ابزار وبمستر

أدب الطفل ووظیفته التعلیمیة والذوقیة
أدب الطفل ووظیفته التعلیمیة والذوقیة



أ ـ الوظیفة التعلیمیة:

من أفضل الوسائل التعلیمیة تلك التی تتم بواسطة السمع والبصر، وترفض الورق كوسیلة للتعلم والتذوق. فالأدب المكتوب من الوسائل التعلیمیة المحدودة الأثر، وحینما یصبح الأدب مسموعاً أو مشاهداً فإنه ـ حینئذ ـ یؤدی دوره كاملاً .. كما أن التراث الشفهی كان من أقوى الوسائل فی نقل المعارف، والحقائق، والنماذج الأدبیة الراقیة .. وذلك للأسباب التالیة:

1 ـ أن أسلوب الحكى والقص یحقق الألفة، والعلاقة الحمیمة، والمودة والثقة المتبادلة بین المتلقى، وهو هنا الطفل، ومَن فی مستوى مراحل الطفولة، و «القاص» أو «الحكواتی». وفی إطار هذا التبادل الدافئ فی العلاقة تتسلل المعلومات بخفة وسهولة ویسر .. ویقبل علیها الأطفال بشوق ولهفة.

2 ـ أن رفض «فن الكتابة» واعتماد فن القصة على التلقی سماعاً وتلقی المسرح مشاهدة بصریة حیث المبدع یلتقی فیه مباشرة ـ أمر یحقق عمقاً فی الذاكرة .. بحیث لا تنسى هذه الأعمال الفنیة، وتظل محفورة فی وجدان وعقل المتلقى، وتمده بالمعلومات فی حینها.

3 ـ فی المراحل المختلفة لنمو الأطفال، ینبغی بناء الأدب بعامة والقصص بخاصة على مواد تعلیمیة ترتبط بمیول التلامیذ والأطفال وخبراتهم، لأن مثل هذه المواد التعلیمیة تزید من شغف الأطفال والتلامیذ بالأعمال الفنیة، وتدفعهم إلى بذل المزید من حسن الاستعداد، ومن الجهد العقلی للاستفادة من هذه المواد. كما تزید من تهیئتهم للاستفادة الوجدانیة وقدراتهم على الحفظ والقراءة والأداء اللغوی والصوتی السلیم.

4 ـ الأدب فی إطاره القصصی مصدر للنمو اللغوی السلیم عند الأطفال والتلامیذ .. وبرغم ما فی أطوار نمو الأطفال من اختلاف وتباین حیث الاستعدادات للتنمیة اللغویة مختلفة .. فإن الأدب یساعد كل الأطفال، ابتداء من مرحلة الحضانة حتى عتبات الشباب على التحصیل اللغوی وتنمیته، ویتزاید المحصول اللغوی، وتثری دلالاته وتتنوع استخداماته، وذلك بأثر من تزاید عملیات النضج الداخلی لدى الطفل، والخبرات التی تزوده بها البیئة والتجارب التی یمارسها بحكم تقبله وتلقیه للإبداعات وفی مقدمتها القصص والمسرحیات .. ثم ألوان الأدب المختلفة من أناشید، وأشعار جمیلة، وأغانی ذات إیقاع جماعی، لكن بشرط أن تكون هذه «الآداب» متلاقیة مع حاجة من حاجات الأطفال.

5 ـ الأدب مصدر من مصادر المعرفة، فی مرحلة من مراحل الخصوصیات المعرفیة التی تصبح موضوع اهتمام المبدع مثل القصة أو المسرحیة أو قطعة الشعر، حینما تكون حاملة للغة الخطاب المعرفی، والطفل والتلمیذ والآباء والمدرسون یجدون فی هذه النماذج الأدبیة ما یجعل المتلقى من عالم الصغار قادراً على اكتساب ثقافات، وتتبع ما یجد من ألوانها ومن فنون المعرفة، ویكون عادات وجدانیة تسهل التقاط المعرفة والأدب باعتباره نشاطاً لغویاً یساعد على التربیة السلیمة .. حیث الخبرة والعمل، والإحساس السلیم والعاطفة الإیجابیة تساعد الأدب على تنمیتها، والأدب ـ فوق هذا ـ ینتقل بالمدرسة وبعملیتها التعلیمیة من مجرد تلقین التلمیذ مواد دراسیة إلى تزویده بالخبرات العقلیة والوجدانیة، وإعادة تنظیم خبراته السابقة، بصورة تضیف إلى معناها، وتزید من قدرته على توجیه مجرى خبراته التالیة نحو تحقیق أهداف التربیة فی خلق المواطن السلیم جسماً وعقلاً وروحاً ووجداناً وقلباً .. إلخ.

ب ـ الوظیفة الجمالیة التذوقیة:

الطفل یولد بمشاعر رقیقة، وشعور فیاض بالنیات الحسنة، والحب المتسامح النبیل .. وهو یولد مزوداً بخبرات فطریة جمیلة .. فالطفل قیمة تنطوی على الخیر والسعادة والرفاهیة حباً ومودة وتواصلاً كما أنه معروف بشمولیة ذوقه، ورهافة حسه وسعة خیاله، وحبه وشوقه للمجهول، وقیام عالمه الطفولی على المغامرة، والحل والتركیب. والسؤال أن الأدب یخلق فی عالم الطفل توجهات نحو الجمال، ویبرز القدرات المتذوقة ویكشف عن القدرة الإبداعیة.

كما یستطیع الطفل بكل مراحل نموه، أن یكتسب قدرات التذوق حسب كل مرحلة، وخصائصها، وقیمها، وطبیعة العمل الأدبی المناسب لها .. بذلك نستطیع تنشئة الطفل تنشئة تذوقیة حسب استعداده، وقدراته، وطبیعة مرحلته .. فرحلة الطفل خلال مراحل نموه برفقة الأدب، تخلق نوعاً من الصلة بین الجمال والإحساس به، ویمكن تلمس أثر هذا على الطفل الذی تعود الاستماع إلى الأدب أو مشاهدته، أو قراءته .. حیث الطفل یكون عادة فی اتم صحته النفسیة، وأكمل درجات نضجه، وأفضل حالاته الوجدانیة والذهنیة .. وهذا كله صدى للحس الذوقی الذی نما لدیه أثر إرتباطه الدائم بالتذوق الأدبی. ویمكن بلورة العوامل التی تنمی التذوق الأدبی لدى الأطفال وذلك بأثر من تعاملهم مع الأدب استماعاً أو قراءة أو مشاهدة، وذلك فیما یلی:

1 ـ یعمل الأدب على تنشئة الشخصیة، وتكاملها، ودعم القیم الاجتماعیة والدینیة، والثقافیة .. ومن ثم تتكون عادات التذوق السلیمة، والتوجهات نحو الجمال فی كل ما یتصل بالحیاة الیومیة والاجتماعیة، والحضاریة. ویصبح الطفل قادراً على مواصلة علاقاته الإیجابیة ببیئته، ویؤكد دائماً على مطالبه لتحقیق الجمال فی حیاته العامة والخاصة.

2 ـ تتكون لدیه قدرات وخبرات وتجارب وثقافة تعمل على التأكید على شخصیة الطفل المتذوقة للجمال، وإصدار أحكام إیجابیة لصالح النظام والنظافة، وذلك فی إطار الجمال العام. بالإضافة إلى دعم القیم الروحیة والقومیة والوطنیة لدى الأطفال، وذلك لخلق ثقة كاملة فی مستقبل أمة تنهض على أكتاف مسئولین تربوا وهم أطفال على التذوق، والتمسك بالجمال فی حیاتهم الخاصة والعامة.

3 ـ كما أن تذوقهم للغة، وجمالیاتها یساعد على تنشیط وجدانهم، وإكسابهم القدرة على تذوق اللغة واستعمالاتها وحسن توظیفها .. ومن ثم تتكون عادات عقلیة وفكریة، تكون قادرة على تهیئة أطفال الیوم، لیصبحوا قادة المستقبل، ومفكریه.

4- ان الاطفال الذین ینشأون نشاة تذوقیة ادبیة یحققون اكتساب المهارات التالیة :

- التعبیر باللغة والرسم عن افكارهم واحساساتهم لتنمیة قدراتهم على الاستفادة من الوان الثقافة وفنون المعرفة واعدادهم للمواقف الحیویة التی تتطلب القیادة والانتماء والتمسك بالجدیة والاستفادة فی الوقت نفسه من مباهج الحیاة .

- التذوق اللغوی والادبی یحقق للاطفال مجالات وافاقا اوسع فی تعاملهم واحتكاكهم الاجتماعی والانسانی ویعالج سلبیات الاطفال المتمثلة فی انطوائهم وعزلتهم وارتباك مواقفهم وتخرجهم هذه القدرات اللغویة وتذوق الادب من اطار عیوبهم الشخصیة والاجتماعیة الى اطار اوسع من النشاط والحیویة والتعاون والاقبال على الحیاة .

- القدرة على القراءة الواعیة وعلى تقدیر قیمة الكلمة المكتوبة فكریة ووجدانیة ومن ثم اعداد الاطفال لتولى اعمال اذاعیة ومسرحیة و…

- ان الادب یمكن الاطفال من معرفة الدلالات المعجمیة ویزودهم بالدلالات الثانویة الموحیة ویخلق لهم من خلال تذوقهم واستعمالاتهم ابعادا جدیدة عن طریق المجازات التی هی فی الحقیقة استعمالات لغویة تدل على الذكاء وحسن توظیف اللغة وضروریة لتنمیة التعبیر وامكاناته وتجدید طرائفه بل هنالك من یرى ان اللغة كلها مجازات .

- الادب فن والفن موطن الجمال وعلاقة الذوق بالفن قائمة على تنمیة الاحساس بالجمال لدى اطفالنا .فالادب قادر على تغذیة مخیلة الطفل بكل مایثیر ویمتع.

- ان الدب فی افقه الاوسع مجموعة من التجارب والخبرات وعندما نقدم شیئا منه لاطفالنا انما نقصد الى ان الاطفال لم یخوضوا ایة تجربة شخصیة مؤلمة ولم یستطیعوا التعرف على معنى وماهیة الخوف القابع فی اعماقهم ولهذا فانهم یجدون فی ادبهم تعویضا عن ذلك فی تلك الشخصیات والاحداث والمناسبات التی یتضمنها ادبهم .فكاتب ادب الاطفال العظیم هو القادر بحق على التعبیر عن مشاعر الخوف العمیقة لدى اطفالنا والقادر على ان یبتكر لهم مشاعرهم واحاسیس تربطهم بالحیاة بشكل اجمل
+درج شده توسط مترجم عربی - دکتر مهدي شاهرخ در شنبه ۱۱ اردیبهشت ۱۳۸۹و ساعت 21:52|