاً للآثام؛ لأنه لم یكن مهیئاً لذلك بحكم روحه المحافظة (6: 188).

وأما شاعریة الشاعر أبو إسحاق الإلبیری، فهی تقترب كثیراً من شاعریة زاهد المشرقی أبى العتاهیة، وذلك بأمرین: أحدهما: هو النفس الشعری الطویل، أی اللجوء إلى بناء القصائد فی صورة مطولات بدلاً مما هو شائع فی غرض الزهد أنه یجیء عادة فی شكل مقطعات، ولعل مرجع ذلك إلى الاقتدار الماهر على طرق المعنی ذاته بأسالیب وصور متنوعة ومتعددة، إذ لا یزال الشاعر یلح على وجوه متعددة للمعنى الواحد یدور بها فی سیاقات مختلفة ومتشابهة.

والآخر: الشعبیة اللفظیة واللغویة، إلى جانب شعبیة الفكرة فی قربها وبساطتها، بمعنى: اقتراب هذا الشعر لدى كلا الشاعرین من نفوس العامة، إذ كانا یعمدان إلى المعانی والأفكار المطروحة فی طرقات العامة، وینتشلانها، ویحیلانها إلى عمل شعری، یتمیز بسهولة اللفظ، وحلاوة الإیقاع؛ الأمر الذی أدى إلى تعلق العامة وولعها بها ولعلاً شدیداً؛ لما تتمتع به من تعبیر صادق عن معاناتها وأحاسیسها، وبذلك اكتسبت أشعارهما طابع الشعبیة.

ومن الأمثلة التی تنم على تأثر الشاعر أبى إسحاق الإلبیری بأشعار أبی العتاهیة یذكر الباحث ـ مثلاً ـ اتفاق الإلبیری مع أبی العتاهیة بمطلع قصیدته التی یقول فیها(8: 111):

    كل امرئ فیما یدیــن یدان
    سبحان من لم یخل فیه مكان
    فهی مطلع قصیدة لأبی العتاهیة یقول فیها(9: 219):
    كل امرئ فكما تــدین یدان
    سبحان من لم یخل فیه مكان
    إضافة لتضمنیه هذه القصیدة بیتین آخرین من قصیدة أبی العتاهیة(8: 220):
    أأسر فی الدنیا بكل زیـادة
    وزیادتی فیها هی النقصان
    یا عامر الدنیا لیسكنها وما
    هی بالتی یبقی بها سكان

ویوازن أحد الباحثین بین أبی العتاهیة زاهد المشرق وزمیله أبى إسحاق الإلبیری زاهد الأندلس ویرى أن الخیر ربما فاق زمیله فی معانیه وجوهر رؤیته الزهدیة، من حیث اتصالها الوثیق بالتراث الإسلامی، فأبو العتاهیة یتخذ من الموت موقفاً ساخطاً متشائماً، ویبدى خوفاً شدیداً ورهبة بالغة من الموت والقبر، إذ یشعر بأن شبح الموت یطارده فی كل حین، أما الإلبیری فزاهد قد آمن بالموت، وأقبل علیه، وعلم أن الموت حق، وأن الدنیا معبر للآخرة(4: 508)

ویحس القارئ بأصداء أشعار أبی العتاهیة ومذهبه الزهدی ودعوته إلى القناعة بما قسم الله من الرزق، والاكتفاء بالقلیل والرضا به فی المسكن والمأكل والمشرب والملبس، تتردد فی شعر الزاهد ابن قسوم، یقول أبو العتاهیة فی مقطعة له صاغها بأسلوب بسیط عبر فیها تعبیراً واقعیاً(15:):

    سلیخة وحصیـــر
    لبیت مثلی كثیـــر
    وفیــه شكر لربی
    خبز وماء نمیـــر
    وفوق جسـمی ثوب
    من الهواء ستیــر
    إن قلت: إنـی مقل
    إنــی إذاً كفــور
    قررت عیـناً بعیش
    فدون حالی الأمیـر
    وهذه الأبیات تذكرنا بأبیات أبی العتاهیة التی تتجلى فیها نظرته إلى القناعة والتعفف والاكتفاء بالقلیل من متاع الدنیا الزائل(9: 206):
    رغیف خبــز یابس
    تأكله فی زاویـــهْ
    وكــوز ماء بـارد
    تشربه من صافیــهْ
    وغرفــة ضیــقة
    نفسك فیها خالیــهْ
    أو مسجد بمـــعزل
    عن الورى فی ناحـیه
    خیـرٌ من الساعات فی
    فیء القصور العالیـهْ

ومن یقرأ دیوان الشاعر ابن حمدیس قراءة متمعنة، یكتشف أنه كان شاعراً شاكیاً؛لأن المحنة التی حلت بوطنه الأول"صقلیة" جعلته دائم الأسى والحزن، فأخذ یشكو الزمان، ولؤم الناس، ویتبرم بالحیاة، وبما ناله من غدر الزمان، تصرف الحدثان، وقد سار فی ذلك على طریقة أبی العتاهیة، یقول فی البكاء على الشیب الذى غزاه فی وقت مبكر من العمر (11: 40):

    وعظت بلمتك الشائبـــه
    وفقد شبیبتك الذاهبــــه
    وسبعین عاماً ترى شمسها
    بعینیك طالعة غاربــــه
    فیا حاضراً أبداً ذنبــــه
    وتوبته أبداً غائبـــــه
    أذب منك قلباً تجاری بــه
    سوابق عبرتك الساكبــه
    من یقرأ مثل هذه الأبیات یحس بأنه یردد ما شاع فی أشعار أبی العتاهیة من شكوى الزمان ومزج ذلك بالتطلع إلى التوبة، یقول(:9 23):
    بكیت على الشباب بدمع عیـنی
    فلم یغن البكاء ولا النحیــــبُ
    فیا أسفا أسفت على شبـــاب
    نعاه الشیب والرأس الخضیــب
    عریت من الشباب وكنـت غصناً
    كما یعرى من الورق القضیــب
    فیا لیت الشباب یعــــود یوماً
    فأخبــره بما فعل المشیـــب

ولم یقف تأثر الشعر الأندلسیین بشعر أبی العتاهیة وطریقته الفنیة عند غرض الزهد، وإنما تعداها إلى غیرها من الأغراض مثل غرض المدیح، فالشاعر طاهر بن محمد المعروف "بالمهند" الذی تزهد فی آخر عمره وأنشأ شعراً ورسائل فی معانی الزهد، یقول مادحاً الخلیفة الأندلسی الحكم المستنصر فی یوم عید الفطر سنة 363 هـ بقصیدة یقول فیها(7 / 229):

    تولى الخلافة فی عصـرها
    فأحسن تقواه إكمالهـــا
    وكانت دیانته زینــــها
    وأیامه الزهر أشكالهـــا
    فلو رفعت خطة فوقهـــا
    لما كان یصلح إلا لهـــا
    وما صفة حسنت فی الهدى
    من الذكر إلا وقد نالهـــا
    فهنأه اللــــــه أعیاده
    وبلغه اللـــــه أمثالها
    یلمح القارئ هذه الأبیات معارضة الشاعر المهند لأبی العتاهیة فی قصیدة بارك فیها للخلیفة العباسی المهدی بالخلافة، إذ یقول(2: 4 /33):
    أتتـه الخلافة منــقادة
    إلیه تجرر أذیـــالهـا
    فلم تكُ تصلح إلا لــه
    ولم یكُ یصلح إلا لهــا
    ولو رامها أحد غیــره
    لزلزلت الأرض زلزالــــها
    ولو لم تعطه نیات القلوب
    لما قبل الله أعمالـــها
    وإن الخلیـفة من قول لا
    إلیه لیــبغض من قالها

ثالثاً ـ السمات الفنیة:

المتتبع لأشعار أبی العتاهیة، یجد أن لغته تمتاز بسمات فنیة طبعته بطوابع خاصة منها جنوحه للبساطة والوضوح، إذ مال أبو العتاهیة إلى السهولة فی الألفاظ واستعمالها، والبساطة فی العبارة وصیاغتها وبنائها، حتى تقترب لغته من لغة الناس الیومیة.

ولا یخفى على القارئ المتمعن تأثر شعراء الزهد فی الأندلس بهذه السمة الفنیة فمالت بعض زهدیاتهم إلى البساطة والسهولة، یقول ابن خفاجة معبراً عن ازدراء الدنیا، والإقبال على الآخرة:(12: 213، 214)

    ألا قصر كل بقــاء ذهــاب
    وعمران كل حیـــاة خـراب
    وكل مدیـن بما كـــان دان
    فثم الجزاء، وثم الحســاب
    وخطة غیر إحـدى اثنیـــن
    إما نعیم، وإمـا عــــذاب
    فرحماك ! یا من علیه الحسـاب
    وزلفاك! یا من إلیـه المـآب

أول ما یطالع القارئ فى هذه الأبیات سهولة اللغة، وبساطة التراكیب، فهی قریبة من لغة الناس العادیة التی تجرى على ألسنتهم فى الحیاة الیومیة، وقد استخدم الشاعر للوصول إلى هذه البساطة وسائل متنوعة منها: انتقاء الألفاظ العذبة، والإیقاع النغمی المتدفق، والمحسنات البدیعیة من تكرار، وطباق، وإطناب، وحسن تقسیم، بالإضافة إلى المراوحة بین الأسالیب الخبریة والإنشائیة، بخاصة أسلوب المناجاة والتضرع القادر على التأثیر فى النفس، وإیصال المعنى مباشرة إلى العقل والقلب.

ومن الأمثلة على هذه البساطة والسهولة تضرع ابن الزقاق ومناجاته خالقه: (13:274):

    یاعالم السر منى
    اصفح بفضلك عنی
    منیّت نفسی بعفو
    مولاى منك ومنـى
    وكــان ظنى جمیلا
    فكن إذا عند ظنـی

اتصفت هذه المقطوعة بسهولة فی العبارة، وسلاسة فی الأسلوب مع لغة مألوفة بعیدة عن الغرابة والتعقید، ومما أسهم فی هذه البساطة أن المعنى الذی عبر عنه الشاعر معنى شائع لا تعقید فیه, إلى جانب خفة الإیقاع ورشاقته، والتنغیم الداخلی المتدفق من تكرار أصوات المیم والنون واللام وتآلفها مع بقیة الأصوات الذی یلائم النفحات الروحیة المنسابة فی رقة وعذوبة، تمدها عاطفة صادقة فیاضة.

وهذا الأسلوب الذی طبع بطابع الأسلوب الوعظی فی بساطته ووضوحه، وما یتضمنه من أدعیة وابتهالات قریب فی مضمونه ومبناه الشعری من أسلوب أبی العتاهیة فی مثل قوله(9: 223):

    إلـهی لا تعذبــنی فإنــی
    مقر بالذی قــد كان منـی
    مالی حیــلة إلا رجائـی
    لعفوك ان عفت وحسن ظنی

ومن الصور الفنیة التی تأثر فیها شعراء الأندلس بصور الشاعر أبی العتاهیة الفنیة، واستعاروها للتعبیر عن تجاربهم الذاتیة ورؤیتهم للحیاة صورة الدنیا التی تشبه البحر، یقول ابن أبى زمنین محذرا من الدنیا، وحاثاً على القناعة، فهى وسیلة العاقل للنجاة(21:2 / 71):

    أیها المرء إن دنیــــاك بحر
    طافح موجه فلا تأمننـــها
    وسبیل النجاة فیه مهیــــن
    وهو أخذ الكفاف والقوت منها
     
    أما الشاعر الأعمى التطیلى، فیقول(10: 27):
    
    عزاءكم إنما الدنیا وزینتها
    بحر طفونا على آذیه زبدا
    
    ویقول الشاعر عبد المنعم بن عمر الغسانی فى المعنى ذاته:(20: 2 / 614):
    
    ألا إنما الدنیا بحار تلاطمــت
    فما أكثر الغرقى على الجنـبات !
    وأكثر من لاقیـــت یغرق إلفه
    وقل فتى ینجی من الغمــرات
    
    فالدنیا عند الشعراء الأندلسیین بحر لجی متلاطم، وأهلها ما بین غریق وناج، وهذه الصورة قریبة الشبه بصورة الدنیا عند شاعر الزهد أبى العتاهیة إذ یقول(9:147):
    
    كل أهل الدنیا تعوم على الغفـ
    ـلة منها فی غمر بحر عمیق
    یتبارون فی السباح فهم من
    بین ناج منهم وبین غریـق

والمتأمل فى صور الأندلسیین وصورة أبى العتاهیة، یلمس تشابهاً بین عناصرها وجزئیاتها، ومع ذلك فإنه یشعر باختلاف بین شاعر وآخر فى طریقة التعبیر عن هذه الصورة، إذ أكسب الشاعر الأندلسی صورته طابعاً ذاتیاً جعلها تنتمی إلى بیئته، كما أضفى علیها شیئا من الطرافة، فبدت كأنها أندلسیة الطابع، فالصورة الأندلسیة عمدت إلى تصویر الظروف المظلمة، والأهوال المضطربة التی ألمت بالأندلس، وأفضت إلى غرق المدن الأندلسیة فى بحر حركة الاسترداد المسیحیة المحتدمة، وربما كان تخاذل المسلمین وتفریطهم سبباً فى هذا الغرق، حیث قل من یحاول أن ینقذ الأندلس من السقوط فی حجر حملة الصلیب.

وإذا كانت صورة الدنیا التی تشبه البحر قد تسربت إلى تجربة الشاعر الأندلسی من الشعر المشرقی، فلا غرابة فی ذلك؛ لأن لدى الشاعر الأندلسی رصیداً مختزناً من الصور والتجارب والثقافات استمدها من دراسته أدب المشارقة، وعنایته بمطالعته وحفظه.

وصفوة القول، إن التشابه بین شعراء الأندلس وبین الشاعر المشرقی أبی العتاهیة هو فی حد ذاته شیء طبیعی؛ لتوحد المنابع الثقافیة والروافد الفكریة للأدبین، ولتماثل الدوافع التی أسهمت فی بعث أدب الزهد بعامه، بید أن هذا التشابه لا یقلل بأی حال من أصالة الشعراء الأندلسیین، ذلك أن الشعر الأندلسی یعد ثمرة طبیعیة لظروف المجتمع الاندلسی المتنوعة عن قرینتها المشرقیة بحكم اختلاف العناصر المكونة للمجتمع، وبحكم البیئة بعناصرها المختلفة، وأن هذا التشابه لم یكن مبعثه كله التقلید والمحاكاة، وإنما إعجاب الأندلسیین بالنتاج المشرقی، ورغبتهم فی إثبات مقدرتهم الفنیة وتفوقهم.

 [1]
حواشی

[1]

    (1) أدب الزهد فی عصر المرابطیــن والموحدین بالأندلس، عبد الرحیم حمدان حمدان، رسالة دكتوراه،(غیر منشورة)، جامعة عین شمس، القاهرة، 1998.
    (2) الأغانی، أبو فرج الأصفهانی، تحقیق إبراهیم الإبیاری، دار الشعب، القاهرة، 1969 م.
    (3) بهجة المجالس وأنس المجالس وشحذ الذاهن والهاجس،ابن عبد البر النمری: تحقیق محمد مرسی الخولی، دار الكاتب العربی للطباعة والنشر، القاهرة.
    (4)البیئة الأندلسیة وأثرها فی الشعر عصر ملوك الطوائف، سعد إسماعیل شلبی، النهضة المصریة، القاهرة، 1979.
    (5) تاریخ الأدب الأندلسی، عصر سیادة قرطبة، إحسان عباس، دار الثقافة، بیروت، ط2، 1971.
    (6) تاریخ الأدب الأندلسی، -عصر الدول والأمارات (الأندلس)، شوقی ضیف، دار المعارف، مصر، 1989 م.
    (7) جذوة المقتبس، الحمیدی، تحقیق الإبیاری، دار الكتاب المصری، ط2، القاهرة 1989.
    (8) دیوان أبی إسحاق الإلبیری، تحقیق محمد رضوان الدایة، مؤسسة الرسالة، بیروت 1976
    (9) دیوان أبی العتاهیة، جمع وتحقیق كرم البستانی، دار صادر، بیروت 1964 م
    (10) دیوان الأعمى التطیلی، تحقیق إحسان عباس، دار الثقافة، بیروت 1963 م.
    (11) دیوان ابن حمدیس، تحقیـق د. إحسان عباس، دار صادر، بیروت 1960 م.
    (12) دیوان ابن خفاجة، تحقیق السید غازی، منشأة المعارف، الإسكندریة 1960م.
    (13) دیوان ابن الزقاق، تحقیق عفیفة دیرانی، دار صادر، بیروت 1983
    (14)الذخیرة فی محاسن أهل الجزیرة، ابن بسام، تحقیق إحسان عباس، الدار العربیة للكتاب (لیبیا -تونس) 1978
    (15) الذیل والتكملة لكتابی الموصول والصلة، عبد الملك المراكشی تحقیق محمد بن شریفة ج 2,1، ج 3 - 6 تحقیق إحسان عباس، دار الثقافة، بیروت من سنة 1964: 1975م.
    (16)ظهر الإسلام: أحمد أمین، دار الكتاب اللبنانی ط 5، 1980 م.
    (17) فهرسة ابن خیر، تحقیق إبراهیم الإبیاری، دار الكتاب المصری ط2, 1989 م.
    (18)المطرب فی أشعار أهل المغرب، ابن دحیة: تحقیق الإبیاری وعابدین، القاهرة 1945 م.
    (19)المعجب فی تلخیص أخبار المغرب، المراكشی. تحقیق محمد زینهم عزب، دار الفرجانی، القاهرة، 1994 م.
    (20) نفح الطیب من غصن الأندلس الرطیب المقری، تحقیق إحسان عباس، دار صادر، بیروت، 1988.
    (21)یتیمة الدهر، الثعالبی، تحقیق مفید محمد قمیحة، دار الكتب العلمیة، بیروت ط1، 1983.
+درج شده توسط مترجم عربی - دکتر مهدي شاهرخ در شنبه ۱۱ اردیبهشت ۱۳۸۹و ساعت 21:46|