ابزار وبمستر

متــــرجـــــم عـــربی - دکتر مهدي شاهرخ
وقت لطیف شن


باران
اضلاع فراغت می شست
من با شنهای
مرطوب عزیمت بازی می کردم
و خواب سفرهای منقش می دیدم
من قاتی آزادی شن ها بودم
من دلتنگ بودم
در باغ یک سفره مانوس پهن بود
چیزی وسط سفره شبیه ادراک منور
یک خوشه انگور
روی همه شایبه را پوشید
تعمیر سکوت گیجم کرد
دیدم که درخت هست
وقتی که درخت هست پیداست که باید بود
باید بود
و رد روایت را تا متن سپید دنبال کرد
اما ای یاس ملون
 

ترجمة : حمید كشكولی

كان المطر یغسل أضلاع السكینة،
و ألعب أنا مع رمال الرحیل الودیعة،
كنت أحلم بالرحلات الزاهیة،
أتماهى فی حریة الرمال،
كنت ُ ضجرا،
و سُفرة بهیجة انبسطت ْ فی البستان،
شیء ما یشبه البصیرة المضاءة،
كان یتوسط السُفرة،
عنقود عنب
أسدل ستاره على كل الشطحات،
لقد دوخنی ترمیم الصمت،
فعلمت أن الشجر موجود،
وحین یوجد الشجر فمن الجلی أنه لا بد من أن یوجد،
لا بد من أن یوجد،
لكی یتبع أثر السرد حتى النص الأبیض،
ولكن ماذا عنك أیها الإحباط اللعین؟!!!

من مجموعته الشعریة
Ma hich Ma nigah
( لسنا شیئا، بل الرؤیة)
+درج شده توسط مترجم عربی - دکتر مهدي شاهرخ در چهارشنبه ۱۱ فروردین ۱۳۸۹و ساعت 18:26|
موقف أبی العلاء المعری من الدهر

الموجز

یفكر الإنسان دائما فی حاله كما أنه یفكر فی الكون وألغازه وأسراره؛ وعنده أسئلة كثیرة یعقبها عدم الراحة والقلق والخوف وهی: من أین أتى؟ ولماذا؟ وإلى أین یذهب؟ ولیس هذا الخوف إلاّ خوفا من المجهول الغامض الذی یخافه الإنسان مدى الدهر. ویعرف أنه یعیش حیاة قصیرة متغیرة، فیها الشیخوخة والمرض والنهایة المحتومة إلى الفناء، كما أنه یعلم أن البقاء مستحیل وكل حی مصیره الفناء فیصیب بالقلق الوجودی. فی هذا المنطلق، یؤمن بعضهم بأن الدهر هوسبب الهلاك؛ كما أنه سبب اضطرابه الفكری وقلقه الروحی. والدهر غالب وناظر على الأمور كلها، ویضیفون إلیه كل حادثة فیحیلون علیه باللوم والعتاب؛ كأنه مسؤول عن أعمالهم، إذن هم متشائمون. وقلیل منهم الذین یصلون إلى الكمال والنضج العقلی فاستطاعوا أن یعتقدوا بالقضاء والقدر ویؤمنوا أن الدهر لایهلكهم؛ بل الأمور كلها بید الله سبحانه وتعالى، إذن موقفهم إیجابی وهم متفائلون.

هذا اللون الشعری المطوی على ذم الدهر سمی شكوى الدهر أوالدهریات، حیث أصبحت فنا مستقلا فی العصر العباسی الثالث وانصرف كثیر من الشعراء إلی نظمها والإكثار منها. هنا نرید أن نناقش موقف أبی العلاء المعری من الدهر.

الكلمات الرئیسة: الدهریات، شكوى الدهر، ذم الدهر، العصر العباسی الثالث، القلق الوجودی.


المقدمة

إنّ الإنسان فی حیاته خاضع لتقلب الزمن وحدثان الدهر، وهذا صحیح أنّ المرء یستطیع أن یعیش بالشكل الذی یریده ویرضاه. ولكن فی الحیاة، أحوالاً لاتخضع لإرادة الإنسان فهی تارة حلوة وتارة أخرى مرة. وقلیل من الناس یصلون إلى الكمال والنضج العقلی وینظرون الحیاة بمنظار التفاؤل، ولكن أكثرهم یدفعون نحوالتشاؤم فی الحیاة وهم أولئك الذین لایرون فی الحیاة غیر الشقاء والفساد ویشعرون بالخیبة وفلسفتهم فی الحیاة مبنیة على التشاؤم.

بعد أن فسدت الأحوال السیاسیة فی العصر العباسی ولاسیما فی العصر العباسی الثالث لانحلال الدولة العباسیة وأدى ذلك إلى الاضطراب وإلى سوء الحالة الاجتماعیة والحالة الاقتصادیة، انتشرت الفتن فازدادت الأفكار التشاؤمیة. فمن جراء ذلك لجأ كثیر من الناس إلى التشكی فنظموا أبیاتا مستقلة فی شكوى الدهر وذمه واعتادوا ذلك حتى غلب على كلامهم فاستقل هذا الفن الشعری وسمی بالدهریات.

شعر الدهریات شعر وجدانی مرتبط بمكنون النفس وآلامها ومعاناتها وقد رسم لمخاطب صورا جلیّة مثّلَت شرائح المجتمع الإسلامی فی العصر العباسی. وهوشعر صادق لم ینظمه أصحابه رغبة فی منصب أوتزلّفا لحاكم؛ إنما كان نبض فؤاد واضطراب جوانح كشف كثیرا من الدلالات النفسیة والاجتماعیة والسیاسیة وألقى الضوء على الواقع الذی عاشته أمة الإسلام حینا من الدهر.

سار الشعراء فی العصر العباسی على نهج سابقیهم الذین أكثروا الشكایة من الدهر وحوادثه التی أوهنت قواهم ونسبوا للدهر كلّ بلاء وسوء متناسین حكم الشرع فی النهی عن سبِّ الدهر وحسبوه عدوالأحرار وكرام النفوس كما نرى الحال عند المتنبی حیث بلغ من حنقه علیه أن اعتبره غریما حیا یطارده ویعاكسه. كما على رأیه أن الدهر هوالذی یقسم الحظوظ والمواهب على الناس ولكنه مطبوع على الجور.

وأما الأفكار الإیجابیة فقلیلة جداً فی العصر العباسی وقلما تجد شاعراً متفائلاً بالنسبة إلى مسألة الدهر ویمكن أن نعد أباتمام شاعراً مع نظرة إیجابیة للدهر. مع أن حیاته كانت ملئیة بالآلام والمشا كل وأحس قسوة الدهر وشقائه، ولكنه تصبر واعتقد أن الإنسان مادام یرى الأمل فی نفسه علیه أن یجاهد وألا ییأس حتى یصل إلى هدفه.

یمكن أن نقسم تشاؤم الشاعر العباسی بالنسبة لمسألة الدهر والموت إلى قسمین: التشاؤم النفسی والتشاؤم الاجتماعی.

وأما التشاؤم النفسی عند الشعراء العباسیین، فیجعلهم مشغولین بأنفسهم ویعكفون على آلامهم وهذا اللون من شعر المعاناة والألم الذی یهتم الشاعر العباسی ببیان آلامه النفسیة ینبع جمیعاً من أصل واحد وهوالشعور بالفناء وعبثیة الدهر ویتخذ الموقف السلبی ویبدأ بالشكوى عن الدهر ویتبرم به.

ویمكن أن نرجع شكوى بعض الشعراء العباسیین إلى إدراكهم أوشعورهم بنقص فی أجسامهم وضعفهم ویعانون من العقد النفسیة مثل عقدة الشعور بالنقص وعقدة أدیب. مثل مایشعر أبوالعلاء المعری وإبن الرومی بضعفهما الجسمی حیث یجعلان أدبیاتهما مبنیة على التشاؤم لأن الدهر یحرمهما من لذة الحیاة والدنیا.

أما التشاؤم الاجتماعی عند الشاعر العباسی، فینبع من مجتمعه ولا من نفسه وحده. لأن الشاعر العباسی عاش فی عصرشدید الاضطراب سیاسیاً، اجتماعیاً، اقتصادیاً وعقائدیاً. إنّ المصائب أحاطت به، وكان لابد لهذا الاضطراب أن ینعكس فی أشعاره ویترك آثاره فیها. وقد تأثر الشعراء بما أصاب الناس من خراب، تعذیب، إذلال ودمار. ینتشر الترف فی بیوت الخلفاء والأمراء حینما ینتشر الفقر فی عامة الشعب، فیلجأون إلى العزلة ویدق نفسیتهم فی إدرك الواقع.

على سبیل المثال أبوالعلاء، المتنبی، الشریف الرضی وغیرهم من الشعراء لم یكن شعورهم وفقا على خلجات أنفسهم فقط؛ فهم قد شاركوا الشعب فی مصائبهم وسمعوا شكاوى المظلومین والفقراء وعالجوا مشاكل مجتمعهم مع أنهم عانوا بذاتهم، لكنهم لن یغفلوا عن المجتمع الذی عاشوا فیه.

من الشکاوى السائدة فی العصر العباسی هی: الشكوى من السجن والاغتراب، والشكوى من المرض والآفات والشکوی من أمراض الكِبَر وفقد البصر والشكوى من الآفات: آفة الشباب الشیب وآفة الحیاة الموت…وإلخ.
المعری، حیاته وشعره:

أحمد بن عبدالله بن سلیمان بن محمد التنوخی المعروف بالمعری ولد فی المعرة سنة 3٦3 ه. توفی سنة ٤٤٩ ه.

أصابه الجدری وله أربع سنین، فكف بصره وهوطفل، وكان یقول: "لاأعرف من الألوان إلا الأحمر لأنی ألبست فی الجدری ثوباً مصبوغاً بالعصفر".

وجد المعری فی محبسه بالمعرة مالم یجده فی بغداد من الشهرة فراسله العلماء والأدباء والأمراء وقصده طلاب العلم من كل مكان یغترفون من علومه وفنونه.

وشهد هذا العصر صراعات بین تلك الدویلات الصغیرة التی نشأت فی قلب الأمة وتطاحنا شدیداً جعل الأمة من الداخل كما یغلی المرجل بالماء.

عاصر أبوالعلاء المعری من تلك الدویلات البویهین والحمدانیة والمرداسیین والفاطمیین وشاهد التطاول الدامی بینها.

وفی ظل تلك الأوضاع السیاسیة القائمة انعدم العدل والإنصاف وساد الطغیان والظلم، وزالت رحمة الراعی على الرعیة، وحلت محلها الغلظة والخشونة.

أما الحیاة الاقتصادیة فلم تكن بأفضل من الحیاة السیاسیة فإن الضرائب زادت واضطربت تبعا لكثرة الولاة الفاطمیین، وعمل كل منهم على كل مایستطیع من الأموال لنفسه، فكانت تدخل على الضرائب والجنایات زیادات ترهق الشعب إرهاقاً شدیداً وما أحسن ما صور به أبوالعلاء ذلك الظلم الذی یقع على الناس إذ یقول مصوراً حال عصره:
وأرى ملوكاً لا تحوط رعیة     
    فعلام تؤخذ جزیة ومكرس

والحیاة الاجتماعیة هی الأخرى أصابها الوهن فضعفت الثقة بین الأفراد فانتشر الفساد وعمت الفوضى أرجاء البلاد.

وقد أدت الأوضاع القائمة إلى تحرر فی الدین والفرائض، فأصبح الدین أضعف من أن یسیطر على النفس والضمائر وأصبح الإنسان فی عصر لایفكر إلا فی مصلحته ولوعلى حساب الآخرین.

عاش المعری حیاة طویلة مضطربة فیها قلق وتشاؤم ومرارة وشكوى، وكان لعناصر شخصیته أثر فی توجیه تفكیره، وصبغ آرائه بصبغة خاصة میزت المعری عن غیر من الشعراء والأدباء وخاصة أن قرر المعری لزوم بیته وانصرافه عن كل شیء فی الحیاة إلى النقد والتهكم دون أن یحاول الإصلاح الذی یقترح له سبیلاً بل یرى أن الإصلاح أمر مستحیل، ومن یحاول ذلك فإن مصیره الفشل.

والمعری شدید التشاؤم، شدید الكراهیة للحیاة وملذاتها، وكان لذلك التشاؤم داوفع متعدة أهمها: عماه الباكر، فقده لأبیه، نكباته فی بغداد، فقده لأمه، مزاجه السودای وفساد الحالة السیاسیة فی عصره. وإن كان المعری یتظاهر بالصبر والتجلد، ولكن یخونه تجلده أحیاناً فتراه یصرح بالشكوى من العمى.
وكم اشتكت أشفار عین سهدها     
    وشفاؤها مما ألم شفار
ولطالما صابرت لیلا عاتما     
    فمتى یكون الصبح والإسفار

ویقول:
عمی العین یتلده عمى الدین والهوى     
    فلیتنی القُصرى ثلاث لیال

وكل هذه العوامل المجتمعة أثرت فی نفسیة أبی العلاء فجعلته ینظر إلى الحیاة نظرة قلق والتشاؤم، ودفعته إلى العزلة وحبس نفسه فی بیته، وإلى تنبیه تلك الأفكار التی ضمنها كتبه وأشعاره ومنها لزومیاته التی مملوءة من أفكاره الناضجة، فیه یتساءل عن حقیقة الحیاة وأسرار الوجود ویبحث عن مشكلات الخیر والشر وعناء الحیاة وراحة الموت، والتی صور فیه بصدق حالة العصر الذی عاش فیه، صورة صادقة نابعة عن تجربة مؤلمة فی مجتمع تحكمه المادة، والتعالی على الآخرین، ولذلك اتجه المعری إلی أمر أخر یحقق به ذاته، وهوالتفرغ للعلم والعمل، وتحقق له بذلك ما أراد، ففاق فیه أهل زمانه، فكان حقا موسوعة علمیة غزیرة.

یری المعری أن المصائب سببها الناس وأخلاقهم وأفعالهم السیئة والتی یصرون علیها وقد أطال التفكیر، فلم ینتج له ذلك إلا أن الإنسان شریر بطبعه، وأن الفساد غریزة فیه. وجمیع البشر فی نظره سواء فی الفساد وقبح الطباع لأنهم ثمرة فساد، وهكذا، فكل حی علی الأرض شریر كاذب. فالطبیعة البشریة عند المعری فاسدة من أصل الخلقة، فالفساد غریزة فیه والشر قاسم مشترك بین الناس، إنهم یتفاوتون غنىً وفقراً وجمالاً وقبحاً ولكنهم یتساون عند طبعهم الشریر.
إن مازت الناس أخلاق یعاش بها     
    فإنهم عند سوء الطبع أسواء
أوكان كل بنی حواء یشبهنی     
    فبئس ما ولدت فی الدهر حواء

ویرى أن تلك الطبیعة الفاسدة إنما هوقضاء، قضاه الله على بنی آدم وماالناس فی هذه الدنیا إلا كلاباً یتصارعون علیها رغم أنها لاتتعدى أن تكون جیفة نتنة.
رأیت قضاء الله أوجب خلقه     
    وعاد علیهم فی تعرفه سلباً
وقد غلب الأحیاء فی كل وجهة     
    هواهم وإن كانوا غطارفة غلباً
كلاب تغاوت أوتعاوت لجیفة     
    وأحسبنی أصبحت الأمها كلباً
أبینا سوى غش الصدور وإنما     
    ینال ثواب الله أسلمنا صدراً
وأی بنی الأیام یحمد قائل     
    ومن جرب الأقوام أوسعهم ثلباً

ومهما حاول الإنسان أن یظهر النفع لأخیه؛ فإنه فی ذلك ماكر ومهما امتدح نفسه فهوكذاب یغتاب الأصل ویدعی التقوى والصوم والوفاء.
إذا أقبل الإنسان فی الدهرصدقت     
    أ توهمنی بالمكر أنك نافعی
وتأكل لحم الخل مستعذبا له     
    أحادیثه عن نفسه وهوكاذب
وما أنت إلا فی حبك جاذب     
    وتزعم للأقوام أنك عاذب

والإنسان فی هذه الحیاة بئس المعاشر لما یتصف به من الغدر وحب السب للآخرین:
بنی آدم بئس المعاشر أنتم     
ئ     وجدتكم لاتقربون إلى العلى كما
فما فیكم واف لمقت ولاحب     
    أنكم لاتبعدون عن السب

وما فی هذه الدنیا من صغیر وكبیر إلا أثوم غشوم میال إلى الشر فخور بفعل الخیرات یتبع المن والأذى حیث یقول:
لعمرك ما فی الارض كهل مجرب     
    ولا ناشىء إلا لإثم مراهق
إذ بض بالشیء القلیل فإنه     
    سوء السجایا بالتبجّج فاهق

وهذه طبیعة البشر حب الفساد والشر فیا لیتهم لم یولد وكانت ولادتهم شرا وبلاء، یقول:
یا لیت آدم كان طلق أمهم     
    أوكان حرمها علیه ظهار
ولدتهم فی غیر طهر عاركا     
    فلذاك تفقد فیهم الأطهار

هكذا ینظر المعری إلى الطبیعة البشریة. إن الإنسان شریر بطبعه والفساد غریزة فیه، ولذلك لم ینتفع إصلاحاً ولم یرج لآلامه شفاء. ولا شك أن ما لاقاه المعری من آلام فی حیاته وشرور فی عصره هی التی قوت فی نفسه هذا الرأی، مما دفعه إلى اعتبار الناس جمیعهم أشرارا وأنّ الخیر معدوم فیهم، ولا فائدة فی إصلاحهم ولا حلّ إلاّ فی اعتزالهم وهجرهم.

لم یكن رأی أبی العلاء المعری فی الدنیا بأ‏فضل من رأیه فی الإنسان، فهوعلیها ناقم ومن خستها اشتق لؤم الإنسان، فلم یزل یذمها ویصفها بصفات القبح حتى إنّه لیعد أكثر الشعراء ذماً للدنیا وبغضا لها وكان یرى الدنیا من خلال الظلام المسیطر على قلبه، فیرى فی كل شیء فسادا وهكذا تلمس فی تشاؤمه ألما مكبوتا وعنفوانا مضغوتا.

وقد ملأ أبوالعلاء كتابه اللزومیات بهذا التشاؤم الواسع من الدنیا ووصف لها بأنّها دار آلام وعذاب یستعرض الحیاة فیها من جمیع جوانبها وینقدها نقدا ساخرا فی جرأة وصراحة.

والدنیا خسیسة أف لها ولأبنائها لیس بها إلا المصائب والبلایا، حیث یقول:
خسئت یا أمنا لها     
    لنا بنوالخسیسة أوباش أخساء
وقد نطقت بأصناف العظات لنا
    وأنت فیما یظن القوم خرساء

یقول طه حسین عن لزومیاته: " إنها إلى أن تكون كتاباً فلسفیاً أقرب منها إلى أن تكون دیواناً شعریاً، وعمد بشعره إلى إثبات النظریات الفلسفیة فی الطبیعة والریاضة والألوهیة والأخلاق".

یقول أبوالعلاء فی ذمّ زمانه وأهل زمانه:
أتروم عن زمن وفاءً مُرضیاً     
    إن الزمان كأهله غدار

یرى المعری الزمان نعم غدار، ویصرح بأنه لا أمل فی إصلاح الحیاة بل إنّ المحاولة لإصلاحها مستحیل:
فلا تأمل من الدنیا صلاحاً     
    فذاك هوالذی لایستطاع

ویرى المعری أن الزمن قدیم كالمادة ولاشك أنه كان یرتبط الصلة الوثیقة بالفلسفة الیونانیة فی مبدأ قدم العناصر، وقدم الزمان والمكان، یقول:
قالوا لنا خالق قدیم     
    قلنا صدقتم كذا نقول
زعمتموه بلا زمان     
    ولا مكان ألا فقولوا

اعتقد الشاعر بالجبریة، یرى أن الإنسان مجبر یولد مكرها ویهرم مكرها كما یعیش مكرها ویسیر كذلك مكرها؛ یعنی أن الإنسان لا یملك اختیاراً ولاحریة ولا رأیاً وهوأسیر مغلول مقود إلى الشر بأعنة القدر:
ما باختیاری میلادی ولاهرمی     
    ولا حیاتی، فهل لی بعد تخییر
ولا إقامة إلا عن یدی قدر     
    ولا مسیر إذا لم یقض تیسییر

كما یرى فی القضاء والقدر:
نبكی ونضحك والقضاء مسلّط     
    ما الدهر أضحكنا ولا أبكانا
نشكوالزمان وما أتى بجنایة     
    ولواستطاع تكلماً لشكانا
والدهر لایدری بمن هوكائن     
    فیه، فكیف یلام فیما كانا

إن النظریة الفلسفیة عند أبی العلاء تقوم على قائدة الشك فی كل شیء إلا فی حقیقتین هما: الله والعقل، فهوحائر فی سبب الموت والوجود والخلق، ففی لزومیاته صیحات ألم وصرخات حزن، كان القارئ یلمس یأسه وقنوطه من خلال أسئلة الدالة على شكه وارتیابه.

یضع المعری بجانب الله سلطة أخرى، هی القدر وهذه السلطة تبدوغاشمة ظالمة متحكمة بشوؤن البشر، قوتها لاتدفع ولاتغلب ولا ترد. یبدوأن المعری مضطرب فی هذه الناحیة أشد الاضطراب. فهوفی بعض الأحیان ینسب الظلم إلى القدر والزمان، كما فی قوله:
وهوالزمان قضى بغیر تناصف     
    بین الأنام وضاع جهد الجاهد

وإیمان المعری بالقدرناجم عن فلسفته الجبریة، كم من مرة صرح بأنه على هذا المذهب فالإنسان فی رأیه مجبر تحركه الأقدار كالریشة فی مهب الریح لایستطیع إفلاتاً منها، وكل محاولة للنجاة مكتوب لها الإخفاق.
یغدوعلى درعه الزراد یحكمها     
    وهل یُنجّیه، مما قُدّر الزّردُ

یعترف المعری بأنه یجهل من خلق البشر، ولكنه على ثقة بأن هنالك إلهاً قدیراً وهوالمنعم المفضل على عباده سواء أكانوا أهلاً للفضل أم لم یكونوا، سواء آمنوا به أم كفروا:
تورعوا یا بنی حواء عن كذب     
    فما لكم عند رب صاغكم خطر
لم تجدبوا لقبیح من فعالكم     
    ولم یجئكم لحسن التوبة المطر

وكل ما یحرزه المرء فی الحیاة من نجاح وفوز فإنما هوبفضله ومنّه، لا بسعی الإنسان وجهده:
لم تبلغ الآراب شدة ساعد     
    ما لم یعنها الله بالإسعاد

ویلاحظ أن المعری یقر بوجوده، ویعترف بعظمته، ویشیر إلى فضله.

كما یعترف أبوالعلاء بحریة الوجود، والعقل هوالدلیل؛ لأنّ وجود العقل یقتضی أن الإنسان قادر على البحث والاختیار، ولوكانت الحیاة جبراً تاماً لكان وجوده ضرباً من العبث، ولكان البشر بلاعقول أفضل منهم مزودین بها، بید أن دور العقل أمام دور القدر:
الصمت أولى، وما رجل ممنعة     
    إلا لها بصروف الدهر تعثیر
والعقل زین، ولكن فوقه قدر     
    فماله فی ابتغاء الرزق تأثیر

فی هذه المرحلة شعر أن العقل شیء عظیم، ولكن القدر المطبق یلغی دوره، ویعطل تأثیره، ما قیمة عقل لاینفع أولایؤثر؟

وهكذا فیرى أبا العلاء المعری قد بالغ فی ذم الدنیا، والتحقیر من شأنها حتى إنه امتنع من أیة لذة فیها وحذر من الجری وراءها، أوالیسر فی طریقها حتى لصغار السن. یقول:
فلا تطلب الدنیا وإن كنت ناشئاً     
    فإنی عنها بالأخلاء أرباً
وهی لیست دار قرار إقامة     
    والرحیل منها أولى من البقاء

ویقول:
لعمرك ما الدنیا بدار إقامة     
    ولا الحیّ فی حال السلامة آمن
وإنّ ولیداً حلّها لمعذب     
    جرت لسواه بالسعود الأیامن

فالمعری لا یرى فی الدنیا شیئا من الخیر، وإنّما ملؤها الشرور والآثام لا سبیل إلی دفعها والدنیا فی رأیه أفرغت الشر علی كل ما فیها سواء أكان إنسانا أوحیوانا، فهوساخط علی الدنیا متبرم بها، فطبیعی أن یرحب بالموت یریحه من المتاعب.
حیاتی تعذیب وموتی راحة     
    وكل إبن أنثى فی التراب سجین

ومن شدة كراهیة للحیاة فإنه یعتبره الموت عیداً، وأی تشاؤم بعد هذا التشاؤم أن یرى الرجل یوم موته عیداً یسعد به وینتظره بفارغ الصبر، خلاف الفطرة البشریة التی جبلت على حب الدنیا وكراهیة الموت، كما یرى أن الإنسان یصنع الشر طبعا والخیر تكلفا. یقول:
أنا صائم طول الحیاة وإنما     
    فِطری الحمامُ ویوم ذاك أعید

والعاقل المتدبر فی نظر المعری لیست له راحة فی الحیاة التی عدمت منها مكارم الأخلاق إلاّ الموت. یقول:
تعالى رازق الأحیاء جمعاً لقد     
    وهت المروءة والحیاء
فمالی لاأكون وصی نفسی     
    ولاتعصی أموری الأوصیاء

والموت أفضل من طول العمر والغنى فی هذه الدنیا؛ لأنه راحة من مصائب الدنیا وشقائها:
موت یَسیرٌ معه رحمةٌ     
    خیر من الیسر وطول البقاء
وقد بلونا العَیش أطوارهَ     
    فما وجدنا فیه غیر الشقاء

والمعری لایكره الموت كما یكرهه الناس بل هویتمناه؛ لأن فیه راحة أبدیة مما لاقاه فی هذه الحیاة المصائب والمحن. یقول:
إن یقرب الموت منی     
    فلست أكره قربه
وذاك أمنع حصن     
    یصیر القبر دربه
من یلقه لا یراقب     
    خطباً ولایخشى كربه

وهكذا یری أبوالعلاء تفضیل الموت على الحیاة لنقمته علیها، ولما لاقاه فیها من الإهانة والكوارث، فهویلوذ به وینتظره، خلاصه من كل شر، وشفاؤه من كل داء.

لم یكتف أبوالعلاء المعری بتمنی الموت نفسه، وجعله منقذا له من حبسه فی هذه الدنیا، بل یعتقد بأنّ الإثم كل الإثم؛ إنّما هوإنجاب الأبناء وتعریضهم لجمیع ألوان الشقاء وبالغ حتى تمنى العدم لهذا الوجود وتمنى للولید ألایولد وللحی أن یفنى. یقول:
فلیت ولیداً مات ساعة وضعه     
    ولم یرتضع من أمه النّفساء

وفی امتناعه عن الزواج والنسل ما یجعل المخاطب یرى جانباً من تشاؤمه الأسود الذی ضرب ظلماته على جمیع أفكاره، ولعل ذلك ماجعله یوصی بأن یكتب على قبره:
هذا جناه أبی علیَّ     
    وما جنیت على أحد

ویصل أبوالعلاء المعری ذروة التشاؤم فی هذه الدنیا التی أذاقتها أفاویق العذاب أصنافا، فیحرم نفسه من لذة بها عندما تمنى الموت فلم یجده وطال به البقاء حتى مل الحیاة وما فیها، ولذلك بادر إلى حبس نفسه فی بیته واعتزال الناس، وفضل أن یكون نباتیا؛ لأن الاعتداء على الحیوان ظلم وتعسف. لم یكتف فیها الإنسان بظلم أخیه الإنسان بل تعداه إلى ظلم الحیوان والجور علیه، ومن هذا المنطلق فإن المعری یرى ترك هذا الظلم بالعزم على ألا یأكل من إنتاج حیوانی وهویعض أصابع الندم على عمره الفائت الذی كان یشارك فیه الناس ظلمهم للحیوان.

ولما لم یر المعری فی هذه الدنیا سبیلاً لإصلاح ولاطریقا لشفاء مما یعانی منه المجتمع ومما یراه المعری ظلما وعدوانا على هذه الحیاة، ولم ینفع معها الحبس واعتزال الناس ولاترك الشهوات والملذات والاكتفاء بالقلیل من الزاد، بدأ یتبرم بها فإذا هویرى كل ما حوله یبكی وأن الحزن یلتف حول رقبته یكاد أن یقطع علیه، حتى تغارید الطیور یراها نواح وبكاء:
لعمرك ما بی نجعة فأرومها     
    وإنی على طول الزمان لمجدب
حملت على الأولى الحمام فلم أقل     
    یغنی ولكن قلت: یبكی ویندب
وذلك أن الحادثات كثیرة     
    وغالبُهُن الفطّ لا المتجدب

كان للعوامل النفسیة والاجتماعیة أثر كبیر على أدب المعری وأفكاره التشاؤمیة وكان أبوالعلاء المعری قلقاً متشائماً شاكاً فی كل ما حوله، لایثق بأحد، ولا یعتمد على أحد، عزیز النفس كریما، رغم ما لاقاه فی حیاته من نكبات.

قصده من نظم اللزومیات الوعظ والإرشاد، وتضمنت اللزومیات آراء ‌المعری حول عصره والحیاة فیه فكان لها ناقدا صریح النقد، كما قیل. بالغ المعری فی آرائه حول المرأة فلم یجد فیها شیئاً حسناً بل اعتبرها صغیرة أوكبیرة سبیلاً للشرور. توصل أبوالعلاء إلى أنّ الراحة من شرور الدنیا ونكباتها العدم وقطع النسل. والأمل الوحید الذی كان ینتظره المعری هوالموت یریحه من الحیاة.

لذا لم یعد الموت لعنة، بل أصبح قدراً محتوماً لا یمكن أن یفلت منه الغنی ولا الفقیر، لا القوی ولا الضعیف، لا الحاكم ولا المحكوم، لا الطیب ولا الشریر، لا المریض ولا الصحیح. بل لعله حقیقة الوجود الوحیدة، فالحیاة سریعة الانطفاء بحیث لا یمكن الاطمئنان إلیها البتة. لم یعد الموت مخیفاً‌ والتحرر من هذا الخوف جعل إرادته أقوى وسخریته من الدهر أكثر قسوة ومرارة وانصرافه عن حیاته وما أحاط بها ملذاته اختیاراً صائباً وحكیماً، وقدرته على تحمل المشاق أشدّ‌ صلابة ومتانة.

إنّ الشعراء الآخرین یبحثون عن المجد والثروة ناسین أن الحیاة قصیدة وأن الموت لهم بالمرصاد. وللحصول على ما یبتغون لا یترددون فی بیع الضمیر وماء الوجه والتمسح بأعتاب الملوك، أما هوفلا یعنیه شیء من كل هذا؛ لأنه أدرك مبكراً أن الحیاة لا تستحق أن تعاش، وأن التعلق بها لایؤدی بصاحبه فی النهایة إلاّ إلى الضرر وإلى ندامة لیست بالنافعة.

یرى الشاعر بالنسبة لدینه، بأنه لیس هناك دین أفضل من دین آخر وأنّ كل الأدیان لها سماتها الخاصة، فإنه لجأ إلى العقل تماماً. لذا حكم أبوالعلاء المعری عقله فی أغلب الأحداث السیاسیة والدینیة التی عرفها عصره المضطرب.

كثیر من الدراسین یعتقدون أن أبا العلاء تأثّر بالفلسفة الهندیة لاجتنابه عن أكل اللحوم والبیض واللبن وتحریم إیلام الحیوان، كما فی قوله:
فلا تأ كلنْ ما أخرج البحر طالما     
    ولاتبغ قوتاً من غریض الذبائح
ولابیض أماتٍ أرادت صریحه     
    لأطفالها دون الغوانی الصرائح
ولاتفجعن الطیر وهی غوافل     
    بما وضعت فالظلم شرالقبائح

ولكن طه حسین یعتقد بأنه تأثر بفلسفة الیونانیة.

تبدوأن حیاة أبی العلاء أثرت فی اتجاهاته المختلفة وفلسفته فی الحیاة ویمكن أن یقال بأنه كان ینشد عند العوامل النفسیة والاجتماعیة التی كان لها أثر كبیر على أدبه وأفكاره التشاؤمیة. فقد ذكرت آراء كثیرة حول بواعث النفسیة بنسبة تشاؤمه للدهر وأهله ویرجع تشاؤمه إلى فقده البصر، الأم، الأب، الفقر، إساءة الناس إلیه، تحول جسده، قبح منظره ومزاجه السوداوی كان من أهم الأسباب التی جعلته متشائماً من الحیاة فترة طویلة من حیاته.

ومن العوامل الهامة الأخرى فی تشاؤمه، ردود الفعل الناجمة عن رفض أهل العصر لأفكاره الفلسفیة الیونانیة الهندیة وغیرها، وما فیه من ثورة على الأوضاع السائدة وكان هذا الرفض فی إتهام البعض له بالفكر والزندقة وتغیر نفسیات أتباعه وتلامیذه، وهما كان یشعر بالمرارة وعدم الثقة بالناس، وبقسوة والجحود والظلم.

لذا یمكن القول بأنه كان یعانی من عقدة النفس ویشعر بها حین یدرك أن لدیه نقصاً عن الآخرین، فیعتزل عن الناس ویبتعد عن أكل اللحم والزواج. یحتمل أن یقال بأنه یحب الحیاة والدنیا كثیرا ولكن وجود نقائصه هوسبب اعتزاله وتشاؤمه، كما قال طه حسین بأنه تأثر بالفیلسوف الیونانی أبیقور الذی یذكر أن رأی أبیقور الذی انتهى إلى رفض اللذة عملاً؛ لأنه لم یستطع أن یحصلها دون الألم وهذا ما تدل علیه اللزومیات فی مواضع كثیرة منها، قول أبی العلاء:
وقال الفارسون حیفُ زهدٍ     
    وأخطاءتِ الظُنون بما فَرَسْنه
ولم أعرِض عن اللذات ألاّ     
    لأن خیارها عنّی خَنَسْنَه

وعندما اشتدت الشعور بهذه النقائص مال إلى عدم الإعتراف بما لدیه من عیوب، غیر أن كل ما یذكر بالنقص یحمله بتلقائیة على الدفاع عن نفسه. ومن سمات الشخص المصاب بعقده النقص: العدوان. كما یكره أبوالعلاء الدهر وأهله. فیحتمل كان یتظاهر المعری بالصبر والتجلد، ولكن أحیانا یرى، یصرح بالشكوى من العمى. من قوله:
وكم اشتكت أسفار عین سهدها     
    وشفاؤها مما ألم شِفار
ولطالما صابرت لیلا عاتما     
    فمتى یكون الصبح والإسفار

ویقول أیضاً:
عمى العین یتلوه عمى الدین والهوى     
    فلیتنى القصرى ثلاث لیال

على هذا، أشعل هذه النقائص ونظریته الفلسفیة التی تقوم على الشك فی كل شیء إلا فی حقیتین: هما الله والعقل، فی نفسه جذوة الیأس والألم، فمُقت الحیاة واعتزل الناس. فإنه یسجن نفسه وروحه فی ثلاثة سجون وهی العجز، العمى وشرور النفس الإنسانیة. یقول:
أرانی فی الثلاثة من سجونی     
    فلاتسأل عن الخبر النبیث
لفقدی ناظری ولزوم بیتی     
    وكون النفس فی الجسد الخبیث

بصورة عامة ترى أن الموارد المذكورة سببت إلى حدما أنه یعد الموت طریقا وحیدا للخلاص من هذه الآلام. من ناحیة سایكولوجیة، كان الشاعر قد یعانی عن مرض وفی النهایة نظرته إلى الدهر متشائمة شدیدة التشاؤم وأدبیاته مبنیة علی التشاؤم؛ لأن الدهر فی رأیه غاشم یعبث بالناس ولا یتیح لهم التمتع والانتفاع كما یشتهون فاشتدت علیه ضغینته ونقمته.

وقصارى القول أن أبا العلاء ابتدأ جبریاً وانتهى جبریاً، وعندما حاول أن یفتح باب الحریة وأعمل العقل، وجد أن العقل لایغیر من طبیعة الناس شیئاً ورأى أن الشر شامل بین الناس مشترك أما الخیر فطارئ غیر مشترك وأن اللؤم موثق بالطبع البشری فأسرف الشاعر فی التطیر وامتلأ شعره بأنغام التشاؤم، كما رأى فی الحیاة سلسلة من النوائب والحرمان تصل بین مهده ولحده، لذلك أثر العزلة وعاش ینتظر الموت.
+درج شده توسط مترجم عربی - دکتر مهدي شاهرخ در چهارشنبه ۱۱ فروردین ۱۳۸۹و ساعت 18:25|
مع بدایة الخمسینات من القرن الماضی بدأتْ حركة التحرر العربیة تـشق طریقها بخطواتٍ متسارعة محققةً الانتصار تلوى الآخر ، ترافق ذلك مع تغیرات كبیرة فی مجمل الوعی العام العربی و الإیدیولوجیات السائدة تمثلتْ فی الدرجة الأولى بوعی ضرورة التغییر ، ... و هنا برزتْ عدة إشكالیات على الساحة السیاسیة العربیة تمحورتْ حولها مشاریع التغییر الاجتماعی كإشكالیة فك الارتباط من التبعیة الاستعماریة – تحقیق الوحدة العربیة – إشكالیة النهضة – العدالة الاجتماعیة و غیرها ...
و فی خِضم هذه المشاریع المتـنوعة احتلّتْ قضیة المرأة موقعاً مهماً ، من حیث إعادة النظر فی دورها فی المجتمع و المساحة المتاحة لها للتعبیر عن نفسها و علاقتها بالرجل ، فأخذتْ مختلف أطراف الطیف السیاسی و الفكری تدلو بدلوها فیما یتعلق بتصورها لحل قضیة المرأة .
و فی ظل كل هذه الإرهاصات التی شهدها الوطن العربی انطلـقتْ الإنتلجنسیا العربیة لتكون بمثابة الناطق الرسمی بمجمل المشاریع النهضویة على اختلاف تلاوینها و مشاربها ، و لتتصدّر الحِراك المجتمعی ، .... و الفن بما هو لون من ألوان التعبیر عن الواقع الاجتماعی بكل تغیراته بدأت تظهر فیه طروحات التغییر و النهضة خاصةً أن المذاهب الفنیة و الأدبیة ارتبطتْ بالاتجاهات السیاسیة إلى حدٍّ بعید ، ... و على اعتبار أن الشعر هو من أعرق الفنون عند العرب فقد شكّل ساحةً لصراع الأفكار و الاحتمالات التی برزتْ على المسرح السیاسی العربی ، و بدأتْ المرأة فی هذه المرحلة الشعریة تدخل بحلّة جدیدة مختلفة عن الصورة التقلیدیة التی أخذتها فی الشعر العربی ، كان العنوان العریض لهذه الصورة : (( حریة المرأة )) ، فهل كان المضمون مماثلاً للعنوان ؟! .
لعلّ الشاعر نزار قبانی یمثِّـل أول من كسر الطوق المفروض على المرأة و حالة الحصار المجتمعی على رغبات الإنسان العربی و مشاعره من خلال دیوانه قالت لی السمراء ، هذا الدیوان كان الخطوة الأولى فی مشوار قبانی الطویل فی دروب المرأة ، قدّم الشاعر فی قصائده إدانة لذكوریة المجتمع العربی و دفاعاً عن حق المرأة فی التعبیر عن مشاعرها و حاجاتها ، لكنّ الإشكالیة تكمن فی أن نزاراً كان یدعو لهدم الحواجز بین المرأة و الرجل من الناحیة الجنسیة بالدرجة الأولى ، أما التأسیس لعلاقة متكافئة بین الرجل و المرأة فقد كان غائباً عن شعره ، فمعظم صوره التی قدمها عن المرأة كانتْ مقتصرة على المرأة اللعوب ، أو المراهقة العذراء مقابل الرجل المجرِّب ، فإذا خرج عن هذه الأُطر نجده یغیب فی لوثة جنسیة تستغرق منه قصائد كاملة أما العلاقة الصحیة بین الرجل و المرأة بكل أبعادها الجسدیة و النفسیة و العاطفیة فهی مفتقدة فی مجمل طرح نزار الشعری ، حتّى لأنه یمكن لنا أن نقول مع عبد الله الغذامی أن نزاراً كان یعید إنتاج خطاب عمر بن أبی ربیعة ، و فیما یلی نورِد مقطعاً شعریاً لتلمیذة نزار قبانی سعاد الصباح یقدم صورة المرأة المراهقة البریئة مقابل صورة الرجل المجرِّب ، هذه الصورة تـتفق إلى حد بعید مع خطاب نزار الشعری إلى حدٍّ بعید :
(( لا تـنتقد خجلی الشدیدْ
فإننی بسیطةٌ جداً .. و أنت خبیرُ
خذنی بكل بساطتی و طفولتی
أنا لم أزلْ أخطو و أنت قدیرُ
من أین تأتی بالفصاحة كُلّها
و أنا یتوهُ على فمی التعبیرُ
أنا فی الهوى لا حَوْل لی أو قوةً
إن المحبَّ بطبعه مكسورُ
یا هادئ الأعصابِ إنك ثابتٌ
و أنا على ذاتی أدورُ
فرقٌ كبیرُ بیننا یا سیدی
فأنا محافظةٌ و أنت جسورُ
و أنا مجهولةٌ جداً و أنتَ شهیرُ
و أنا مقیدةٌ و أنت تطیرُ
یا سید الكلمات هَبْنی فرصةً
حتى یُذاكِرَ درسه العصفورُ ))
شاعر آخر مصنّف فی خانة الیسار القومی نتـناوله هنا كمثال على التعاطی مع المرأة شعریاً هو الشاعر الكبیر أمل دنقل الذی انخرط فی مسیرة الحداثة الشعریة العربیة فی ظل تلازم واضح بین الهم السیاسی و الهم الإبداعی لتغدو الكثیر من قصائده علامات فارقة فی الحداثة الشعریة ، و على الرغم من الوعی الحاد الذی تمیّزتْ به قصائده فی تـناول مجمل ما یحیط به من صراعات اجتماعیة و سیاسیة و فهمه الواعی لطبیعة الصراع مع العدو الصهیونی فهو لم یتمكن من الارتقاء فی تعامله شعریاً مع المرأة إلى ذات المستوى من الوعی ، فهو لم یتمكن من التحرر من موروثه الریفی الذی ینظر إلى المرأة كمصدر للغوایة مقابل صورة أخرى طُهرانیة للحبیبة المقدسة ، هذه الثـنائیة التی تمثـل عقدة الرجل الشرقی كما تذكر الدكتورة نوال السعداوی لازمتْ معظم أشعار أمل دنقل :
(( یهتز قرطها الطویل
یراقص ارتعاش ظله
على تلفتات العنق الجمیل
و عندما تلفظ بذر الفاكهة
و تطفئ التبغة فی المنفضة العتیقة الطراز
تقول عیناها : استرحْ
و الشفتان شوكتان ))
و لا یغیب عن بالنا أن نقف قلیلاً مع شعر الأرض المحتلة الذی بدأ یحتل موقعاً مهماً فی الخارطة الشعریة العربیة من حیث تجدیده شكلاً و مضموناً للشعر العربی و لعل ذلك یعود إلى موقع المقاومة كرافعة للوضع السیاسی العربی المتردّی .
تقتصر صورة المرأة فی قصائد شعراء المقاومة على صورة أم الشهید أو أخت الشهید أو فی الصورة المثالیة التی استخدمها شعراء المقاومة كثیراً و هی صورة المرأة / الوطن ، و على الرغم مما حفِلتْ به هذه الاستخدامات من جمالیات لا متـناهیة لكن ذلك لا یمنعنا من انتقاد شعراء المقاومة فی عزوفهم عن تـناول المرأة كمرأة بصرف النظر عن أی اعتبار آخر ككائن له مقوماته الإنسانیة و خصوصیته الأنثویة ، و كأن ردّ الاعتبار إلى المرأة و منحها موقعها الصحیح یتطلّب الانتظار ریثما تُحرَّر الأرض المحتلة :
(( شاءها الله شهیة !
شاءها الله .. فكانتْ .. كبلادی العربیه !
شعرها لیلة صیفٍ بین كثبان تُهامهْ
مقلتاها ... من مُهاةٍ یمنیه
فمها ... من رطب الواحة فی البید العصیّه
عنقها زوبعة بین رمالی االذهبیه
صدرها نجد السلامه
یحمل البشرى إلى نوحٍ ،
فعودی یا حمامه !
و لدى خاصرتیها بعض شطآنی القصیه
شاءها الله كبلادی العربیة !
نكهة الغوطة و الموصل فیها .
و من الأوراس .. عنف و وسامهْ
و أبوها شاءها أحلى صبیهْ
شاءها اسماً و شكلا
فدعاها الوالد المُعجَبُ لیلى
و إلیكم أیها الإخوان ... لیلى العدنیه ! ))
((سمیح القاسم : قصیدة لیلى العدنیة))
و على الرغم مما ذكرناه آنفاً فلا یفوتـنا أن نشیر إلى شاعرنا الكبیر محمود درویش الذی استطاع أن یفلت – ربما لعوامل ذاتیة تعود لطبیعة الأحداث التی تعرض لها و مشاهداته الكثیرة و زخم تجربته الحیاتیة – من إسار الهدف النضالی بمعناه المفروض فرضاً على القصیدة و بمعناه الإیدیولوجی لتصبح قصیدته قصیدة الإنسان بالدرجة الأولى ، و لنجد أن صورة المرأة تطورتْ تدریجیاً لدى درویش منذ بدایاته التی كان تناوله فیها للمرأة لا یختلف كثیراً مع النمط السائد ، ثم بدأ هذا التناول یظهر بشكل متمیز تدریجیاً لا سیما من خلال ریتا التی كانتْ أشبه بلعنة ملازمة للشاعر ، صحیح أن هناك تداخلات سیاسیة عدیدة فی رسمه لریتا لكنها تأتی فی سیاق العلاقة المنطقی و محیطها الاجتماعی و شروطها ، حتى وصل الشاعر أخیراً إلى تقدیم دیوان كامل عن علاقته بالجنس الآخر من خلال عمله الشعری (( سریر الغریبة )) الذی هو محاولة لاكتـشاف عوالم المرأة و أسرارها كمرآة لذاته كرجل ، و محاولة لاختراق المساحة الفاصلة بینه و بین نصفه الآخر :
(( ریتا تحتسی شای الصباحٍ
و تقشّر التفاحة الأولى بعشر زنابقٍ،
و تقول لی :
لا تقرأ الآن الجریدة ، فالطبول هی الطبولُ
و الحرب لیستْ مهنتی . و أنا أنا . هل أنتَ أنتَ ؟
أنا هوَ،
هو من رآك غزالةً ترمی لآلئها علیه
هو من رأى شهواته تجری وراءك كالغدیر
هو من رآنا تائهین توحّدا فی السریر
و تباعدا كتحیة الغرباء فی المیناء ، یأخذنا الرحیلُ
فی ریحه ورقاً و یرمینا أمام فنادق الغرباءِ
مثل رسائلٍ قُرِئتْ على عجلٍ ،
أتأخذنی معكْ ؟
فأكون خاتم قلبك الحافی ، أتأخذنی معكْ
فأكون ثوبك فی بلادٍ أنجبتكَ ... لتصرعكْ
و أكون تابوتاً من النعناع یحملُ مصرعكْ
و تكون لی حیاً و میتاً ،
ضاع یا ریتا الدلیلُ
و الحبُّ مثل الموت وعْدٌ لا یُردُّ ... و لا یزولُ ))
(( محمود درویش : قصیدة شتاء ریتا ))
ونظراً لغیاب الشروط الصحیة لقیام علاقة إنسانیة بین الرجل و المرأة أساسها الوجدان النقی و التواصل الخلّاق بعیداً عن الابتذال و الذكوریة ، فقد تحوّلت الحبیبة فی معظم الأحیان إلى حلم من خلال الأسْطَرَة التی تعكس محاولة الشاعر رسم تصور معین لأنثاه مفتقد فی الواقع ، فالشعراء فی معظم الأحیان كانوا یتـنفسون من خلال قراءاتهم فی تصویر علاقتهم بالمرأة بسبب افتقادهم إلى علاقات حقیقیة مع الأنثى كونهم جزءً من مجتمع شرقی بائس ، و أیّاً كانتْ جمالیات الأسْطَرَة فإن ذلك لا یمنعنا من القول من وجهة نظر خاصة أن هذا التقدیم الأسطوری للمرأة یعبر عن عدم قدرة الشاعر على تصوّر المرأة ككائن واقعی مكافئ له ، له حق مماثل فی الحیاة و التعبیر عن كوامن روحه و طاقاته :
(( عیناك غابتا نخیلٍ ساعة السَحَرْ
أو شرفتان راح ینأى عنهما القمرْ
عیناكِ حین تبسِمانِ تورقُ كالأقمار فی نَهَرْ
و ترقص الأضواء وهناً ساعة السَّحرْ
كأنما تنبض فی غوریهما النجومْ ))
(( بدر شاكر السیّاب : أنشودة المطر ))
و تحوّلتْ المرأة لدى الكثیر من المثـقفین إلى شیء من أشیائهم یحملونه من مكان إلى آخر كما یحملون أمتعتهم ، فالمرأة ترد لدى مظفر النواب فی الغالب كلحظة شبقیة تـنسیه متاعب طریق النضال الوعر أو إلى جانب الكأس، والسیكارة، والأرض، والوطن، والرحیل ... ، إنها عدّة الشغل كما یقول یحیى الجباعی .
و كثیراً ما كان مظفر یقدم من خلال صورة المرأة المومس صورة مصغرة للمجتمع ( مثل قصیدة فی الحانة القدیمة ) ، أو یبدأ قصائده بوصف جنسی شبقی قبل الدخول إلى غرض القصیدة الأساسی تماماً كما كان یبدأ شعراء الجاهلیة بالوقوف على الأطلال .
و أخیراً نورد مقطعاً شعریاً لسعاد الصباح وُفِّقتْ فیه إلى حدٍّ كبیر فی تقدیم صورة أخرى لعلاقة المرأة و الرجل بعیدة عن التـناول النمطی و الثـنائیة التقلیدیة ( المرأة الحبیبة / المرأة الأخت – الأم ) ، و على الرغم من الخلل الذی تعانیه اللغة الشعریة و هبوطها إلى مصاف اللغة النمطیة النثریة لكن ذلك لا یمنعنا من الإشادة بالمضمون كمثال یمكن أن یحتذیه الشعراء :
(( كم جمیلٌ لو بقینا أصدقاء
كم جمیلٌ .. أن كل امرأةٍ تحتاج إلى كف صدیق
كُنْ صدیقی .. كُنْ صدیقی
لماذا تهتمُّ بشكلی و لا تدركُ عقلی
كُنْ صدیقی .. كُنْ صدیقی
أنا محتاجةٌ لمیناء سلامْ
و أنا متعبةٌ من قصص العشق و أخبار الغرامْ
فتكلّمْ .. تكلّمْ
لماذا تـنسى حین تلقانی نصف الكلامْ
كُنْ صدیقی .. كُنْ صدیقی
لیس فی الأمر انتقاصٌ للرجولة
غیر أن الشرقیَّ لا یرضى بدورٍ غیر أدوار البطولة ))
و على كلٍّ یبدو أن الحداثة الشعریة التی عمّتْ الشكل الشعری فی تقدیمها للمرأة لم تستطع سوى تلمیع صورة المرأة و إعادة تقدیمها بصیغ جدیدة و لكنها لم تحقق قَطْعاً مع الصورة التقلیدیة ، فالحداثة ظلتْ نتوءاتٍ نافرة فی وعی النخبة المثـقفة و عموم الوعی الاجتماعی العام ، لتبقى بذلك حریة المرأة فی الشعر كما فی معظم میادین الحیاة السیاسیة و الاجتماعیة العربیة عنواناً لم یجد سبیله إلى الواقع .

عمار عكاش – طالب فی قسم علم الاجتماع – جامعة حلب – marsel81@maktoob.com
المراجع :
• یحیى الجباعی : المثـقفون والموقف من المرأة وحقوقها. مقال مأخوذ عن شبكة الإنترنت .
+درج شده توسط مترجم عربی - دکتر مهدي شاهرخ در چهارشنبه ۱۱ فروردین ۱۳۸۹و ساعت 18:24|
ربــــاعیـــات الـخیــــام

روعة الانتشاء ولوعة الفناء




    غدونا لذی الأفلاك لعبة لاعــب
    أقول مقالا لست فیه بكـــــــاذب
    على نطع هذا الكون قد لعبت بنا
    وعدنا لصندوق الفنا بالتعاقــــب
     
    عمربن إبراهیم الخیام

إذا كان المعری فی الشعر العربی هو " شاعر الفلاسفة وفیلسوف الشعراء" ذلك أنه ضمن شعره آراءه الفلسفیة فی الحیاة وخلاصة تأملاته وقراءاته فی الفكر الفلسفی وقد جمع ذلك كله فی "اللزومیات"، فحق لشاعر نیسابور وعالمها عمر الخیام أن یدعى شاعر العلماء وعالم الشعراء فقد جمع بین العلم الدقیق والفن الأصیل وزاوج بین التأمل فی العدد والتأمل فی الوجود، فجاء فی شعره كما جاء فی علمه فرادة إبداع وأصالة فكر وصدق فراسة وحرارة وجدان، وحق لزبدة إبداعه الشعری المعروفة بـ "الرباعیات" أن تنال مرتبة الخلود ومرتبة العالمیة ، ذلك أنها خیر ماأبدعته فارس من الشعر الجامع بین عمق الفكرة وجمال العبارة وصدق الشعور وحق لعمر الخیام أن یستوی بین شعراء فارس شاعرا فذا من كبار شعراء الانسانیة وأن تكون رباعیاته زادا فكریا وجمالیا وإنسانیا خیر ماتهدیه فارس إلى العالم .

وحیاة الخیام غامضة لانعرف عنها الكثیر وأول شك ینتاب الباحث هو تحدید تاریخ میلاده وقد تضاربت الروایات فی ذلك ومن المرجح أنه ولد فی النصف الثانی من القرن الخامس الهجری وقد عاش فی زمن السلاجقة وهو عصر تمیز بالإحن والدسائس والاغتیالات وأما لقب الخیام الذی اشتهر به فقیل أن والده كان صانع خیام، ولقد عرف الخیام منذ حداثة عهده بالألمعیة والذكاء، فحفظ القرآن الكریم وأتقن علوم اللغة والدین وآنس من نفسه المیل إلى الریاضیات والفلك فأبدع فیهما و بهما طار ذكره فی البلاد الاسلامیة وقربه الملوك والرؤساء وكان السلطان ملكشاه السلجوقی ینزله منزلة الندماء والخاقان شمس الملوك ببخارى یعظمه ویجلسه معه على سریره، وأما أصدقاؤه فی شبابه فهما "نظام الملك" و "حسن الصباح" الداعیة الفاطمی الذی فر إلى "ألموت" وهی قلعة أسس فیها حكم" الإسماعیلیین" الذین قضى علیهم "هولاكو" عام 1256 م ولما استوزر " نظام الملك " جعل لصدیقه عمر عشرة آلاف دینارا من دخل نیسابور إجلالا لمقامه وتقدیرا لعلمه، ووفاء لمیثاق الصداقة بینهما ثم اغتیل نظام الملك وانقطع دخل الخیام وقدحت العامة فی دینه ورمته بالزندقة فلزم التقیة، واختلف مؤرخو زمانه فی عقیدته وسیرته قال فیه البیهقی: " أنه تلو ابن سینا فی أجزاء علوم الحكمة وعرفه بالإمام وحجة الحق غیر أنه أضاف أنه كان سئ الخلق ضیق العطن وكان یتخلل بخلال من ذهب، أما ابن الأثیر فی الكامل فذكر أنه أحد المنجمین عملوا الرصد للسلطان ملكشاه السلجوقی سنة 467 هـ وقال عنه القفطی فی تاریخ حكماء الإسلام" إمام خراسان وعلامة الزمان یعلم علم یونان، ویحث على طلب الواحد الدیان، بتطهیر الحركات البدنیة لتنزیه النفس الانسانیة، وأما وفاة الخیام فمنهم من یجعلها سنة 515 هـ الموافق لـ1121 م ومنهم من یجعلها سنة 526هـ الموافق لـ 1132 م ومن مآثر الخیام العلمیة " شرح مایشكل من هندسة إقلیدس" و "مقالة فی الجبر والمقابلة" ، إضافة إلى أرصاده وأزیاجه الفلكیة، وقد قامت شهرة الخیام على الرباعیات وهی تلك المقطوعات الشعریة المقسمة إلى أربعة أبیات ضمنها فلسفته فی الوجود والملاحظ فی الرباعیات هو اتفاق البیت الأول والثانی والرابع فی الروی واستقلال البیت الثالث برویه وهو مایشبه كثیرا الدوبیت الرباعی الفارسی الأصل.

ولئن اختلف نقاد الأدب ودارسو حیاة الخیام فی صحة نسبة الرباعیات إلیه أو بعضها، فمن قائل أنها لیست لعمر الخیام الریاضی، وإنما لشاعر آخر بهذا الاسم، إلى ناقد آخر یزعم أن بعضها تصح نسبتها إلیه، وبعضها الآخر مدسوس علیه خصوصا ما تعلق بالإشارة إلى الغیب والقدر والإیمان والبعث، وقد تعمد كثیرون تشویه صورة الخیام غیرة وحسدا فنظموا شعرا ونسبوه إلیه حتى تثور علیه العامة وینتهی أمره إلى الحاكم الذی سیأمر بقتله رمیا بالزندقة، وفی أدبنا نظیر لذلك، فالمعری دس علیه الكثیرون شعرا لم یقله یثور فیه على الأدیان بل یسفهها وینتقد الرسل ویشكك فی عالم الغیب غیر أن المعری برئ من ذلك ومن قائل أن كثیرا من محبی الخیام والمتحمسین له كلما وجدوا شعرا على شاكلة الرباعیات وخفی علیهم قائله نسبوه إلیه عن حسن نیة.

ولاشك أن استقصاء الأمر صعب وتتبع مسارب التاریخ المظلمة فی ظل غیاب الوثائق التاریخیة التی تنیر حلكاته یجعل من الأمر شبه مستحیل !

ولقد رأى نقاد الأدب عندنا وشعراؤنا المحدثون الرأی الأول أی صحة نسبة بعض الرباعیات إلى الخیام وإنكار البعض الآخر وتحمسوا لها تحمسا منقطع النظیر، والحق أن الرباعیات تحفة فنیة وكنز أدبی حقیق بالخلود وحقیق بالعالمیة لأن مضمونها إنسانی، على الرغم من تأخر اكتشاف ذلك ولسكوت فیتزجرالد الإنجلیزی دالة على الخیام فهو الذی اكتشفها ودرسها وتحمس لها وترجمها إلى الانجلیزیة فأحدثت دویا كبیرا تجاوز إنجلترا إلى أروبا و أمریكا ، بل أسس فیتزجرالد نادیا فی لندن سماه " نادی الخیام " ضم كل محبی الخیام وشعره ، ولم یكتف بذلك بل سافر إلى مسقط رأس الخیام وزار قبره و أحضر معه زهرة من الزهور الحافة من حول القبر وغرسها فی نادیه بلندن حتى تنفحهم بأریج الشاعر و أریج رباعیاته ، ودعك من الأسطورة التی روج لها الكثیرون من محبی الخیام والتی تزعم أن الخیام تنبأ فی حیاته بنمو نوع معین من الزهور حول قبره ، وهذا اللون من القصص نعرف المغزى منه، فالشخصیة التاریخیة یخلق محبوها أساطیر حولها حتى یستلوا مشاعر الإعجاب من الناس ویخلقوا هالة من القداسة لأن النفس المحبة تنزع إلى أن تشاركها الأنفس مشاعرها ، غیر أن الناقد الحصیف لا یفوته ذلك ،وباكتشاف فیتزجرالد للخیام وترجمته لرباعیاته تنبه أدباؤنا ونقادنا إلى قیمة الرباعیات ومضمونها الانسانی وغناها الشعوری وقیمها الفنیة والجمالیة وتحمسوا لنقلها إلى لغة الضاد ومنهم من عربها عن الإنجلیزیة كمحمد السباعی ومنهم من عربها عن الفارسیة كالشاعر المصری أحمد رامی الذی سافر إلى باریس لدراسة اللغة الفارسیة عامین منقبا وباحثا فی الأدب الفارسی ورباعیات الخیام تحدیدا ،وعقب عودته توظف أمینا بدار الكتب المصریة وكان قد تهیأ له زاد أدبی فأسقط كثیرا من الرباعیات وعرب ما وثق أنه تصح نسبته إلى الخیام وقد شاعت هذه الترجمة بعد أن غنت أم كلثوم بعضا منها .

وربما كان فی ترجمة رامی بعض التصرف غیر أنه سعى جهده حتى لا یتقول على الخیام ما لم یقله أوأن یخرج عن روح الرباعیات ساعیا جهده فی ذات الوقت أن تكون الرباعیات فی العربیة تحفة بیانیة و إنسانیة وغیر السباعی ورامی من الذین ترجموا الرباعیات الشاعر العراقی جمیل صدقی الزهاوی و أحمد الصافی النجفی وقد عرباها عن الفارسیة، وودیع البستانی و الشاعر البحرینی إبراهیم العریض الذی توفی حدیثا وقد عرباها عن الإنجلیزیة ، ولیست هذه هی كل الترجمات إنما المشهور منها وستبقى بسحرها ومضمونها الإنسانی وحیرتها الوجودیة مصدر إغراء للأدباء العرب على مر الأجیال وكر الدهور بنقلها كرة أخرى إلى العربیة إمعانا فی الدقة والقرب من روحها وروح مبتكرها .

فرباعیات الخیام إذا ترنیمة حزینة تنعى إلینا زوال الانسان وهیمنة الزمن وقهره للموجودات وانقلاب لحظات المتعة شقوة وانقلاب أیام الانسان مجرد ذكرى شأن الجذوة تشع نارا ونورا ثم تخبو رمادا و الانسان لا حول له و لا قوة أمام هذا القهر الكونی المتجلی فی الموت الذی یطال بسیفه الانسان ثمرة الوجود ومكمن العبقریة وسر الحیاة ومستودع المشاعر فیغدو ذلك الكائن رهین اللحد والدود والظلام الأبدی كأن لم یكن بالأمس ذلك الشاعر أو العالم أو الحاكم أو الفقیه أو الثری الذی ملأ الأسماع و الأبصار ، وتغدو لحظات صفوه و أنسه مجرد ذكرى ، فما الذی ینقذ الإنسان من هذا المأزق الوجودی ؟ لا شیء غیر طلب النشوة التی تهیؤها الخمرة والبهجة التی ینشرها مجلس أنس وذلك عزاؤه وذریعته إلى تناسی فجیعة الموت مادام لیس فی الإمكان تفادی قبضته . قال الخیام ( من ترجمة إبراهیم العریض من المتقارب )

    أفق یا ندیم استهل الصبـــاح
    وباكرصبوحك نخب الملاح
    فمكثك بین الندامى قــــــــلیل
    و لا رجعة لك بعد الـــرواح
    فهات حبیبی لی الكأس هات
    سأنسى لها كل ماضی وآت
    غدا ویح نفسی غدا قد أعود
    وأعرقهم فی البلى من لداتی

ولیست فجیعة الزوال مشاعر حوم حولها الخیام لوحده فطرفة بن العبد الشاعر الجاهلی الذی قتل فی سن السادسة والعشرین تناول ذلك فی شعره

    ألا أیهذا الزاجری أن أحضر الوغى
    و أن أشهد اللذات هل أنت مخلدی ؟
    فإن كــنت لا تستــطیع دفــع منیتـی
    فـــدعنی أبــادرها بما مـــلكت یدی
    
    ویقول كذلك :
    
    لعمرك إن الموت ما أخـــطأ الفتى
    لكـــالطول المرخى وثنیاه بالیــــــد
    متى مــــا یشــأ یومـــا یقده لحتفه
    ومـــــــن یــك فی حبل المنیة ینقد

غیر أن الخیام یمتاز عن طرفة وغیره ممن تناولوا فجیعة الرحیل بإ بداع معمار فنی ضمنه فلسفته الوجودیة من المقطع الأول إلى المقطع الأخیر دون أن ینصرف إلى أشیاء أخرى أو یتناقض مع نفسه وذلك هو امتیازه الكبیر .

و للخمرة حضور قوی فی الرباعیات بل هی محورها الأساسی ألیست مهوى القلوب ومطلب الأنفس الشاعرة وملجأ المعذبین یتوسلون بها عرائس الشعر علها تجود علیهم بآیات العبقریة بل حتى المتصوفة وهم رهط من الناس انقطع إلى العبادة والتأمل والمجاهدة طلبا للعرفان وقد عرف هذا الرهط بالتقوى وقیام اللیل وماذاقوا خمرة فی حیاتهم قط، لم یجدوا غیر الكرمة والخمرة والكأس یكنون بها عن الحب الإلهی والانتشاء به، متناسین دنیاهم منقطعین عن العالم متوحدین فی الأباطح والقلل،ألم یقل ابن الفارض مكنیا بالخمرة عن الحب الإلهی:

    شربنا على ذكر الحبیب مدامــــــة
    سكرنا بها من قبل أن تخلـق الكرم
    صفاء ولامــاء ولطف ولاهـــــــوا
    ونـور ولا نــــار وروح ولا جسم !
    وقــالوا شربت الإثم كلا وإنمـــــا
    شربت التی فی تركها عندی الإثم !

أما خمرة الخیام فهی بنت الكروم وقعیدة الدنان هی خمرة حقیقیة ولیست مجازیة هی سلوى الراحل وعزاؤه وذریعته إلى النسیان بها تقر عینه وتنتشی نفسه، ویسكن رأسه فلا جرم أن یطلبها ملحا فی طلبها قبل ساعة الرحیل:

    سیحیا لحبك قلبی المــــــعنى
    لطرفك یسقی مع الخمرخمرا
    لجورك مـــــادام وعدك منـا
    فیبدع فنا وأبدع فنـــــــــــــا
    
    فجدد مع الكأس عهد غرامك
    وحل مـــــــرارتها بابتسامك
    وعــــجل فجوقة هذی الطیور
    قد لا تطیل الطواف بجامك

وأما المقاطع التی تغنت بها سیدة الغناء العربی وكوكب الشرق الراحلة السیدة أم كلثوم ومن ترجمة صدیق عمرها الشاعر الكبیر أحمد رامی فمن البیت الأول یبتدأ حدیث الخمرة والزوال غیر أن أم كلثوم وصاحبة العصمة كما كانت تدعى ، والتی كانت تتمنع عن الغناء فی مكان تدور فیه الصهباء وهی المعروفة بعفافها وتقواها وحرصها على أداء الصلاة، وقد تمیزت عن جل المغنیین فی زمنها بثقافة أدبیة عریقة، وذوق فنی عالی غذته بقراءة دواوین فحول الشعراء وأمهات كتب الأدب كالأغانی والعقد الفرید وخزانة الأدب وغیرها من كتب الأدب، ولم تشأ أن تذكر الخمرة فیما تغنت به من شعر الخیام فغیرت كلمة" الحان" إلى كلمة " الغیب" وعدلت عن كلمة " الطلى" إلى " المنى" فغنته وفقا لسلوكها وشخصیتها .

قال الخیام من ترجمة رامی من بحر السریع كما تغنت به أم كلثوم:

    سمعت صوتا هاتفا فی الســــــحر
    نادى من الغیب غفاة البشـــــــــر
    هبوا املأوا كــأس ا لمنى قبل أن
    تفعم كأس العمر كف القــــــــــدر

وأما ترجمة العریض عن النص الإنجلیزی لهذا المقطع بالذات فجاءت هكذا ( من المتقارب ) :

    لقد صاح بی هاتف فی السبات
    أفیقوا لرشف الطلى یاغفــــــاة
    فما حقق العمر مثل الحبــــاب
    ولاجدد العمر مثل الســـــــــقاة

وبین المقطعین اختلاف فی إصابة المعنى الذی أراده الخیام والراجح أن رامی الأقرب إلى إصابة المعنى باعتباره عربه عن الفارسیة رأسا، غیر أن هذا یخلق إشكالیة فی الأدب تذهب حد اتهام الترجمة بالخیانة أی خیانة النص الأصلی والخروج عن معانیه الدقیقة وذلك راجع لاختلاف روح اللغة المترجم عنها والمترجم إلیها، وقد كان الجاحظ یرى أن الشعر لا یترجم بهذا المعنى !

لقد كان الخیام إذا عقلا باحثا فی علة الوجود ونفسا لا تركن إلى یقین، وأراد أن یتجاوز فی فهمه للوجود النصوص الدینیة معتمدا على تفكیره الحر وثقافته الفلسفیة التی استمدها من الفكر الیونانی وربما الهندی وهو من الذین یحق علیهم قول أبی الطیب :

    ذو العقل یشقى فی النعیم بعقله
    وأخو الجهالة فی الشقاوة ینعم

وفی الرباعیات إشارة إلى مكابدة المعرفة وجحیم الشك والمجاهدة فی سبیل الیقین لولا أن العمر لا یفی بذلك (من السریع):

    أحس فی النفس دبیب الفــــــناء
    ولـــــم أجن من العیش إلا الشقاء
    یاحسرتا إن حان حینی ولم یتح
    لعقلی حل لغز الــــــــــــــقضاء

وهو فی شعره یسمح لعقله بأن یوغل فی التفكیر فی مسائل الغیب وتقلیب الأمر على وجوهه كمجىء الانسان إلى الدنیا اضطرارا والغایة منه، لكن التفكیر لا ینتهی بالشاعر إلى یقین قال الخیام( من ترجمة رامی من السریع):

    لبست ثوب العیش لم أســــــــتشر
    وحرت فیه بین شتى الـــــــــــــفكر
    وسوف أنضو الثوب عنی یوما ولم
    أدرك لماذا جئت، أین المـــــــــــــفر

فلیطلب الشاعر شیئا من العزاء فی حضرة الكأس ألا إن لحظات النشوة بدل من خلود فما أغلاها من بدل والخمرة تثیر فی النفس قابلیات صوفیة، فقد نص ولیم جیمس على أن قوة الكحول راجعة بلا شك إلى قدرته على إثارة القابلیات الصوفیة وهی ذلك المد من الطوفان الذی ینبثق من الدفء الداخلی والنشاط الحی وهی مستعصیة فی أوقات الصحو لارتباطها بالمتطلبات والشكوك والإنطباعات الذاتیة وقوة الكحول تأتی من قدرته على شل هذه الدیدان الماصة للحیویة، تاركة الحرارة الحیویة لتتجمع وتشكل نوعا من الخزان الداخلی الذی هو فی مضمونه تركیز للطاقات للوصول إلى لحظة "الذاتیة الداخلیة" .

والخیام الشاعر كما یحتفی بالخمرة یحتفی بالجمال ذلك أن قدرة الخمرة فی إحداث التركیز تتیح للشاعر طرح كل همومه وأحزانه ووساوسه والتأمل فی الجمال والإحساس به وتذوقه فی الطبیعة والانسان، وقد عشق الخیام الفتاة" نسرین" والتی اقتبست من الزهر اسمه وشذاه وجماله لولا أن عصفت بها ریح المنون فی مقتبل العمر فأورثت الشاعر حسرة وعمقت فیه الإحساس بجبروت القدر وقهره وعدم استجابته لرغائب النفس وأحلامها، وفی أحضان الجمال یسهو الشاعر قلیلا عن لوعة الفناء ومن ترجمة العریض من (المتقارب) یقول الشاعر :

    ویالیت شعری أتلك الزهور
    عرائس نعمى جلتها الستور
    فمن قبلة الشمس هذا الحیاء
    ومن لؤلؤ الطل ذاك السرور؟

وجوهر الجمال هو النزوع إلیه وتعشقه تعشق الفراش للنور والهیام به لأن فی الحب سلوى عن زوال الموجود:

قال الخیام من ترجمة رامی( من السریع):

    أولى بهذا القلب أن یخــــــفقا
    وفی ضرام العشق أن یحرقا
    ماأضیع الیوم الذی مربـــــی
    من غیر أن أهوى وأن أعشقا !

وفی الرباعیات ظاهرة لایمكن إغفالها تتعلق بنقد الناس والتندید بالنفاق وتعلق الناس بالمظاهر مهملین الجوهر، ویبدو أن الشاعر عانى من ألسنة الناس وخاصة عوامهم كما عانى من مطاردة الفقهاء له الذین ربما رموه بالمروق عن الدین والفسق والعربدة، ولذا صب الخیام جام غضبه على هؤلاء الناس متهما إیاهم بالنفاق، واقرأ ذلك كله فی هذین البیتین من ترجمة جمیل صدقی الزهاوی( من الخفیف):

    قال شیخ لــمومس أنت سكرى
    كل آن بصاحب لك وجــــــــــد
    قال إنی حـــــــقا كما قلت لكن
    أنت حقا كمــــــــــا للناس تبدو؟

ومع تصریح الشاعر بطلب المتعة والنشوة تناسیا لأوصاب الوجود وجحیم الشك وعذاب الفكر وسلاطة ألسنة الناس ظل فی عقله الباطن یحمل تبعة الإحساس بالذنب وهو المسلم الذی یتلو من القرآن آیات تنص على حرمة الخمر واعتبارها من الموبقات، وعن العذاب الذی أعده الله لمتعاطیها إن لم یكفوا عنها،غیر أن الشاعر سیجازف بطلبها إلى آخر رمق من حیاته معتمدا على إیمانه بالله وبوحدانیته وعلى فعله المعروف وإحسانه إلى الفقراء لیسلم من النقمة وفوق ذلك كله ملتمسا عفو الله الذی أوصى عباده أن لا یسرفوا على أنفسهم لأن الله یغفر الذنوب جمیعا. قال الخیام من ترجمة مصطفى وهبی التل( من الطویل):

    
    إلهی قل لی من خلا من خطــــــیئة
    وكیف ترى عاش البرئ مــــن الذنب ؟
    إذا كنــــــــــت تــــجزی الذنب بمثله
    فـمـــا الــفـرق بـیـنـك وبـیـنی یاربی؟

فلیسع الشاعر إلى الحان طالبا لحظات الصفو مع ندمائه، ملتمسا السعادة من دنان بنت الحان ولیشفع له إیمانه بالله ووحدانیته، كما قال: من ترجمة العریض(من المتقارب):

    لئن قمت فی البعث صفر الیدین
    وعـــــــــطل سفری من كل زین
    فیشـــــــــــفع لـــی أنـــنی لم أكن
    لأشرك بالله طرفة عیــــــــــــــن

وذلك ما حدا بالشاعر إلى اختتام رباعیاته بتلك الأبیات التی تنم عن حرارة إیمانیة وتسلیم بوحدانیة الله وأمل فی عفوه متوسمة عطفه ورحمته، ومن ترجمة رامی( من السریع):

    یـــــاعالم الأسرار علم الیقین
    یاكاشف الضر عن البائسین
    فئنا إلى ظلك فــــــــاقبل عن
    عـــبــــادك تــــوبة التـــائبین

وهی عودة إلى شاطئ الإیمان بعد التیه فی أقیانوس التفكیر وفیافی التأمل والبحران وما یلقى صاحبه من مكابدة ومجاهدة وعذاب نفسی كبیر ولربما استعان الشاعر بیقین الریاضیات على شكوك الانسانیات ولربما أعطته نتائج الریاضیات بعض الراحة والعزاء فأوغل فی هذا العلم إیغالا منقطع النظیر فتوصل إلى نتائج قیدت باسمه كحل معادلة من الدرجة الثالثة بواسطة قطع المخروط، وطبق الریاضة على الفلك ذلك العلم الذی یعنی فی لاوعیه المطلق والسامی والعالم الحر بلا حدود وهی مفاهیم یتعشقها الخیام، وله فی الفلك بحوث جدیرة بالإعجاب والتقدیر، ولربما استعان الشاعر بالخمرة كما یرى ولیم جیمس حتى یصل إلى مرتبة الذاتیة الداخلیة ویشل فی نفسه وعقله كل الدیدان الماصة للحیویة فیندغم بنشوة الخمرة فی الوجود فتصبح الذات والموضوع واحدا، خاصة إذا رأى الإنسان أن المعرفة لا تنتهی بالانسان إلى معرفة كل ما یجهله لأن العمر ذاته قصیر ألم یقل المتنبی ذات مرة:

    ومن تفكر فی الدنیا ومهجتــــه
    أقامه الفكر بین العجز والتعب !

ومن ثمة یغدو الإحساس بالوجود وبمحاولة الإندغام فیه ومعالجته بالذوق خیر ما یسعف المتأمل إذا استعصى علیه تحویل الوجود إلى موضوع یشبعه بحثا ودرسا واستقصاء كذلك كان الخیام فی علمه وفی شعره وفی سیرة حیاته عقلا جبارا لاینی یفكر ویدرس ویستقصی، وقلبا إنسانیا رقیقا انطوى على أنبل المشاعر، ونفسا إنسانیة كذلك رهیفة نأت عن النفاق والأنانیة والكذب والحسد والشره وهی من أرذل الصفات التی ندد الخیام بها، وقد أهدى إلینا فتى نیسابور " الرباعیات " وهی فی رأینا أجود آثاره وأجل أعماله،ذلك أن العلم الریاضی والفلكی اللذین مارسهما الشاعر تجاوزهما العلم الحدیث ولم تعد لهما من قیمة- اللهم إلا تتبع تاریخیهما وآلیة تطوریهما – ولقد أهدى إلینا شعراؤنا وأدباؤنا رباعیات الخیام فی حلة عربیة قشیبة فكانت فی العربیة كما كانت فی الفارسیة آیة من آیات البیان والفكر والشعور .
+درج شده توسط مترجم عربی - دکتر مهدي شاهرخ در چهارشنبه ۱۱ فروردین ۱۳۸۹و ساعت 18:24|

قد یبدو العنوان جد مترف , إذا ما القینا نظرة على حجم الموضوع والمساحة التی یمكن ان یاخدها . فهو ابعد من إن نحصره فی مقال صغیر , وحدیثنا عن الواقعیة و الشكلانیة سیقودنا ابعد من ذلك . محاولة رصد الجدل الثقافی والفكری الذی یحف هدا المجال , أی المجال الأدبی والفنی .و سنحاول متعمدین «طبعا» ان نستشرف افاقا اخرى فی مجالات شتى . لاعتبار ما یمیز المدرسة الواقعیة بالخصوص من تاثیر فیها وتاتر بها .
سنة 1924 كتب تروتسكی یقول « اذا ماتركنا جانبا الاصداء الضعیفة التی خلفتها انظمة ایدیولجیة سابقة على الثورة ...نجد ان النظریة الوحیدة التی اعترضت الماركسیة فی روسیا هی النظریة الشكلانیة فی الفن » هذه الفقرة المقتطفة من كتاب الادب والثورة تبین لنا بوضوح شیئین اساسین :
اولا . ان النظریة الشكلانیة اعترضت النظریة الماركسیة وبرز منظروها كخصوم جریئین للایدیولجیة الماركسیة .
تانیا . عندما یتحدت تروتسكی عن اعتراض طریق الماركسیة فانه یتكلم ضمنا عن اعتراض طریق المدرسة الواقعیة التی أترت فی العدید من انماط الكتابة والادب والتعبیر فی متقفی دول حركة التحرر فی العالم باسره .
بدایة سنحاول ان نعطی تعریفا موجزا عن كلا المدرستین , رافضین مسبقا الاحكام المنتجة حولهما ..
وسنبدا بالمدرسة الشكلانیة . فالشكلانیون هو الاسم الذی اطلقه خصوم الابویاز على هاته الجماعة , وتعنی كلمة )الابویاز ( جمعیة دراسة اللغة الشعریة ) وقد تأسست سنة 1914 وكانت تتركب من اعضاء اهمهم opoiaz)
شلوفسكی . بریك . بولیفانوف . تیتیانوف . ایخبناوم . جیرمونسكی . یاكوبسون . وقد توقفت اعمال هذه المدرسة فی النصف التانی من العشرینات .
وصف لونا شاركسی الشكلانیة الروسیة سنة 1930 بانها :تخریب اجرامی ذو طبیعة ایدیولوجیة .
وسنة 1930 ایضا كانت بدایة نهایة الشكلانیین , حین قام احد السوسیولجیین (ارفاتوف) بمحاولة لتطعیم المنهج الشكلی , بالتحلیل الاجتماعی الماركسی .
اما عن المدرسة الواقعیة فسنقول بمزید من الحزم انها المدرسة التی تبتدا من شیرنیشفسكی وتمتد الى حدود الان . هو المنهج الدی ینهل من الواقع وخصوصیته دون الخضوع للوهم والعزلة والتقوقع والذاتیة .و هده تعریفات الواقعیین انفسهم .
وسوف نعرض للواقعیة ومن ثم الواقعیة الاشتراكیة , انطلاقا من شیرنشیفسكی , مرورا بماركس وانجلز و بلیخانوف وصولا الى لینین . دون ان ننسى ان موضوعنا هدا هو مقاربة تستدعی فتح أفق للرؤیا من جهة . وتنشد نقاشا بین اصدقاء تشدنا الیهم وشائج الصلة الفكریة من جهة اخرى . متمسكین ما امكن بالموضوعیة التاریخیة دون مشایعة مدرسة على اخرى او منهجا على اخر ..دون ان نسقط فی التفاؤل او الثوریة ادا امكننا قول ذلك . ونحن نعرض لنظرة المدرستین فی الادب و الفن سوف لن نغفل موضوعا اخر شدید الصلة بهما , بل یؤثر فی سیرهما وقد یحدده وهو علم الجمال .
یقول یاكوبسون :ان موضوع علم الادب , لیس الادب , وانما الادبیة .
كان هذا اول مبدا استرشد به الشكلانیون متجاوزین الرمزیین الذین توقفوا عند حدود مفهوم اللغة الشعریة كصورة . لیحصروا (الشكلانیون) اهتمامهم فقط فی نطاق النص . ویحسب الشكلانیون للرمزیین تخلصهم من النیر الایدیولوجی الذی كان سائدا فی روسیا والذی یحث على العلاقة السببیة بین الادب والحیاة . والذی استحال فی نظرهم الى عقیدة جامدة . ولم یاكد الرمزیون فقط على العلاقة بین الادب والمیتافیزیقا , بل حاولوا ان یلموا باسرار اللغة الشعریة . نظرا لعلاقتهم بآراء فقیه اللغة بوتبنیا .
اما المبدا الثانی الدی استرشد به الشكلانیون فهو یتعلق بمفهوم الشكل . فقد رفضوا رفضا باتا بان لكل أثر ادبی تنائیة الشكل والمضمون . واكدوا على ان الخطاب الادبی یتمیز عن غیره ببروز شكله . یقول ایبخنباوم ان” ما یسمى بالمنهج الشكلی لم ینتج عن نضام منهجی خاص ولكن عن جهود لخلق علم مستقل ملموس “

+درج شده توسط مترجم عربی - دکتر مهدي شاهرخ در چهارشنبه ۱۱ فروردین ۱۳۸۹و ساعت 18:23|
منذ رحل هذا الشاعر الجنوبى الأسمر عن عالمنا والاف الأ ضواء تتسلط على ساحة حروفه القویة الرصینة الصادقة المعبرة العمیقة وكأنها تتعرف لأول مرة على الثراء الفنى الذى رحــــل صاحبه بعد رحلة حیاتیة قصیرة انهكه فیها المرض اللعین والحروف التى لم تعرف الانحناء ، عـــــاش فیها مطاردا من الجلاد والمحقن یصارع السوط ومشرط الطبیب وألام المرض الخبیث حتى ودع دنیانا
هذا الشاعرالذى قالوا فى مقدمة دیوانه الذى جـــــــمع اعماله الكاملة بعد وفاته واصدرته دار روزالیوسف القاهریة
,, لیس أمل شاعرا یتغنى بالقصائد انه یمسك السكین ویكتب به الكلمات،،
هذا الشاعر الذى اتسم بالصلابة والذى كان یقول :
لقد قتلت عبر سنوات العذاب كل أمل ینمو بداخلى قتلت حتى الرغبات الصغیرة والضحــك الطیب 0
وعندما نعته الكاتب كمال الملاخ بالشاعر العاطفى ثارت ثائرة النقاد وقال أحدهم انه لم یقـــرأ شعر أمل دنقل ولم یعرفه لأن أمل لایكتب بالقلم ولكن یكتب بالسكین0
وقال الشاعرأحمد عبدالمعطى حجـــازى :أن أمل فى حدیثة صریح قاطع عنیف لایعبأ باللیاقة ولا یلقى بالا للاستدراك انما یواجه هدفه بغیر تحوط أو مداراه 0
وكان أمل یقول أرید أن یكون عقلى هو السید الوحید لا الحب ولا الجنس ولا الأمانى الصغیرة اننى لا أقبل كلمة رقیقة من أمرأة لأن هذا سیضطــــرنى الى الترفق معها وهذا یعنى التودد الیها وهذا یمثل الضعف الذى لایغتفر 0
كان أمل یخجل من مجرد وصفه بالشاعرلأن وصف الشاعر یقترن فى أذهــــــــــان الناس بالرقة والمشاعر الفیاضة والنعومة 000 وهو القائل :
اه لو أملك سیفا للصراع
اه لو أملك خمسین ذراع
لتسلمت بایمانى الهرقــلى
مفاتیح المدینة00
كان یبدو مزهوا بالقوة والعنفوان والقلب الذى لایعرف العــــــــواطف
ویخاطب الناس:

ایها الناس كونوا اناسا00
هى النار وهى اللسان الذى یتكلم بالحق 00
لاتدخلوا معمدانیة النار 00
كونوا لها الحطب المشتهى00
والقلوب الحجارة 00
وقد كان یعزى هذا الى نشأته الصلبة الخشنة الجافة وتزمت والده الازهرى وطبیعتة الصعیدیة
یقول فى قصیدته الكعكة الحجریة :
ایها الواقفون على حافة المذبحة00
اشهروا الأسلحة 00
سقط الموت وانفرط القلب كالمسبحه 00
والدم انساب فوق الوشاح 00
المنازل أضرحة 00 والمدى أضرحة 00والزنازن أضرحة00
فاشهروا الأسلحة00
رایتى عظمتان وجمجمه 000
وشعارى الصیاح00
ثم یقول فى دفتر الاستقبال :
لاتسألى النیل أن یعطى وأن یلدا
لاتسألى ابدا 00
انى لأفتح عینى حین افتحها 00
على كثیر ولكنى لا أرى أحدا00
ویقول فى فقرات من كتاب الموت :
كل صباح0أفتح الصنبور فى ارهاق00
مغتسلا فى مائه الرقراق00
فیسقط الماء على یدى دمى 00
وعندما أجلس للطعام مرغما00
ابصر فى دوائر الأطباق 00
جماجما00 جماجما 00
مفغورة الأفواه والأحداق00
هكذا یبدو أمل دنقل شاعر متحجر المشاعر صخرى المزاج لایعرف العاطفة حتى أن الكاتبة عبله الروینى أرملة الشاعر قالت عنه فى كتابها الجنوبى انه كان شدید الصــلابة كالجرانیت الصخرى فهو قادر دائما على كتمان انفعالاته بل وأحیانا على اظهار عكسها0
ولعلنى أرى ان أمل دنقل استطاع ان یخدع الجمیع فوضع على وجهه قناعا زائفا أخفى به وجهه الحقیقى الذى یتدفق عاطفة ویتفجر حبا وهو الذى یملك وجدانا جیاشا بالمشاعر الرقبقة مهـــــما حاول ان یوهم الناس ان العاطفة لدیه لحظة ضعف حاول أن یطردها من حیاته0
هل افتقد العاطفة هذا الشاعر الذى قال :
ووقفنا فى العیون الخرس00
قول لایذاع 00 یخنق اللحن 00
فتدمیه اعاصیر المستباح0بین اطراق 00
وحزن القلب 00 اضناه الوداع00
وهل صخرى ذلك الذى قال :
ونظرت فى عینیك من عبر الدموع00
عینان خضروان كالخلد الرطیب00
فرأیت احزانا توسوس فى الربیع00
وحنان وجـــد صادق لم تبصریه 00
أن أمل قلب یبشر بالحب یقول فى قصیدته الملحد:
لكم جئت للحب أزجى القرابین 00 والحب عبد له سؤدد
أتیتك یوما صغـــــــــــیرا غریرا 00یجاذبنى نورك المـــوقد
وحفت الیك بحــــــــار الدموع 00 یلوح خلفـــــها المعبد
وهو القائل أیضا :
وأنا المسىء الیك یاحبى المنتظر00
فأنا تراب مندثر 00ولأنت طاهرة كحبات المطر 00
وهل بعد ذلك شك فى ان امل دنقل كان شاعرا عاطفیا بنفس الدرجة التى تمیز فیها كشاعر سیاسى ولعله كان صادقا عندما قال الشاعر بلاحب كالشعر بلا معنى
یقول فى قصیدة من دیوانه مقتل القمر
احدق فى خطوط الصیف فى شفتیك00
یعوى داخلى الحرمان00
لهیب أدمى الشوق00 مصباحان یرتعشان
واهرب نحو عینیك 00
یطالعنى الهوى والله والغفران
او قصیدته التى یقول فیها:
شاء الهوى أن نلتقى سهوا00
كم كنت افتقدك 00یاوجهها الحلوى00
والعجیب أن أمل كان حریصا على عدم نشر قصائده العاطفیة مثل قصائده (حب/راحلــــة /اذكرینى/الملحد/ نانا/ الوداع/ ستأتین لى / الموزة السمراء ) رغم ماتحمله من عاطفة متدفقة وصفاء كنور الفجر 0
ربما أراد ألا یراه أحد فى لحظة ضعف ولعل رفیقة رحلته السیدة عبلة الروینى كانت صادقة عندما قالت :
كتب أمل عن صدیق له هذه الكلمات فخلته یكتب عن نفسه
( كنت دائم الخـوف من أن یكتشف الناس كم أنت رقیق فیدهسوك بسنابكهم )0
+درج شده توسط مترجم عربی - دکتر مهدي شاهرخ در چهارشنبه ۱۱ فروردین ۱۳۸۹و ساعت 18:22|
عائشة عبدالرحمن
( بنت الشاطیء) رحمها الله
مولدها و نشأتها
هی عائشة محمـد عبد الرحمن المكناة ببنت الشاطئ، الكاتبة المصریة والباحثة والمفكرة والأستاذة الجامعیة فی الأدب العربی، ولدت فی السادس من نوفمبر عام 1913 وذلك فی مدینة دمیاط بشمال دلتا مصر، و هی من بیت علم وعلماء، فقد كان والدها عالماً من علمــاء الأزهر، وقد تربت على یدیه تربیة إسلامیة صحیحة، فنهلت من جلسات الفقه والأدب التی كان یقیمها والدها كما حفظت القرآن الكریم فی مدارس القرآن المسماة بالكتاتیب والتی كانت منتشرة فی القرى آن ذاك. تعلیمها لم یكن تعلیم الفتاة متاحاُ فی ذلك الوقت، وقلیلات هن الفتیات اللواتی استطعن اللحاق بركب التعلیم وكانت عائشة واحدة من المحظوظات، على الرغم من أن والدها لم یتقبل الفكرة فی البدایة إلا أن عائشة استطاعت الالتحاق بمدرسة اللوزی الأمیریة للبنات و ذلك بمساعدة جدها لأمها الشیخ إبراهیم الدمهوجی ، ومن هنا بدأت مرحله أخرى من مراحل حیاة الكاتبة عائشة بنت الشاطئ حیث أخذت بتخطی مراحل التعلیم مرحله تلو الأخرى تنهل من عباب هذا البحر الكبیر. حتى حصلت على شهادة الكفاءة للمعلمات عام 1929 وذلك بترتیب الأولى على القطر المصری. و من ثم حصلت على الشهادة الثانویة عام 1931م. و لم تتوقف مسیرتها التعلیمیة عند هذا الحد بل التحقت بجامعة عین شمس وتخرجت من كلیة الأدب قسم اللغة العربیة، تلا ذلك حصولها علی شهادة الماجستیر بمرتبة الشرف الأولى عام 1941 . زواجها وأبنائها : وفی خلال فترة دراستها الجامعیة تزوجت عائشة من أحد فحول الفكر و الثقافة فی مصر آن ذاك آلا وهو الأستاذ الجامعی أمین الخولی، وقد أنجبت منة ثلاثة أبناء ، ولم تشغلها مسؤولیاتها الجدیدة كزوجة و أم عن طلب العلم ، ففی عام 1950م حصلت على شهادة الدكتوراه فی النصوص بتقدیر ممتاز، وقد نوقشت الرسالة من قبل عمید الأدب العربی الدكتور طه حسین. حیاتها العملیة وعملت عائشة فی عدة وظائف وتبوأت عدة مناصب مهمة، فعملت أستاذة للتفسیر والدراسات العلیا فی كلیة الشریعة بجامعة القرویین فی المغرب، وبعد ذلك أستاذ كرسی اللغة العربیة وآدابها فی جامعة عین شمس من ( 1962-1972 ) بجمهوریة مصر العربیة،كما عملت أستاذة زائرة لجامعة أم درمان عام 1967 و لجامعة الخرطوم وجامعة الجزائر عام 1968 ولجامعة بیروت عام 1972 ولجامعة الإمارات عام 1981 وكلیة التربیة للبنات فی الریاض( 1975-1983). ودرست ما یقارب العشرین عاماً بكلیة الشریعة فی جامعة القرویین بالمغرب فی وظیفة أستاذة للتفسیر والدراسات العلیا. كما شغلت عائشة عضویة مجموعة من الهیأة الدولیة المتخصصة ومجالس علمیة كبیرة مثل المجلس الأعلى للشؤون الإسلامیة بمصر ، و المجالس القومیة المتخصصة ، و المجلس الأعلى للثقافة، كما كانت أیضاً أحد أعضاء هیئة الترشیح لجوائز الدولة التقدیریة بمصر. إنتاجها الأدبی إلى جانب كل هذا كانت الدكتورة عائشة أدیبة و ناقدة وهی صاحبة إنتاج أدبی غزیر ومتنوع فی الدراسات القرآنیة مثل ( التفسیر البیانی للقرآن الكریم) و( الإعجاز البیانی للقرآن) و تراجم سیدات آل البیت النبوی ومنها بنات النبی ، نساء النبی ، أم النبی ، السیدة زینب ، عقلیة بتی هاشم ، السیدة سكینة بنت الحسین. كما تطرقت لدراسة الغزو الفكری من خلال (الإسرائیلیات فی الغزو الفكری) و هی إحدى مؤلفاتها ، كما قامت بتحقیق الكثیر من النصوص والوثائق و المخطوطات ، ولها أیضاً دراسات شتى فی المجالات اللغویة و الأدبیة مثل : نص رسالة الغفران للمعری، والخنساء الشاعرة العربیة الأولى، ومقدمة فی المنهج، وقیم جدیدة للأدب العربی ،وقد نشر لها العدید من البحوث المنشورة ومنها المرأة المسلمة ، و رابعة العدویة، والقرآن وقضیة الحریة الشخصیة الإسلامیة، و من الأدبیات و القصص لها ذخیرة كبیرة مثل: على الجسر، الریف المصری، سر الشاطئ، وسیرة ذاتیة وقد سجلت فیه طرفًا من سیرتها الذاتیة فتحدثت فیه عن طفولتها على شاطئ النیل ونشأتها و أیضا جاءت على ذكر زوجها الراحل ونعته فی هذه السیرة الذاتیة بكلمات رقیقة. ولم یتوقف الإنتاج الأدبی للدكتورة عائشة عند هذا الحد بل كانت أیضاً تكتب للصحف والمجلات، فبدأت الكتابة، وهی فی سن الثامنة عشر فی مجلة النهضة النسائیة وقد كانت تكتب تحت اسم (بنت الشاطئ)، وهو اسم مستعار مستمد من ذكریاتها و لهوها علی شاطئ النیل وقد فضلت كاتبتنا آن تستتر ورائه نظراً لشدة محافظة عائلتها آنذاك، وبعد ذلك بعامین فقط بدأت الكتابة فی جریدة الأهرام المصریة، وهی تعتبر من أعرق الصحف الیومیة العربیة، فكانت بنت الشاطئ ثانی امرأة تكتب بها بعد الأدیبة می زیادة، وكانت لها مقالة طویلة أسبوعیة حیث بقیت تكتب للأهرام حتى وفاتها فكانت آخر مقالة نشرت لها فی تاریخ 26 نوفمبر 1998 وكانت بعنوان (علی بن أبی طالب كرم الله وجه).وقد تبنت الدكتورة عائشة عدة قضایا فی حیاتها خاضت بسببها العدید من المعارك الفكریة، فأخذة على عاتقها الدفاع عن الإسلام بقلمها فوقفت ضد التفسیر العصری للقرآن الكریم ذوداً عن التراث، كما دعمت تعلیم المرأة بمنطق إسلامی. التفسیر البیانی للقرأن الكریم هو أحد مؤلفات عائشة بنت الشاطئ، ویتكون هذا الكتاب من جزأین ظهرت الطبعة الأولى منه سنة 1962م وكان من المؤهلات التی نالت بها أستاذ كرسی اللغة العربیة وأدبها بجامعة عین شمس، وقد أهدت بنت الشاطئ هذا الكتاب إلى أستاذها وزوجها الإمام أمین الخولی. تناولت بنت الشاطئ فی هذا الكتاب تفسیر السور القصار من القرآن الكریم وذلك من وجهة نظر خاصة، حیث فسرت ألفاظ القرآن الكریم من الناحیة اللغویة فقد قدرت أن العربیة فی لغة القرآن فعملت على تلمس الدلالات اللغویة الأصلیة التی تعطینا حس العربیة لمادة القرآن الكریم فی مختلف استعمالاتها الحسیة والمجازیة، ثم انتهت بتلخیص ملامح الدلالات القرآنیة باستقراء كل ما فی القرآن من صیغ الألفاظ وتدبیر سیاقها الخاص فی الآیات والصور. وقد تمیز أسلوبها فی هذا الكتاب بوضوح اللغة وسهولتها، وعملت على الاستشهاد بالكثیر من الأحادیث النبویة الشریفة، وقد قامت بالربط بینها وبین السور القرآنیة المذكورة فی الكتاب ، كما أوردت آراء بعض علماء اللغة والدین من أمثال الشیخ محمد عبده والحسن البصری والزمخشری. جوائزها حصلت الدكتورة عائشة على الكثیر من الجوائز منها جائزة الدولة التقدیریة للأدب فی مصر والتی حازت علیها عام 1978م، كما حصلت أیضا على جائزة الحكومة المصریة فی الدراسات الاجتماعیة، و الریف المصری عام 1956 م، ووسام الكفاءة الفكریة من المملكة المغربیة، وجائزة الأدب من الكویت عام 1988م، وفازت أیضا بجائزة الملك فیصل للأدب العربی مناصفة مع الدكتورة وداد القاضی عام 1994م. كما منحتها العدید من المؤسسات الإسلامیة عضویة لم تمنحها لغیرها من النساء مثل مجمع البحوث الإسلامیة بالقاهرة، والمجالس القومیة المتخصصة، وأیضاً أَطلق اسمها علی الكثیر من المدارس و قاعات المحاضرات فی العدید من الدول العربیة. وفاتها رحمها الله وفی الأول من شهر دیسمبر عام 1998 رحلت عنا الدكتورة بنت الشاطئ بعد إصابتها بأزمة قلبیة أدت إلى حدوث جلطة فی القلب و المخ وهبوط حاد بالدورة الدمویة، وقد خلفت خلفها ثروة هائلة من الكتب و المؤلفات ألا دبیه التی و إن عبرت عن شئ فستعبر عن جهاد هذه المرأة المسلمة والتی بذلت فی سبیل علمها وقلمها الذی كان كالسیف البتار.لذلك ستبقى كتاباتها وذاكرتها قدوة لمن بعدها وعلماً یشیر إلى المكانة السامیة التی وصلت إلیها المرأة المسلمة. وستبقى ذكراها خالدة فی أذهان طلابها المنتشرین فی كل بقعة من بقاع عالمنا العربی و الذین صاروا أعلاماً فی الفكر و الأدب. كما سیهیم طیفها حول كل طالب علم تصفح كتبها أو تبنى أفكارها

+درج شده توسط مترجم عربی - دکتر مهدي شاهرخ در چهارشنبه ۱۱ فروردین ۱۳۸۹و ساعت 18:21|

أثر العربية‌ في‌  الشعر الفارسي‌

        اللغة‌ كسائر مظاهر الحياة‌ تعمل‌ فيها الحوادث‌ و الطواري‌ء فتعطيها شيئا" و تأخذ منها شيئاً، فقد تتغير مبانيها و صورها علي‌ مرور الزمان‌ و كثرة‌ العوامل‌ فإذا بها لغة‌ أخري‌ قد لا تشبه‌ أصلها في‌ شي‌ء و لا يجمعها معها لفظ‌ ،و ذلك‌ إذا ما تهيأت‌ لها أسباب‌ التغيير و التبديل‌ و التجديد، و هذا ما طرأ علي‌ جميع‌ اللغات‌ البشرية‌ عند مرورها بعوارض‌ زمنية‌ عملت‌ فيها عملها ، و من‌ هذه‌ اللغات‌ كانت‌ اللغة‌ الاءيرانية‌ .

            لقد مرت‌ اللغة‌ الاءيرانية‌ بثلاثة‌ أدوار: دور اللهجات‌ القديمة‌، و دور اللهجات‌ الوسطي‌، و دور اللهجات‌ الحديثة‌ و الحاضرة‌، و بالطبع‌ كانت‌ هذه‌ الادوار الثلاثة‌ بمثابة‌ حلقات‌ ربط‌ الزمن‌ بعضها ببعض‌، و أبعدتها الحوادث‌ و الطواري‌ء و التفاعل‌ في‌ سلسلة‌ طويلة‌ لم‌ يعد لا´خرها خبر عن‌ أولها إلا الشي‌ء اليسير و النزر القليل‌ .

            و حين‌ دخل‌ الاءسلام‌ بلاد إيران‌ كانت‌ اللغة‌ الاءيرانية‌ الشائعة‌ هي‌ اللغة‌ " البهلوية‌ " و هي‌ من‌ أهم‌ اللهجات‌ الاءيرانية‌ الوسطي‌ التي‌ كان‌ قد تم‌ بها تسجيل‌ الكثير من‌ الا´ثار الزرادشتية‌ و تعاليمها، كما تم‌ بها تسجيل‌ الكثير من‌ الا´ثار الزرادشتية‌ و تعاليمها، كما تم‌ نقل‌ كتاب‌ " الافستا" إلي‌ لغتها، و يدل‌ تاريخ‌ اللهجات‌ الاءيرانية‌ علي‌ أن‌ اللغة‌ الدريّة‌ و هي‌ اللغة‌ الفارسية‌ الحديثة‌ للدور الثالث‌ كانت‌ معروفة‌ في‌ " المدائن‌ " عند دخول‌ الاءسلام‌ إليها، و هي‌ امتداد للغة‌ البهلوية‌ و أحد مظاهر التفاعل‌ بين‌ اللهجات‌ المتقدمة‌، و اعتبر الجنرال‌ "سايكس‌ " في‌ كتابه‌ " تاريخ‌ إيران‌ " أن‌ دخول‌ اللغة‌ العربية‌ في‌ اللغة‌ الفارسية‌ نهاية‌ لدور اللغة‌ البهلوية‌ ،و زاد علي‌ ذلك‌ أن‌ اعتبرها من‌ اللغات‌ المهجورة‌ .

           و امتدت‌ الفتوحات‌ الاءسلامية‌ إلي‌ بلاد إيران‌، و ظهر الاءسلام‌ في‌ صورته‌ العربية‌ لغة‌ و طبيعة‌ و حكما"، و عرض‌ الاءسلام‌ علي‌ السكان‌ الاءيرانيين‌ الدخول‌ إليه‌، فكان‌ ذلك‌ عاملا" في‌ دخول‌ اللغة‌ العربية‌ في‌ صلب‌ اللغة‌ الفارسية‌ الحديثة‌ و تغلغلها فيها .

           و في‌ تلك‌ الادوار كان‌ الاءيرانيون‌ يسعون‌ للاءحاطة‌ باللغة‌ العربية‌ لدواع‌ مختلفة‌، و كان‌ لطول‌ مدة‌ السيطرة‌ العربية‌ و انقطاع‌ الفرس‌ عن‌ الاتصال‌ بماضيهم‌، و ما أصاب‌ كتبهم‌ القديمة‌ من‌ إحراق‌ و تلف‌ أن‌ أدي‌ كله‌ إلي‌ تعزيز مدي‌ عمل‌ اللغة‌ العربية‌ في‌ اللغة‌ الفارسية‌، حتي‌ خرجت‌ بها مخرجا" آخر، ولكنه‌ مخرج‌ لم‌يتجاوز حدود اللفظ‌، لان‌ دخول‌ الكلمات‌ العربية‌ إلي‌ الفارسية‌ لم‌ يجر علي‌ أساس‌ الحاجة‌ إلي‌ المعاني‌ كما كان‌ قد حصل‌ من‌ طلب‌ العربية‌ للفارسية‌ و دخول‌ الكلمات‌ الفارسية‌ في‌ العربية‌ ،فحين‌ تستعمل‌ الفارسية‌ كلمة‌ " محبة‌ " و " جفا " و " عفو" و " عطا" و غير ذلك‌ من‌ الكلمات‌ التوددية‌ أو المعاكسة‌ للتودد من‌ اللغة‌ العربية‌ مثلا"، فلا تستعملها افتقارا" للمعني‌ كما استعملت‌ العربية‌ كلمات‌: " السندس‌ " و " الياقوت‌ " و "النجرس‌ " و "الزئبق‌ " و "الاءستبرق‌ "، و إنما قد جري‌ استعمالها لدواع‌ حضارية‌ و رغبة‌ بالاقتداء بذلك‌ النحو الذي‌ أضاع‌ عليها كيانها، فحملها علي‌ تقبل‌ هذا الجيش‌ الجرار من‌ الكلمات‌ العربية‌ .

           علي‌ أن‌ العامل‌ الاساسي‌ لنزوع‌ الاءيرانيين‌ إلي‌ العربية‌ هو دخولهم‌ دين‌ الاءسلام‌ و هذا ما سنعرضه‌...

            جاء الاءسلام‌ إلي‌ إيران‌ و جميع‌ طقوسه‌ و تعاليمه‌ و نصوصه‌ بالعربية‌، و كان‌ التبشير بالاءسلام‌ و باللغة‌ العربية‌ هو الغاية‌ الاولي‌ و الاخيرة‌ من‌ الفتوحات‌ الاءسلامية‌ .

            يقول‌ البروفيسور " إدوارد براون‌ " :إن‌ الا´ثار الاءيرانية‌ و حضارتها التاريخية‌ تعرضت‌ مرتين‌ لحملتين‌ أحدثتا فيها فجوتين‌ عميقتين‌ ،أولاهما: الحملة‌ التي‌ قام‌ بها الاءسكندر علي‌ إيران‌ و التي‌ انتهت‌ بزوال‌ "البارتيين‌ " و قيام‌ الساسانيين‌ في‌ عهد بلغ‌ مداه‌ خمسمائة‌ و خمسين‌ عاما"، أما ثانيتهما: فهي‌ الحملة‌ التي‌ قام‌ بها الاءسلام‌ علي‌ إيران‌ ،و التي‌ لم‌ ينته‌ بها عهد الساسانيين‌ فحسب‌، و إنما أطاحت‌ بالديانة‌ الزرادشتية‌، و علي‌ أن‌ مدة‌ هذه‌ الفجوة‌ كانت‌ أقصر من‌ الفجوة‌ الاولي‌، ولكن‌ تأثير الاءسلام‌ كان‌ عميقا" في‌ نفوس‌ الاءيرانيين‌ و  في‌ أفكارهم‌ و لغتهم‌ ،لان‌ الحضارة‌ اليونانية‌ و طابعها علي‌ ما رأي‌ "نولدكه‌ "( Neldke )لم‌ تستطع‌ أن‌ تتجاوز المظاهر و الشكل‌ و القشور من‌ حياة‌ الاءيرانيين‌، أما الشريعة‌ الاءسلامية‌ فقد تغلغلت‌  في‌ ذلك‌ الحين‌ بشكل‌ ملحوظ‌ في‌ أيران‌ .

            و يقول‌ " شبلي‌ نعماني‌ " في‌ "شعر العجم‌ ": إن‌ الحقيقة‌ هي‌ أن‌ الاءسلام‌ يشيع‌ و ينتشر في‌ أية‌  أمة‌، يشغل‌ الدين‌ منها كل‌ فراغها، و يحتل‌ جميع‌ نفوسها، بحيث‌  لا يبقي‌ مجال‌  للتفكير في‌ شي‌ء آخر من‌ الشؤون‌ المدنية‌ و الاجتماعية‌ غير الدين‌ .

           و يقول‌ " ابن‌ خلدون‌ ": إن‌ استعمال‌ اللسان‌ العربي‌ صار من‌ شعائر الاءسلام‌، وصار هذا اللسان‌ لسان‌ الشعوب‌ و الاقوام‌ في‌ جميع‌ المدن‌ و الامصار، و هذا ما دعا المدركين‌ من‌ المسلمين‌ الاءيرانيين‌ أن‌ يمنحوا الديانة‌ الاءسلامية‌ كل‌ ما يملكون‌ من‌ جهود للتفقه‌ بها، و دراسة‌ فلسفتها و أهدافها ،و الحدب‌ علي‌ القرآن‌ الكريم‌ و تتبع‌ تفاسيره‌، و ما تفيض‌ به‌ كتب‌ السيرة‌، و كتب‌ الحديث‌ و الاخبار و الرواية‌، و لما كانت‌ مثل‌ هذه‌

 العناية‌ بالدين‌ لا تتم‌ علي‌ وجوهها الكاملة‌ من‌ غير الاءحاطة‌ باللغة‌ العربية‌ و قواعدها، فقد أقبل‌ الكثير من‌ الاءيرانيين‌ و أولادهم‌ و أحفادهم‌ من‌ الداخلين‌ في‌ الاءسلام‌  مباشرة‌ أو من‌ الموالي‌ علي‌ دراسة‌ اللغة‌ العربية‌ و النصوص‌ الدينية‌ و متطلبات‌ البلاغة‌، حتي‌ لقد نبغ‌ فيهم‌ أئمة‌ و علماء: كأبي‌ حنيفة‌ النعمان‌ بن‌ ثابت‌ في‌ الفقه‌، و كالبخاري‌ في‌ الحديث‌ ،و الكسائي‌  و سيبويه‌ والفراء و الاخفش‌ في‌ النحو، و كأبي‌ عبيدة‌ معمر بن‌ المثني‌ في‌ اللغة‌ و الادب‌ و غيرهم‌ ممن‌ تصدوا لدراسة‌ الدين‌ و الادب‌ في‌ القرنين‌ الاول‌ و الثاني‌: أما الذين‌ نبغوا بعد ذلك‌ من‌ الموالي‌ أصلا" أو الداخلين‌ في‌ الاءسلام‌ مباشرة‌ أو انتقالا" عن‌ آبائهم‌، فقد كانوا كثيرين‌ جدا"، و عن‌ طريق‌ هؤلاء و أمثالهم‌ انتقلت‌ نصوص‌ الديانة‌ و شروحها و تفاسيرها و إعرابها و قواعد اللغة‌ و عروض‌ الشعر إلي‌ اللغة‌ و الفارسية‌، فكان‌ لها شأنها في‌ تطوير اللغة‌ الدريّة‌ الفارسية‌، و نسيان‌ أو تناسي‌ عدد غير قليل‌ من‌ الكلمات‌ الفارسية‌، بل‌ اختفائها نهائيا" من‌ القواميس‌ الفارسية‌ و حلول‌ الكلمات‌ العربية‌ محلها، و كان‌ الاهتمام‌ باللغة‌ العربية‌ من‌ الاءيرانيين‌ قد بلغ‌ القمة‌ منذ القرن‌ الثاني‌ الهجري‌، فما بعد حتي‌ ألفت‌ عدة‌ قواميس‌ للغة‌ العربية‌ باللغة‌ الفارسية‌ .لقد وقع‌ اختلاف‌ كبير عند مؤرخي‌ الادب‌ عن‌ الشعر الاءيراني‌ ،و عما إذا كان‌ للشعر وجود في‌ اللغة‌ البهلوية‌ قبل‌ دخول‌ الاءسلام‌ إلي‌ إيران‌ .و علي‌ الرغم‌ من‌ هذا الاختلاف‌، فإن‌ الرأي‌ يكاد أن‌ يكون‌ واحدأ في‌ أن‌ حضارة‌ كحضارة‌ إيران‌ و فنونا" كهذه‌ الفنون‌ المشهورة‌، منذ أول‌ تاريخ‌ إيران‌ حتي‌ اليوم‌ لتفرض‌ علي‌ الباحثين‌ الاءقرار بوجود الشعر، و الشعر الجذاب‌ الباهر، ولكن‌ أين‌ هو هذا الشعر ؟

            تناولت‌ الدراسة‌ قسم‌ الاناشيد من‌ " الافستا " باعتبارها أقرب‌ إلي‌ مفاهيم‌ الشعر، وقد لقيت‌ هذه‌ الدراسة‌ صعوبة‌ كبري‌ بالنظر لاختلاف‌ هذه‌ الاناشيد من‌ حيث‌ الصيغة‌ و التهجئة‌، و بالنظر لما دخل‌ علي‌ هذه‌ الاناشيد من‌ عبارات‌ و كلمات‌ يظن‌ أنها أضيفت‌ بعد زمن‌ طويل‌ إلي‌ هذه‌ الاناشيد ،كشروح‌ و توضيحات‌، ولكنها ما لبثت‌ أن‌ صارت‌ أصلا" ،و قد أحدث‌ تفريقها و فصلها فيما بعد عن‌ الاصل‌ الصحيح‌ مشاكل‌ عويصة‌، و كيفما كان‌ الامر فقد تصدي‌ عدد كبير من‌ علماء الاستشراق‌ إلي‌ دراسة‌ الشعر الفارسي‌ القديم‌ من‌ " الافستا" .

            علي‌ أنه‌ يمكن‌ اعتبار بداية‌ القرن‌ الثالث‌ الهجري‌ كنقطة‌ بداية‌ لتاريخ‌ الشعر الفارسي‌ كما نعرفه‌، و يقال‌ إن‌ أول‌ قصيدة‌ نظمت‌ في‌ الفارسية‌ الحديثة‌ كانت‌ قصيدة‌ "عباس‌ المروزي‌ " التي‌ ألقاها أمام‌ المأمون‌ ،و مع‌ هذا فإن‌ " أبا حفص‌ الحكيم‌ السندي‌ " كان‌ أول‌ من‌ نظم‌ بالفارسية‌ في‌ القرن‌ الاول‌ الهجري‌، و يبدو أن‌ تخطي‌ التاريخ‌ " لابي‌ حفص‌ " و اعتبار ابتداء تاريخ‌ الشعر من‌ " العباس‌ المروزي‌ " لم‌ يكن‌ إلا لان‌ العروض‌ العربي‌ الذي‌ لازمته‌ الفارسية‌ في‌ قول‌ الشعر الفارسي‌ لم‌ يظهر للوجود إلا في‌ القرن‌ الثالث‌ الهجري‌، و بعد أن‌ عمت‌ فيه‌ اللغة‌ الفارسية‌ الحديثة‌ جميع‌ إيران‌ ،بعد أن‌ كانت‌ مقتصرة‌ علي‌ الجهات‌ الشرقية‌ منها وحدها، و للشعر الفارسي‌ الحديث‌ ثلاثة‌ أدوار هي‌ :

           الدور الاول‌:  يبتدي‌ء من‌ " حنظلة‌ البادغيسي‌ " و ينتهي‌ بـ " نظامي‌ " .

           الدور الثاني‌:  و هو الدور المتوسط‌ ،و يبتدي‌ء من‌ "كمال‌ إسماعيل‌ "، و ينتهي‌ بـ " جامي‌ " .

           الدور الثالث‌:  و هو الاخير ،و يبتدي‌ء بـ " فغاني‌ "، و ينتهي‌ بـ " أبي‌ طالب‌ حكيم‌ " .

            و قد تغلب‌ علي‌ هذه‌ الادوار التي‌ تكامل‌ امتزاج‌ العربية‌ فيها بالفارسية‌ طبيعة‌ الشعر العربي‌ من‌ حيث‌ الموسيقي‌ أو الوزن‌، و من‌ حيث‌ البديع‌، أما من‌ حيث‌ الوزن‌ فكل‌ البحور في‌ الشعر الفارسي‌، باستثناء البعض‌ القليل‌ منها كبحر الرباعيات‌ مثلا"، عربية‌ اتخذها الشعر الفارسي‌ طريقة‌ للاداء، و كان‌ عمود الشعر العربي‌ من‌ حيث‌ الطريقة‌ واحدا" لا يكاد يحيد عن‌ نمط‌ القصيدة‌، قبل‌ أن‌ يظهر الموشح‌، فجاري‌ الشعر الفارسي‌ الشعر العربي‌ في‌ ذلك‌ أول‌ الامر، ثم‌ كسر عموده‌ و احدث‌ نظم‌ المقاطع‌ و الرباعيات‌ و المثنوي‌ و غيره‌، كما أحدث‌ الشعر الفارسي‌ في‌ طريقة‌ القافية‌ العربية‌ تغييرات‌ كثيرة‌ من‌ حيث‌ تعدد القوافي‌ في‌ المصاريع‌ أو القصيدة‌ أو سجعة‌ ما قبل‌ القافية‌ و غير ذلك‌ من‌ التصرفات‌ الفنية‌، و مع‌ ذلك‌ كله‌ فإن‌ المبني‌ العام‌ من‌ حيث‌ الموسيقي‌ و الوزن‌ في‌ الشعر الفارسي‌ لاينبغي‌ أن‌ يعتبر غير عربي‌ .

           و لم‌ تكن‌ البحور وحدها التي‌ أخذها الشعر الفارسي‌ من‌ العربية‌ نتيجة‌ للعوامل‌ التي‌ سردناها بخصوص‌ دخول‌ اللغة‌ العربية‌ في‌ صلب‌ اللغة‌ الفارسية‌، و إنما كان‌ للبديع‌ الذي‌ اتصف‌ به‌ الشعر العربي‌ أكثر من‌ أي‌ شعر آخر شأناً في‌ الشعر الفارسي‌ الحديث‌، و هذا لا يعني‌ أن‌ اللغة‌ الفارسية‌ بطبيعتها خلو من‌ البديع‌، ذلك‌ لانه‌ ليس‌ ثمة‌ لغة‌ تخلو من‌ ألوان‌ البديع‌ المعنوي‌ أو اللفظي‌ الطبيعي‌ علي‌ قدر قابلية‌ تلك‌ اللغة‌ و قدرة‌ تعبيرها، وعلي‌ الاخص‌ الفارسية‌، فإنها غنية‌ بالبديع‌ المعنوي‌ الطبيعي‌ البعيد عن‌ الصناعة‌ ،و تملك‌ الفارسية‌ الشي‌ء الكثير من‌ البديع‌ الذاتي‌ الذي‌ قد يظنه‌ البعض‌ ضربا" من‌ الصياغة‌ و البديع‌ اللفظي‌ الذي‌ تأتي‌ به‌ الصناعة‌، بينما هو بديع‌ ذاتي‌ تختص‌ به‌ الفارسية‌ كما تختص‌ به‌ العربية‌، و المقصود بالشأن‌ الذي‌ أحدثته‌ اللغة‌ العربية‌ من‌ بديعها في‌ الفارسية‌ هو التفنن‌ اللفظي‌ و الصياغة‌ الفنية‌ التي‌ تعتبر العربية‌ فيه‌ من‌ أغني‌ اللغات‌ الحية‌، و قد تأثرت‌ الفارسية‌ بهذا البديع‌ إلي‌ حد كبير، حتي‌ طفح‌ الشعر الفارسي‌ بألوان‌ كثيرة‌ من‌ الاستعارة‌ و الجناس‌ و التورية‌ و سائر ضروب‌ البديع‌ اللفظي‌ و فن‌ الصياغة‌ .

           و للحقائق‌ المذكورة‌ و غيرها فإننا نستطيع‌ القول‌ بأن‌ كلا" من‌ الشعر العربي‌ و الشعر الفارسي‌ قد أعطي‌ و أخذ، فقد أعطت‌ الفارسية‌ الشعر العربي‌ عمق‌ المعني‌ و جمال‌ التصوير و عمق‌ الحكمة‌ و اتساع‌ الافق‌. و أعطت‌ العربية‌ الشعر الفارسي‌ العروض‌ و البديع‌ و الدين‌ بمنازعه‌ و أفكاره‌ .

            ولكن‌ هناك‌ حقيقة‌ واضحة‌ يستطيع‌ كل‌ متأدب‌، فضلا" عن‌ الاديب‌ ،أن‌ يلمسها و هي‌ أننا إذا ألقينا علي‌ الشعر العربي‌ و الشعر الفارسي‌ نظرة‌ عامة‌ وجدنا أنفسنا أمام‌ أدب‌ يكاد يكون‌ واحدا" من‌ حيث‌ التصوير و التشبيه‌ و الكناية‌ و البديع‌، بحيث‌ إذا قمنا بترجمة‌ الادبين‌ إلي‌ لغة‌ أخري‌ صعب‌ علي‌ من‌ يتولي‌ درسهما أن‌ يفرق‌ بينهما و يعيد كل‌ أدب‌ إلي‌ أصله‌، و ذلك‌ لان‌ الاتصال‌ بين‌ هذين‌ الادبين‌ قد بلغ‌ حدا" لم‌ يبلغه‌ أي‌ اتصال‌ بين‌ أدبين‌ آخرين‌ ،بسبب‌ تلك‌ العوامل‌ التي‌ استعرضناها في‌ هذا المجال‌ .

+درج شده توسط مترجم عربی - دکتر مهدي شاهرخ در چهارشنبه ۱۱ فروردین ۱۳۸۹و ساعت 18:20|
               «اگر مجموعه شعرخوانان دنیای عرب را در نظر بگیریم -و نه فقط روشنفکران و گروه اهل شعر و نقد را- بی هیچ تردیدی نزار قبانی پرنفوذترین شاعر زبان عرب در عصر جدید است. هیچ شاعر سنتی یا نوپردازی به اندازه نزار قبانی در میان عموم مردم و دوستداران شعر نفوذ نداشته و ندارد. وسعت دایره نشر مجموعه های شعری او با هیچ یک از شاعران تراز اول زبان عرب قابل مقایسه نیست.»

نزار قبانی، شاعر شهیر سوری و از مشهورترین عاشقانه سرایان جهان در سال 1923 به دنیا آمد. قبانی پس از فراغت از رشته حقوق به استخدام وزارت خارجه سوریه درآمد و در سفارتخانه های سوریه در کشورهای متعدد خدمت کرد، که در وسعت بخشیدن به نگاه وی به زندگی بی تاثیر نبوده است. او به زبانهای فرانسه، انگلیسی و اسپانیولی نیز مسلط بود. وی نخستین دفتر خود را با نام «زن سبزه رو به من گفت» منتشر ساخت. این کتاب در حالی«اگر مجموعه شعرخوانان دنیای عرب را در نظر بگیریم -و نه فقط روشنفکران و گروه اهل شعر و نقد را- بی هیچ تردیدی نزار قبانی پرنفوذترین شاعر زبان عرب در عصر جدید است. هیچ شاعر سنتی یا نوپردازی به اندازه نزار قبانی در میان عموم مردم و دوستداران شعر نفوذ نداشته و ندارد. وسعت دایره نشر مجموعه های شعری او با هیچ یک از شاعران تراز اول زبان عرب قابل مقایسه نیست.»

نزار قبانی، شاعر شهیر سوری و از مشهورترین عاشقانه سرایان جهان در سال 1923 به دنیا آمد. قبانی پس از فراغت از رشته حقوق به استخدام وزارت خارجه سوریه درآمد و در سفارتخانه های سوریه در کشورهای متعدد خدمت کرد، که در وسعت بخشیدن به نگاه وی به زندگی بی تاثیر نبوده است. او به زبانهای فرانسه، انگلیسی و اسپانیولی نیز مسلط بود. وی نخستین دفتر خود را با نام «زن سبزه رو به من گفت» منتشر ساخت. این کتاب در حالی منتشر شد که جو حاکم بر ادبیات سوریه هیچ نوع کارکرد جدیدی را در عرصه شعر نمی پسندید. خودش می گوید با نوشتن این کتاب در یک لحظه تاریخ ادب علیه من برخاست. اما شعر قبانی با بهره جستن از عنصر جسارت و وجه بارز برانگیزانندگی حس و عاطفه در مخاطب که بن مایه اصلی شعرش به شمار می رود توانست موافقان بسیاری را به خود جلب کند. بیشترین دغدغه شاعر پرداختن به عشق و در وهله دوم به چالش کشیدن فضای سیاسی اجتماعی حاکم بر سوریه آن زمان بود. از این رو منتقدان عرب در مواجهه با آثار او القابی چون شاعر عشق، شاعر زن، شاعر رسوایی، شاعر ملعون، شاعر شکست و ناامیدی و ... به او دادند.

شاید یکی از مهمترین اتفاقاتی که در زندگی شاعر تاثیر بسیار نهاد درگذشت همسر عراقی تبارش به نام «بلقیس » بود که در انفجار سفارت عراق در بیروت کشته شد. این اتفاق در شاعر به حدی تاثیر نهاد که در سال های بعد قبانی را بر آن داشت تا در شعرهای خود حکومت های عربی را ناسزای بیشتری گوید.

قبانی چون بسیاری از شاعران این کره خاکی معتقد است شعر در یک لحظه خاص بر شاعر الهام می شود و شاعر در خلق این فرآیند هیچ دخل و تصرفی ندارد. از این رو می گوید: «شعر هر طور که دوست دارد با ما بازی می کند. ما در دفتر کار منتظرش می شویم ، اما در اتاق خواب به سراغ ما می آید. در پذیرایی چشم به راهش می مانیم اما می بینیم که در حمام دوش می گیرد و...»

بخش‌هایی از اشعار نزار قبانی تاکنون به فارسی ترجمه و منتشر شده ‌است. محمدرضا شفیعی کدکنی، غلامحسین یوسفی، عبدالحسین فرزاد، مهدی سرحدی، موسی بیدج، و احمد پوری از مترجمانی هستند که تاکنون نسبت به ترجمهٔ بخشی از آثار نزار به فارسی اقدام کرده‌اند. از میان اشعار ترجمه شده وی به فارسی، دو شعر قارئه الفنجان (فالگیر)، و مع الجریره (با روزنامه) است که بن مایه نمایشنامه ای با عنوان «در جمعیت گم شد» ساخته شده در ایران هستند.

خوانندگان سرشناس عرب از جمله عبدالحلیم حافظ اشعاری از قبانی را اجرا کرده اند که اجرای فوق العاده زیبای شعر اول (قارئه الفنجان) را از اینجا می توانید بگیرید.

 

قارئه الفنجان

جلست. نشست.

جلست و الخوف بعینیها. نشست زن و ترس در دیدگانش بود.

تتامل فنجانی المقلوب. به فنجان واژگونم به دقت نگریست.

قالت یا ولدی لا تحزن. گفت: پسرم اندوهگین مباش.

فالحب علیک هو المکتوب یا ولدی. پسرم عشق سرنوشت توست.

الحب علیک هو المکتوب یا ولدی. پسرم عشق سرنوشت توست.

یا ولدی قد مات شهیداً پسرم به یقین شهید می میرد

من مات فداءً للمحبوب. آن که در راه محبوب جان بسپارد.

یا ولی، یا ولدی پسرم، پسرم

بصرت، بصرت و نجمت کثیراً بسیار نگریسته ام و ستارگان بسیار را مرور کرده ام

لکنی لم اقرا ابداً، فنجاناً یشبه فنجانک. اما فنجانی شبیه به فنجان تو نخوانده ام.

بصرت، بصرت و نجمت کثیراً بسیار نگریسته ام و ستارگان بسیار را مرور کرده ام

لکنی لم اقرا ابداً، احزاناً تشبه احزانک. اما غمی که مانند غم تو باشد نشناخته ام.

مقدورک ان تمضی ابداً فی بحر الحب بغیر قلوع سرنوشتت، بی بادبان در دریای عشق راندن است

و تکون حیاتک طول العمر. طول العمر کتاب دموع و سراسر زندگی ات کتابی است از اشک

مقدورک ان تبقی مسجوناً بین الماء و بین النار. و تو گرفتار میان آب آتش.

فبر غم جمیع حرائقه با وجود تمامی سوزش ها

و بر غم جمیع سوابقه و با وجود تمامی پی آمدها

و بر غم الحزن الساکن فینا لیل نهار و با وجود اندوهی که ماندگار است در شب و روز

و بر غم الریح و بر غم الجو الماطر و الا عصار و با وجود باد و گرد باد و هوای بارانی

الحب سیبقی یا ولدی. پسرم عشق بر جای می ماند.

احلی الاقدار یا ولدی. عشق زیباترین سرگذشت هاست.

بحیاتک یا ولدی امراة عیناها سبحان المعبود. به زندگی سوگند، در زندگی ات زنی است با چشمانی شکوهمند.

فمها مرسوم کالعنقود لبانش چون خوشه ی انگور

ضحکتها انغام و ورود، و خنده اش نغمه ی مهربانی،

و الشعر الغجری المجنون یسافر فی کل الدنیا. موی پریشان او چونان مجنون به اکناف دنیا سفرمی کند

قد تغدو امراة یا ولدی یهواها القلب هی الدنیا. پسرم زنی را اختیار کرده ای که قلب دنیا دوستدار اوست

لکن سماءک ممطرة و طریقک مسدود مسدود اما آسمان تو بارانی ست و راه تو بسته ی بسته

فحبیبة قلبک یا ولدی نائمه فی قصر مرصود. و محبوبه ی قلب تو در کاخی که نگهبانی دارد در خواب است.

من یدخل حجرتها من یطلب یدها، هر آن که بخواهد به منزلگاهش وارد شود و هر آن که به خواستگاری اش برود،

من یدنو من سور حدیقتها از پرچین باغش بگذرد

من حاول فک ضفائرها، و گره ی گیسوانش را بگشاید،

یا ولدی مفقود مفقود مفقود. پسرم ، ناپدید می شود ناپدید.

یا ولدی پسرم

ستفتش عنها یا ولدی، یا ولدی فی کل مکان. پسرم به زودی در همه جا به جستجو ی او خواهی پرداخت.

و ستسال عنها موج البحر و تسال فیروز الشیطان. از موج دریا و مرواریدهای کرانه ها سراغش را می گیری

و تجوب بحاراً بحاراً و در می نوردی و می پیمایی دریاها و دریاها را

و تفیض دموعک انهاراً و اشک ها ی تو رودها را لبریز خواهد کرد

و سیکبر حزنک حتی یصبح اشجاراً اشجاراً. و غمت چون فزونی می یابد درختان سر برمی کشند.

و سترجع یو ماً یا ولدی مهزوماً مکسورا الوجدان پسرم اما روزی باز خواهی گشت، نومید و تن خسته

و ستعرف بعد رحیل العمر و آن زمان از پس گذار عمر خواهی دانست

بانک کنت تطارد خیط دخان. که در تمامی زندگی به دنبال رشته ای از دود بوده ای.

فحبیبة قلبک یا ولدی لیس لها ارض او وطن او عنوان. پسرم معشوقه ی دلت نه وطنی دارد، نه زمینی و نشانی.

ما اصعب ان تهوی امراة یا ولدی لیس لها عنوان. وه چه دشوار است پسرم عشق تو به زنی که او را نام و نشانی نیست.

یا ولدی، یا ولدی. پسرم، پسرم.

 

 

 

مع الجریده

اخرج من معطفه الجریده از بارانی‌اش روزنامه‌ای درآورد

و علیه الثقاب و جعبه کبریتی

و دون ‌أن بلاحظ اضطرابی بی دیدن اضطراب من

و دونما اهتمامی بی اعتنا

تناول السکر من امامی قندان را برداشت از روبرویم

ذوب فی الفنجان قطعتین در فنجان دو حبه آب کرد

و فی دمی ذوب ذوب وردتین در خونم انگار گل سرخی آب کرد

ذوبتی...لملمنی... بعثرنی آبم کرد... به هم رساند... و پراکند

شربت من فنجانه از فنجانش نوشیدم

سافرت فی دخانه و ما عرفت این در دود سیگارش سفر کردم...به ناکجا

کان هناک جالسا و لم یکن هناک نشسته بود، اما آنجا نبود

یطالع الاخبار دنبال اخبار بود

و کنت فی جوارحی تأکلنی الافکار من کنار او... در بر اندیشه‌ها

تضربنی الامطار زیر شلاق باران

یا لیت هذا الرجل المسکون بالاسرار کاش این مرد در بند اسرار

فکر ان یقرأنی ففی عیونی اجمل الاخبار به ذهنش خطور می‌کرد که مرا بخواند که در چشمان من زیباترین خبرهاست

و بعد لحظتین و دون این یرانی دو لحظه‌ای گذشت، بی آنکه ببیندم

و یعرف الشوق الذی اعترانی بی آنکه شورم را دریابد

تناول المعطف من امامی از جلوی رویم بارانی را برداشت

و غاب فی الزحام و در جمعیت ناپدید شد

مخلفا وراء الجریده روزنامه تنها از او به جا ماند

وحیده مثلی انا وحیده تنها بود، مثل من، تنها، من تنها...

+درج شده توسط مترجم عربی - دکتر مهدي شاهرخ در چهارشنبه ۱۱ فروردین ۱۳۸۹و ساعت 18:19|

الصورة الشعریة عند شعراء مدرسة الدیوان 

 

    

 

  بدأت حركة النقد عند مدرسة الدیوان وعلى رأسها عبد الرحمن شكری وزمیلیه العقاد والمازنی ، فبعد أن أصدر شكری دیوانه الأول عام 1901 م ، وقد تبلورت رؤیتهم النقدیة فی الربع الأول من القرن العشرین ، وقد قامت هذه الرؤیة النقدیة ولا سیما عند شكری على اعتبار أن وظیفة الشعر الأساسیة هی التعبیر عن وجدان الشاعر ، لأن الشعر فی جوهره عاطفة وقد هاجم شعراء مدرسة الدیوان الذین تبنوا مذهب التجدید فی الشعر شعر المناسبات الذی كان سائداً حینئذ فی المدرسة الكلاسیكیة أو التقلیدیة بقول :" وبعض القراء یهذی بذكر الشعر الاجتماعی ، ویعنی شعر الحوادث الیومیة مثل افتتاح خزان أو بناء مدرسة ... فإذا ترفع الشاعر عن هذه الحوادث الیومیة قالوا ، ماله ؟ هل نضب ذهنه ؟ أوجفت عاطفة ".              وقد یبنی أحد رواد هذه المدرسة وهو عبد الرحمن شكری مذهب .............. أحزانی ، وهو مذهب یجمع بین .......... الفكری والإحساس العاطفی ......... ، وكان لزمیلیه أثر بأخذ كل منها بأحد المذهبین الذین یناسبانه .              وقد تمیز المذهب النقدی الجدید الذی دعا إلیة شكری وزمیلیه العقاد والمازنی بالأتی :

 

           1 - أن الشاعر العبقری هو الذی یفكر كل فكر وأن یحس كل إحساس .    

 

       2 - الخیال هو كل ما یتخیله الشاعر من وصف جوانب الحیاة وشرح عواطف النفس وحالاتها.  

 

         3- .............. لا یراد لذاته ، و إنما یراد لشرح عاطفة أمر توضیح حالة أمر بیان حقیقیة . 

 

          4 – أجل العواطف الشعریة ما قیل فی التحلیل عواطف النفس ووصف حركتها ، كما یشرح الطبیب ..................          

 

 5 ـ الشعر هو ما أشعرك وجعلك تحسن عواطف النفس إحساسا شدیدا لا ما كان لغزا منطقیا أو خیالا مجنحا ، فالمعانی الشعریة هی خواطر المرء وآراؤه وتجاربه وأحوال نفسه وعبارات عواطفه .     

 

      6 ـ مراعاة وحدة القصیدة سواء أكانت وحدة فنیة أو وحدة عضویة ، فینبغی على الشاعر أن یمیز بین جوانب موضوع القصیدة وما یستلزمه كل جانب من الخیال والتفكیر .       

 

      الخیال والوهم عند عبد الرحمن شكری :    

 

       لقد حرص شكری على أن یمیز بین الخیال والوهم وهو تمیز یعترف به العقاد بأن شكری كان رائدة ، بل یضعه فی ذلك فی مستوى كبار الأدباء والمفكرین العالمیین ، فالخیال والوهم عند شكری یفترقان كثیرا ولا یتلبسان كما هو الحال فی أراء بعض النقاد ومختلطان فی إبداعات مخول الشعراء :   

 

        فالخیال عند الأدباء والشعراء المرموقین كان دائما وسیلة لإدراك الحقائق التی یعجز عن إدراكها الحسن المباشر أو المنطق بینما الوهم هروب من الواقع ومن الحقائق یقول شكری :

 

    " إن التخیل هو أن یظهر الشاعر الصلات التی بین الأشیاء والحقائق ، ویشترط فی هذا النوع أن یعبر عن الحق ، والتوهم هو أن یتوهم الشاعر بین شیئین صلة لیس لها وجود وهذا النوع الثانی یغری به الشعراء الصغار . ولم یسلم منه الشعراء الكبار" .         

 

  وقد بنی العقاد فی مذهبة النقدی ما عرف عنه بالأصالة الفردیة وهی المبدأ العام الذی تجده خلف دعوة التجدید فی الشعر التی قادها فی الصف الأول من القرن العشرین هو وصاحبه شكری والمازنی ، وهی الدعوة التی طابت بأن یكون الشعر تعبیرا عن الوجدان ، الفردی للشاعر ، وقد تطور هذا الوجدان الفردی فیما بعد الوجدان اجتماعی مع المحافظة على الطابع الوجدانی .       

 

    الأسس التی قام علیها مذهب العقاد النقدی هو الحریة التی لقتل معنى الجمال فی الحیاة والفن ، حیث على أساس الحریة ینبنی وحدة الفكرة فی الحیاة والفن یقول العقاد : 

 

                  " وقد أحببت أن أبنین هنا ما أرونه بوحدة الفكر والحیاة فی الفن فأقول أولا ، أن التجربة فی رأسی هی العنصر الذی لا یخلو منه جمال فی عالم الحیاة أو فی عالم الفنون " . 

 

          غیر أن العقاد تنبه إلى تفید الحریة إن صح التعبیر ومزن بینها وبین الغموض فیقول:"( وخلاصة الرأی أننا أحب الحریة حین نحب الجمال وأننا أحرار حین یعشق من قلوب سلیمة صافیة فلا سلطان علینا لغیر الحریة التی نهیم بها ولا قیود فی أیدینا غیر قیودها ولا عجب فحتى الحریة لها قیود " .  

 

         وقد طالب العقاد من خلال منهجه النقدی ولا سیما الموجه إلى أحمد شوقی بمجموعة من الأسس والقواعد النقدیة فیها الفردیة والمنهج النفسی الذی تبناه العقاد فی مذهبه النقدی والوحدة العضویة للقصیدة ، وما یتعلق بمقاییس المعانی مما تحدث فیه النقاد العرب القدماء كالإجابة والتی تعنی المبالغة فی المعانی مبالغة مسرفة . فیقول العقاد عنها:" أما الإجالة فهی حساد فی المعنى وهی ضروب : فمنها الاعتساف والشطط ، وفیها المبالغة ومخالفة الحقائق ، ومنها الخروج بالفكر عن المفعول ، أو قلة جذواه وخلو معزاه" .   

 

        ومن تلك المقاییس النقدیة القدیمة التی عرفها النقاد العرب وأسرفوا فی نقدها حتى جعلوها نوعا من السرقة الأبویة ، أما أخر تلك المقاییس التی اتبعها العقاد فی نقده شعر شوقی ومدرسة التقلید هو نظرتهم إلى التشبه ووظیفته الشعریة ، وهی كما یقول مندور:" هی تلك النظرة التی ثقلت التشبیه من مجال الحواس الخارجیة إلى داخل النفس البشریة إذا رأیناهم یعنی العقاد وزمیلیه ـ یطالبون بأن یكون الهدف من التشبیه هو نقل الأثر النفسی للمشبه من وجدان الشاعر إلى وجدان القارئ ، وبذلك فتحوا الباب أمام التعبیر الرمزی " .   

 

                                          الصورة الشعریة ووحدة القصیدة :    

 

       لم تكن الصورة الشعریة بدعما فی عالم الشعر والمذاهب النقدیة المعاصرة سواء عند مدرسة الدیوان أو المدارس الأخرى المحدودة كالمدرسة الرومانسیة والواقعیة والرمزیة ، فهی موجدة منذ عرف الشعر بل أن الشعر قائم علیها ، ولكن استخدامها یختلف من شاعر لأخر كما أنها فی الشعر القدیم تختلف عنه الشعر الحدیث ، وهی أكبر عون على نقدیهما كوحدة الشعریة أو على كشف المعانی القیمة التی ترمز إلیها القصیدة . ومع رجوع الصورة فی الشعر القدیم كما هی موجودة فی الشعر الحدیث إلا أنها فی الشعر الحدیث أكثر تطابقا ، ولكن الشاعر ینفر من استخدامها فی البرهان الإثبات ، ولعمل دائما على أن تكون صورة جدیدة وناقلة لتأشیر ومترابطة فی مجموعها بحیث تكون فیها صورا كبرى ، على أن صعوبة ما یحاوله الشاعر الحدیث توقعه فی الاضطراب فنجی وصورة محشودة أو مجتلبة فیخل بالترابط الذی یریده ، وتفجر قصیدته عن تحقیق ما یرید بها من غایة لأنها أغرقت فی التوجه نحو تلك الكفایة .  

 

         وقد عمد نقاد مدرسة الدیوان إلى استخدام الصورة غیر التكلفة والمنسجمة مع بعضها البعض وأن تكون صور جدیدة مبتكرة ، ولا یعنی حدة التصور التقاؤها فی أهم الشاعر بما یلتقی به مما حوله من مظاهر الحضارة لجدیدة وإنما تعنی ما تعكسه الصورة من تعبیر عن نفسیة الشاعر وكأنها تشبه الصور التی تتراءى فی الأحلام ، هذا من حیاتنا ومن جانب أخر أن یكون غرض الصورة مجتمعة قد تعین على كشف معنى أعمق من المعنى الظاهری للقصیدة ، ذلك لأن الصورة وهی جمیع الأشكال المجازیة إنما تكون من عمل القوة المخالفة التی هی منبع روح الشعر .    

 

       ومن الرؤیة السابقة للصورة فی الشعر الحدیث نجد أنها تحمل فلسفة جمالیة مختلفة عنه فی الشعر القدیم ، فأبرز ما فیها (( الحیویة )) ، وذلك لأنها تتكون تكونا عضویا ، ولیست مجرد حشد مرصوص من العناصر الجامدة ، ثم إن الصورة حدیثا تتخذ أداة تعبیریة ولا یلتفت ألیها فی ذاتها ، فالقارئ لا یقف عند مجرد معناها ، بل إن هذا المعنى یثیر فیه معنى أخر هو ما یسمى (( معنى المعنى )) أی أن الشاعر أصبح یعبر بالصورة الكاملة عن المعنى كما كان تعبیریا لفظیا ، وكما كانت اللفظة أداة تعبیریة فقد أصبحت الصورة ذاتها هی الأداة ، إلى جانب ما تقوم به الصورة من نقل المشاهد الحیة ، وتلخیص الخبرة والتجربة الإنشائیة .        

 

                                                أهمیة الصورة الشعریة :      

 

     یشیر الشاعر الإنجلیزی س . داى . یویس إلى أهمیة أن بمفرده دراسة الصورة الشعریة أن تلقی من الضوء على الشعر ما لا تلقیه دراسة أی جانب أخر من عناصره ، وأن هدفه الرئیس وأعظم خاصیة لفتته فه الصورة الجدیدة المؤثرة .            ویؤكد على أهمیة الصورة وظهرها فیقول :" إن الغرابة والجرأة والخصب فی الصورة هی نقطة القوة والشیطان المسیطر فی الشعر المعاصر ، وقیل كل الشیاطین فإنها عرضة للإفلات من سیطرتنا ... ولها قوة غامضة وتأثیر خفی " .      

 

      وقد اهتم الشعراء والنقاد على حد سواء بالصورة الشعریة ، وكانت دائما موضع الاعتبار فی الحكم على الشاعر حتى ولم ینص علیها فی الدراسات النقدیة العربیة ، وأن المفاضلة بین الشعراء لا تقوم إلا على أساس منها إلى الصورة والبناء الشعری .       

 

    ورغم أهمیة الصورة الشعریة فإن أی قصیدة لیس مجرد صور ، إنها على أحسن الفروض صور فی سیاجه ، صور ذات علاقة ، لیس ببعضها وحسب ، وإنما علاقة بسائر مكونات القصیدة ، وهذا یعنی أن دراسة الصورة بمعزل عن دراسة البناء الشعری تعتبر تعبیرا عن رؤیة جزیئیة ، فمهما كانت عمیقة أو مخیطة فإنها ستظل ناقصة من جهة ما ، فالصورة تكن لها شخصیتها وكیانها الخاص الذی یحدده المصطلح البلاغی ، فإنها تبقى صورة من تكوین شامل . 

 

                                             مدرسة الدیوان :     

 

      تكونت مدرسة الدیوان أثر صلات شخصیة وفكریة قامت بین أفراد هذه المدرسة وهم : عباس محمود العقاد ، وعبد الرحمن شكری ، وإبراهیم المازی ، وقد تفارق شكری والمازی فی مطلع عام 1906 م عندما كان تدرسان فی طیلة دار المعلمین العلیا واستثمرت هذه الصلاة بعد رحیل شكری إلى انجلترا ، ثم فقر المازی على العقاد من خلال العمل الصحفی للمازی ونشر العقاد لمقالاته الأدبیة ، أما علاقة العقاد شكری فیرجع الفضل فیها إلى المازی نفسه الذی تحدث لصدیقه شكری عن العقاد ومكانته الأدبیة ونشاطاته الفكریة مما دفع شكری إلى ترجمة هذا الإعجاب برسالة خطیة للعقاد أرسلها من انجلترا دون سابق فوقه ، وثم اللقاء الشخصی بینهما فی صیف عام 1913 م .  

 

         وهكذا تمت اللقاءات وثم لتوحد الفكری بین الأدباء الثلاثة وتمكنت هذه الجماعة من الإسهام الواضح فی دفع عجلة الأدب الحدیث نحو التطور والتجدید.        

 

   وقد تأثر أدباء مدرسة الدیوان بالرومانیة الغربیة لإجادتهم اللغة الإنجلیزیة التی أفادتهم كثیرا فی دراسة الشعر الإنجلیزی وخاصة شعر كل من بایرید وشیلی وسیتیوات ما ، ووردزوترت وغیرهم من انرس استجابتهم للاتجاهات الشعریة والنقدیة الغربیة وأثر هذه الاتجاه علیهم الأمر الذی فتح أمامهم المعنى الجدید للشعر ، غیر أن العقاد بنفس أن یكون تأثرهم بهؤلاء نابعا من التقلید الأعمى لهم وإنما كان فقط لتشابه فی المزاج واتجاه العصر كله ، ولم یكن تشابه التقلید والغناء.            ومن مظاهر تأثر مدرسة الدیوان بالرومانسیة الإنجلیزیة تلمس التالی : 

 

          1 ـ مهاجمتهم الشعراء عصرهم كشوقی وحافظ وغیرهما باعتبار أن أشعارهم ضربا من التقید والتقید بإغلال الماضی فی الفكر والأسلوب والموضوعات .  

 

         2 ـ المظهر الأخر من تأثرهم بالرومانسیة الإنجلیزیة یتمثل فی حدته جوهر الشعر والذی هو انعكاس لما فی النفس من مشاعر وأحاسیس وأنه یصدر عن الطبع إلى أذی لا تكلف فیه .  

 

         3 ـ تأثرهم بالرومانسیة الإنجلیزیة من حیث تحدید وظیفة الشعر وأهدافه ، إذ إن للشعر غایات وأهداف كثیرة مواء عند الرومانسیة أو غیرهم من المدارس الأخرى ، فالرابط بین المدرسة الرومانسیة والمدرسة الكلاسیكیة یكمن فی هذا الإطار ، فالرومانسیون یرون أن من أهداف الشعر الكشف عن مظاهر الجمال فی الوجود الإنسانی ، بل من أهدافه الكشف عن الحقیقة فی أعمق صورها وأمثلها )) .    

 

       وإلى الجانب اكشف عن مظاهر الجمال ینبغی مراعاة المتعة للقارئ التی یلمسها من معانی الشعر وصوره .

 

                                              الخیال والصورة :         

 

  عرف كولوج الخیال مفرقا بینه وبین الوهم بأنه إما أولى أو ثانوی ، فالخیال الأول هو القوة الحیویة أو الأولویة التی تجعل الإدراك الإنسانی ممكنا ، وهو تكرار فی العقل المتناهی لعملیة الخلق الخالدة فی الأنا المطلق . أما الخیال الثانوی فهو صدى للخیال الأولى ، غیر أنه یوجد مع الإرادة الواعیة ، وهو یشبه الخیال الأولى فی نوع الوظیفة التی یؤدیها ، ولكنه یختلف عنه فی الدرجة ، وفی طریقة نشاطه ، إنه یذیب ویتلاشى ویحطم لكی یخلق من جدید ، وحینما لا تتسنى له هذه العملیة فإنه على الأقل یسعى إلى إیجاد الوحدة ، وإلى تحویل الواقع مثالی إنه فی جوهرة حیوی ، بینما الموضوعات التی یعمل بها ( باعتبارها موضوعات ) فی جوهرها ثابتة لا حیاة فیها) .     

 

      (( والوهم نقیض ذلك لأن میدانه محدود وثابت ، وهو لیس إلا ضربا من الذاكرة تحرر من قیود الزمان والمكان ، وامتزج وتشكل بالظاهرة التجریبیة للإرادة التی نعبر عنها بلفظ ( الاختیار ) ، ونسبة الوهم الذاكرة فی أنه تعین علیه أن یحصل على مادته كلها جاهزة وفق قانون تداعی المعانی )).        

 

     یقسم كولدوج الخیال إلى نوعین : أولی ، وثانوی    

 

       الخیال الأولی: هو القوة الحیویة الأولیة التی تجعل الإدراك الإنسانی ممكنا ، وهو إدراك یقتصر فیه الشاعر على الصفات التی تهمه فقط من الشیء المدرك .        

 

   غیر أن الصورة فی الخیال الثانوی أو الشعری تستحوذ على اهتمامنا ـ كما یذكر محمد البرازی ـ أكثر من مجرد الإدراك ، لأنها لا تتعلم ، والصورة فی الخیال الشعری تستلزم أن یكون موضوعها غائبا على عكس الإدراك الذی یفترض وجود موضوعه حاجزا .        

 

   ریدرك المتتبع لتعریف كولدوج لمفهوم الخیال ویقسمه إلى أولی وثانوی ومدى الفرق بینهما أن الصورة فی الخیال الثانوی تفترض عدم وجود الشیء ، وإذا كان الفت یتخذ موضوعه أو مادته من الطبیعة ، فإنه یعطینا هذه الطبیعة بعد أن یفترض أنها غیر موجودة ، أو موجودة خارج نطاق إدراكه الخشی ، وهذه إحدى الفروق الأساسیة بین الخیال الأولی والخیال الثانوی .          

 

 وقد فرق كولدوج بین الخیال والوهم ، فینما یجمع التوهم بینا جزیئات باردة جامدة منفصلة الواحدة فیها عن الأخرى جمعا تعفیا ، ویصبح عمل التوهم عندئذ ضربا من النشاط الذی یعتمد على العقل مجردا عن حالة الفنان العاطفیة ، نجد الخیال یعمل على تحقیق علامة جوهریة بین الإنسان والطبیعة ، بأن یقوم بعملیة اتحاد تام بین الشاعر والطبیعة أو بین الشاعر والحیاة من حوله ، ولن یتم هذا الاتحاد وعلاقته إلا تتوافر العاطفة التی تهز الشاعر هزا .      

 

     وهكذا انطلقت مدرسة الدیوان من خلال المنظور السابق لنظریة الخیال وعلاقته بالصورة الشعریة ، وبدأت بشن هجومها على المدرسة التعلیمیة التی أساسها البارودی وتربع على عزتها أحمد شوقی وحافظ إبراهیم ، فانتقد نقاد هذه المدرسة منهج المدرسة التقلیدیة نقد تفضیلیا عنیفا حتى إذا تمت عملیة الهدم هذه أخذوا فی بسط أرائهم البناءة فی الأدب والشعر.      

 

     وقد تمحورت حملات النقد التی تبنى العقاد والمازی على أنصار .          

 

   التقلیدیة حول الأتی :          

 

 1 ـ البناء التقلیدی للقصیدة العربیة الذی كان عن موضوعات الحیاة إلى الأغراق الشعرة القدیمة كالغزل والمدح والوصف الهجاء والعتاب .        

 

   2 ـ شعر المناسبات الذی لم یكن یصدر فیه الشاعر عن تجربة حیة ولم یكن یستجب لما یجیش فی الصدر من خواطر بقدر ما كان ینشغل بالصنعة والزخرف والخلیة الخطابیة .  

 

         3 ـ على أن أبر ما اهتمت به جماعة مدرسة الدیوان فی نقدها للمدرسة التقلیدیة هو قضیة الوحدة العضویة أو الفنیة فی القصیدة ، لأن من یدعو إلى الوحدة العضویة للقصیدة لابد أن یدعو بالضرورة إلى نبذ البناء التقلیدی للقصیدة القدیمة ، وإلى ضرورة توافر التجربة الشعوریة التی تستجیب فیها الشاعر لموقف عاطفی واحد .

 

                                           تعریف الصورة :       

 

    عرف النقاد الغربیون الصورة الشعریة بتعریفات كثیرة أهمها أن الصورة تعنی ترادف أشكال البیان من تشبیه واستعارة وكنایة ورمز ، وهی مرتبطة ارتباطا وثیقا بالجانب الحسی ، غیر أن كولروج جمع مفهوم الصورة فقال : (( قد تكون منظرا أو نسخة من المحسوس ، وقد تكون فكرة أو أی حدث وهی یشمل شیئا ما ، وقد یكون شكلا من أشكال البیان ، أو وحدة ثنائیة تتضمن موازنة )).        

 

     الخطوط العامة فی نقد الصورة عند النقاد التشكلین :    

 

       لقد تعدد نقد الصورة عند النقاد التشكلیین فی الغرب ، ولكن یمكننا حصر تلك الخطوط فی ثلاثة فقط على النحو التالی :         

 

  1 ـ نقد الصورة من حیث هی صورة لا علاقة لها بغیرها ، وفیه یجب أن یكون الصورة : نضرة موجزة موجبة .            والمقصود بالنضرة جدة الصورة ، أما الإیجاز فهو أن تحمل الصورة أكبر قدر من الدلالات فی ألفاظ قلیلة ، والإحساء أن تكون الصورة مؤثرة ، وعندما تكون الصورة مؤثرة یجد القارئ أنه یكتشف لنفسه أشیئا فینطلق خیاله )) .            2 ـ خط الصیغة : وهو الخط الذی تشیر علیه الصور كی تصل إلى الغایة من القصیدة . ولكن لابد أن ندرك أنه على الرغم من حق الشاعر أن یستعیر لأفكاره ما یشاء من الصور إلا أنه لیس من حقه أن ینقل كل الصفات فی جوارنه رئیسیة عن الشیء .       

 

    3 ـ خط التفاعل : وهذا الحظ لا یجعل الصورة قائمة بذاتها ، لتعمل منفردة فی عزلة عن القصیدة ، بل تتداخل مع الفكرة والعاطفة وعناصر القصیدة الأخرى )).

+درج شده توسط مترجم عربی - دکتر مهدي شاهرخ در چهارشنبه ۱۱ فروردین ۱۳۸۹و ساعت 18:18|

هیچ زبانی در دنیا نیست که از دیگر زبان ها واژگانی وام نگرفته باشد، همه ی زبان ها از هم دیگر تاثیر و تاثر پذیرفته اند. زبانی که از زبان های دیگر وام نگرفته باشد، زبانی مرده است. هر اندازه زبان ها تاثیر بیش تری گرفته باشند زنده تر شده اند و این عیب و نقصی برای آن ها به شمار نمی رود. مهم ترین زبان کنونی جهان (انگلیسی ) تقریبن 75 درصد کلمه های خود را از دیگر زبان ها به ویژه انگلو، جرمن و لاتین گرفته است. اسپانیولی و پرتغالی 95 درصد زبان و ادبیاتشان یکی است، با این حال خود را دو زبان گوناگون می نامند .

زبان عربی و فارسی نیز از یکدیگر واژگان زیادی وام گرفته اند. در زبان فارسی بیش تر اصطلاحات فقهی ، مذهبی و حقوقی از زبان عربی گرفته شده است.  اما زبان عربی نیز به نوبه خود واژگانی به صورت دست نخورده و واژگان زیادی به صورت برهم زده شده (به شکل قالب های معرب) از فارسی وام گرفته استجوالیقی 838 کلمه و در کتاب المنجد 321  کلمه و ادی شیر در کتاب خود با نام «واژه های فارسی عربی شده» 1074 واژه را که زبان عربی از زبان فارسی وام گرفته است را توضیح داده اند. برای نمونه از کلمه ی پادشاه در زبان عربی ده ها کلمه ساخته شده است. واژه های  اشتها، شهوت، شهی، شهیوات، شاهین، شیخ، بدشا، پاشا و باشا همگی از کلمه ی فارسی «پادشاه» گرفته شده است. استیناف از کلمه ی «نو»  و کلماتی مانند: جناه، جنایی، جنحه و جنایت، از واژه ی «گناه» آمده است و کسی که با قاعده ها و قالب های زبان عربی آشنا باشد به آسانی می پذیرد که هامش و حاشیه از «گوشه» و شکایه از«گلایه» گرفته شده است

شعر حماسی‌ و پهلوان‌ نامه‌های‌ ملّی‌ در ایران‌ پیش‌ از اسلام‌ همواره‌ از محبوبیتی‌ گسترده‌ برخوردار بوده‌ است‌. ادبیات‌ فارسی‌ در این‌ زمینه‌ نیز همچون‌ بسیاری‌ از زمینه‌های‌ دیگر بسیار غنی‌ و بر ادبیات عرب و بر تمام فرهنگ های منطقه و جهان تاثیر گذار بوده است. دست کم 15نویسنده ی بزرگ ایرانی در شکل دهی ادبیات عرب نقش داشته اند که سیبویه از جمله ی آنان است.  معمولن این دانشمندان ایرانی را كه در ادبیات ، پزشکی، كیمیا، تفسیر و معارف دینی، در نجوم، موسیقی، جغرافیا و در زبان شناسی و تاریخ، خدمات بی نظیری نه تنها به جامعه ی عرب و اسلامی، بلكه به جامعه ی بشریت نمودند را در کشورهای عربی به عنوان عرب می شناسند و همین دانشمندان بوده اند كه از مصدرهای فارسی با استفاده از باب ها و قالب های دستور زبان عربی صدها كلمه ی جدید ابداع کرده و به غنای ادبیات عرب افزودند. آنان همچنین در ادبیات فارسی با استفاده از مصدر ها و قالب های عربی کلماتی ساخته اند  که بعدها بسیاری از آن ها به ادبیات عرب وارد شده اند، مانند: سوء تفاهم، منتظر و. . . ولی در ادبیات فارسی از واژگان پارسی با کمک قالب های عربی نیز واژگانی ساخته شده است که تعدادی از آن ها به زبان عربی نیز راه یافته اند مانند: استیناف (از واژه ی «نو» به معنی درخواست نو و تجدید نظر)، تهویه (از «هوا» به معنی عوض کردن هوا) و ...

 زبانزبان های گروه سامی و عربی بخش بزرگی از واژگان خود را از فارسی گرفته اند که در مورد عربی به دلیل ماهیت صرفی و قالب های متعدد آن، واژگان فارسی بیش تر در شکل مفرد و ساده ی آن قابل رد یابی است و  به دلیل ذوب شدن مفردات در قالب ها و صیغه ها رد یابی آن ها مشکل می شود. اما خود زبان فارسی از معدود زبان های دنیا است که تقریبن عموم واژگان وام گرفته را بدون دستکاری و بدون حذف آوا و حروف می پذیرد و به این دلیل هم مثلا کلمه های قرآنی مانند: صالح، کاذب، مشرک، کافر و غیره را بدون هیچ تغییری در خود پذیرفته است. از این رو  هدف از بیگانه زدایی از زبان فارسی، باید نه حب و بغض نسبت به بیگانه، بلکه تلاش برای آسان کردن زبان فارسی و پویا و زنده نگه داشتن آن باشد. به عنوان نمونه کاربرد جمع مکسر عربی فهم فارسی را برای غیر فارسی زبانان مشکل می سازد. مانند: اساتید، بساتین، اساتیر، خوانین، دهاقین، میادین، اکراد، افاغنه، به جای : استادان، بستان ها، استوره ها، خان ها، دهقانان، میدان ها، کرد ها و افغانیان.

از این رو  هدف از بیگانه زدایی از زبان فارسی، باید نه حب و بغض نسبت به بیگانه، بلکه تلاش برای آسان کردن زبان فارسی و پویا و زنده نگه داشتن آن باشد.

با این حال به نظر نمی رسد که خارج کردن آن واژگان عربی که در اصل ریشه ی فارسی دارند کمکی به پویایی زبان فارسی کند و بسیاری کسان ما را از به کار بردن برخی کلمات مشترک از این دست که در فارسی و عربی از قدیم وجود داشته و دارند برحذر می دارند.  مثلا می گویند نگویید:  جنایی، استیناف، فن، صبح، نظر، بلکه بگویید:  کیفری، تجدید نظر، پیشه، بامداد، دید و یا نگویید خیمه، بلکه بگویید چادر و  از این قبیل. حال آن که بیش تر این گونه کلمات ریشه ی فارسی دارند. مثلا کلمه های جنایی، جنایت، جناح، جنحه و ...  همگی از ریشه ی «جناه» که معرب شده ی «گناه» فارسی است ساخته شده است. استیناف از بردن واژه ی نو به باب استفعال به دست آمده  و استانف، یستانف و ... از آن به دست آمده  است. فن از واژه ی پَن و پَند ساخته شده و در صیغه های گوناگون عربی فن، یفن، فنان، تفنن، متفنین و ... از آن ساخته شده است. صبح از صباح و صباح از پگاه فارسی ساخته شده و مصباح و ... از آن ساخته شده است. نظر عربی شده ی « نگر»  است و  انظر، ینظر، منظر و  .... از آن ساخته شده است .خیمه از واژه پهلوی گومه و کیمه ( به معنی کلبه) گرفته شده و خیام، مخیم، خیم و یخیم از آن صرف شده است. در مورد واژه های لاتین نیز گاهی همین طور است. مثلا کلمه های بالکن، بنانا (موز) و بانک هر سه ریشه ی فارسی دارند. بنابراین چه نیازی هست مثلا به جای عبارت « دار آخرت » که در اصل فارسی است، عبارت «سرای دیگر » را به کار بریم  و یا به جای بالکن که لاتین شده ی بالاخانه است و از طریق ترکی به فرانسه راه یافته و یا به جای واژه های بین المللی پارتیزان (پارتی، پارسی) بنانا (بندانه) که از طریق عربی به لاتین راه یافته اند کلمه های دیگری به کار ببریم. حذف و یا جای گزینی واژه های بین المللی مانند رادیو، تلویزیون، کامپیوتر و ... که در همه ی زبان های مردم دنیا جا افتاده است نیز نباید اولویت داشته باشد.

 زبان  بدین ترتیب بسیاری از کلمات مشترک فارسی و عربی اگر مورد کنکاش قرار گیرند ریشه ی فارسی آن ها معلوم می شود. به طور نمونه تقریبن به ندرت کسی در عربی بودن کلمه های کم (چن، چند)، جص (گچ )، رباط، بیان، نور، دار الاخره، تکدی، رجس، نجس و یا باکره (پاکیزه) تردید کرده است. اما در حقیقت همه ی این کلمات یا به طور کامل فارسی هستند و یا معرب هستند. به طور نمونه برای کلمات بالا در زبان عربی ریشه و مصدر حقیقی وجود ندارد و وزن برخی از آن ها نیز عربی نیست. کلمه ی نور بر وزن کور و دور و خور است. اگر نور با همین شکل فارسی نباشد حتمن معرب شده ی خور ( به معنی روشنایی و خورشید) است، رباط در فارسی به معنی استبل است. «رباط الخیل» به معنی خانه یا پرورشگاه اسب است و  ریشه ی آن به رهپات و یا ره باد برمی گردد. نجس و رجس هر دو از واژه ی زشت و جش گرفته شده اند. دار در زبان فارسی  به معنی های دارنده، پایه، ستون و تنه درخت به کار می رود، مانند دیندار، داربست، دار درخت. اما در عربی آن را در معنی خانه به کار گرفته اند مانند دار الحکمه و  ...

قرآن شناس، زبان شناس و پژوهشگر نامی انگلیسی، آرتور جفری را عقیده بر آن است که بیست و هفت کلمه ی قران ریشه ی فارسی دارد از آن جمله :سجیل: معرب سنگ و گل، اباریق: جمع ابریق، معرب آبریز، تنور، مرجان، مِسک: معرب مِشک، کورت: کور شدن، تاریک شدن، تقالید: جمع تقلید، بیع: خرید و فروش، بیعانه (بیانه) قسمتی از پیش پرداخت. جهنم ، دینار پول رایج ایران قدیم (یک صدم ریال) زنجبیل: معرب زنجفیل، ، سُرادِق: سراپرده، سقر: جهنم، دوزخ، سجین: نام جایی در دوزخ، زندانی ، سلسبیل: سلیس، نرم، روان، گوارا، می خوشگوار و نام چشمه ای در بهشت، ورده: گل سرخ، سندس: دیبای زربفت لطیف و گران بها، قرطاس: کرباس، کاغذ، جمع آن قراطیس، اقفال: جمع قفل، کافور، یاقوت. برخی پژوهشگران نیز شمار واژگان فارسی قران را تا یک صد برآورد کرده اند مانند: سراج = چراغ، دار، غلمان = گلمان  جوان گل رو، زمهریر، کاس یا کاسه، جُناح = گناه، رجس = زشت، خُنک = سرد، زُور = قوه، نیرو، عقل، شُواظ = زبانه ی آتش، شعله، حرارت، درحال ذوب شدن، اُسوَه =  الگو، فیل = پیل، توره = شغال، حیوان وحشی، عبقری = آبکری (آبکاری)، کنز = گنج، زبانیه = نگهبانان دوزخ، زبانه کشیدن شعله های آتش، ابد = جمع آن آباد، جاودان،  قمطریر = شدید، سخت، دشوار، نجس = ناپاک، پلید،  بررُخ = مانع و حایل بین دو چیز،  تَبَت = نابودشده، قطع شده، تب و تاب یافته، سخط = خشم گرفتن برکسی، غضب،  سُهی = (به گونه ی سُها) ستاره ی کوچک و کم نور در دب اصغر. اریکه = اورنگه = ارائک به معنی بالش و متکا، چندبار در قران تکرار شده است. برهان = دلیل، در قرآن برهان و براهین آمده است، برج = تبرج، زینت، الجزیه = گزیت، الجُند = گُند، جند و جنود. (برای آشنایی بیش تر با واژه های فارسی قرآن به مقاله ای با همین نام در موضوع شماره ی 15در این تارنما نگاه کنید. آریا ادیب).

 مشتق های این کلمه ها که ریشه و بنیاد فارسی داشته و وارد زبان عربی شده اند با دلایل کامل از سوی پژوهشگران توضیح شده است. نفوذ واژگان پارسی به سایر زبان ها نشانه ی اصالت، کهن بودن، گستردگی و اهمیت آن در همه ی دوران ها است.

 

واژگان فارسی به صورت های زیر به زبان عربی داخل شده است:

  1.  زبان

1- بدون تغییر یا با کم ترین تغییر مانند: بادام، استاد، خبر، درویش، دیوان، سکر = شکر، شیرین، آشوب = اوباش، ابریشم= ابریسم، شادان = شاذان و ...

  1. 2 -  با تغییر، حذف یا تبدیل حرف های پ، ژ، چ، گ که در زبان عربی وجود ندارد به صداهای دیگر. مانند:  چغندر= شمندر، چنده = شنوه،  پگاه = صباح، پند، پن = فن، گاومیش = جاموس، گلنار = جلنار، چلیپ = صلیب،  چین = صین، چارسو = شارسو، دیباچه = دیباجه، گدا = كدا = تكدی، لگام = لجام، چمران = تشمران، گرنادا = قرناطه، خانه گاه = خانقاه، گزیه = جزیه، کاک = کعک = کیک، گنجینه = خزینه، پرده = برقه و  ...
  2. 3 -  تغییر حروف ک به ق  و  خمانند: کاسپین = قزوین، کله = قله، کوروش = قوروش، کسرا = خسرو
  3. تغییر کلی: گاهی در تبدیل واژه ی فارسی به زبان عربی  هیچ اثری به جز در وزن واژه ی فارسی باقی نمانده است مانند:  چند، چن  = کم، گچ = جص، مجصص، زشت = رجس، پسک = برص، گنج = کنز  و  ...
  4. 4 -  کاربرد کلمات در معنی متضاد با معنی فارسی و یا در غیر معنی اصلی  مانند: خوبه = خیبه، زرابی (قالی)
  5. 5 -   به هم ریخته شدن تمام صدا و حروف مانند: باغ = غابه، باغات = غابات.
  6. 6 -   یک کلمه از فارسی چند بار به شکل ها و به معنی های گوناگون وارد عربی شده مانند: از کلمه ی باغ = باقه به معنی دسته گل و کلمه غابه به معنی جنگل، ساروج به معنی نوعی ملاط سیمان و آب انبار و سهریج (صهریج) به معنی تانکر آب .
  7. 7 -  حذف سایر آواها  مانند : نارگیل = ارکیل،  آبریز = ابریق
  8. 8 -   گاهی در تبدیل واژه ی فارسی به عربی برخی از حرف ها از  واژه ی فارسی تغییر کرده است، مانند: گوشه = حاشیه، هامش = حامش، جشن = دشن = تدشین، سنگ = سنج = صنج، چار راه = شارا = شارع، شاد شید =  شادی اناشید، ببر = بایبر = تایگر و ...
  9. 9 -   گاهی از مفردهای فارسی  یا عربی کلمه هایی ساخته شده و سپس به ادبیات عرب نیز راه یافته است، مانند: سوء تفاهم ار «فهم»، تهویه از «هوا»
  10. 10 -  حذف و یا تغییر و تبدیل حروف عله «و . ا. ی» به یکدیگر . مانند: جوراب = جورب، خوب = خید = خیر، 
  11. 11 -  تبدیل  ا  به هـ  و تبدیل ز به س  مانند : اندازه = هندسه، اندام = هندام.
  12. 12 -  گاهی در  تبدیل واژه ی فارسی به عربی دو حرف از واژه ی فارسی باقی مانده است ، مانند: آیین = دین
  13. 13 - گاهی در تبدیل واژه ی فارسی به عربی آواهایی به آن افزوده شده است. مانند: ستون = استوانه = اسطوانه، سروج = ساروج = سهریج = صهریج
+درج شده توسط مترجم عربی - دکتر مهدي شاهرخ در چهارشنبه ۱۱ فروردین ۱۳۸۹و ساعت 18:16|
تطور الفن القصصي وخصائصه .
القصة لون من ألوان التعبير الأدبي تمتاز بالطابع الإنساني والحلة الجمالية الأنيقة تعتمد على الوصف والسرد والحوار.
يعرفها محمود تيمور بقوله: ( هي عرض لفكرة مرت بخاطر الكاتب أو تسجيل لصورة تأثرت بها مخيلته أو بسط لعاطفة اختلجت في صدره. فأراد أن يعبر عنها بالكلام ليصل بها إلى أذهان القراء محاولا أن يكون أثرها في نفوسهم مثل أثرها في نفسه. )
ويقسم الفن القصصي من حيث القالب أو المظهر إلى أربعة أقسام: الأقصوصة القصة الرواية والحكاية.
هل عرف أجدادنا الأوائل القصة ؟
وهل توفرت لها الشروط الفنية ؟
لم يخل أدبنا القديم من القصة بمفهومها البسيط ففي الأدب الجاهلي قصص تدور حول أيام العرب وحروبهم يرونها في الحل والترحال وتحت الخيام في ليالي السمر. وفي القران الكريم قصص الأنبياء وأقوامهم. وفي العصر العباسي نقل إلى العربية بعض القصص من الأمم الأجنبية مثل كليلة ودمنة لابن المقفع وألف الجاحظ كتاب البخلاء. وظهر فن المقامات. وكتب المعري رسالة الغفران وابن طفيل حي بن يقظان.
إلا أن ما كتب في هذه الفترة لم تتوفر فيه الشروط الفنية. بسبب الإغراق في الطول والاستطراد. الاهتمام بغريب الألفاظ. والاحتفاء بالصناعة اللفظية. وعدم التعمق في تحليل نفسيات الشخصيات.
في العصر الحديث.
اتصل الأدباء العرب بالغرب فاطلعوا على إنتاجهم القصصي الرفيع فأعجبوا به وانكبوا ينهلون منه انكباب يتيم جائع على مائدة غني كريم. وراحوا يترجمون بعضا ويقلدون بعضا ويقتبسون من بعضها الآخر.
حاول بعض الكتاب العرب إحياء فن المقامة من جديد أمثال اليازجي والمويلحي والشدياق وكتبوا محاولات قصصية جادة عالجت الواقع بنظرات لماحة نافذة. إلا أنها لم تلب حاجات العصر ولم تستوف التعبير عن وجدان الأمة. وهذا يعني أننا أمام نمطين من الفنون القصصية العربية: نمط ابتدعه الأدباء العرب بعيدا عن أي تأثر بغيرهم. ونمط آخر أنتجوه بعد تأثرهم بالفنون القصصية التي ازدهرت في اروبا.
وقد مرت القصة في العصر الحديث بالأطوار التالية:
-1- مرحلةالترجمة:
نتيجة اتصال العرب بالغرب وإطلاعهم على تراثهم الأدبي المتنوع اتجه بعض الكتاب إلى القصة لأنها الأكثر استيعابا لتطلعات واهتمامات الجماهير. وقدرتها على متابعة وتسجيل التغيرات الاجتماعية والسياسية التي كانت تزدحم بها البلاد العربية آنئذ. وكان رائد هؤلاء هو رفاعة رافع الطهطاوي الذي ترجم مغامرات تلماك للكاتب الفرنسي فنلون.
2 مرحلة المحاكاة والاقتباس:
تتجلى أول محاولة في هذا الطور في قصة عيسى بن هشام للمويلحي الذي حاول إدخال مقومات القصة الغربية والمحافظة على أسلوب المقامات وهو نفس النهج الذي انتهجه حافظ إبراهيم في ليالي سطيح.أما المنفلوطي فقد ترجم بتصرف وتغيير حتى يرضي القراء كما في الشاعر. مجدولين.
-3- مرحلة الإبداع:
وفيها أنتج الأدباء قصصا فنيا اعتمادا على إبداعهم وتبدأ بقصة زينب للدكتور محمد حسين هيكل. برغم غلو هذه القصة في الرومانسية وحلولها المفتعلة إلا أنها تعد البداية الفنية الحقيقية للرواية الاجتماعية. ثم ظهر لفيف من الأدباء بقصص جديدة توفر فيها البناء الفني فكتب طه حسين الأيام ودعاء الكروانوتوفيق الحكيم عصفور من الشرق. ويوميات نائب في الأرياف. ونجيب محفوظ في الثلاثية وجرجي زيدان بقصصه التاريخي في سلسلة روايات تاريخ الإسلام.
أما في الجزائر فقد كتب رضا حوحو غادة أم القرى وكتب محمد ديب ثلاثيته البيت الكبير. الحريق. النول. وكتب مولود معمري العصا والأفيون.
وهكذا تطورت القصة العربية ونضجت واكتملت فنيا وما نيل نجيب محفوظ لجائزة نوبل للآداب إلا دليل على دلك. وقد تنوعت موضوعات القصة العربية الحديثة وتعددت اتجاهاتها فمنها ما هو اجتماعي أو نفسي وآخر تحليلي ومنها ماهو وطني وقومي وقد تجمع القصة الواحدة عدة ألوان وطنية اجتماعية نفسية.
خصائص الفن القصصي. :
1- التمهيد: ( الزمان والمكان ) الزمن قد يمتد لأجيال وأجيال أو يقصر ليشمل فترة وجيزة ففي قصة قرية ظالمة لمحمد كامل حسين الزمن يوم وليلة وهو نفس الزمن في ذهاب وإياب لصبري موسى.
2 - الأحداث: الكاتب الناجح يصنع من الحدث البسيط فنا عميقا راقيا حيث يتعمق في دراسة الأحداث فيرتبها وينسقها في شكل منطقي.
-3- العقدة: وتنجم عن ترتيب الحوادث وهي النقطة التي تتجمع عندها الخيوط فيتعقد الموقف ويتلهف القارىء لمعرفة الحل.
-4- الحل: ويشترط فيه أن يكون منسقا مع الأحداث وقد يكون سعيدا أو حزينا.
-5- الشخصيات: جاهزة ونامية نجاح القصة يعتمد على نجاح الكاتب في تصوير الشخصيات فلابد أن تتطابق مع الأحداث ومع الواقع.
-6- الأسلوب: هو التعبير ووسائله اللغوية فلكل كاتب زاده اللغوي وأسلوبه الذي يميزه عن غيره فأسلوب العقاد يختلف عن أسلوب طه حسين أو احمد أمين.
الفن القصصي محبب إلى القلوب يتلذذ به الكبير قبل الصغير يجعلنا نحس بالراحة والتغيير حيث ندخل المعامع والمغامرات مع القصص البوليسي ونتجول في حدائق غناء مع القصص الرومانسي نتألم مع البؤساء ونبتسم مع السعداء مع القصص الواقعي وقد ساهمت القصة في نشر الوعي ومعالجة بعض المشاكل الاجتماعية وبعث الثقافة والأخلاق
لقد تأثر الفن القصصي العربي بالآداب الغربية فعلا ولا ضير في ذلك فالآداب التي تريد لنفسها الاستمرار ينبغي أن لا تضيع فرصة الازدهار والانبعاث.


المسرحية
نص أدبي يأتي على هيئة حوار يصور به الكاتب قصة مأساوية أو هزلية ويقوم الممثلون بتمثيل النص المسرحي بقاعة المسرح ضمن إطار فني.
وهي من أقدم الفنون الأدبية التي عرفتها الحضارة الإنسانية. فمنذ زمان بعيد أقام الإغريق مسارحهم في مناسبات دينية ووطنية. فعرفوا المأساة والملهاة. وتناولوا موضوعات دينية واجتماعية وأدى مسرحهم دوره في تعليم مجتمعهم. واعدوا شروط المسرح واستفاد منها حتى كتاب العصر الحديث.
وعن هؤلاء اخذ الرومان ثم الفرنسيون والإنجليز والألمان وعن هم اخذ العرب.
لكن إقبال العرب على المسرح لم يتم إلا في العصر الحديث على الرغم أنهم اطلعوا عليه عند ترجمة بعض المؤلفات اليونانية في البلاغة والفلسفة والرياضيات في بداية العهد العباسي. ولعل ذلك يرجع إلى ارتباط المسرح بالأفكار الوثنية التي لا يقرها الإسلام والى طبيعة الشعر العربي الغنائي الذي لا يصلح للتمثيل.
المسرح العربي حديث النشأة ظهر على يد مارون النقاش 1847م بعد عودته من الغرب وقدم لأول مرة مسرحية البخيل لموليار وهكذا نشا المسرح قبل المسرحية.
تطورها:
1- مرحلة الاقتباس:
شجع إنشاء دار الأبرا في مصر بعض اللبنانيين المهتمين بالمسرح على اقتباس الأفكار من الأدب الاروبية وصبغتها بصبغة محلية.
2- المسرحية الاجتماعية:
تطورت المسرحية على يد من درس فن المسرح في اروبا فقد أنشا جورج الأبيض مسرحا عربيا في مصر اثر عودته من فرنسا 1910م وقدم مسرحية وليدة البيئة العربية مصر الجديدة.لفرج أنطوان. غلبت عليها الفصحى واصالة الفكر العربي.
3-المسرحية الواقعية: اتجهت المسرحية إلى التعبير عن الواقع فظهرت عدة مسرحيات تعالج الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والنفسي وتعتبر مسرحيات توفيق الحكيم مثلا واضحا لهذا الطور عالج مشكلات اجتماعية كما فعل ازيس وبراسكا وأضفى على شخصياته فكرا فلسفيا وتتجلى نزعته الفلسفية في مسرحية شهرزاد - و سليمان الحكيم -.
المسرحية الجزائرية: يعد رضا حوحو من رواد المسرحية المكتوبة بالعربية فقد اشرف على فرقة تمثيلية وكتب لها مسرحية عنبسة- وبائعة الوردوالعقابالنائب المحترموسي عاشور -. أما المسرحية المكتوبة بالفرنسية يمثلها كاتب ياسين في الجثة المطوقةوالرجل ذو النعل المطاطي.
أما المسرحية الشعرية فقد ظهرت على يد احمد شوقي الذي كتب -مصرع كلييو باترةمجنون ليلى – قمبيز... وعزيز أباظة الذي ألف ست مسرحيات- قيس ولبنىالعباسة- شجرة الدر – الناصر – غروب الأندلس – شهريار – وقد استطاع أن يتجنب ما وقع فيه شوقي من مآخذ واستفاد مما وجه إليه من نقد.
وللمسرح ثلاثة أشكال هم:
1- المأساة وهي مسرحية درامية تنتهي دائما بالموت.
2-الملهاة مسرحية هزلية ذات نهاية سعيدة. 3-الأبرا المغناة وهي ذات موضوع مأساوي.
عناصر المسرحية: 1-التمهيد *وهو الجزء الأول من المسرحية يمهد فيه الكاتب للمسرحية ويعرف بالشخصيات وأعمالهم. أما البيئة فيصورها عن طريق الحوار.
2- العقدة وهي العنصر الأساسي في بناء الحبكة الفنية وتنشا عن المعوقات أو الصراع الذي ينشا بين قدوتين متعارضتين تثير عند الجمهور الرغبة في انتظار الحل.
3- الحل * وهو النتيجة التي تصل إليها أحداث المسرحية.
4- الزمان والمكان * وهما البيئة التي يدور فيها أحداث المسرحية زمان المسرحية قصير ومكانها محدود.
5- الشخصيات * وهم الممثلون الدين يقومون بالحركة المسرحية. ويشترط فيها الثبات وعدم التناقض مع الواقع.
6- اللغة وسائل التعبير المسرحي متعددة – الحوار – الملابس* الأضواء *الأثاث* الحركة* ولكل فرد لغته الخاصة وهذا ما أطلق عليه النقاد الواقعية في المسرح من الكتاب من اختار العامية ومنهم من فضل الفصحى واثر البعض الآخر المزج بين العامية والفصحى.
المسرحية كما هو معلوم تشترك مع القصة في اشتمالها على الحادثة والشخصية والفكرة ولا تتميز عنها إلا في اعتمادها على الحوار كوسيلة وحيدة للوصف وعرض الأحداث. وبقدر ما يكون الحوار مطابقا للشخصيات سهلا واضحا يتوفر على إيقاع موسيقي مناسب. لا تطغى عليه روح المؤلف طغيانا يفسده.بقدر ما يكون ناجحا. إذا كان الحوار هو مظهر المسرحية الخارجي فان مظهرها الداخلي يتمثل في الصراع الذي يجب أن يكن محبوكا بشكل طبيعي لا تصنع فيه.
يحتل المسرح لدى مختلف الشعوب مكانة مرموقة نظرا للدور الذي يلعبه في تثقيف الفئات الشعبية وتنمية ذوقها الجمالي فضلا عن تسليتها والترفيه عنها والمسرح دليل على الرقي الاجتماعي فهو أداة لنقل قيم شتى ووسيلة لترقية الفكر خاصة إذا كان يحمل فكرة راقية بلغة سامية. فالمسرح قبل أن يكون تمثيلية فهو نص أي انه شكل ومضمون فالفكرة السامية يجب أن يعبر عنها باللغة الراقية غير مبتذلة أو هزيلة. أما إذا كان المسرح بلغة العوام فهو تهريج لا طائل منه. وإذا لم يصور مجتمعه في ماضيه وحاضره ومستقبله ويعكس آماله وتطلعاته معتزا بالقيم ومقومات الشخصية. كان دخيلا يهدم بدلا من أن يبني يفسد عوض أن يصلح.
ومادام المسرح يلعب هذا الدور الهام فهو يحتاج إلى تخطيط وأموال وتشجيع دائم. غير أن المسرح فن وليس تهريجا فكتابته من مهام الأدباء وتمثيل الأدوار فن لا يناط إلا بأصحاب المواهب من خريجي المعاهد المختصة

+درج شده توسط مترجم عربی - دکتر مهدي شاهرخ در چهارشنبه ۱۱ فروردین ۱۳۸۹و ساعت 18:15|

متنبی و احمد شوقی دو شاعر پرآوازه قدیم و جدیدند که عنوان امیرالشعرایی، آن را با یکدیگر قرین ساخته و هماره ژرف‏نگران نقاد را مفتونانه یا منفورانه به این تلاقی مشغول داشته است. این دو شاعر در هر وادی از ادب که گام نهاده‏اند همانند یک روح در دو پیکره عمل کرده‏اند، با این تفاوت که سرشاخه‏های درخت تنومند اندیشه متنبی، روی به زمین و میل به خودنمایی بر فراز تپه‏های «صلصال من حماء مسنون» را دارند اما شاخساران برافراشته حکمت احمد شوقی، روی به آسمان و آرزومند طیران با روح الهی‏اند.

این تحقیق بر آن بوده است که به نقل و تحلیل مقایسه‏ای اشعار حکمی این دو بزرگ‏حکیم بپردازد، تا از این رهیافت، علاوه بر تبیین دیدگاه‏های هردو؛ این نتیجه به دست آید که اندیشه احمد شوقی تا چه میزان متأثر از افکار و اندیشه‏های متنبی بوده است.

سپاس و ستایش مر خدای را که نوع بشر را از دو نشئه بیافرید؛ نشئه‏ای از روح قدسی ملکوتی که نمادی از بی‏نهایت شکوه و جمال و جلال است!! و نشئه دگر از لجن بدبوی متعفن که نشانی از بی‏نهایت زشتی و پستی است!!

حمدو ثناء خاص حکیم خدایی است که در میانه این دو بی‏نهایت راه، از سر حکمت و رحمت، شاه‏چراغ خود را فراپیش آدمی بنهاد تا ره ز چه باز شناسد و عقال عقل را بر توسن گریزپای خشم و شهوت زده(امیال زمینی) را سر به طاعت (اراده سماوی) درآورد و حکیمانه در راه وصول به سر منشأ همه خردها و خوبی‏ها، پای به ره نهد.

هر از گاهی که بستری مناسب برای به بارنشستن نهان استعدادهای آدمی مهیا شود؛ به نکو جلوه‏ای، شکوفه‏های عاطفه و خیال و خرد به بار نشسته و شعف و شعور و شهود بنی‏آدم شادخواره را بر سر سفره وهم و دل و عقل نشاند و طعم جاودانه خویش را بر مذاق آنان می‏چشاند.

از این رهیافت، متنبی و احمد شوقی هر یک بزرگ نمادی ازجلوه‏نمایی استعدادهای به بار نشسته زمینه و زمانه خویشتند. بارز قرابت این دو ابر ادیب، در این است که در هر وادی از ادب که گام نهاده‏اند، بر گستره آن نکونهالی از حکمت بنشانده‏اند و پاک آب زلال خرد را به بن شکوفه‏های عاطفه و خیال روانه ساخته‏اند، آبی که سراچشمه‏اش یافته‏های زمینی شاعر، یا آموخته‏هایی از گزاره‏ها و آموزه‏های سماوی است.

مقاله حاضر تحت‏عنوان «کنکاشی در اندیشه متنبی و احمد شوقی پیرامون حیات» این شاعران حکیمی است که هر یک در عصر خویش پیشوای شعر عربند و محمل نزاع ناقدان ادبند.

بشر هماره از منظرهای مختلفی بر حیات نظر افکنده و این اختلاف منظرها با خود، همیشه اختلاف‏نظرهایی در پی داشته است. برخی از منظری حیوانی به تماشای هستی نشسته و هرچه می‏بینند مادیتی است که کانون تزاحم و تنازع است و برخی دیگر از منظری انسانی بر گستره هستی می‏نگرند به نحوی که، ریگستان‏های مادیت را در کنار قله‏های رفیع معنویت با هم می‏بینند. یکی منبع الهام او در شناخت هستی، تجربیات شخصی اوست و دیگری، یافته‏هایی از گزاره‏ها و آموزه‏های وحیانی است.

متنبی و احمد شوقی، هر یک از منظری متفاوت به حیات‏نظر افکنده‏اند متنبی بر روی تپه‏های پهن دشت مادیت به ملک هستی می‏نگرد و احمد شوقی در بلندای ربذه، نگاه خویش را از ملک خاکی می‏گذراند و به ا فق‏های آبی ملکوت می‏افکند.

حال به تبیین اندیشه‏های هر دو شاعر پیرامون

حیات، می‏پردازیم:

حیات از منظر متنبی

در اندیشه متنبی «زندگی» صحنه تنازع بقا و عرصه جنگ و نزاع است؛ زندگی‏ای که مردمانش چونان درندگانی بی‏رحمانه به جان هم افتاده‏اند و یکدیگر را می‏درند، در منطق او شعار چنین زندگی‏ها این است که (بکش وگرنه کشته بمان) بر همین مبناست که سراید:

«انما انفس الا نیس سباع

یتفارسن جهرة و اغتیالا» (1)

در چنین عرصه‏ای، او «خواهش و تمنا» را برای زنده‏ماندن و کام گرفتن توصیه نمی‏کند بلکه معتقد است که، باید در چنین زمانه‏ای با رقیب از موضع قدرت هم‏سخن شد، از اینرو می‏گوید:

«من اطاق التماس شی‏ء غلابا

و اغتصاباً لم یلتمسه سوءالا» (2)

با توجه به نوع زندگی‏ای که متنبی به تصویر می‏کشاند «ضعف و قدرت» نقش تعیین‏کننده‏ای در بقا و فنای آدمی بازی می‏کنند. در چنین شرایطی، لازمه ماندن و بهره‏بردن و حکم راندن، تنها در ظل و ذیل «قدرت» میسر است و برترین آرزوی هرگام نهنده بر این حیات این است که چون شیرقوی پنجه باشد:

«کل غاد لحاجة یتمنی

أن یکون الغضنفر الرئبالا» (3)

پس به همین خاطر است، که «ضعف و ناتوانی» در چنین سرایی دل‏آزار و نفس‏گیر است و آدمی را ذلیلانه بر مخروبه‏های ذلت و حقارت می‏نشاند.

و اذا الشیخ قال اف فمام

ـل حیاة و انما العضف ملا (4)

در این نوع زندگانی که انسان لحظه‏ای از ستیز باز نمی‏ایستد و مرگ سایه سهمگین خویش را بر گستره حیات بی‏رحمانه افکنده، با این وجود، چنین زندگی از دید شاعر تهی از لذایذ نیست لیکن بهره‏مندی از آن کار ناتوانان نیست بل این قوی پنجه‏گانند که با گذر از دره‏های هولناکی که بوی مرگ‏در سراسر آن پیچیده، بدان دست می‏یابند.

لذیذ الحیاة انفس فی النف

س و أشهی من أن یمل و أحلی (5)

و در جای دیگر گوید:

دون الحلاوة فی الزمان مرارة

لا تختطی الا علی أهواله (6)

در دیدگاه فلسفی متنبی برای رسیدن به این لذایذ به ناچار باید از روی اجساد ضعفا و بینوایان گذر کرد و بساط عیش را بر استخوان‏های شکسته آنان گسترانید و به شادخوارگی کام گرفت.

«بذا قضت الایام ما بین أهلها

مصائب قوم عند قوم فوائد» (7)

ولی شاعر، ایام عیش قوی پنجه‏گان را نیز چند صباحی بیش نمی‏داند زیرا روزگار غدار در کمین نشسته، تا بی‏خبر نیزه خویش را از جان آنانی که تازه به نوایی رسیده‏اند، سیراب ساخته و آنان را ناباورانه به کام مرگ سپارد.

«أفاضل الناس اغراض لذالزمن

یخلو من الهم أخلاهم من الفطن»(8)

«اظمتنی الذنیا فلما جئتها

مستسقیاً مطرت علی مصائب» (9)

سپس او می‏گوید، که انسان بعد از دیدن این همه مصائب و لذایذ تازه به خود می‏آید که چنین زندگی چیزی جز فریب نبوده و درمی‏یابد که این دنیا مأمنی آرام‏بخش برای او نیست. چگونه باشد درحالی که هر روزش، آبستن حادثه‏ای است و هرلحظه‏اش نمایانگر چهره‏ای است.

«انی لأعلم واللبیب خبیر

أن الحیاة و ان حرصت غرو»(10)

و سراید:

«قبحاً لوجهک یا زمان فانه

وجه له من کل لوءم برقع» (11)

آنچه متنبی را وا می‏دارد که زندگی دنیوی را فریبی بیش نداند و نفرین خویش را به پای آن ریزد، این است که در این معرکه، مردمان همچون درندگان جان‏های یکدیگر را کشان‏کشان به مسلخ الهه فریب می‏برند و در پای آن ذبح می‏کنند از برای این که به حاجتی رسند اما در انتها، همگی مغبونانه بی‏هیچ نصیبی جان خویش را در این راه می‏بازند.

تفانی الرجال علی حبها

و ما یحصلون علی طائل (12)

پس اگر انسان اندیشمندی بر آن شود تا حوادث این جهان را به تحلیل نشیند و برای آینده بشر، برنامه‏ای جهت زیستن ارائه دهد در این امر، راه به جایی نمی‏برد زیرا تفکر و تحلیل پیرامون حوادث جهان و ریشه‏یابی سلسله عوامل آن، امری محال و نفس‏گیر است.

«و من تفکر فی‏الدنیا و مهجته

أقامه الفکر بین العجز و التعب» (13)

متنبی بعد از تبیین دیدگاه‏های خود در مورد حیات، به اظهارنظر پیرامون هدف از زندگی می‏پردازد. او هدف نهایی زندگی را، رسیدن به مجد و سیادت می‏داند. بنا به اعتقاد او، ظرف حیات تا زمانی ارزشمند است که بستری مناسب جهت رسیدن به مجد و سیادت باشد وگرنه، چنین ظرفی فی‏نفسه بی‏ارزش است. در منطق او، اصل و مبنا رسیدن به «هدف» است و وسیله و ابزار هرچه که باشد در ظل و ذیل هدف توجیه‏پذیر است.

«یرید من حب العلا عیشه

ولایرید العیش من حبه» (14)

«و لست أبالی بعد ادراکی العلا

أکان تراثاً ما تناولت أم کسبا» (15)

البته، ناگفته نماند مجدی را که متنبی به دنبال آن است، مجد و سیادت منحصر به فردی است که نه تنها کسی را یارای رسیدن بدان نباشد بلکه جهانی را به حیرت افکند و طنین هولناکش همه جا را درنوردد. او خود، چنین به تبیین این نوع مجد می‏پردازد:

«ذرینی جنل مالاینال من العلا

فصعب العلا فی‏الصعب و السهل فی‏السهل» (16)

در تفسیر بیت قبل گوید:

«و ترکک فی‏الدنیا دویاً کأنما

تداول سمع المرء أنمله العشر» (17)

شاعر، سپس دیدگاه‏های خود را به طور موجز در بیتی به نکویی به جمع‏بندی می‏نشیند:

«علی ذامضی الناس: اجتماع و فرقه

و میت و مولود، و قال و وامق» (18)

البته، باید توجه داشت که تفسیر اندیشه متنبی و تبیین تفکر ایشان در درجه نخست، نیازمند شناخت محکمات فکری و قطعیاتی است که در اثر شعری او وجود دارد. قطعاً متنبی در آنچه که گفته و سروده، یک دسته مبانی و اصول پایه‏ای و بنیادین دارد که بر همه اندیشه‏ها و تفکرات ایشان حاکمند و تفسیر جزییات اندیشه او (همانگونه که گذشت) جز در سایه آن تفکرات اساسی و اصول مبنایی میسر نیست.

به نظر نگارنده، مبنای تمامی تفکرات متنبی و جهان‏بینی او، همین عبارت موجز وی است که «الدنیا لمن غلباً » (19) به عبارتی تمامی تفکرات جزیی متنبی، در ذیل و ظل این اندیشه قابل تفسیر و تحلیل‏اند و همگی آنها در ظرف وجودی چنین نگرشی به حیات جای می‏گیرند.

ب- حیات از منظر احمد شوقی

در اندیشه شوقی، زندگی چیزی جز عقیده و جهاد نیست و انسان عقیده‏مند، باید در راه حفظ و نشر افکار و اندیشه‏های انسانی خود مجاهدت ورزد. در واقع، روح زندگی و درونمایه آن، از نظر شوقی دو عنصر (عقیده) و (جهاد) هستند که مهمترین مشخصه‏هایی‏اند که نوع نگرش احمد شوقی را به زندگی، از نوع نگاه متنبی تمیز می‏دهند و بر مبنای این دو عنصر است، که احمد شوقی از آن نگاه کوته‏بینانه زندگی حیوانی، خارج گشته و وارد گستره حیات انسانی شده است:

«قف دون رأیک فی‏الحیاة مجاهداً

ان الحیاة عقیدة و جهاد» (20)

در دیدگاه او، حوادث روزگار در گستره حیات چنان معرکه‏ای برپا می‏کنند که از شدت و حدت آن، قومی دلان به لانه صبر پناه برند و بزدلان در دم جان سپارند:

«لا أری الایام الا معرکاً

و أری الصندید فیه من صبر»

رب واهی الجاش فیه قصف

مات بالجبن، اودی بالحذر» (21)

در چنین معرکه‏ای، که در عرصه حیات رخ نموده «انسان» و «زمانه» پنجه در پنجه هم افکنده‏اند و زمانه مکاره در هر رهگذری دامی تنیده و میان آن دانه‏های مرگ بنشانده است.

«کأنی و الزمان علی قتال

مساجلة بمیدان الحیاة

تأمل هل تری الا شباکاً

من الایام حولک ملقیات» (22)

بنابر باور شوقی، روزگار بی‏شک هماره پیروز این میدان است، چگونه نباشد حال آن که سرپنجه پولادینش آهن سرسخت را چون موم نرم می‏کند و سنگ خارا را درهم می‏شکند و هر گردنکش جبار را، برجایش می‏نشاند.

فان‏الحیاة تقل الحدی

د اذا لبسته، و تبلی الحجر

فدع کل طاغیه للزما

ن فأن الزمان یقیم الصعر» (23)

زمانه مقتدر، گاه انسان رابر سر سفره رنگین لذایذ خویش می‏نشاند و از لذتها، بهره‏مندش می‏گرداند و گاه در به روی او می‏بندد و او را در کوچه پس کوچه‏های فقر و حرمان و شوربختی، بی‏کس و تنها رها می‏سازد.

«تقضی علی المرء اللیالی، اوله

فالحمد من سلطانها، لذام» (24)

شاعر معتقد است که، اگر آدمی در احوال روزگار نیک بیندیشد، درمی‏یابد که نعمات و نقمات این سرای درهم تنیده‏اند، شیرینی ز تلخی زاید، سختی با راحتی آید و پاکی با ناپاکی بباید:

«و من یخبر الدنیا و یشرب بکأسها

یجد مرها فی‏الحلو، و الحلو فی‏المر» (25)

«یا طیر کدر العیش لوتدری

فی صفوه، و الصفو فی‏الکدر» (26)

سپس شاعر، آدمی را دعوت به تفکر پیرامون حوادث حیات می‏کند و می‏گوید که اگر این حوادث را، یک به یک به تحلیل‏نشینی، زندگی را بازیچه‏ای و حیات را فریبی بیش نمی‏یابی.

«أیهال النفس تجدین سدی

هل رأیت العیش الا لعبا» (27)

«و العیش آمال تجد و تنقضی

والموت أصدق، والحیاء غرور» (28)

و نتیجه می‏گیرد که هر چند (حوادث) روزگاران را به بازی گرفته‏ایم و در مرتع غفلت شادخواره می‏چریم اما روزگار هماره در کار خود جدی است.

«فیاویحم! هل أحسوالحیا

ة، لقد لعبوا و هی لم تلعب» (29)

بیان شد که متنبی، هدف نهایی زندگی را در همین جهان جست‏وجو می‏کرد و حیات دنیوی را بستری جهت رسیدن به آن هدف می‏دانست، که تحقق آن به واسطه یک سلسله عوامل در شکلی نمادین به نام «مجد» میسر می‏شد. ولی احمد شوقی، هدف نهایی را در گستره حیات دنیوی نمی‏جوید. زندگی از منظر شوقی، حکم (راهی) را دارد جهت رسیدن به هدفی که تحقق آن در ماوراء این حیات صورت می‏پذیرد. بنابراین، نوع تفکر است که او چنین می‏سراید:

«وجدت الحیاة طریق الزمر

الی بعثة و شئون أخر

و ما باطلا ینزل النازلون

ولا عبثاً یزمعون السفر» (30)

حال که این سرای، همچون راهی است، که فرصتها چونان ابر درگذرند و عمر گرانمایه در این سرای چون آب در بستر جویبار به سرعت روان است به توصیه شوقی آدمی باید قدر لحظه‏لحظه عمر را غنیمت شمارد:

«دقات قلب المرء قائله له

ان الحیاة دقائق و ثوانی» (31)

مسافری که در این ره گام می‏نهد، راهی که مقصدش در ماورای این جهان واقع شده است لاجرم باید زاد و توشه‏ای بردارد تا به سلامت به مقصد رسد. شوقی زاد چنین راهی را سیرت نیکو و توشه‏اش را عمل صالح می‏داند.

«و خذ لک زادین: من سیرة

و من عمل صالح یدخر» (32)

سپس او برای اینکه آدمی بتواند به سلامت از این «راه» بگذرد توصیه‏هایی می‏نماید؛ او سفارش می‏کند که رونده این راه پرمخاطره باید بهنگام گذر مواظب باشد که پایش نلغزد تا به درهای هولناکی که گرداگرد راه را فراگرفته‏اند سقوط نکند؛ گوش به هر وسوسه خناسی نسپارد؛ چشم زهر جلوه شیطانی برگیرد؛ از بندگی هوای نفس و بردگی هر سرکش دوری گزیند.

«و کن فی‏الطریق عفیف الخطی

شریف السماع، کریم‏النظر

ولاتخل من عمل فوقه

تعش غیر عبد، ولا محتقر» (33)

در حین عبور از این راه، انسان چه به هنگامه شادکامی‏ها و چه در حرمان و شوربختی‏ها، باید صبر پیشه سازد زیرا هر یک به وجهی انسان را به گمراهی می‏کشانند و از ادامه سیر بازمی‏دارند. شادکامی‏ها و شادخواری‏ها، انسان بی‏صبر را در لجنزار غرور غرقه می‏سازند و حرمان و تلخ‏کامی‏ها، آدمی را در ظلمات یأس رها می‏کنند. پس باید ابرهای تیره یأس را از آسمان دل به کناری زد، تا پرتوهای خورشید امید بر گستره دل به نورافشانی پردازند.

«فاصبر علی نعمی الحیاة و بوسها

نعمی الحیاة و بوسها سیان» (34)

«لا تحفلن ببوسها و نعیمها

نعمی الحیاة و بوسها تضلیل» (35)

«فهلم فارق یأس نفسک ساعة

واطلع علی الوادی شعاع رجاء» (36)

خلاصه بحث:

دیدیم که نوع نگرش احمد شوقی به حیات، با نوع نگاه متنبی، کاملا متفاوت است. دنیای متنبی «دنیایی حیوانی» است که در بستر این حیات، مردمان همچون درندگان، ددصفتانه به جان هم افتاده‏اند و پیروز این میدان، قوی پنجه‏گانند و ضعفا، محکوم به فنایند، شاید رساترین و جامع‏ترین تعبیری که نوع نگرش متنبی را به زندگی بیان می‏دارد همین عبارت «موجز الدنیا لمن غلبا» باشد. همچنین هدفی را که متنبی جست‏وجو می‏کند از گستره حیات دنیوی خارج نیست. او هدف نهایی را در این سرای می‏جوید. به عبارتی، بیشترین توجه متنبی به «عالم و آدم» است تا به «مبدأ و معاد» اما دنیای احمد شوقی دنیای عقیده و جهاد است و این دو، ارکان شکل‏دهنده حیات از دیدگاه شوقی‏اند که (ان‏الحیا! عقیدة و جهاد). در واقع حیاتی را که احمد شوقی به تصویر می‏نشیند یک «حیات هدفمند انسانی» است. او هدف نهایی را همچون متنبی، در این سرای نمی‏جوید بلکه آن را در افق ماورای حیات دنیوی می‏جوید. او به دنیا به مثابه یک «راه» می‏نگرد، نه یک «منزل» و این خود، طبیعی می‏نماید که «مقصد» این «راه» در سرای دیگر است.

منابع:

1- البعلبکی، روحی، موسوعه روائع الحکمه والا قوال الخالده، الطبعه الاولی، بیروت، دارالعلم للملایین، 1997م.

2- العکبری، ابی البقاء، شرح دیوان ابی‏الطیب المتنبی، بیروت، لبنان، دارالمعرفه، بی‏تا.

3- شوقی، احمد، دیوان (الشوقیات)، الطبعه الاولی، بیروت، موءسسه الاعلمی للمطبوعات 1418هـق. 1998 م.

پی‏نوشت‏ها:

1- ابی‏البقاء، العکبری، شرح دیوان ابی‏لطیب المتنبی، ج 3، بیروت، دارالمعرفه، بی‏تا، ص 147.

2- همان

3- همان، ج 3، ص 147.

4- همان، ص 130.

5- همان، ص 129.

6- همان، ص 65.

7- همان، ج 1، ص 276.

8- همان، ج 4، ص 209.

9- همان، ج 1، ص 124.

10- همان، ج 2، ص 105.

11- همان، ج 2، ص 275.

12- همان، ج 3، ص 34.

13- همان، ج 1، ص 214.

14- همان، ص60.

15- همان، ص

16- همان، ج 3، ص 290.

17- همان، ج 2، ص 149.

18- همان، ص 342.

19- همان، ج1، ص 121.

20- روحی، البعلبکی، موسوعه روائع الحکمه و الا قوال الخالده، الطبعه الاولی، بیروت، دارالعلم الملابین، 1997م، ص 262.

21- احمد، شوقی، دیوان (الشوقیات)، ج 1، الطبعه الاولی، بیروت، موءسسه الاعلمی لمطبوعات، 1998م، ص 112.

22- همان، ج 2، ص 37.

23- همان، ج 1، ص 117، 119.

24- همان، ص 196.

25- همان، ص 370.

26- همان، ص371

27- همان، ص 358.

28- همان، ج 2، ص 65.

29- همان، ج1، ص 393.

30- همان، ج 2، ص 236.

31- همان، ص 138.

32- همان، ص 136.

33- همان.

34- همان، ص 139.

35- همان، ص 102.

36- همان، ص 24.

+درج شده توسط مترجم عربی - دکتر مهدي شاهرخ در چهارشنبه ۱۱ فروردین ۱۳۸۹و ساعت 18:14|

بين المقابلة والطباق في الآيات القرآنية

                                              

                                       أولا ـ الطـبـاق

    هو إحدى فنون البديع المعنوية  التي كثر ورودها في القرآن الكريم ، والسنة النبوية ، وكلام البلغاء .فهو من أعظم المحسنات  أثرا في تجميل  الأسلوب ؛ وإبراز المعاني ،  لأنه يتجاوز ظواهر الألفاظ إلى بواطنها  ، ولا يقف عند الألفاظ ، يل يتجاوزها إلى المعاني ، وهو بذلك وسيلة إيضاح جيدة  تعرض بها الأشياء  أو الصفات ، ثم يعرض ما يقابلها في المعاني. فلا شك أن الجمع بين الأشياء المتطابقة  يضفي على الكلام حسنا وجمالا ، ويزيده رونقا وبيانا فالضد يظهر حسنه الضد كما يقولون  .

    إذ أن المطابقة تنشط الفاعلية الإدراكية  ، وتأدي إلى تداعي المعاني المعاكسة ، وتوسع ملكة التخيل والوهم ، وتوقظ الإحساس ، وتأجج العطفة ، وتستفز الشعور من خلال تسليط الضوء على المفارقات .

    ويقال للمطابقة : التطبيق ، والطباق ، ومنهم من عد المقابلة فيها ، وهذا خلط واضح ، إذ لم يبق للفرق بينهما محل .

    المفهوم اللغوي للمطابقة : هو الجمع بين الشيئين ، يقولون : طابق فلان بين ثوبين ، ثم استعمل في غير ذلك فقيل طابق البعير في سيره ، إذا وضع رجله موضع يده ، وهو راجع إلى الجمع بين الشيئين ، قال الجعدي :

     وخيل تطابق بالذراعين طبــا          ق  الكلاب يطأن الهراسا (1)

     وقال الأصمعي  : " المطابقة أصلها وضع الرِّجل في موضع اليد في مشي ذوات الأربع .(2) .  ونقل عن الخليل بن أحمد ( رحمه الله ) : " يقال طابقت بين الشيئين إذا جمعت بينهما على حذوٍ واحدٍ ، وألصقتهما  . (3)

     ويرى ابن حجة الحموي أنه " ليس بين التسمية اللغوية والتسمية الاصطلاحية مناسبة، لأن المطابقة في الاصطلاح  : الجمع بين  الضدين ،  في كلم ، أو بيت شعر ، كالإيراد والإصدار ، والليل والنهار ، والبياض والسواد (4)

    وقال ابن الأثير " " أجمع جماعة علماء من أرباب هذه الصناعة على أن المطابقة في الكلام هي الجمع بين الشيء وضده : كالبياض والسواد ، والليل والنهار ، وخالفهم في ذلك أبو الفرج قدامة بن جعفر الكاتب ، فقال : المطابقة : إيراد لفظتين متساويتين في البناء والصفة ، مختلفتين في المعنى ". وهذا الذي ذكره قدامة  هو: التجنيس بعينه ، غير أن الأسماء لا مشاحة فيها  إلا إذا كانت مشتقة ، ولننظر نحن فيما حمله على ذلك . والذي حمل قدامة على ذلك ما اقتضاه اشتقاق لفظ الطباق " (5) .

     وقال الرماني : " المطابقة مساواة المقدار من غير زيادة ولا نقصان "  واستحسن هذا التعريف ابن رشيق القيرواني فقال : " هذا أحسن قول سمعته في المطابقة من غيره ، وأجمعه لفائدة " (6) .

     وخلاصة القول في تعريف الطباق : هو الجمع بين الشيء وضده في الكلام من خلال لفظتين متضادتين ، يتنافى وجودهما معًا في شيء واحد ، في وقت واحد . وقد يكونا بلفظين متحدين في الاسمية ، أو الفعلية ، أو الحرفية ، أو خلاف ذلك . على نحو ما سيأتي توضيحه ، وتطبيقه على القرآن الكريم .

    ولقد أشار الباحثون القدامى والمحدثون إلى أن هناك ألفاظا قرآنية لا تكاد  تفترق في القرآن الكريم هي من عادات القرآن واضطراداته ، مثل الجنة والنار ، والرغبة والرهبة ، والنعيم والعذاب ، والطيب والخبيث ، والنفع والضر ، والجائز والمقتصد ، وانه ما جاء بوعيد إلاَّ أعقبه بوعد ، وما جاء بنذارة إلا أعقبها إشارة . (7)

    وقد أشرنا إلى أن الطباق قد يكون بين اسمين أو فعلين أو حرفين ، ونذكر  من ذلك ما وقع في الأسلوب القرآني  ، ما كان بين اسمين ؛ قوله تعالى :

(( وما يستوي الأعمى والبصيرُ ، ولا الظلماتُ ولا النُّورُ ، ولا الظِّـِّلُّ ولا الحرورُ  وما يستوي الأحياءُ ولا الأمواتُ )) (8) .ُ

    _ فقد جمع بين " الأعمى ( ويقصد به الكافر، ويعني في إبعاده الجهل والضلالة وعدم الرؤية)  وبين البصير ( ويقصد به "المؤمن" ويعني بع العلم والهدى ووضوح الرؤية ) .  وجمع أيضا بين الظلمات : ويقصد بها الضلال . وبين النور : ويقصد بها الهداية  . وبين الظل والمراد به نعيم الجنة ، وبين الحرور ، والمراد به عذاب النار . وبين الأحياء والأموات ، وهما المؤمنين والكافرون .  وأن لكل ضد من هذه الأضداد  التي تتطابق مع بعضها البعض معاني عميقة ، ودقيقة ومتشعبة .

     و نذكر من الطباق بين فعلين ، قوله  تعالى : (( وأنه هو أضحك وأبكى وأنه هو أمات  وأحيا  )) (9) .فقد وقع الطباق بين " أضحك وأبكى " وبين أمات وأحيى " . وفي هذين الطباقين معنى دقيق ، وعميق ، يتمثل في  أن الله سبحانه وتعالى هو الذي أضحك : أي أدخل السرور والبهجة والمرح والسعادة على النفس البشرية . وهو أيضا الذي أبكى : أي أدخل الحسرة والألم والتعاسة والشقاء على النفس الأخرى . بشكل كامل ومتطابق ، ولذلك لم يقل " أحزن وأرضى " بل جاء بدليل الفرح والسرور بكلمة أضحك ، وبدليل الحزن بكلمة "أبكى" .  ويبدو ذلك أيضا واضحا في المطابقة ين " أمات " , "أحيا " ، فالإماتة : لفظ يدل على زوال الحياة وانتهائها زوالا كاملا ، بينما الفعل " أحيا " يرمز للنقيض تماما إذ يبعث الحياة ، ويبثها في كل ما هو جماد ، فيجعله حياً ،يتحرك ، وينطق ، ويحس ، ويصبح صورة متناقضة تماما لصورة الموت والفناء والزوال .

     ومثال التضاد بين حرفين : قوله تعالى :  (( لها  ما كسبت وعليها ما اكتسبت )) (10) .فالجمع بين حرفي : "اللام " في كلمة " لها" ، و"على" في كلمة " عليها" مطابقة . فاللام في "لها " تفيد الملكية المشعرة بالانتفاع . و"على " في عليها ؛ تشعر بالثقل المفيد للتضرر والأذى.

     وقد يكون التضاد بين لفظين مختلفين : ومن أمثلة ذلك ؛ قوله تعالى : (( أو من كان ميتا فأحييناه )) (11) . فالتضاد هنا وقع بين لفظي " ميتا " : وهو اسم . وبين " أحيينا " : وهو فعل . والمراد بالميت في الآية الكريمة " الضال " . وبـ "أحييناه "  أي: هديناه.

 

 

" الفرق بين المطابقة والتكافؤ "

    

      يرى زكي الدين بن أبي الإصبع : أن المطابقة ضربان :

                     ضرب يأتي بألفاظ الحقيقة ، وضرب يأتي  بألفاظ المجاز .

    واستحسن ابن حجة الحموي هذا التقسيم فقال :  " ولقد شفى ذكي بن أبي الإصبع القلوب ، في ما قرره "(12) .  فإنه قال : المطابقة ضربان :

1-      فالضرب الذي  يأتي بألفاظ الحقيقة ،هو ما يسمي بالمطابقة الحقيقية ، وأعظم الشواهد عليه ؛ قوله تعالى : ((وأنه هو أضحك  وأبكى ،وأنه هو أمات وأحيا )) (13)

-وقول النبي ( ص) للأنصار ( رضي الله عنهم ) : (( إنكم لتكثرون عند الفزع ، وتقلون عند الطمع )) . فانظر إلى هذه البلاغة النبوية والمناسبة التامة ضمن المطابقة .

  - والمعجز الذي لا تصل إليه قدرة مخلوق ، قوله تعالى : (( وما يستوى الأعمى والبصير ، ولا الظلمات ولا النور ، ولا الظل ولا الحرور ، وما يستوي الأحياء ولا الأموات )) (14) . فانظر إلى عظيم هذه المطابقة ، وما فيها من الوجازة  (15) .

2-      والضرب الذي يأتي بألفاظ المجاز : يسميه قدامة بن جعفر بـ "التكافؤ " ( بشرط أن تكون الأضداد لموصوف واحد )  ومنه قول الشاعر :

                                                 حلو الشمائل  وهو مر باسل      يحمي الذمار صبيحة الإرهاق

فقوله : حلو ، ومر ، يجري مجرى الاستعارة ، إذ ليس في الإنسان ، ولا في شمائله ، ما يذاق بحاسة الذوق .

    - ومن أمثلة التكافؤ ، قول ابن رشيق ، وهو حسن :

                                              وقد أطفؤا شمس النهار وأوقدوا        نجوم العوالي في سماء عجاج

     - وما أحلى قول القائل  في هذا الباب :

                                               إذا نحن سرنا بين شؤق ومغرب     تحرك يقظان التراب ونائمه

    فالمطابقة بين اليقظان  ، والنائم ، ونسبتهما إلى التراب على سبيل المجاز . وهذا هو التكافؤ عند ابن أبي الإصبع (16) .

 

 

 

أنواع المطابقة

 

      قسم البلاغيون المطابقة إلى ثلاثة أنواع :

                                         1- مطابقة الإيجاب  .

                                         2- مطابقة السلب  .

                                         3-إيهام الطباق     .

أولاً- مطابقة الإيجاب :وهي التي لا يختلف الضدان فيها إيجابا وسلبا . ومن أمثلتها في الأسلوب القرآني ، قوله تعالى : (( ولا تقولوا لمن يُقتلُ في سبيل الله أمواتا بل أحياءٌ  ولكن لا تشعرون )) (17) . فالله سبحانه وتعالى يخبرنا أن الشهداء في برزخهم أحياء يرزقون . وقد  خص الله الشهداء بالذكر هنا تشريفا لهم وتكريما أيضا .

-فالمطابقة وقعت في الآية الكريمة بين " أموات : و "أحياء " . وهي مطابقة إيجاب ، وبألفاظ الحقيقة .

    ومن ذلك ـأيضا - قوله تعالى: (( الذين ينفقون أموالهم  بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون )) 0(18)

     يبين الله سبحانه وتعالى أن الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ، وابتغاء مرضاته ، في جميع الأوقات بالليل والنهار  ، في السر والعلانية ، بأن أجرهم على الله ، وأنهم في الدرجات العالية في جنات الخلد ، ولا خوف عليهم فيها ، ولا يصيبهم فيها حزن أبدا .

-                                فالطباق هنا وقع بين " الليل والنهار " وبين " السر والعلانية " وبين "لهم " و " عليهم .

      *ومن ذلك أيضا قوله تعالى : (( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم )) (19).  أي: لا تكرهوا أحدا على الدخول في دين الله (الإسلام) فهو دين واضح ، فمن يكفر بالله أعمى الله قلبه وختم على سمعه وبصره ، ومن خلع الأنداد والأوثان ، وما يدعوا إليه الشيطان فإن الله ثبت أمره ، واستقام على الطريقة المثلى ، والصراط المستقيم ، صراط الذين أنعم الله عليهم .

-           فالمطابقة فل الآية وقعت بين " الرشد :الذي هو الهداية ، وبين الغي : الذي هو الضلال. وكذلك أيضا بين " يكفر ، ويؤمن " .

*ومنه – أيضا- قوله تعالى:

                               (( باطنـه فيـه الرحمة ، وظاهـره من قبلِهِ العذابُ )) (20) .

ومن ذلك –أيضا- قوله تعالى :

                                  (( فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات )) (21) .

ونذكر من ذلك في الأسلوب النبوي ، قول رسول الله (ًص) : (( أفضل الأعمال أن تصل من قطعك ، وتعطي من حرمك ، وتصفح عمن ظلمك )). والمتأمل لهذه المطابقة بين الوصل والقطيعة ، وبين العطاء والحرمان ، يدرك جمال الطباق ، لما يحتويه الفعل " قطعك " من قطع مادى ومعنوي واجتماعي ونفسي . ومثل ذلك قوله (ص) : " وتعطي من حرمك " وهكذا فإن الطباق يجمع بين الضدين أو الشيء وضده بكل ما فيهما من معان ، وصور وأحاسيس. (22)

  • ·       وقوله (ص) : (( اليد العليا خير من اليد السفلى )) . فقد أراد الحبيب محمد (ص) باليد العليا ك يد المعطي ، وأراد باليد السفلى : يد المستعطي . وفي الحقيقة أنه  ليس ثمة يد عليا ويد سافلة ، وإنما المراد أن المعطي أعلى رتبة من الآخذ في مجال الرفد . فالطباق بين العليا والسقلى من ألى الطباق ، وقد احتوى أيضا على مجاز بديع .

 

ثانيا – طباق السلب : وهو ما اختلف فيه الضدان إيجابا وسلبا. حيث يجمع بين فعلين من مصدر واحد . نحو قوله تعالى : (( يخادعون الله والذين لآمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم  وما يشعرون )) (23) . يبين الله سبحانه وتعالى للمنافقين أنهم يخادعون أنفسهم بإظهارهم إيمانهم بالرغم من أنهم يسترون كفرهم ، وجحودهم ، بوله " يخادعون الله " ولهذا قابلهم على اعتقادهم ذلك بقوله " وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون " لأن المنافق يظن أنه يحسن لنفسه ، وهو بذلك يوقعها قي غضب الله وأليم عقابه ما لا قبل لها به ، فذلك خداع المنافق نفسه . فالطباق بين " يخدعون " و "ما يخدعون "وهي طباق سلب  بإيجاب الخداع ، ونفيه لأنهما ضدان .

   *ومن ذلك قوله تعالى : (( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون )) (24)    .             

   *    وقوله :  (( تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك علام الغيوب )) (25) .

    -وقد يكون أحد المصدرين في صيغة الأمر والآخر في صيغة النهي :كما في قوله تعالى : (( اتبعوا ما انزل إليكم من ربكم  ، ولا تتبعوا  دونه أولياء )) . فطباق السلب وقع بين " اتبعوا " و"لا تتبعوا "  . وهذا النوع من الطباق  يقع كثيرا في القرآن الكريم .

 

ثالثا - إيهام التضاد : وهو " أن يجمع بين معنيين ليسا متقابلين ، ولكن عُبّرَ عنهما بلفظين متقابلين " . أو بعبارة أخرى : " هو أن يوهم لفظ الضد أنه ضد  مع أنه ليس بضد " . ومن أمثلة  ذلك  قول الشاعر دعبل الخزاعي :

                                            لا تعجبي يا سلمُ من رجل      ضحك المشيب برأسه فبكى

    فضحك المشيب من جهة المعنى ليس بضدٍ للبكاء ، لأنه كناية عن كثرة الشيب ، وظهوره في الرأس ، ولكنه من جهة اللفظ يوهم  التطابق أو أكثر .

ومنه أيضا قول الشاعر :

                                            يبدي وشاحا أبيضا من سيبه     والجو قد لبس الوشاح الأغبرا

  فإن الأغبرا ، ليس بضد " الأبيض " وإنما يوهم بلفظه أنه ضد .

 

ظهور التضاد وخفاؤه

 

    قد يكون التضاد بين المعاني ظاهرا جليا كما في الأمثلة السابقة ، ومنها أيضا قوله تعالى ((قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء ، وتعز من تشاء   وتذل من  تشاء )) (26)

وقد يكون خفيا : ومن أمثلته في الأسلوب القرآني قوله تعالى : (( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار  رحماء بينهم )) (27) .

فالمطابقة هنا بين " أشداء " و" رحماء " . والرحمة ليست ضدا في المعنى ل"أشداء " . ولكن الرحمة تستلزم "اللين " الذي يتقابل ويتضاد مع " الشدة " ، لأن من رحم لان قلبه ورق . فالتضاد كما رأيت ليس واضحا ، بل فيه خفاء .

  • ·       ومنه أيضا قوله تعالى : (( مما خطيئاتهم أغرقوا  فأدخلوا نارا )) . فالمطابقة بين " الغرق " و" دخول النار " ، فإن من دخل النار احترق  ( والاحتراق ضد الغرق ) ، والإغراق ليس ضد النار في المعنى ، ولكن الإغراق يستلزم " الماء " و "الماء " ضد النار .
  • ·       ومن الأمثلة التي ترد فيه المفردات على غير ما هو معهود من التقابل ، فالمعلوم أن ضد العلم الجهل ، وضد العمى الإبصار  ، ولكن التعبير القرآني يجيء على هذه الشاكلة (( أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى ؟ )) (28) . حيث يقابل بين "يعلم " ، وأعمى " أي : بين العلم والعمى ، وما هما بمتضادتين  لفظا ، ولكن الجهل الذي هو ضد العلم يشبَّه  صاحبه بالأعمى ، لأنه لا يقوى  على التمييز بين الخقائق ، ولا شك أن العمى هنا منظور إليه بمعناه غير الحسي إذ المراد به الجهل أو الضلال ، وهما ضدان لعلم والهدى.

                 

بلاغة الطباق

 

       رأى علماء البلاغة  أن بلاغة الطباق لا تكمن في الإتيان  بلفظين متقابلين في المعنى فحسب ، فإن هذا الصنيع لا طائل من ورائه ، وهو أسهل شيء ، بل قد يؤدي ذلك إلى التكلف والتصنع ، وفساد المعنى ، وإنما جمال الطباق وبلاغته يتجلى في بعده من التكلف ، وانسجامه في المعنى ، ولا يأتي مجرد  ، وإنما يجب أن يترشح بنوع من أنواع البديع الأخرى ، يشاركها في البهجة والرونق كقوله تعالى : (( تولج الليل في النهار  ، وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت ، وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب )) (29) . ففي العطف بقوله تعالى : " وترزق من تشاء بغير حساب " دلالة على أن من قدر على تلك الأفعال العظيمة قدر على أن يرزق بغير حساب من يشاء من عباده ، وهذه مبالغة في التكميل المشحونة بقدرة الله سبحانه وتعالى ، فانظر إلى عظم كلام الخالق هنا ، فقد اجتمع فيه المطابقة الحقيقية ، والعكس الذي لا يدرك ، لو جازته ، وبلاغته ومبالغة التكميل التى لا تليق بغير قدرة الله سبحانه وتعالى . (30).

     "وأن سر بلاغة كل من الطباق والمقابلة  إنما هي تداعي المعاني ، فالضد أو المقابل يجلب إلىالذهن ضده ، أو مقابله .. فإذا كتب الأديب أو نطق ، أحد المتساندين وقع مقابلة في ذهن متلقي قي   الأدب ، قبل أن يقرأه أو يسمعه ، وبهذا يتحول متلقي الأدب إلى مرسل له " (31).

   

 

     

     الهوامش والحواشي

(1)

(2) 

(3) .

           

ثانيا ـ المـقـابـلة

    تعد المقابلة من المحسنات البديعية المعنوية التي ترجع إلى تحسين المعنى . وقد جعلها بعض علماء البلاغة  مستقلة بذاتها ، بعدما كانت عند بعضهم مختلطة مع الطباق . وكان قدامة ابن جعفر أول  من تكلم عنها ، وعدها فن مستقل بذاته ، وذكرها في معرض حديثه عن بعض الخصائص الأسلوبية التي تعلي من قيمة العمل الأدبي ، وخاصة الشعر . وقد عرفها بقولة :" وصحة المقابلة أن يضع الشاعر معاني يريد التوفيق ، أو المخالفة بين بعضها وبعض ، فيأتي في الموافق بما يوافق ، وفي المخالف علي الصحة ، أو يشرط شروطا أو يعدد أحوالا في أحد المعنيين ، فيجب أن يأتي فيما  يوافقه بمثل الذي شرطه وعدده ، وفيما يخالف بضد ذلك " (1)

    وعرفها أبو هلال العسكري ، بقوله: " هي إيراد الكلام ثم مقابلته بمثله في المعنى ، واللفظ على وجه الموافقة ،أو المخالفة ، نحو قوله تعالى : ((فمكروا مكرا ومكرنا مكرا )) فالمكر من الله تعالى : العذاب . جعله  الله عز وجل مقابلة لمكرهم بأنبيائه ، وأهل طاعته ))(2) .

    كما عرفها ابن رشيق القيرواني ، فقال : المقابلة " أصلها ترتيب الكلام على ما يجب ، فيعطى أول الكلام ما يليق به أولا ، وآخره ما يليق به آخرًا   ، ويؤتى في الموافق بما يوافقه ، وفي المخالف بما يخالفه ، وأكثر ما تجيء المقابلة في الأضداد ، فإذا جاوز الطباق ضدين كان مقابلة " (3) .

     وعرفها السكاكي  ،  فقال  : المقابلة أن تجمع بين شيئين فأكثر ، وتقابل بالأضداد ، ثم إذا شرط هنا شرطت هناك ضده "(4) .

     وعرفها الخطيب القزويني ،  فقال : " هي أن يؤتى بمعنيين متوافقين ،أو أكثر ،ثم بما يقابل ذلك على الترتيب " (5).

      ويعرفها بدر الدين الزركشى يقول : " هو ذكر الشيء مع ما يوازنه في بعض صفاته ، ويخالفه في بعضها " (6) .

    وخلاصة القول من  التعريفات السابقة لها أن المقابلة : هي أن يأتي المتكلم  في كلامه  بمعنيين  متوافقين أو أكثر ليس بينهما تضاد ، ثم يأتي  بما يقابل ذلك على الترتيب . على شاكلة قوله تعالى : (( فليضحكوا قليلا  ، وليبكوا كثيرا جزاءا بما كانوا يكسبون )) (7) . فقد أتى الله سبحانه وتعالى في هذه الآية بمعنيين " يضحكوا " و""قليلا " وهما معنيان متوافقان أي ليس بينهما تضاد ، ثم أتى بعد ذلك بما يقابلهما على الترتيب بقوله " وليبكوا " و " كثيرا " .

  • ·                    من ذلك أيضا قوله تعالى : (( فأما من أعطى واتقى ، وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى ، وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى )) (8) . فقد قابل  بأربعة معان، بأربعة أخرى ، الأربعة الأولى هي : " أعطى " " ,اتقى" , "صدق " و "اليسرى " .

    والأربعة الثانية هي: " بخل " و "استغنى " و" كذب " و "العسرى " .

 

الفرق بين المطابقة والمقابلة

 

          يكمن الفرق بين المطابقة والمقابلة في وجهين :

     الأول – أن الطباق لا يكون إلا بين الضدين غالبا . والمقابلة  تكون لأكثر من ذلك ، كأن تكون مثلا بين أربعة أضداد : ضدين في صدر الكلام  ، وضدين في عجزه . وقد تصل المقابلة إلى الجمع بين عشرة أضداد : خمسة في الصدر ، وخمسة في العجز .

     وقال علماء  البديع : كلما كثر عددها كانت أبلغ . فمن مقابلة خمسة ألفاظ بخمسة أخرى ، قول أمير المؤمنين علي ( كرم الله وجهه) لعثمان بن عفان ( رضي الله عنهما ) : إن الحق ثقيل مري (يسهل بلعه ) ، والباطل خفيف وبيّ (من الوباء وهو: المرض ) ، وأنت رجل إذا صدقت سخطت ، وإن كذبت رضيت " (9) .

     الثاني – أن الطباق لا يكون إلا بالأضداد ، أما المقابلة بالأضداد وغير الأضداد ، ولهذا جعل ابن الأثير ،الطباق أحد أنواع المقابلة ، ولكنها بالأضداد تكون أعلى رتبة ، وأعظم موقفا . ويضرب ابن حجة مثلا لذلك  فيقول : " ومن معجزات هذا الباب قوله تعالى :

(( ومن رحمته  جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون ))(10). فانظر إلى مجيء الليل  والنهار في صدر الكلام ، وهما ضـدان ،  ثم قابلهما في عجز الكلام بضدين ، وهما السكون والحركة ، على الترتيب ، ثم عبر عن الحركة بلفظ مرادف ، فاكتسب الكلام بذلك ضربا من المحاسن زائدا على المقابلة ، فإنه عدل عن لفظ الحركة إلى لفظ ابتغاء الفضل ، لكون  الحركة تكون لمصلحة  ، ومفسدة ، وابتغاء الفضل حركة المصلحة دون المفسدة ، وهي تشير إلى الإعانة بالقوة ، وحسن الاختيار الدال على رجاحة العقل ، وسلامة الحس ، وإضافة الطرف إلى تلك الحركة المخصوصة واقعة فيه، ليهتدي المتحرك إلى بلوغ المآرب ، ويتقي أسباب المهالك .  والآية الكريمة سيقت للاعتداد بالنعم ، فوجب العدول عن لفظ الحركة إلى لفظ هو ردفه ، ليتم حسن البيان ، فتضمنت هذه الكلمات التي هي بعض آية عدة من المنافع والمصالح، التي لو عددت بألفاظها الموضوعة لها لاحتاجت في العبارة عنا إلى ألفاظ كثيرة ، فحصل في هذا الكلام ، بهذا السبب ، عدة ضروب من المحاسن .  ألا ترى الله سبحانه وتعالى كيف جعل العلة في وجود الليل والنهار ،  حصول منافع الإنسان ، حيث قال :" لتسكنوا ،  ولتبتغوا " (بلام التعليل !)  فجمعت هذه الكلمات من أنواع البديع : المقابلة ، والتعليل ، والإشارة ، والإرداف ، وائتلاف اللفظ مع المعنى ، وحسن البيان ، وحسن النسق ، فلذلك جاء الكلام متلائما ، آخذا بعضه بأعناق بعض ، ثم أخبرنا بالخبر الصادق : إن جميع ما عدده من النعم  باللفظ الخاص ، وما تضمنته العبارة من النعم التي تلزم من لفظ الإرداف ، بعض رحمته ، حيث قال بحرف التبعيض : " ومن رحمته " . وهذا كله في بعض آية عدتها عشر كلمات ، فالحظ هذه البلاغة الباهرة والفصاحة الظاهرة (11) .

                                     

 

.أنواع المقابلة

 

       تأتي المقابلة على أربعة أنواع هي :

 1-مقابلة اثنين باثنين : ومن ذلك في الأسلوب القرآني قوله تعالى :

                                                          (( فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا )) (12)

  • ·       وقوله تعالى :

                                                          (( تؤتي الملك من تشاء ، وتنزع الملك ممن تشاء )) (13).

  • ·       وقوله تعالى  :

                                                       (( تخرج الحي من الميت ، وتخرج الميت من الحي )) (14) .

     *وقوله أيضا :

                                                            (( وجعلنا الليل لباسا ، وجعلنا النهار معاشا )) (15).

     *وقوله : (( ألم يروا  أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه ، والنهار  مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون )) .(16)

 

      فقد جاء في صدر هذه الآيات السابقة  بضدين ،  ثم قابل الضدين بضدين لهما في عجزها ، على الترتيب . فجاءت خذه المقابلات في غاية البلاغة والروعة . وقد ورد هذا النوع من المقابلة كثيرا في القرآن الكريم ونكتفي بهذا القدر منه  ، حتى لا يطول بنا حبل الكلام .

     *ومنه أيضا قول الحبيب محمد (ص) : (( ما كان الرفق في شيء إلا زانه ، ولا كان الحزق ( الحمق والتسرع ) في شيء إلا شانه )) . فانظر كيف قابل الحبيب محمد (ص) الرفق بالحزق ، والزين بالشين ، بأحسن ترتيب ، وأتم مناسبة .

     *وقوله أيضا لأم المؤمنين : (( عليك بالرفق يا عائشة ،  فإنه ما كان في شيء إلا زانه ، ولا نزع من شيء إلا شانه )) .

    *وقوله أيضا :

                                (( إن لله عبادا جعلهم  مفاتيح الخير ، مغاليق الشر )) .

    *وقوله أيضا للأنصار : (( إنكم لتكثرون عند الفزع ، وتقلون عند الطمع )) أي يكثرون عند الملمات والحرب ، ويقلون عند المغانم ، ويعفون عنها .

 

2-مقابلة ثلاثة بثلاثة : ومن أمثلة ذلك في الأسلوب القرآني ، قوله تعالى :

                                              (( ويحل لهم الطيبات ، ويحرم عليهم الخبائث )) (17) .

-                                فالمقابلة بين " يحل ، و"يحرم " ، و " الطيبات والخبائث " .

    *ومنه أيضا قول الرسول (ص) ، من خطبـة له : (( ألا وإن الدنيا قد ارتحلت مدبرة ، وإن الآخرة  قد ارتجلت مقبلة )(18) . إن أطراف المقابلة هي : الدنيا وارتحالها مدبرة ، يقابلها الآخرة ومجيئها مرتجلة مقبلة .

    *وقوله (ص) أيضا : (( المؤمن غرّ كريم ، والفاجر خبٌّ لئيم )) (19) .

    *وقال علي (كرم الله وجهه) لعثمان بن عفان (رضي الله عنه ) : (( إن الحق ثقيل وبي ، والباطل خفيف مري (يسهل بلعه  )) .

   

*ومنه في القريض ، قول أبي دلامة ، وهو أشعر بيت في المقابلة :

                                        ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا     وأقبح الكفر والإفلاس بالرجل

-           فالشاعر قابل بين أحسن وأقبح " ، , وبين " الدين والكفر " وبين " الدنيا والإفلاس ". قال ابن أبي الإصبع : إنه لم يقل قبله مثله . (20) .

 3-مقابلة أربعة  بأربعة :ومثاله  في الأسلوب القرآني ، قوله تعالى  : (( فأما من أعطى واتقى  وصدق بالحسنى  فسنيسره لليسرى ، وأما من بخل واستغنى ، وكذب بالحسنى ، فسنيسره لليسرى ))(21) .

-           فالمقابلة بين قوله تعالى " استغنى " و قوله " اتقى " لأن المعنى زهد فيما عنده ، واستغنى بشهوات الدنيا عن نعيم الآخرة ، وذلك يتضمن عدم التقوى. 

   *ومن مقابلة أربعة بأربعة أيضا قول أبي بكر الصديق ( رضي الله عنه )  في وصيته عند الموت : هذا ما أوصى به أبو بكر عند آخر عهده بالدنيا خارجا منها ، وأول عهده بالآخرة داخلا فيها )) . فقابل أول بآخر ، والدنيا بالآخرة ، وخارجا بداخل ، ومنها بفيها . فانظر إلى ضيق هذا المقام كيف صدر عنه مثل هذا الكلام ))(22).

    *ومثله في القريض  ،  قول أبي تمام :

                                         يا أمة كان قبح الجود يسخطها    دهرا فأصبح حسن العدل يرضيها

    *وقول ابن حجة الحموي :

                                       قابلتهم بالرضا والسلم منشرحا    ولوا غضابا فوا حربي لغيظهم (23)

4- مقابلة خمسة بخمسة : قال علماء البلاغة كلما كثر عدد المقابلة كانت أبلغ ، فمن مقابلة خمسة بخمسة ،وقد وقع ذلك في الشعر كثيرا ، ومن أمثلته قول أبي الطيب المتنبي :                .          أزورهم وسواد الليل يشفع لي     وأنثني وبياض الصبح يغري بي

قال صاحب الإيضاح : ضد الليل المحض هو النهار لا الصبح ، والمقابلة الخامسة بين " بي " و "لي " ، فيها نظر لأن الباء ، واللام ،  صلتا الفعلين (24) .

     *ومنه أيضا قول صفي الدين الحلي :

                                          كان الرضا بدنوي من خواطرهم        فصار سخطي لبعدي عن جوارهمُ

-فالمقابلة بين الشطر الأول كله ، والشطر الثاني كله .

    وقد رأى علماء البلاغة أنه كلما كثر عدد المقابلة كانت أبلغ ، شريطة أن لا تؤدي هذه الكثرة إلى التكلف والتصنع  . فوجدنا مقابلة ستة بستة ، كما في قول ،شرف الدين الأربلي :

                                           على رأس عبد تاج عز يزينه     وفي رجل حر قيد ذل يشينه

    - فالمقابلة هنا بين ألفاظ صدر البيت كله وبين عجزه كله .

وإن كنت أري أن المقابلة إذا ذادت على أربعة ، بأربعة ، قد تسلّم إلى التكلف والتصنع ، وقد نفسد المعنى ، وتؤدي إلى اضطراب الأسلوب وتعقيده . ولذا ندر أن نجد  أكثر من مقابلة أربعة بأربعة في الأسلوب القرآني المثل الأعلى في البلاغة والفصاحة، وكذا الأسلوب النبوي . وكما أن المقابلة  لا ضير في أن تكون بالأضداد ، أو بغيرها (شبيهها )، لأن المعنى يستدعي بعضه بعضا ، سواء بالمقابلة أو بالشبه ، وإن كان الضد أكثر ورودا على البال من الشبه ، وأوضح في الدلالة علة المعنى منه ، فإن الشبه يثير  الفكر ، وينشطه ، ويؤدي  إلى تداعي المعاني ، ويجعله يبحث عن أي الوجوه يكون ( الشبه ) المقابلة . فالمقابلة تجلو الأفكار ، وتوضح المعاني ، وتبرزها في صورة جلية ،  وتؤكدها وتقويها، وتؤدي  إلى تلاحم الأجزاء وأتلاف الألفاظ وزيادتها جمالا ، سواء كان ذلك من خلال عرض الأضداد أو الأشباه ، وهذا سر جمالها .   

الهوامش والحواشي

(1)                95 .

(2)              .

(3)                 .

(4)            
+درج شده توسط مترجم عربی - دکتر مهدي شاهرخ در چهارشنبه ۱۱ فروردین ۱۳۸۹و ساعت 18:13|
شعر الطبیعة فی الأدب الأندلسی
توطئة:

ما لبث العرب إن استقروا فی الأندلس، ورحل إلیها شعراؤهم، حتى بدأ الشعر الأندلسی یشق طریقه إلى الوجود، ویقوى، وتتنوع فنونه، و لم ینقض وقت طویل، حتى نظم الأندلسیون أشعارهم...
ومما یلفت النظر شیوع الشعر فی المجتمع الأندلسی، إذ لم یكن الشعر وقفًا على الشعراء المحترفین وإنما شاركهم فی ذلك الأمراء والوزراء والكتاب والفقهاء والفلاسفة والأطباء وأهل النحو واللغة وغیرهم. فالمجتمع الأندلسی بسبب تكوینه الثقافی القائم على علوم العربیة وآدابها، ثم طبیعة الأندلس التی تستثیر العواطف وتحرك الخیال، كل ذلك جعل المجتمع یتنفس الشعر طبعًا وسلیقة وكأنما تحول معظم أهله إلى شعراء.)
الشعر فی الأندلس:

والشعر فی الأندلس امتداد للشعر العربی فی المشرق؛ فقد كإن الأندلسیون متعلقین بالمشرق، ومتأثرین بكل جدید فیه عن طریق الكتب التی تصل إلیهم منه، أو العلماء الذین یرحلون من الشرق أو الأندلسیین الذین یفدون إلى الشرق للحج أو لطلب العمل؛ وكانوا فی غالب أمرهم مقلدین للمشارقة، ویبدو ذلك واضحاً فی ألقاب الشعراء وفی معارضاتهم لشعراء المشرق. ولكن هذا التقلید لم یمنعهم من الإِبداع والابتكار، والتمیز بمیزات تخصهم نتیجة لعوامل كثیرة،. ویمثل الشعر خاصة أحد جوانب الحضارة العربیة الأندلسیة، حیث عبر عن قوالب تلك الحضارة وعن مضمونها
من الموضوعات التی شاعت فی الأندلس وازدهرت كثیراً شعرالطبیعة
فقد وهب الله الأندلس طبیعة ساحرة ووافرة جمالاً.. جبالها الخضراء وسهولها الجمیلة، وتغرید طیورها على أفنان أشجارها... كل ذلك له أثره فی جمال الأندلس التی تنعم بیئتها بالجمال , وتصطبغ بظلال, وارفة, و ألوان ساحرة, تتنفس بجو عبق عطر یضاعف من روعته وبهائه ما یتخلل جنباتها من مواطن السحر,ومظاهر الفتنة التی تبعث الانبهار والدهشة فی النفوس. وقد أنعكس ذلك فی شعر الأندلسیین بشكل عام, حیث ازدحم بصور متنوعة ملونة تمثل البیئة الطبیعیة فی هذه الرقعة المسماة بالأندلس. ومن هنا تشكلت صورة الأندلس فی الأذهان متقاربة فی أوصافها وألوانها وقسماتها...
هذه الصورة على العموم تأخذ عطرها وعبقها وملامحها وألوانها من الطبیعة, فهی أقرب إلى لوحة فنیة ناطقة, إنها بستان زاهٍ أو حدیقة غناء أو واحة خضراء.
وهذا ولا شك ما جعل وصف الطبیعة من ابرز أغراض الشعر عند شعراء الأندلس،حیث تهیائت لهم أسباب الشعر ودواعیه فشغفت بها القلوب وهامت بها النفوس.
ومن هنا نجد تَعَلُّق الأندلسیین بها، یسرحون النظر فی خمائلها، وأخذ الشعراء والكتاب ینظمون درراً فی وصف ریاضها ومباهج جنانها.
یقول ابن خفاجة:
یا أهل الأندلس لله دركم ماء وظل وأنهار وأشجار
ماجنة الخلد إلا فی دیاركم ولو تخیرت هذا كنت اختار
و قال آخر:
حـبذا أنـدلسٍ من بـلدٍ لم تـزل تنتج لـی كل سـرورْ
طـائرٌ شادٍ وظـلٌ وارفٌ ومـیاهٌ سائحـاتٌ وقـصــور


ولم یكن جمال الطبیعة فی الأندلس هو وحده الذی ساعد على ازدهار شعر الطبیعة هذا، بل أن حیاة المجتمع الأندلسی أثرت أیضاً فی هذا الشعر، الذی یمثل تعلق الشعراء الأندلسیین ببیئتهم وتفضیلها على غیرها من البیئات، ولكون الشعر عندهم یصف طبیعة الأندلس سواء الطبیعیة أو الصناعیة، فهم یصورونها عن طریق الطبیعة كما أبدعها الله فی الحقول والریاض والأنهار والجبال والسماء والنجوم، ویصفونها كما صورها الفن لدیهم فی القصور والمساجد والبرك والأحواض وغیرها
و قد كان وصف الطبیعة فی الشعر العربی منذ العصر الجاهلی إذ وصف الشعراء صحراءهم وتفننوا فی وصفها لكن هذا الوصف لم یتعد الجانب المادی وفی العصر الأموی والعباسی عندما انتقل العرب المسلمون إلى البلدان المفتوحة وارتقت حیاتهم الاجتماعیة أضافت على وصف الطبیعة وصف المظاهر المدنیَّة والحضارة وتفننوا , فمن ذلك فقد وصف الطبیعة عند الشعراء العباسیین أمثال النجدی والصنوبری وأبی تمام وأبی بكر النجدی الذی عاش فی بیئة حلب ولكن ما الجدید الذی جاء به الأندلسیون بحیث أن هذا الموضوع أصبح من الأغراض والموضوعات التی عرف بها أصل الأندلس.
عوامل ازدهار شعر الطبیعة فی الشعر الأندلسی:

• ازدهار الحضارة العربیة فی الأندلس ازدهارا كبیرا وهذا الازدهار الذی شمل جمیع جوانب الحیاة الأندلسیة .
• جمال الطبیعة الأندلسیة التی افتتن بها شعراء الأندلس وتعلقوا بها وفصَّلوا فی وصفها والتغنی بمفاتنها .
• ازدهار مجالس الأنس والبهجة واللهو حیث كانت هذه المجالس تُعقدُ فی أحضان الطبیعة .
خصائص شعر الطبیعة
• أفرد شعراء الطبیعة فی الأندلس قصائد مستقلة ومقطوعات شعریة خاصة فی هذا الغرض بحیث تستطیع هذه القصائد باستیعاب طاقة الشاعر التصویریة وخیاله التصوری , غیر الالتزام الذی تسیر علیه القصیدة العربیة فلم یترك الشاعر زاویة من زوایا الطبیعة إلا وطرقها .
• یعتبر شعر الطبیعة فی الأندلس صورة دقیقة لبیئة الأندلس ومرآة صادقة لطبیعتها وسحرها وجمالها فقد وصفوا طبیعة الأندلس الطبیعیة والصناعیة مُمَثَّلة فی الحقول والریاض والأنهار والجبال وفی القصور والبرك والأحواض .
• تُعد قصائد الطبیعة فی الأندلس لوحات بارعة الرسم أنیقة الألوان محكمة الظلال تشد انتباه القارئ وتثیر اهتمامه .
• أصبح شعراء الطبیعة نظراً للاهتمام به یحل محل أبیات النسیب فی قصائد المدیح , بل إن قصیدة الرثاء لا تخلو من جانب من وصف الطبیعة .
• أصبحت الطبیعة بالنسبة لشعراء الأندلس ملاذاً وملجأ لهم یبثونها همومهم وأحزانهم وأفراحهم وأتراحهم إلا أن جانب الفرح والطرب غلب على وصف الطبیعة فتفرح كما یفرحون وتحزن كما یحزنون .
• وصف الطبیعة عند شعراء الأندلس مرتبطاً ومتصلاً بالغزل والخمر ارتباطاً وثیقاً فوصف الطبیعة هو الطریق إلیها فكانت مجالس الغزل والخمر لا تعقد إلا فی أحضان الطبیعة .
• المرأة فی الأندلس صورة من محاسن الطبیعة , والطبیعة ترى فی المرأة ظلها وجمالها فقد وصفوا المرأة بالجنة والشمس , بل إنهم إذا تغزلوا صاغوا من الورد خدوداً ومن النرجس عیوناً ومن السفرجل نهوداً ومن قصب السكر قدوداً ومن ابنة العنب ( الخمر ) رضابا
.
أصناف من الوصف فی شعر الطبیعة:
هنا سنعرض بض الاصناف التی امتاز الشعراء فی وصفها وتصویرها حتى ان قارئ القصیدة یسلتهم جمالها وكانه یراها امامه, وقد استقراء الشعراء مجال البئة وتضاریسها ومعطیات الحیات الكونیة فیها.
وسنستهل تلك الاصناف بمایلى:-

ــ الروضیات:
وهو الشعر المختص فی الریاض وما یتصل بها.
سنستهل الكلام عن الروّضِیات بهذه الأبیات الرائعة للقاضی أبو الحسن بن زنباع التی یصف قصة الطبیعة وفعل السحاب والأمطار فی الأرض التی تتسربل بعدهما بحلتها الجمیلة فتتفتح أزهارها وتنضج ثمارها حیث قال(2)

أبدت لنا الأیامُ زهرة طیبها وتسربلت بنضیرها وقشیبها
واهتزعِطف الأرض بعد خشوعها وبدت بها النعماء بعد شحوبها
وتطلعت فی عنفوان شبابها من بعد ما بلغت عتیَّ مشیبها
وقفت علیها السحبُ وقفة راحم فبكت لها بعیونها وقلوبها
فعجبتُ للأزهار كیف تضاحكت ببكائها وتبشرت بقطوبها
وتسربلت حللاً تجر ذیولها من لدمها فیها وشق جیوبها
فلقد أجاد المزن فی إنجادها وأجاد حرُّ الشمس فی تربیبها
وهذه أبیات جمیلة للشاعر الوزیر عبدا لله بن سماك والذی یقول فیها:
الروض مخضرٌ الربى متجملٌ للناظرین بأجمل الألوانِ
وكأنما بسطت هناك شوارها خودٌ زهت بقلائد العقیانِ
والطیر تسجع فی الغصون كأنما نقرُالقِیان حنت على العیدانِ
والماء مطَّردٌ یسیل لعابه كسلاسلٍ من فضةٍ وجمانِ
بهجات حسنٍ أُكملت فكأنها حسن الیقین وبهجة الإیمانِ

ــ الزهریات : الشعر المختص بالأزاهیر .

وقد وصف الأندلسیون الأزهار وأكثروا فی هذا النوع من الوصف فوصفوا الورد والنرجس والشقائق والنیلوفر والیاسمین والقرنفل واللوز وغیر ذلك مما وقعت علیه عیونهم فی تلك الطبیعة الخلابة من زهریات وسنستعرض بعض
الأمثلة الجمیلة التی قیلت فی بعض منها,فهذا ابن حمدیس یرثی باقة ورد أصابها الذبول فتحرق حزناً وأسى علیها فقال هذین البیتین
یا باقة فی یمینی بالردى ذبلت أذاب قلبی علیها الحزن والأسفُ
ألم تكونی لتاج الحسن جوهرةً لما غرقتِ،فهلاَّ صانك الصدفُ
وهذه أبیات فی زهرة الیاسمین للمعتضد بالله عباد بن محمد بن عباد یصفها مشبهاً إیاها بكواكب مبیضة فی السماء ویشبه الشعیرات الحمراء التی تنسرح فی صفحتها بخد حسناء بدا ما بدا فیه من آثار فیقول:
أنما یاسـمیننا الغضُّ كواكبٌ فی السماء تبیضُّ
والطرق الحمر فی جوانبه كخد حسناء مسه عضُّ
ویقول ابن حمدیس فی وصف النیلوفر:
ونیلوفرٍ أوراقه مستدیرةٌ تفتَّح فیما بینهن له زهرُ
كما اعترضت خُضر التراس وبینها عواملُ أرماحٍ أسنَّتُها حُمرُ
هو ابن بلادی كاغترابی اغترابه كلانا عن الأوطان أزعجه الدهرُ
وهذه أبیات رقیقة جداً ومن أروع ما قیل فی وصف الشقائق لابن الزقاق:
وریاض من الشقائق أضحى یتهادى بها نسیم الریاحِ
زرتها والغمام یجلد منها زهرات تروق لون الراح
قلت ما ذنبها ؟ فقال مجیباً سرقت حُمرةَ الخدودِ الملاح
وهذا أیضاً وصف بدیع لشجرة لوز قاله أبو بكر بن بقی:
سطرٌ من اللوز فی البستان قابل نیما زاد شیءٌ على شیءٍ ولا نقصا
كأنما كل غصنٍ كُمُّ جاریةٍ إذا النسیم ثنى أعطافه رقصا
وهذا وصف جذاب لزهرة ألأقاح للأسعد ابن إبراهیم بن بلیطة ویقول:
أحبب بنور الأقاح نوَّاراعسجـــده فی لجینــه حارا
أی عیون صُوِّرْنَ من ذهبرُكِّبَ فیها اللجینُ أشفارا
إذا رأى الناظرون بهجتها قالوا نجومٌ تحـــفُّ أقمارا
كأن ما اصفرَّ من مُوسِّطه علیلُ قومٍ أتوه زوارا

ــ الثمریات:-
الشعر المختص بالأثمار,والبقول,وما یتصل بها.
وصف الأندلسیین للثمرة نفسها فقد وصفوا التفاحة والسفرجل والرمانة والعنب وحتى الباذنجان !! وأبدعوا فی ذلك كثیرا فقال أبو عثمان ألمصحفی وقد تأمل ثمرة السفرجل الأبیات التالیة الرائعة المحبوكة فی نسیج رائع, ولفظ رقیق ومعنى أنیق موشى بلوعة حب وشكوى صب رغم إنه شطح فی آخرها قلیلاً ( وزودها ) حتى نسی إن ما بین یدیه ما هو إلا حبة من السفرجل!!ویقول:

ومصفرَّةٍ تختال فی ثوب نرجس وتــعبق عن مسك زكیِّ التنفس
لها ریح محبوبٍ وقسوة قلــــــبه ولونُ محبٍ حُلَّةَ السُــقم مـكتسی
فصفرتها من صفرتی مستعارةٌ وأنفاسها فی الطیب أنفاسُ مؤنسی
فلما استتمت فی القضیب شبابها وحاكت لها الأنواء أبراد سندس
مددت یدی باللطف أبغی قطافها لأجعلها ریحانتی وسـط مجلسی
وكان لها ثوبٌ من الزغب أغبرٌ یرف على جسم من التـبر أملسِ
فلما تعرَّت فی یدی من لباسها ولـــم تبق إلا فی غلالة نرجسِ
ذكرتُ بها من لا أبوح بذكره فأذبلـــها فی الكف حرّ تنفس

وهذا أحمد بن محمد بن فرح یقدم صورة بهیة لثمرة الرمان فیقول:

ولابسة صدفاً أحمرا أتتك وقد ملئت جوهرا .
كأنك فاتح حُقٍّ لطیفٍت ضمَّن مرجانَه الأحمرا

وكذلك كأن للعنب نصیب عند شعراء الأندلس فقال فیه الشاعر أحمد بن الشقاق ما یلی:
عنب تطلَّع من حشى ورق لنا صُبغت غلائل جلده بالإثْمدِ
فكأنه من بینهن كواكبٌ كُسفت فلاحت فی سماء زبرجدِ

ــ المائیات:
الشعر المختص بوصف الأنهار,والبرك, والسواقی.
كانت الأنهار الكثیرة الوفیرة المیاه،وما یتشعب عنها من برك،وخلجان,وغدران،وما ینبت على شواطئها,من حدائق،وریاض،وما یصاحبها من ظواهر طبیعیة كمد,وجزر,وفجر,ونهار,ولیل,وشمس,وأصیل من مظاهر الطبیعة الخلابة فی بلاد الأندلس؛وكانت أكبر المدن مثل قرطبة وأشبیلیة وغرناطة تقع على تلك الأنهار,التی كانت ترفد الأرض بالخصب,والعطاء فاتخذ الأندلسیون من ضفافها مراتع للمتعة,واللهو,ومن صفحاتها ساحات تمرح علیها زوارقهم,وأشرعتهم,وهم فی هذه وتلك یعزفون أعذب الألحان,ویتغنون باعذب الشعر وأرقه....
وهذه الأبیات الرائعة لابن حمدیس فی وصف بركة من الماء فی أحد القصور وقد احتوت على تماثیل لأسود تقذف الماء من أفواهها...
ولعل لفن النقش والنحت والزخرفة الذی كأن سائداً آنذاك أثر كبیر فی جمال هذه الصورة التی رسمها الشاعر بكل براعة:
وضراغمٍ سكنت عرین ریاسة ٍتركت خریر الماء فیه زئیرا
فكأنما غشَّى النُّضارُ جسومَها وأذاب فی أفواهها البلورا
أُسْدٌ كأن سكونها متحركٌ فی النفس،لووجدت هناك مثیرا
وتذكَّرت فتكاتِها فكأنما أقْعت على أدبارها لتثورا
وتخالها والشمس تجلولونها ناراً ،وألسنَها اللواحسَ نورا
فكأنما سَلَّت سیوفَ جداولٍ ذابت بلا نارٍ فعدُنَ خریرا
وكأنما نسج النسیمُ لمائهِ درعاً، فقدَّر سردَها تقدیرا
وبدیعة الثمرات تعبر نحوها عینای بحرَ عجائبٍ مسجورا
شجریةٍ ذهبیةٍ نزعت إلى سحرٍ یؤثر فی النُّهى تأثیرا
قد سَرَّحت أغصانَها فكأنما قبضت بهن من الفضاء طیورا

الأمثلة على وصف المائیات كثیرة جداً .
وتبقى الطبیعة وحدة متكاملة من الصعب تجزیئها والدارس لشعر الطبیعة عند الأندلسیین لا بد وإن یستغرب من هذا الكم الهائل من الأشعار التی قیلت فی هذا المجال ولا أظن إن أمة من الأمم قد برعت فی تصویر الطبیعة بمظاهرها وظواهرها المختلفة كما برع الأندلسیون.
الثلجیات:-
الشعر المختص فی الثلج والبرد...
ننتقل الآن إلى الثلج الجمیل الذی یكسو الأرض والسطوح والسفوح والأغصان العاریة,بغلالة بیضاء نظیفة ناصعة وطاهرة,وكإنه قطن مندوف فیبعث فی النفس بهجة ما لها مثیل, وعلى كل حال یبقى ما قیل فی الثلجیات أقل مما قیل فی الروضیات والمائیات حیث بدأ هذا النوع من الوصف متأخراً فی بلاد الأندلس كمثیله فی الشرق ومن الأبیات الرائعة التی قیلت فی الثلج تلك التی قالها أبو جعفر بن سلام المعا فری المتوفى عام 550م وقال فیها:
ولم أر مثل الثلج فی حسن منظر تقر به عینٌ وتشْنَؤه نفسُ
فنارٌ بلا نور یضیء له سناً وقطرٌ بلا ماءٍ یقلِّبه اللمسُ
وأصبح ثغر الأرض یفترُّ ضاحكا فقد ذاب خوفاً أن تقبِّله الشمس
وهذه أبیات للشاعر الرقیق ابن زمرك یمدح فیها السلطان ویصف الثلج فی نفس الوقت فیقول:
یا من به رتب الإمارة تُعتلى ومعالمُ الفخر المشیدةُ تَبتنِی
ازجر بهذا الثلج حالاً إنه ثلج الیقین بنصر مولانا الغنی
بسط البیاض كرامة لقدومه وافترَّ ثغراً عن كرامة مُعتنی
فالأرض جوهرةٌ تلوح لمعتلٍ والدوح مُزهِرةٌ تفوح لمجتنی
سبحان من أعطى الوجود وجوده لیدل منه على الجواد المحسن
وبدائع الأكوان فی إتقانها أثرٌ یشیر إلى البدیع المتقن

وهذه أبیات جمیلة لابن خفاجة فی وصف الثلج یقول فیها:
ألا فَضَلتْ ذیلَها لیلةٌ تجرُّ الربابَ بها هیدبا
وقد برقع الثلجُ وجهَ الثرى وألحف غصنَ النقا فاختبى
فشابت وراء قناع الظلام نواصی الغصون وهامُ الربى
وما دمنا نتحدث عن الثلج فلا بد من الإشارة إلى البَرَد أیضاً والذی كأن له نصیب فی شعر الأندلسیین ومنهم عبد الجبار بن حمدیس الصقلی الذی كتب قصیدة تزید عن العشرین بیتاً وصف فیها السیول والغدران والبرق والروض وخصص بعض أبیاتها للبرد فشبهه بدرر على نحور فتیات حسان أو بلؤلؤ أصدافه سحاب أو بدموع تتساقط من السحاب وغیر ذلك من الصور المألوفة وغیر المألوفة ویقول فیها:
نثر الجوُّ على الأرض بَرَدْ أی درٍ لنحورٍ لو جمدْ
لؤلؤٌ أصدافه السحْب التی أنجز البارق منها ما وعدْ
ذوَّبتْهُ من سماء أدمعٌ فوق أرض تتلقَّاه نَجَدْ

وهذان بیتان جمیلان فی وصف البرد وهو یتساقط من السماء والریح تعبث به فتبعثره قالها أبو بكر عبد المعطی بن محمد بن المعین:
كأن الهواء غدیرٌ جَــمَد بحیث البرود تذیب البَرَدْ
خیوطٌ وقد عُقدت فی الهوا وراحةُ ریحٍ تحل العُقد
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
وهذه الأصناف التی صنفها علما الأدب ,لتمثیل ولیست للحصر وإنما لوضع منهج لشعر الطبیعة وتقسیمات یمكن من خلالها تسهیل دراسة الشعر
رواد شعر الطبیعة فی الأندلس:

إن "شعر الطبیعة" كمصطلح تعبیر جدید فی أدبنا، لكن "شعر الطبیعة" كظاهرة وغرض وفن، موجود فی الشعر العربی من قدیم، لكن الجدید الذی أدخله الغربیون هو المصطلح فقط؛ فـ"شعر الطبیعة" تعبیر جدید فی أدبنا، أطلقه الغربیون على الشعر الذی كان من أهم مظاهر الحركة الإبداعیة الرومانسیة فی أواخر القرن الثامن عشر، وقد وجد الشعراء فی الطبیعة تربةً خصبةً لنمو العواطف الإنسانیة، وواحة للنفوس المتعبة القلقة، وشعر الطبیعة فی فجره عند العرب كان صورةً لما تراه العین، أكثر من كونه مشاركةً للعواطف التی توحی بها الطبیعة، وانفعالًا ذاتیًّا للشعور.

وفی ظلال العباسیین استطاع بعض فحول الشعر أن یضیفوا إلى الأوصاف المادیة للطبیعة حسًّا وذوقًا؛ فائتلفوا معها -أی: مع الطبیعة- واستغرقوا فی نشوة جمالها، وبادلوها عاطفةً بعاطفة وحبًّا بحب، ومن هؤلاء الشعراء العباسیین، الذین أضافوا إلى الأوصاف المادیة حسًّا وذوقًا: "أبو تمام" و"البحتری" و"ابن الرومی" و"ابن المعتز" و"الصنوبری
و من رواد شعر الطبیعة فی الأندلس الشاعر (ابن خفاجة), و قد قال فی الجبل حین راح یتأمله و یفضی الیه:


وأرعن طماح الذؤابة بازخ یطاول أعنان السماء بغارب
وقور على ظهر الفلاة كأنه طوال اللیالی مفكر فی العواقب
أصغت إلیه وهو أخرس صامتٌ فحدثنی لیل الثرى بالعجائب
وقال: ألا كم كنت ملجأ قاتلٍ وموطن أواهٍ تبتل تائب
وقال بظلی..... وكم مر بی من مدلج ومأوب

"قال" هنا من القیلولة ولیست من القول. "قال بظلی": أی من القیلولة، وقت الظهیرة، النوم وقت الظهیرة، أو الاستراحة وقت الظهیرة.
وكم مر بی من مدلج ومأوب وقال بظلی من مطی وراكب
فأسمعنی من وعظه كل عبرةٍ یتجرمها عنه لسان التجارب
فسلى بما أبكى وسر بما شجى وكان على لیل الثرى خیر صاحب
قد كان "ابن خفاجة" بارعًا فی تصویر هذا الجبل الأخرس، ومزج مشاعره به، مما جعل الصور التی عرضها له نابضةً حیة، تثیر فینا شتى الخواطر والتأولات، بید أن مجنون لیلى "قیسًا العامری" قد سبق "ابن خفاجة" بالحدیث إلى جبل التوباد، یقول:
وأجهشت للتوباد حین رأیته وكبر للرحمن حین رآنی
فقلت له أین الذین عهدتهم حوالیك فی خصب وطیب زمان
فقال مضوا واستودعونی بلادهم ومن ذا الذی یبقى على الحدثان

ولو قارنا بین ما قال "قیس العامری" وما قال "ابن خفاجة الأندلسی" لوجدنا "ابن خفاجة" فی هذه القصیدة قد استكمل جوانب الصورة العامة للجبل، وافتن فی تشخیصه، وجعله ینفعل بمختلف الأحاسیس والخواطر والأفكار، إلى جانب ما فی تصویر "ابن خفاجة" من تحلیل واستقصاء، وإكثارٍ من الصور الخیالیة، هذا ما تعهده حین تتأمل قول "ابن خفاجة" تجد الصورة العامة للجبل مستكملة الجوانب؛ لقد افتن الرجل فی تشخیص الجبل وتصویره، وجعله كذلك ولذلك ینفعل بمختلف الأحاسیس والخواطر والأفكار، ووجدنا ما فی تصویر "ابن خفاجة" من التحلیل والاستقصاء، وإكثار الرجل من الصور الخیالیة، بینما وجدنا قول "العامری" مجرد خطرة عابرة، لو وقف عندها "ابن خفاجة" ما بلغ هذا النفاذ، وما جاءت قصیدة الجبل عند "ابن خفاجة" نسقًا شعریًّا متكاملًا ذا شعابٍ وأفانین، لقد تألق الأندلسیون فی هذا الروض الإبداعی -وهذا شیء یذكر لهم- حین رأیناهم یمزجون فی شعر الطبیعة بین الطبیعة والحب، ورأوا فی مظاهر الطبیعة صفات من یحبون، واتخذوا من مباهج الطبیعة أداة للتذكر، على غرار ما جاء فی قول "المالقی" فی جاریة تدعى "حسن الورد":
تذكرت بالورد حسن الورد منبته حسنً وطیبًا وعهدًا غیر مضمون
هیفاء لو بعت أیامی لرؤیتها بساعة لم أكن فیها بمغبون
كالبدر ركبه فی الغصن خالقه فما ترى حین تبدو غیر مفتون

"ابن هزی الأندلسی" یقول مصورًا مشاعره الإنسانیة فی حضن الطبیعة، التی حركتها فی نفسه الولهة، فی نغمة موحیة بالانفعال والتفاعل والحیویة:
هبت لنا ریح الصبا فتعانقت فذكرت جیدك فی العناق وجید
وإذا تألف فی أعالیها الندى مالت بأعناق ولطف قدود
وإذا التقت بالریح لم تبصر بها إلا خدودًا تلتقی بخدود
فكأن عذرة بینها تحكی لنا صفة الخلود وحالة المعمود
تیجانها طلٌّ وفی أعناقها منه نظام قلائدٍ وعقود
أما ابن زیدون فهو أهم شاعر وجدانی فی الأندلس
وهو أول من اعتصر فؤاده شعرًا فیه جوًى وحرقة وهوى ولوعة، وتلوح لأولی البصر عبقریته الفذة ونضجه الشعری بعد أن صهرته محنة السجن، وعذاب الصدود والهجر، فكانت تجربته الشعریة عصارة نفس متألمة أو صرخة إنسانیة لهیفة ارتفعت بتجربة الشعر على جناح الطبیعة إلى مستوًى فنیًّ رفیع، وقد عرفنا إن مجال إبداع الأندلسیین فی هذا المجال أنهم مزجوا بین الطبیعة والحب، هذه الصرخة الإنسانیة اللهیفة عند "ابن زیدون" ارتفعت بتجربة الحب على جناح الطبیعة إلى مستوًى فنی رفیع، لم نعهده فی أدب المشرق وقتذاك، فتجربة ابن زیدون تجربة نفسیة وجدانیة متكاملة، تكاد ترى نفس "ابن زیدون" ذائبة فی حواشیها حسرة وشوقًا، على أنه من أروع ما وفق إلیه شاعر الأندلس الملهم براعته الفائقة فی تشخیص مظاهر الطبیعة، وتحولها على یدیه إلى أحیاء ینفعلون ویتحركون على مسرح الفن الشعری، فهی -أی الطبیعة- فی خیاله وحضوره العاطفی المتوهج تنبض بالحیاة، وتفیض بالمشاعر، بل وتشاركه آلامه وآماله فی مشاركة وجدانیة رائعة، وتلاحم عاطفی أكثر روعة ندر فی شعر المشارقة وقلّ فی شعر الأندلسیین، وقصیدته القافیة تؤكد هذا الجانب الإبداعی عند "ابن زیدون" والتی منها:
إنی ذكرتك بالزهراء مشتاق والأُفق طلقٌ ووجه الأرض قد راق
وللنسیم اعتلال فی أصائله كأنه رقّ لی فاعتل إشفاق
والروض عن مائه الفضی مبتسم كما شققت عن اللبات أطواق

إنها رسالة أو صرخة إنسانیة لهیفة، بعث بها على جناح الطبیعة إلى "ولادة بنت المستكفی":
والروض عن مائه الفضی مبتسم كما شققت عن اللبات أطواق
یوم كأیام لذات لنا انصرمت بتنا لها حین نام الدهر سُراق
نلهو بما یستمیل العین من زهر جال الندى فیه حتى مال أعناق
كأن أعینه إذ عاینت أرقی بكت لما بی فجال الدمع رقراق
ورد تألق فی ضاحی منابته فازداد منه الضحى فی العین إشراق
سرى ینافحه نیلوفر عبق وسنان نبه منه الصبح أحداق
كل یهیج لنا ذكرى تشوقنا إلیك لم یعد عنه الصبر أن ضاق
لا سكن الله قلبًا عنّ ذكركم فلم یطر بجناح الشوق خفاق
لو شاء حملی نسیم الصبح حین سرى وافاكم بفتى أضناه ما لاق

لقد كان "ابن زیدون" بهذه الخاصیة الإبداعیة رائدًا إلى الشعر الرومانسی فی القرن الخامس الهجری الحادی عشر المیلادی، والذی عرفته الآداب الأوربیة فی أواخر القرن الثامن عشر المیلادی، فابن زیدون بوصف الطبیعة من خلال نوازعه العاطفیة وأشجان حبه الذاتیة یمثل خطوة رائدة فی أدب الطبیعة عند العرب، ویعد مظهرًا من أبرز مظاهر التجدید فی شعر الطبیعة الأندلسی، بل یمكننا أن نعتبر ابن زیدون مصدرًا عربیًّا عریقًا للأدب العالمی فی الاتجاه نحو الطبیعة، وتوظیفها فی الفن الشعری بعامة والنسیب منه بخاصة، ولا نقول ذلك رجمًا بالغیب، أو تعصبًا لأبناء جلدتنا من العرب، أو حمیةً لأبناء عقیدتنا من المسلمین، بل هو استنتاج ورأی نشفعه بالدلیل، ألیس تمثل الطبیعة والاندماج فیها وتقمصها تقمصًا وجدانیًّا فی الشعر الغنائی، الذی رأینا أنموذجه عند "ابن زیدون" فی القرن الحادی عشر المیلادی هو ما أراده النقد الأدبی الرومانسی فی أوربا بعد ذلك فی القرن التاسع عشر عند حدیثه عن أثر الطبیعة ودورها الفاعل فی الأدب والإبداع الفنی؟
المصادر:
- الطبیعة فی شعر ابن خفاجة
-الطبیعة فی شعر الأندلس(جودت الركابی)
+درج شده توسط مترجم عربی - دکتر مهدي شاهرخ در چهارشنبه ۱۱ فروردین ۱۳۸۹و ساعت 18:11|
الطبیعة فی شعر ابن خفاجة

بسم الله الرحمن الرحیم

المقدمة :

وهب الله الأندلس طبیعة ساحرة ووافرة جمالاً.. جبالها الخضراء وسهولها الجمیلة، وتغرید طیورها على أفنان أشجارها... كل ذلك له أثره فی جمال الأندلس التی شغفت بها القلوب وهامت بها النفوس.
ومن هنا نجد تَعَلُّق الأندلسیین بها، یسرحون النظر فی خمائلها، وأخذ الشعراء والكتاب ینظمون درراً فی وصف ریاضها ومباهج جنانها.
یقول ابن خفاجة :
یا أهل الأندلس لله دركم ماء وظل وأنهار وأشجار
ماجنة الخلد إلا فی دیاركم ولو تخیرت هذا كنت اختار

ولم یكن جمال الطبیعة فی الأندلس هو وحده الذی ساعد على ازدهار شعر الطبیعة هذا، بل أن حیاة المجتمع الأندلسی أثرت أیضاً فی هذا الشعر، الذی یمثل تعلق الشعراء الأندلسیین ببیئتهم وتفضیلها على غیرها من البیئات، ولكون الشعر عندهم یصف طبیعة الأندلس سواء الطبیعیة أو الصناعیة، فهم یصورونها عن طریق الطبیعة كما أبدعها الله فی الحقول والریاض والأنهار والجبال والسماء والنجوم، ویصفونها كما صورها الفن لدیهم فی القصور والمساجد والبرك والأحواض وغیرها .

فابن خفاجة شاعر الطبیعة ومصوّرها، وقد امتلأت نفسه وعینه من جمال الحیاة وجال الطبیعة، فراح یبرز هذا الجمال المعنوی فی صور مختلفة من الجمال اللفظی، فانتقى الأسالیب الصافیة والألوان الزاهیة، ودّبجها بزخرف البدیع، ووشّاها بكثیر من المجاز والتشبیه ... .

فأُطلق علیه لقب شاعر الطبیعة، وذلك لكثرة ما كُتب ضمن قصائده عن الطبیعة وجمالها فی الأندلس، فوُصف ابن خفاجة المدّاح أقل وزناً وشأناً من ابن خفاجة الوصاف والغزّال، ووصفه متعدد الألوان والإیقاعات وغزله رقیق، صادق المشاعر، وخاصة عندما یصف الطبیعة فی ضوء مفاتن المرأة .

ومن هنا فجاء بحثی على فصلین، الفصل الأول قسمتهُ إلى مبحثین، فالمبحث الأول خصصته للحدیث عن وصف الطبیعة فی شعرهِ، أما المبحث الثانی فخصصته للحدیث عن الطبیعة فی شعر ابن خفاجة المدحیّ، أما الفص الثانی والذی قسمته كذلك الأمر إلى مبحثین، الأول خصصته للحدیث عن مظاهر الطبیعة فی شعره، أما المبحث الثانی والأخیر فتناولتُ فیه خصائص شعره عامةً وبالطبیعة خاصةً .

تمهید

تنعم البیئة الأندلسیة بجمال ثر وروعة آسرة، وتصطبغ بظلال وارفة وألوان ساحرة، تتنفس بجو عبق عطر یضاعف من روعته وبهائه ما یتخلل جنباتها من مواطن السحر ومظاهر الفتنة التی تبعث الانبهار والدهشة فی النفوس([1])، وقد انعكس ذلك فی شعر الأندلسیین بشكل عام، حیث ازدحم بصور متنوعة ملونة تمثل البیئة الطبیعیة فی هذه الرقعة المسماة بالأندلس.

ومن هنا تشكلت صورة الأندلس فی الأذهان متقاربة فی أوصافها وألوانها وقسماتها... هذه الصورة على العموم تأخذ عطرها وعبقها وملامحها وألوانها من الطبیعة، فهی أقرب إلى لوحة فنیة ناطقة، إنها بستان زاهٍ أو حدیقة غناء أو واحة خضراء.

وقد شاع هذا الفن لدى الأندلسیین وتوسعوا فیه فأصبح العامل الكیمیائی المساعد كما یقول د. إحسان عباس - یدخل فی تركیب جمیع فنونهم الشعریة الأخرى وفی شتى الأغراض حتى تلك المجالات التی لا تسمح طبیعتها لمثل هذه الصور والألوان الشعریة مثل الرثاء وغیر ذلك.

وقد بلغ ولعهم بالطبیعة والاستعانة بها فی أغراضهم الشعریة حداً یصعب معه على القارئ أن یدری إذا كان الشعراء یتحدثون عن الطبیعة أم كانت الطبیعة تتحدث عنهم لفرط ما تغلغلت فی نفوسهم ولكثرة ما وصفوا من مناظرها([2])".

ودفعهم ولعهم هذا إلى تألیف كتب ورسائل خاصة فی هذا الباب من ذلك مثلاً كتاب "الحدائق" لابن فرج الجیانی (ت366هـ) وكتاب "البدیع فی وصف الربیع" لأبی الولید اسماعیل الحمیری (ت440هـ) وحدیقة الارتیاح فی صفة حقیقة الراح لأبی عامر بن مسلمة وزمان الربیع لأبی بكر الخشنی الجیانی وغیرها.

ولسنا نرید أن نتوسع فی الحدیث عن شعر الطبیعة... ولكن ینبغی أن نحدد مفهوم شعر الطبیعة وحدّه وتعریفه، ثم بعد ذلك نقف عند شعر ابن خفاجة لمعرفة مدى تحقق ذلك المفهوم فی شعرهِ .

یقول الدكتور جودت الركابی إن شعر الطبیعة هو الشعر الذی یمثل الطبیعة وبعض ما اشتملت علیه فی جو طبیعی یزیده جمالاً خیال الشاعر، وتتمثل فیه نفسه المرهفة وحبه لها واستغراقه بمفاتنها([3]).

ویقرر الركابی أن (شعر الطبیعة) تعبیر جدید فی أدبنا جاءنا من الآداب الغربیة... وكان من أهم مظاهر الحركة الإبداعیة الرومانسیة فی أواخر القرن الثامن عشر.. والطبیعة كما یفهمها الرومانسیون صدیقة وفیّة یحبونها لما تمنحه من جمال لحسّهم وهدوء لنفوسهم، فیستسلمون إلیها ویشاطرونها المناجاة ویبوحون إلیها بعواطفهم وآلامهم([4]).

الفصل الأول : الطبیعة فی شعرهِ

ولنعرف إن كان حقاً شاعر طبیعة أم أنه یستعین بالطبیعة فی زیادة الزهو والجمالیة فی نتاجه إن ابن خفاجة بحكم النقاد ومؤرخی الأدب العربی ُیعتبر من شعراء الطبیعة .

فكان یتفاعل مع الطبیعة الأندلسیة ویتأثر بها فیشاطرها همومه وأشجانه ویقاسمها مشاعره التی تفیض حباً وحناناً، فاستعان بصورها وقاموسها وألفاظها فی شتئ أغراضه الشعریة .

إنّ ذلك التفاعل الحاصل بین الشاعر وبین المشهد الطبیعی یزید من حیویة الفن وقدرته على التأثیر؛ لأنه یكون أكثر صدقاً فی الإثارة وفی البناء والصیاغة، فلم یتخذ ابن خفاجة الطبیعة لذاتها مكتفیاً بوصفها ونقل محسوساتها الخارجیة، ولیس ذلك بمعجز له أو صعب علیه، وهو الشاعر القدیر على النظم والصیاغة، ولكنه اتخذ من الطبیعة بجزیئاتها ومظاهرها ومفاتنها عنصراً مكملاً ومتداخلاً مع أشیاء أخرى... فلم یتخذها مسرحاً أو مكاناً للحدث وإنما جعلها جزءاً منه... فأنطقها وطبع علیها صفات إنسانیة ومنحها حواساً بشریة فهی ترى وتسمع وتشم.! وهی تضحك وتبكی وتفرح وتتألم .

إنّ اسقاط الحواس على الطبیعة وبالصیغة التی عرفتها بعض قصائد ابن خفاجة وبالطریقة التی تعامل معها شاعرنا لم تكن معروفة لدى شعراء أندلسیین آخرین... كانوا یتباهون ویتبارون بمقدار نجاحهم فی إیجاد صورة جمیلة لزهرة أو بستان أو نهر أو تشبیه أو استعارة أو غیر ذلك لمظهر من مظاهر الطبیعة التی تحیط بهم وتضم لیالی أنسهم أو مجالس سمرهم .

ولكن ابن خفاجة كان یشترك مع شعراء عصره فی الاستعانة بألفاظ الطبیعة ودیباجتها وجمالها فی أغراضهم الشعریة المختلفة... تتسلل إلى قصائدهم لغة أو صورة أو تشبیها أو كنایة أو استعارة، فكان معجم الطبیعة طاغیاً على الشعر الأندلسی عموماً بُعید القرن الرابع الهجری، فكان الإغراق فی استخدام عناصر الطبیعة ومفرداتها سبباً فی اتصاف الشعر الأندلسی وأهل الأندلس بعشق الطبیعة والهیام بمفاتنها والتعلق بها... ولا نرید أن نسترسل فی هذا الموضوع فنتحدث عن ولع الأندلسیین بالبیئة وألوانها ومناظرها وصورها ولكننا نرید أن نقف عند حالة فریدة وجدیدة كان لها أثر كبیر فی الدراسات اللاحقة، لأنها تشكل تحولاً كبیراً فی الشعر العربی، ألا وهی شعر ابن خفاجة فی الطبیعة .

المبحث الأول : وصف الطبیعة فی شعرهِ

یعد ابن خفاجة أشهر شُعراء الأندلس فی موضوع وصف الطبیعة، ولعل شعره یفیض بالمزایا التی تجعله فی مقدمة شعراء العرب القُدامى فی هذا الفرض فقد أكثر من وصف الطبیعة الأندلسیة، ووصل بین الطبیعة وبین معظم أغراض الشعر الأُخرى، وجعل مفردات الطبیعة على اختلاف أنواعها معجماً لُغویاً وفنیاً یرجع إلیه فی صناعته الشعریة؛ وربط بین الطبیعة وبین رؤیته الخاصة للحیاة بما فیها من عظاتٍ وعِبر([5]) .

فالطبیعة هی المعنى التی تتفجر منه شاعریته وفی أرجائه یطوّف خیاله، إنها كائن حیّ یحبّها وتحبّه، یناجیها وتناجیه، بصحبتها تطیب الساعات، وبأفیائها تخلو رقائق العیش، وربما كانت صرخة ابن خفاجة أصدق تعبیر عن هیام الأندلسیین ببقعة لا یعدلون بها جنّة الخلد كما ذكرنا سابقاً .

ومهما تعددت أغراض الشاعر فی شعرهِ، فإن الطبیعة تظلّ بارزة، فإذا فرح شاركته حبورها، فهو مفرم بأسالیب البیان یستقومها من الطبیعة كموضوع وحی لا ینضب : فالطیور قیان، وشدوها غناء، ورجعها موسیقى، والندى درر، والنور عقد والورق عطاء .

وتأكیداً على ذلك، یقول ابن خفاجة فی وصف الحدیقة([6]) :

وصقـیلة الأنوارِ تلـوی عِطـفَها ریحٌ تلفّ فروعـها معـطار([7])

عاطـى بها الصهباءَ أحوى أحورٌ سَحّابُ أذیال السّـُرى سحّار([8])

والنَّورُ عِقدٌ والغصـونُ سـوالفٌ والجذعُ زَندٌ والخـلیج سوار

بحدیـقة مثـل اللَّمـى ظِلـاَّ بـها وتطـلعت شَنَبا بها الأنـوار([9])

رقص القضیبُ بها وقد شرِبَ الثرى وشـدا الحمامُ وصَفَّق التیار([10])

غَنّاء ألحَـفَ عِطفَـها الوَرَقُ النّدی والتـفّ فی جَنباتها النـوّارُ

فَتطـلّعت فی كل مَـوِقع لحـظةٍ من كل غُصـنٍ صَفحةٌ وعِذارُ

نلاحظ فی الأبیات السابقة بأن فنّ النوریات قد أزدهر بشكل واسع فی بیئة الأندلس ومن أهم العّوامل التی ساعدت على انتشاره : وفرة الأزهار، الرخاء الاجتماعی، شغف الملوك بالنواویر وشروح حیاة اللهو، وقد سحر الشعراء بمفاتن الأنوار فتباهوا فی وصغ ألوانها وأشكالها ولعهم بمباهج الزهر، فإن بقیت صوره مطبوعة على صفحات خیالیه، یتمثل ذلك فی وصف ابن خفاجة حدیقة اللمى .

فی البیت الأول : تبدو النوار فی القصیدة وكأنها امرأة فلها من صفاتها، تحنو هذه الأخیرة بعطفها على الرجل لترویه عطفها وحنانها، وهنا تلوی النوار عطفها على الأرض لتحضنها بین أحضانها فتصبح بذلك كرجل یتنعم بعاطفة محبوبة، لقد شخّص الشاعر النوار بامرأة ؛ لأنها تتمیز بعطرها الأخّاذ فتبدو وكأنها سرقت عطرها من الزهرة البیضاء .

فی البیت الثانی : كما یحاول الشاعر دمج الطبیعة بالإنسان عامّة، بالمرأة خاصةً فی جو عابق بالسعادة والراحة، فرآها تتعاطى الخمر بین أزهار النّوار، وتبدو تلك الجاریة الأخّاذة ذات العینین السوداویین، ترتدی ثوباً طویلاً ملامساً الأرض .

إذاً، فی البیت الثانی یظهر المثلث الذی لا یتفرّق عند شاعرنا والذی یتأسس على موضوع الطبیعة والمرأة والكأس .

فی البیت الثالث : ثم توحّدت نفس الشاعر مع نفس الطبیعة توحّداً ثابتاً، وجعلت من صورها أشخاصاً حیّة، تتمتع بمیزات إنسانیة، وهذا الاندماج الموحّد یظهر بصورة واضحة عندما یربط بین الطبیعة والمرأة، فقد جعل النور عقداً كی تزیّن المرأة عنقها لإبراز جمالها، كما رأى فی الغصون المتفرعة شعر المرأة المتدلی، واستخدم الجزع للزند كمصدر قوّة وأمان، كما أن التفاف الزهر فی الحدیقة یبدو وكأنه سوار، إذاً نستنتج أنّ السوار والزند والسوالف كلها عناصر أساسیة خاصة بالمرأة .

فی البیت الرابع : ویمثل بین المرأة والحدیقة أصدق تمثیل فلو حذفنا كلمة حدیقة لكان البیت یتحدث عن المرأة باللمى والأسنان البیضاء والأنوار والعیون، فالحدیقة لیست زهوراًُ وأنواراً تعصف بها الریاح فبقى على أوراق الأشجار، وتعزف فی جناتها العصافیر، إنما هی امرأة مشتاه یلمّتها وفمها وقدّها وعطفها وزندها فبتنا تشوبنا الحیرة، أنحن فی حضرة امرأة الشاعر أم فی حدیقته .

فی البیت الخامس : كما تبدو الطبیعة وكأنها فی حفل، فنرى القضیب فی حالة سكر وقد بدأ بالرقص بعد شربه الخمر، الذی یرمی فی النفس الفرح والمتعة وفی الفكر نسیان الواقع المزعج، وهنا نسی القضیب واقع الجماد بعد شربه الثرى، ثم یضیف الحمام جوّ الفرح إلى الطبیعة بغنائه الجمیل، وكل حفل ینتهی بالتصفیق، وقد صفقت أوراق الأشجار عربون تهنئة، وفی هذا الحقل أو العرس تتسابق المرأة والطبیعة على إبراز نشوتها، یلاحظ هنا، أن الشاعر قد صوّر لنا واقع حفلاته فی ذلك العصر فكان للاستعارات دلالات حضاریة وكأن الشاعر ضرب عصفورین بحجر واحد، قد أهدى صفات تتعلّق بالروح لمن لا روح له وذلك لإحیاء جمال الطبیعة فی عیوننا وللتأثیر من جهة لیصف لیالی أنسه فی ذلك العصر من خلال الطبیعة، وكأن الحنین یعود بالذكرى إلى أیّام شبابه ومجونه .

فی البیت السادس والسابع : والسكون عاد إلى الطبیعة بعد الحفل، فقد حان وقت الاستراحة أو النوم، لذا استعارت الحدیقة الورق الندی غطاءً لها والتحفت به، والتفّت فی كل جنباتها الأزهار البیضاء، التی تحضر عند انتهاء كل حفل لتكوّن عربون فرح وتكریم، وأصبحت الطبیعة وكأنها جنّة فی كل موقع منها ذكریات لا تنسى ورؤیا مبدعة، إذاً نلاحظ فی البیتین الأخریین الوصف لما تبقّى من عدّة الطبیعة ( الورق، الندى، النوار، وكیف التفّ فی جنباتها ) حتى بتنا نشهد كأنها ذكرت فی القرآن الكریم، حین تحدّث عن جنّة عدن .

ونخلص مما سبق بأن معظم الصور مستمدّة من واقع البیئة، وبخاصّة صورة القضیب الذی یرقص بعد شربه الثرى أو صورة الجاریة التی تحمل الخمر، مما شاع فی ذلك العصر تأثیر شرب الخمر فی لیالی الأنس .

ونلاحظ أنّ الشاعر مزج حالته النفسیة بالمظاهر الطبیعیة، أی عكس نفسه على الطبیعة كما زیّنها بالتشخیص الممیّز، لقد تخیّل الحیاة فی ما لا حیاة فیه ومزج الجماد أو المظاهر الطبیعیة صفات إنسانیة من خلال التشبیه ( النور عقد، والغصون سوالف، الجزع زند، والخلیج سوار ) والاستعارات ( رقص القضیب، شرب الندى، صفق التیار ) والكنایة ( سحّاب أذیال الصبی ) والجناس العرفی ( أحوى، أحور ) .

هذه القصیدة وإن كانت بظاهرها موضوعاً بسیطاً، غیر أنها بباطنّیتها قصیدة تتحدّث عن جمال الطبیعة الأندلسیّة، ورقتها، وانعكاسها على المشاعر، وكأن الشاعر ألبسها حلّته النفسیّة فأتت مشخّة هادفة .

ویقول ابن خفاجة :

یا بانـة، تهتز فینـانةً وروضة، تنفخ، معـطاراً

لله أعطافك من خـوطةٍ وحبّــذا نـورك نـوّار

نلاحظ فی هذین البیتین، أن شغف ابن خفاجة بذكر الجنان والریاض جعله یحمل لقب الجنّان، فإذا وصف المرأة نابت نضارة الطبیعة عنها رامزة إلیها، فشبّه أعطاف المرأة بالغصن وسرق نورها من النوار، وعطرها من عطر الأزهار البیضاء .

ویعد معظم شعراء الأندلس من شعراء الطبیعة، فكل منهم أدلى بدلوه فی هذا المجال إما متغنیاً بجمال طبیعة الأندلس أو واصفاً لمجالس الأنس والطرب المنعقدة فیها، أو واصفاً القصور والحدائق التی شُیدت بین أحضان الطبیعة، ولذلك كان كل شعراء الأندلس ممن وصفوا الطبیعة، ویُعدُّ الشاعر ابن خفاجة الأندلسی المقدَّم بین هؤلاء الشعراء إذ وقف نفسه وشعره على التغنی بالطبیعة لا یتجاوزها وجعل أغراض شعره الأخرى تدور حولها .

وفی شعر الطبیعة عند ابن خفاجة اتّصالٌ بین تلك الموصوفات وبین نفس الشاعر، وعاطفته، وتمازجٌ بین كثیر منها وبین رؤیته فی الكون، وموقفه من الحیاة .

فالشاعر یتعاطف مع ما یصف، وكثیراً ما ینقل إلى القارئ أحاسیسه بجزئیاتها ووقائعها، ویجعل بعض معطیات الطبیعة سبیلاً إلى مشاركة وجدانه، وتصوّر ذاته ومن ذلك قصیدته التی اشتهرت بعنوان وصف الجبل، وقصیدته فی صفة القمر([11])، فقد قال فی قصیدته الأولى :

أَصَختُ إلیه وهو أخرسُ صامتٌ فحدّثنی لیلَ السّـُرى بالعجائبِ

وقال ألا كم كنـتُ ملجأ فاتـكِ ومـوطنَ أواهٍ تبـتّل تائــب

وكم مرّ بی من مولـجٍ ومُؤَدِّبٍ وقالَ بظلّی من مطیٍّ وراكبِ ...

ویقول فی الثانیة :

لقد أصختُ إلى نجواك من قمرِ وبتّ أُدلُج بـین الوعـی والنّظرِ

لا أَجتلی لُمحَاً حتى أعی مُلحاً عدلاً من الحكم بین السمع والبّصرِ

فقد وَجد الشاعر فی الجبل إنساناً ذا تجارب یتحدّث بما جرى له، وكان معه من أَحداث الزمان، فهذه القصیدة تمنحنا نفحة جدیدة للشعر الأندلسی هی هذه المشاركة فی العواطف التی یشعر بها المتأمل لسحر الطبیعة وما یعتریه من رهبة أو طرب وإعجاب .
ففی هذه القصیدة قد استطاع ابن خفاجة أن یناجی الطبیعة على نسق جدید لم یعهده الشعر العربی القدیم، فأشرك النفس الإنسانیة بسر الطبیعة ودرك ما یسمى عن الفرنجة بحس الطبیعة([12]) .

ووَجد فی القمر عِبَراً كثیرةً إن لم ینطق بها بلسان المقال فقد عرضها على الواعین من الناس بلسان الحال .

إذاً فقد وصف الشاعر الطبیعة بجمیع مظاهرها ومباهجها فوصف الطبیعة الصامتة بریاضها وأشجارها وأزهارها وأنهارها وجبالها ومفاوزها وسمائها ونجومها وما یتصل بذلك كله من نسیم وریاح وأمطار، وكان الشعور الغالب على هذا الوصف المرح والبشر إلا ما كان من أمر وصفه للجبل إذ ساده التأمل والنظرة الحزینة([13]).

كما أنه وصف الطبیعة أیضاً الحیة كالفرس والذئب وبعض الطیور، وهكذا فقد كانت الطبیعة عند ابن خفاجة مستولیة على حواسه، ولم یستطع أن ینساها حتى فی أغراضه الأخرى .

فتوثقت الصلة بینه وبینها فأخذ یشعر بالبشر یحیط به عندما یحل فی مغانیها وإذا بها ذات جمال ودلال وبهاء، فلنسمعه یصفها وقد اختالت زینة وبهجة وبدت تشارك الغادة الفاتنة فی جمالها .

ویقول فی ذلك([14]) :

وكِمـامةِ حَـدَر الصـباحُ قناعَها عن صفحةٍ تَندَى من الأزهارِ

فی أبطحٍ رَضعَت ثـغورُ أقـاحه أخـلافَ كلِّ غمـامة مِدرار

نَثَرت بحِجر الأرض قیه یدُ الصَّبا دُرَرَ النَّدى ودراهـمَ النّـوَّار

وقد ارتدى غصـنُ النقا وتقـلَّدَت حَلی الحَبـاب سوالفُ الأنهار

فالشاعر ینظر إلى الطبیعة نظرة محب والأبیات السابقة تمثل نفسیته المحبة التی یتوزعها جمال الطبیعة وجمال الإنسان .

المبحث الثانی : الطبیعة فی شعر ابن خفاجة المدحیّ

یُعتبر ابن خفاجة شاعرُ الطبیعة بامتیاز حتى فی شعرهِ المدحی، فهو استعان بعناصر الطبیعة لمدح ممدوحه وذلك خلافاً للتقلید المعروف، فجاءت أبیات قصائده مزیجاً من البناء على الممدوح والثناء، ففی قصیدة ( فصل الربیع ورنّة المُكاء ) التی مدح فیها قاضی القضاة، شبهه بالطبیعة الضاحكة فجعله كالنسیم([15]) :

یا نَشرَ عَرفِ الرَّوضةِ الغنّاءِ ونسـیمِ ظِلِّ السّـَرحَةِ العیـناءِ([16])

ثم ذهب تعظیمه إلى جعله نبع المجد بحیث إن المجد یأخذ مجده منه وواصل على تمجیده وتعظیمه حتى أوصله إلى أقصى درجات الرفعة فلامس السماء والنجوم والكواكب :

فی حَیثُ جرّ المجدُ فَصلَ إذادِهِ ومشى الهُوینا مِشیةَ الخُیلاءِ

لو شِئتُ طُلتُ بهِ الثُـریّا قاعداً ونَثَرتُ عِقدَ كواكِبِ الجَوزاءِِ

وله قصیدة بعنوان ( سیف الملك ) یقارن فیها الشاعر بین الطبیعة الضاحكة ومخلوقاتها وبین الممدوح :

ولا الرّوض غِبَّ القطَر فضّضه النّدى ورجّـَعَ فیه طائـرٌ فتـكلَّما

بأطیـبَ أفیـاءً وأنضـرَ صفــحةً وأعطرَ أخلاقاً وأحلى ترنُّما([17])

وله قصیدة أخرى بعنوان ( الملك الحسیب ) التی مدح فیه أبا إسحاق ابن أمیر المسلمین فجعل فیها الصباح یضحك عند رؤیته وكذلك یلحمه كالضـوء الذی یقوده :

لقد ضَحـِكَ الصّباحُ بمُجتلاهُ وراءَ اللیلِ عن ثَـغرٍ شنیبِ

إذاً، نرى أن ابن خفاجة لم یتخیلَّ فی أیّة قصیدة من قصائده عن ذكر الطبیعة وعناصرها، فهو یستمد ألفاظه منها ویعطیها للممدوح كالشمس والقمر والنجوم والكواكب والریاح والمطر والغیم والنسیم والمراعی ..... والشواهد الشعریة كثیرة على ذلك، فهو لم یذكر صفة مدحیة إلا وكانت متعلقة أو مشبهة بالطبیعة كأنه یدور فی حلقة مغلقة .

فصبغ ابن خفاجة قصائده بلونه الخاص النابع من الطبیعة الأندلسیة، فهو متصل بالطبیعة وهی التی كانت تنظم القصیدة فی خیال الشاعر صوراً فینقلها كتابة الألفاظ والتعابیر والكلمات بشرط الحفاظ على المستوى نفسه بین الصور والتعبیر، فمن هنا یخلق الإبداع عند ابن خفاجة .

أتت الألفاظ فی قصائده المدحیة بلیغة التأثیر، شدیدة التصویر، وتمیّزت اللغة بالرقة محاطة بالاستعارات والصور لتعزیز فإذا بابن خفاجة یلقّب ( بصنوبریّ الأندلس ) .

الفصل الثانی : الغزل والطبیعة

المبحث الأول : مظاهر الطبیعة فی شعرهِ

تشغل الطبیعة شعر ابن خفاجة بجمیع ما تعرض له من تهاویل حسنها ونضارتها، وزینتها وحلاها، وأصباغها وألوانها([18]) .

أ ـ الماء :

أبرز ما أخذ من عناصر الطبیعة فی غزله كان الماء، فشعر ابن خفاجة على الإجمال كثیر الماویة رطب، فیصف الحبیبة، متغزلاً بها وبجمالها فیقول :

فكرعتُ مـن ماءِ الصباحِ غلالةً تندى ومن شـفق السماء نقابُ

فی حدیث للـریح الرخاء تنفسٌ أرجٌ وللمـاء الفـرات عبـابُ

ولربّ غضّ الجسم مدّ بخوضهِ شبحاً كما شـقّ السماءَ شهابُ

وإذا وصف لوعته وشوقه للحبیب كان للماء دوراً مهماً فی إیضاح الصورة وتجسیدها، فیقول فی قصیدة یصف فیها نفسه، قبل قدوم الحبیب إلیه وقد انهمرت دموعه شوقاً :

إزددتُ من لوعتـی حبالاً فحـثّ من غلّتی شرابا

وبیـن جفنی بحـرُ شوقٍ یعـبّ فی وجنتی عبابا

ویقول :

فكاد یشــرب نفـسی وكـدتُ أشـرب خـدّه([19])

فالماء هنا هی الذات الغایة والشرب كنایة عن امتلاك هذه الغایة بإشباع اللّذة والتمتع بالحبّ، فالماء هنا تطفئ النار المتأججة فی القلوب لتصبح هی ماء الحیاة هی الحبیب بذاته :

ألـم یسقّیـنی سـلافة ریـقه وطـوراً یُحیّینی بآسِ عِذارِ

فنلت مـرتد النفس من اقحوانةٍ شـممتُ علیها نغمةً لعـرارِ

والطبیعة تشارك ابن خفاجة فی حزنه وفرحه، فتؤخذ الطبیعة بكافة عناصرها مع الموصوف لتصبح الحبیبة هی الطبیعة جمالاً وحسناً وأنوثةً، فیقول :

وسال قطر الدمع فی خدِّهِ فرف روض السنِ ممطورا

ویقول :

حیث الحبابـة ودمــعةٌ تجری بوجنةِ كاس خمرك([20])

وتهزُّ منـكِ فَتَنَتـــنی بقضـیب قدِّك ریحُ سكرِك

وتعبّ من رجراجِ ردِفك موجـةٌ فی شـطّ خصرِك

ب ـ الخضرة والأزاهیر :

ومن یتصفّح دیوان ابن خفاجة تفوح منه رائحة الأزاهیر ویغرق فی غمرة الألوان ویطیر فی فضاء من الخضرة والأشجار والروض والغدیر، فالنرجس، والأقحوان، والطیب وغیرها عطّرت جوّ الغزل والوصف أیضاً، فیقول :

غازلنا جفنٌ هناك كنرجسٍ ومبتـسمٌ للأقحوان شــنیبُ

وإذا وصف المرأة كأنه یصف الطبیعة :

فتـق الشـبابُ بوجنـتیها وردةً فی فـرعِ أسلحةٍ تمید شبابا

وضحت سوالف جیدها سوسانةً وتـورّدت أطـرافها عنّـابا

وأفضل ما قاله فی الطبیعة :

وجنیتُ روضاً فی قناعك أزهرا وقضیب بانٍ فی وشاحك أثمرا

ثم انثنیتُ وقد لبستُ مصــندلاً وطویتُ من خلع الظلام معنبرا

والصبح محطوط النقاب قد احتبى فـی شـملةٍ ورسـیةٍ فتـأزّرا([21])

ج ـ الریح :

یقول فی قصیدةٍ یكاد المزج أن یكون تاماً بین وصف الطبیعة ووصف الحبیب، وتتداخل هنا المحسوس مع المعنوی فی خدمة الوصف والتعبیر الوجدانی، فیقول فی ذلك :

ولهـوتُ فیـه بــدُرَّةٍ مكنـونةٍ فی حُقّ خِدرك

تنـدى شقـائقُ وجنتیكِ به وتـنفحُ ریحُ نـشرك

وقـد استـدار بصفحتی سوسانِ جیـدكِ طلُّ دُرّك

حیـثُ الحَـبابةُ دمـعةٌ تجری بوجنةِ كأس خمرك

وتهـزّ منـكَ فتنــثنی بقضیبِ قدِّك ریحُ سُكـرك

هذه الریح غالباً ما تحملُ عاطفة صادقة ممزوجة بالدموع واللوم والأسى والعتاب ومحفوفة بألوان الطبیعة وأزاهیرها، ومهما فصلت المسافات بین الأحباء، فإن الهواء لدیه قدرة یتفرّد بها .

یجمع شمل أنفاس الأحبة فلم تعد البحور عائقاً ولا الجبال سدّاً ولا الیابسة حاجزاً على النسیم العشقی الذی یصل من حیث لا ندری محملاً رائحة الحبیب، یدخل خلسة عن الآخرین لعبق فی أنفاس تنتظر وترقب مجیئه([22]) .

د ـ اللیل والصبح :

بعیداً عن عیون المبغضین والحاسدین والكاشحین والأعداء فالغزل الخفاجی مسرحه اللیل حیث اللهو والخمر المجون، وإن كان هذا لیس موضوع بحثنا ولكن نطرقه من باب ذكره للطبیعة فی كل غرض([23]) .

وكما ذكرنا سابقاً بأن ابن خفاجة له مثلثه الخاص وهو : الطبیعة ، الخمرة ، المرأة، فیقول فی ذلك :

نادمـتها لیلاً وقد طلـعت به شمساً وقد رقّ الشراب سرابا

وترنّمت حتى سمـعت حمامةً حتى إذا خـسرت زجرت غرابا

والحبیب من ظلمة اللیل كنور الشمس ساطع :

یقـرأ واللـــیل مدلـهمّ لنـور إجـلائه كتــابا([24])

وربّ لیـلةٍ سهـرتُ فیـه أزجـرُ من جنحهِ نِـكابا

حتـى إذا اللیل مال سـكراً وشـقّ سـرباله وجـابا

وحام من سُـدفه عــرابُ طالـت بهِ سنّه فشــابا

واللیل زینته عینا الحبیبة وخدّاها فهو كالثغر فی وجه اللیل، ویصف ابن خفاجة غلاماً قام یقدم له الخمر فی الدجى وقد بهر بجماله :

واللـیلُ ستـرٌ دوننا مرسلٌ قد طـرّزنهُ أنجمٌ حمرُ[25]

أبكی ویشجینی ففی وجنـتی مـاءٌ وجـنته جــمرُ

وبات یسقیـنی تحت الدجى مشـمولةً یمزُجُها القطرُ

واتسـمت عن وجـهة لیلةٌ كأنـه فی وجـهها ثـغرُ

فصورة اللیل تتكرر فی معظم قصائده الغزلیة ونكاد جمیعها تتشابه وتقترن بصورة الصباح فلا نفرّق بین الأسود والأبیض إلا حسیاً والنور والظلمة وذلك ن ابن خفاجة كان فی غزله وصفیاً بعیداً عن الخیال الجامح قریباً من الفطره مّیالاً إلى المحسوس المعاش والمألوف .

هـ ـ القمر :

قال، وقد طلع علیه القمر فی بعض لیالی أسفاره، فجَعَل یُطرِقُ فی معنى كُسوفِهِ وإقمارهِ، وعِلَّةِ إهلالِهِ تارّةً وسِرارهِ، ولزومه لمركزه مع انتقامه فی مَدارِهِ، مُعتَبِراً بحَسبِ فَهمِهِ واستطاعته، ومُعتقداً أنَّ ذلكَ معدودٌ فی عبادة الله وطاعته، لقـوله تعالى : ﴿ إنَّ فی خَلقِ السَّمواتِ والأرضِ وَاختلافِ اللّیلِ والنَّهارِ لآیاتٍ لأُولی الألبابِ ﴾ [ آل عمران 3/190 ] .

فیقول([26]) :

لَقَد أصَـختُ إلى نجواكَ مِن قَـمَرِ وَبتُّ أُدلجُ بَینَ الوَعـیِ والنَّـظَرِ([27])

لا أجتَلِی لُمَـحاً حَتَّى أعِی مُلـَحاً عَدلاً مِنَ الحُكمِ بَینَ السَّمعِ والبَصَرِ([28])

وَقد مَلأتَ سَوادَ العینِ مِن وَضحٍ فَقَرِّطِ السَّمعَ قُرطَ الأُنسِ مِن سَمَرِ([29])

فَلَو جَمَعتَ إلى حُسنِ مُــحاوَرَةً حُزتَ الجَمالینِ مِن خُبرٍ وَمِن خَبَرِ

وإن صَمَتَّ فَفی مَرآك لی عِـظةٌ قَد أفصَحت لِیَ عَنها ألسُـنُ العِبَرِ

تَمُـرُّ مِن ناقِصٍ حَوراً ومُكـتملِ كَوراً وَمِن مُرتقٍ طَـوراً ومُنحَدِرِ([30])

والنَّاسُ مِن مُعرضٍ یَلهَى ومُلتِفتٍ یَرعَـى ومِن ذاهِلِ یَنسـَى وَمُدَّكِرِ

تَلهُو بسـاحاتِ أقـوامٍ تُـحدِّثُنا وَقد مَضَوا فَقَضـَوا أنَّا عَلى الأثـرِ

فَإن بَكَیتُ وَقَد یَبكی الجَلیدُ فَـعَن شَـجوٍ یُفَجِّرُ عَینَ الماءِ فی الحَجـَرِ([31])

فعناصر الطبیعة لا تنتهی فی شعر ابن خفاجة، فهناك الطیور والبرق والجو والشمس والبدر وغیرها، وقد كثرت فی الأندلس الریاض والبساتین وصدحت فی جنباتها الطیور وتوزعت فی أنحائها الجداول، وباتت حواضر الأندلس تؤلف عقداً من الحدائق وهذا ما أوجد لدى شعراء الوصف میلاً إلى وصف الأزهار فتركوا قصائد تدخل فی باب شعر النوریات وبلغ ولعهم بمباهج الزهر إن بقیت صوره مطبوعة على صفحات خیالهم([32]) .

و ـ السماء :

نلاحظ فی هذا المظهر الطبیعی الوصف الوجدانی كما تظهر النزعة النفسیة نتیجةً لذلك، إذ یفیض الشاعر على الأشیاء، حتى تطالعنا بأحداق وملامح إنسانیة تضحك وتبكی تطرب وتشقى، تعانی وطأة الوجود وتغتبط به، فكأنها إنسان متكامل سویَ، أو كأن الشاعر یصف ذاته من خلال الأشیاء .

ومن هنا قول ابن خفاجة واصفاً حسد السماء([33]) :

ألا یا حـبذا ضحك الحمیّا بحانـتها وقد عبس المـساء([34])

وأدهم من جیـاد الماء مهر تنـازع جـلّه ریـح رخـاء([35])

إذا بدت الكواكب فیه غرقى رأیت الأرض تحسدها السماء

نظر الشاعر إلى السماء فتأثر برؤیتها وانثنى لوصفها، فهو لم یعبّر خلاله عما رآه وحسب بل عبّر مما رآه إلى ما شعر به، ولعلّ الوجدانیة، خلال تلك الأبیات، تظهر منذ البیت الأول حیث تراءت الخمرة كأنّها تضحك أمام عبس السماء، فالضحك والعبس هما من ذات الشاعر، والحسد اندمج فی نفس السماء التی تحسد الأرض .

وتشغل ید الطبیعة شعر ابن خفاجة بجمیع ما تعرض له من حسن نضارة وزینة وحلی وأصباغ وألوان وعاطفة حتى بدت لغته تمتاز بالنعومة والانسجام، یحلّی معانیه استعاجات وتشابیه وضروب جمیلة أحیاناً غموض الرمز وغلالة الإیحاء، فیبدو علیها اجتلاب التكلف .

المبحث الثانی : خصائص شعره فی وصف الطبیعة .

1 ـ جعل وصف الطبیعة، حركة أدبیة شاملة، لا غرضاً مستقلاً وحسب .

2 ـ تفنن فی الموضوعات وتنوّع : البیئة المترفة، القصور والبرك، الفن والبحر .

3 ـ مزج قوی بین جمال المرأة وجمال الطبیعة « إنه إذا تغزل فصاغ من الورود خدوداً ومن النرجس عیوناً » .

4 ـ انصراف إلى تصویر الجانب الضاحك من الطبیعة .

5 ـ اهتمام بالأوصاف الحسیّة والمظاهر الخارجیّة، على العنایة بالجزئیات كالزهرة والنسمة .

6 ـ تجاوب نفسی ومشاركة عند الكثیرین وتشخیص .

7 ـ لقلة الغوص على الفكرة، واعتناء بلطف الإخراج على غزارة فی الصور والألوان .

8 ـ تعلّق الشاعر الأندلسی ببیئته الطبیعیة وهیامه بها هیاماً مبالغاً بلغ حدّ الحلولیّة، إذ إن الطبیعة شكّلت حضوراً فی معظم إبداعاته الفنیّة حتى تشظّى معجمها فی مختلف الأغراض من غزل ومدح ورثاء ووصف، وبلغ هذا التمازح بین الشاعر والطبیعة مرتبة التشخیص والأنسنة .

9 ـ كانت المرأة صورة من محاسن الطبیعة، والطبیعة تجد فی المرأة ظلها وجمالها، ولذا كانت الحبیبة عند ابن خفاجة روضاً وجنةً وشمساً، وهكذا كانت العلاقة شدیدة بین جمال المرأة وبین الطبیعة فلا تُذكر المرأة إلا وتُذكر الطبیعة .

10 ـ شعره كما ذكرنا سابقاً أنه كان یُعنى بتشخیص الطبیعة وتصویرها على نحوٍ إِنسانی تملؤه الحركة والنشاط .

11 ـ الطبیعة عن ابن خفاجة ضاحكة طروب، هی مسرح للهو ومقصف للشراب، ولذا فقد هتف ابن خفاجة بالخمر فی جو الطبیعة كما بینا ذلك فی متن البحث .

12 ـ یمثل ابن خفاجة نهضة شعر الطبیعة فی الأندلس، وقد استطاع أن یصور طبیعتها الجمیلة والحیاة اللاهیة فی أحضانها، وكان فی وصفهِ مصوِّراً بارعاً یعتمد على دقة ملاحظته إلى جانب قوة خیاله .

13 ـ الامتزاج الكلی بها، وهذا ظهر فی بعض قصائده ولا سیما قصیدته فی وصف الجبل، والتی أشرتُ إلیها فی ثنایا البحث .

المصادر والمراجع

الخاتمة

خاتمةً لا بد لنا من التذكیر أن الأندلس، فی إطار ما عرفت من ضروب شعریة وغنائیة فنیة وأدبیّة، كانت مقتبسة أو مستوحاة بمجملها عن الواقع الذی عاشه العربی فی الشرق قبل فتح الأندلس، الأرض الخضراء، التی طّورت فی شعره كل ما وجدت قابلاً للحیاة، بتأثیر نضرة أراضیها، وخصوبة ریاضها، وفسیح جناتها، وأنطبع غناها فی نفس العربی حباً للعیش، والعبث، واللهو، والمجون، والتبذیر، ومجالس اللهو والغناء .

إن العربی الذی لم یكن یعرف من الصحراء سوى النیاق والقیظ، والذی وجد فی طبیعة الأندلس الساحرة ملاذاً یهرب إلیه من وهج حیاته القدیمة، وهكذا شاعرنا ابن خفاجة الذی جعل الطبیعة معلماً من معالم الشعر .

وأنا ، فی بحثی هذا ، أَشهدُ أنّنی لم أَدّخر وُسعًا فی إعطاء المعلومة الصحیحة ، وبذل الجهودِ المضینه للوصول إلى الحقیقة ، غیر حاسبٍ لصحَّتی ووقتی حسابًا ومُردّدًا قول ابن الأثیر فی المثَل السّائر " لیس الفاضِلُ مَن لا یَغلطُ ، بل الفاضِلُ من یُعَدُّ غَلَطه " .

وبهذا ....

أتمنى أن أكون قد وفقت فی تقدیم بحثی هذا ، وإن كنت قصّرت عن ذلك، فلأن النقص من طبائع البشر .





1 ـ الطبیعة فی الشعر الأندلسی ، د.جودت الركابی ، مطبعة الشرقی بدمشق ، ط2 1970م .

2 ـ الإنسان والطبیعة فی شعریة ابن خفاجة والرومانسیین الفرنسیین ، د. زهر العنانی ، دار المتنبی للنشر والتوزیع ، الأردن ، ط1 2002م .

3 ـ دفاتر أندلسیة فی الشعر والنثر والنقد والحضارة والأعلام ، د. یوسف عید ، المؤسسة الحدیثة للكتاب ، طرابلس ، ط1 2006م .

4 ـ ابن خفاجة ، د. محمد رضوان الدایة ، دار قتیبة ، ط1 1972 .

5 ـ دیوان ابن خفاجة ، شرح وتحقیق : یوسف شكری فرحات ، دار الجیل ، بیروت .

6 ـ موسوعة الحضارة العربیة العصر الأندلس ، د. یوسف عید ، ط1، ج6 .

7 ـ معجم الحضارة الأندلسیة ، د. یوسف عید و د. یوسف فرحات ، دار الفكر العربی ، بیروت .

8 ـ الشعر الأندلسی فی عصر الموحدین ، د. فوزی سعد عیسى ، دار المعرفة الجامعیة ، الاسكندریة ، 1996م .

9 ـ ملامح الشعر الأندلسی ، د. عمر الدقاق ، دار الشرق العربی ، بیروت .

10 ـ فی الأدب الأندلسی ، د. محمد رضوان الدایة ، دار الفكر ، بیروت ، 2000م

(1) :ـ د. محمد مجید السعید، الشعر فی عهد المرابطین والموحدین، ط2، بیروت الدار العربیة للموسوعات، 1985 ص 116.

(2) :ـ د. سعد إسماعیل شلبی، البیئة الأندلسیة وأثرها فی الشعر، عصر ملوك الطوائف، دار نهضة مصر، القاهرة، 1978 ص100.

(1) :ـ د.جودت الركابی، فی الأدب الأندلسی ، ط2 دار المعارف بمصر 1960، ص126.

(2) :ـ المصدر السابق ، ص124.

(1) :ـ د. محمد رضوان الدایة ، فی الأدب الأندلسی، ط1 دار الفكر المعاصر بلبنان 2000م ، ص121 .

(1) :ـ د. یوسف عید ، دفاتر أندلسیة فی الشعر والنثر والنقد والحضارة والأعلام ، المؤسسة الحدیثة للكتاب بالبنان 2006 ، ص844 ـ 846.

(2) :ـ عطفها : العمود الفقری .

(3) :ـ عاطى بها : یشرب ، أحوى : البیاض فی العین .

(4) :ـ اللمى : قلب الشفة ، شنب : الأسنان البیضاء .

(5) :ـ التیار : الهواء .

(1) :ـ انظر القصیدتین فی ترجمة ابن خفاجة فی كتاب فی الأدب الأندلس ، د. محمد الدایة ، ص 337 _ 339 .

(2) :ـ د. جودت الركابی ، الطبیعة فی الشعر الأندلسی ، ط2 مكتبة أطلس بدمشق 1970م ، ص 53 .

(2) :ـ د . جودت الركابی ، الطبیعة فی الشعر الأندلسی ، ط2 مكتبة أطلس بدمشق 1970م ، ص 50 _ 52 ، وأنظر أیضاً :

د. زهر العنانی ، الإنسان والطبیعة فی شعریة ابن خفاجة والرومانسیین الفرنسیین ، دار الكتاب للنشر والتوزیع ، 2002م .

(1) :ـ المصدر السابق ، ص 51 .

( 2) :ـ دیوان ابن خفاجة ، تحقیق د. یوسف شكری فرحات، دار الجیل، بیروت، وتحقیق د. سید غازی، ط2، منشأة المعارف، الاسكندریة، مطبعة دار صادر بیروت ، ص 158 ، وأنظر أیضاً : د. یوسف عید ، دفاتر أندلسیة فی الشعر والنثر ..... .

(3) :ـ العیناء : الخضراء .

(1) :ـ المصدر السابق ، ص 283 .

(1) :ـ د. یوسف عید ، دفاتر أندلسیة فی الشعر والنثر والنقد والحضارة والأعلام ، ص 671 .

(2) :ـ ابن خفاجة ، الدیوان ، تحقیق : یوسف فرحات ، ص 348 .

(1) :ـ المصدر السابق ، ص 360 .

(2) :ـ المصدر السابق ، ص 362 .

(1) :ـ المصدر السابق ، ص 358 .

(2) :ـ د. یوسف عید ، دفاتر أندلسیة ، ص 676 .

(1) :ـ المصدر السابق ، ص 341 .

(2) :ـ المصدر السابق ، ص 353 .

(1) :ـ ابن خفاجة ، الدیوان ، ص 281 .

(2) :ـ أصختُ : استمعتُ ، أُدلِجُ : أُسیرُ مِن أوَّل اللیل .

(3) :ـ أجتلی : أنظر .

(4) :ـ الوَضَحُ : بَیاضُ الضَّوءِ .

(5) :ـ الحورُ : النَّقص ، الكور : الزِّیادة .

(6) :ـ الجلید : الصَّبور على المكروه، والقویّ : الشّجوُ : الهَمُّ والحَزَنُ .

(7) :ـ د. یوسف عید، موسوعة الحضارة العربیة، العصر الأندلسی، ج6 ، ص 1028 .

(1) :ـ د. یوسف عید ، دفاتر أندلسیة ..... ، ص 837 .

(2) :ـ الحمیّا : الخمرة ؛ ضحك الحمیَا : كنایة عن لمعانها .

(3) :ـ أدهم : لیل شدید الظلمة ، مهر : ناشط بالمطر ، ریح رخاء : ریح لینة غیر عاصفة .

+درج شده توسط مترجم عربی - دکتر مهدي شاهرخ در چهارشنبه ۱۱ فروردین ۱۳۸۹و ساعت 18:10|

 اهتم العرب بلغتهم كثيراً وتحدثوا عن لغة الكتاب والشعراء، فقال ابن رشيق:(وللشعراء الفاظ معروفة وامثلة مألوفة لا ينبغي للشاعر ان يعدوها ولا ان يستعمل غيرها، كما ان الكتاب اصطلحوا على الفاظ بأعيانها سمّوها الكتابية لا يتجاوزونها الى سواها الا ان يريد شاعر ان يتظرف باستعمال لفظ اعجمي فيستعمله في الندرة وعلى سبيل الخطرة) ونبهوا الى ما يكرر الاديب او المتحدث من الفاظ، فقال الجاحظ: (ولكل قوم الفاظ حظيت عندهم وكذلك كل بليغ في الارض وصاحب كلام منثور،

 وكل شاعر في الارض وصاحب كلام موزون فلابد من ان يكون قد لهج وألّف الفاظاً بعينها ليديرها في كلامه وان كان واسع العلم، غزير المعاني، كثير اللفظ)، وعقدوا فصولاً للالفاظ وكان مقدراً لتلك البحوث ان تبقى مزدهرة لولا ما أصاب اللغة العربية من جمود في العهود المتأخرة فانحصر البحث اللغوي في المعاجم او في المقدمات التي كانت تعرض للفصاحة في كتب البلاغة المتأخرة. واولى العلماء في مطلع القرن العشرين النقد اللغوي اهمية كبيرة ولكن النقد حينما تأثر بالفكر الغربي واخذت التيارت الاجنبية تصطرع اصبح ذلك النقد في الظل وصار النقاد لا يعرضون لأحكامه الا في بعض الاحيان ولا يلتمسونه الا حينما يتحدثون عن الفصاحة وشروط اللفظة المفردة، وهو ما وقف عليه البلاغيون جهودهم في القديم، وليس ذلك بصحيح، لأن النقد اللغوي من اهم ما ينبغي الالتفات اليه، واثار ذلك العزوف الباحثين وتحدثوا عنه وذكروا اهمال المعاصرين له، وكانت الشاعرة نازك الملائكة من اكثرهم حماسة للعناية باللغة، وكتبت بحثاً عن (الناقد العربي والمسؤولية اللغوية) قالت في مطلعه (تتجلى لمن يراقب النقد العربي المعاصر ظاهرة خطيرة شائعة فيه، ملخصها ان النقاد يتغاضون تغاضياً تاماً عن الاخطاء اللغوية والنحوية والاملائية، فلا يشيرون اليها ولا يحتجون عليها وكأنهم بذلك يفترضون ان من حق اي انسان ان يمزق القواعد الراسخة وان يصوغ الكلمات على غير القياس الوارد وان يبتدع انماطاً من التعابير الركيكة التي تخدش السمع المرهف، وكأن من واجب الناقد ان يوافق على ذلك كله موافقة تامة فلا يشير الى الاخطاء ولا يحاول حتى ان يعطي تلك الاخطاء تخريجاً او مسامحة، ولقد اصبح هذا التغافل هو القانون النافذ في كل نقد تنشره الصحف الادبية حتى لقد يتصدى الناقد الى نقد ديوان شعر مشحون بالاغلاط المخجلة، فلا يزيد على ان يكيل كلمات الاعجاب للشاعر على تجديده وابداعه مهملاً التعليق ولو بكلمة زجر عابرة على فوضى التعابير والاخطاء.
أفلا ينطوي هذا الموقف من النقاد على تشجيع واضح للجيل كله على الاستهانة باللغة العربية والاستخفاف بقواعدها الرصينة؟ والى أي مدى ينبغي ان يعد الناقد نفسه مسؤولاً عن لغة الشعر المعاصر) وترى ان ازدراء الناقد للجانب اللغوي ليس الا صورة من ازدراء الشاعر نفسه للغته وقواعدها، فقد استقر في اذهان الشباب ان الاهتمام باللغة والحرص على قواعدها يدلان على جمود فكري، ولذلك اخذ بعضهم يزدري اللغة ويهمل المقاييس بقواعد اللغة لذاتها ولا تحب ان تنصب مشانق ادبية لكل من يستعمل لفظته استعمالاً يهبها حياة جديدة او يدعو الى الاستغناء عن بعض شكليات النحو البالية، بل تؤمن ايماناً عميقاً بالتجديد المبدع وتعتقد ان هذا التجديد لا يتم الا على ايدي الشعراء والكتاب والنقاد المثقفين الموهوبين. تقول: (ان الشاعر بإحساسه المرهف وسمعه اللغوي الدقيق يمد للالفاظ معاني جديدة لم تكن لها، وقد يخرق قاعدة مدفوعاً بحسه الفني فلا يسيء الى اللغة وانما يشدها الى الامام، الشاعر او الاديب اذن هو الذين تتطور على يديه اللغة، اما النحوي واللغوي فلا شأن لهما به، النحوي واللغوي عليهما واجب واحد هام، واجب الملاحظة واستخلاص قواعد عامة من كلام المرهفين من الكتاب والشعراء، على ان الاديب الذي سنتفق على تسميته مرهفاً.. لابد ان يملك ثقافة عميقة تمتد جذورها في صميم الادب المحلي قديمه وحديثه من اطلاع واسع على ادب امة اجنبية واحدة على الاقل، بحيث يتهيأ له حس لغوي قوي لا يستطيع معه ان هو خلق الا ان يكون ما خلق جمالاً وسمواً، فاذا خرق قاعدة او اضاف لوناً الى لفظة او صنع تعبيراً جديداً احسسنا انه ا حسن صنعاً وامكن لنا ان نعد ما أبدع وخرق قاعدة ذهبية.
ان الشاعرة نازك الملائكة ناقدة لغوية، وهي لا تريد ان تنحدر لغة الادب المعاصر، ولذلك وجهة عنايتها الى هذا الجانب منذ عهد مبكر وفي مقدمة ديوانها (شظايا ورماد) شيء من ذلك، ثم برزت عنايتها في كتاب (قضايا الشعر المعاصر) وكتاب (الصومعة والشرفة الحمراء) ومن آرائها ان (اللغة ان لم تركض مع الحياة ماتت) وان (اللغة العربية لم تكتسب بعد قوة الايحاء التي تستطيع بها مواجهة اعاصير القلق والتحرق التي تملأ انفسنا اليوم. انها قد كانت يوماً لغة موحية تتحرك وتضحك وتبكي وتعصف ثم ابتليت بأجيال من الذين يجيدون التحنيط وصنع التماثيبل فصنعوا من الفاظها نسخاً جاهزة ووزعوها على كتابهم وشعرائهم دون ان يدركوا ان ان شاعراً واحداً قد يصنع للغة ما لا يصنعه الف نحوي ولغوي مجتمعين).
ودعت الى ان يدخل الاديب المرهف (تغييراً جوهرياً على القاموس اللفظي المستعمل في ادب عصره فيترك استعمال طائفة من الالفاظ التي كانت مستعملة في القرن المنصرم ويدخل مكانها الفاظاً جديدة لم تكن مستعملة، وذلك لأن الالفاظ تخلق كما يخلق كل شيء يمر عليه اصبع الاستعمال في هذه الحياة المتغيرة، وهي تكتسب بمرور السنين جموداً يسبغه عليها التكرار فتفقد معانيها الفرعية شيئاً فشيئاً ويصبح لها معنى واحد محدد يشكل عاطفة الاديب ويحول دون حرية التعبير، ثم ان الاذن البشرية تمل الصور المألوفة والاصوات التي تتكرر وتستطيع ان تجردها من كثير من معانيها وحياتها.

+درج شده توسط مترجم عربی - دکتر مهدي شاهرخ در چهارشنبه ۱۱ فروردین ۱۳۸۹و ساعت 18:9|

جبران خليل جبران

١٤ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٦

جبران خليل جبران شاعر لبناني امريكي، ولد في 6 يناير 1883 م في بلدة بشري شمال لبنان وتوفي في نيويورك 10 ابريل 1931 م بداء السل، سافر مع أمه وإخوته إلى أمريكا عام 1895، فدرس فن التصوير وعاد إلى لبنان، وبعد أربع سنوات قصد باريس حيث تعمق في فن التصوير، عاد إلى الولايات الامريكية المتحدة، واسس مع رفاقه "الرابطة القلمية" وكان رئيسها.



من (بشرِّي) لبنان (1883 - 1895), حيث ولد وحيث تفتح وجدانه وخياله, انتقل إلى (بوسطن) (1895 - 1898) التي كانت تشهد -آنذاك- نهضة فكرية, وعاد إلى (بيروت) (1898 - 1902) ليعيش نكبات شرقه وتخلّفه, بينما كان يستزيد من تعلم العربية في بلاده. ثم إلى (بوسطن) ثانية (1902 - 1908), ليعيش تجربة الموت الذي حصد أسرته (1902 - 1904), ثم إلى (باريس) (1908 - 1910) ليسبر عمق التحول الثقافي والفني الذي كانت تشهده, وبعدها (نيويورك) (1911 - 1913), حيث يدرك معنى المدينة الحديثة في أوسع مفاهيمها.

ووسط (العالم الجديد), يناديه التاريخ في الحواضر العريقة فيسيح في مصر وفلسطين وسورية (1903), وتجذبه روما ولندن; فيقرأ فيهما نموّ الوعي الخلاّق في رحم التاريخ.

وتقدم الحرب العالمية الأولى لجبران أغزر وأغنى مادة للتأمل الجذري في طبيعة القوة وماهية الضعف في النفس البشرية. وينتهي إلى اكتشاف مكنون إنساني أعمق وأبعد من ظواهر القوة والضعف, هو قدرة الإنسان الروحية اللامتناهية, التي رأى التوصل إليها ممكنًا عبر الحوار الباطني مع النفس ومع الإنسانية.

كان ذلك الحوار هو طريق جبران إلى التجربة الصوفية, وكان -أيضًا- مصدر تحوّله من الرومنسي إلى رافض الحَرْفية والأنظمة الفكرية والفلسفية, ليركن إلى شاعرية الحكمة.

منذ أوّل مقال نشره بعنوان (رؤيا), وأول معرض للوحاته (1904) حتى اليوم, تتشاسع مدارات انتشار نتاج جبران; فيزداد -باضطراد- عدد ترجمات مؤلفه (النبي) ليتجاوز الثماني والعشرين لغة. وتقف العواصم الحضارية بإجلال أمام أعماله التشكيلية التي يقتنيها عدد من أهم متاحف العالم.

ويتكثف حضور جبران: الشاعر, والحكيم و(خلاّق الصور) كما كان يسمي نفسه. ويتفرّد نتاجه بمخيلة نادرة, وبإحساس خلاق مرهف, وبتركيب بسيط. وبهذه الخصائص, تبلور في لغته العربية -كما في الإنكليزية- فجر ما سيُدعى - فيما بعد- (القصيدة النثرية) أو (الشعر الحديث).

ويمكن تبيّن أربع مراحل في إنتاج جبران:

الرومنسية: كما تنعكس في كتيب (نبذة في الموسيقى) (1906), وأقصوصات (عرائس المروج) (1906), و(الأرواح المتمردة) (1908), و(الأجنحة المتكسرة) (1912), ومقالات (دمعة وابتسامة) (1914), والمطوّلة الشعرية (المواكب) (1919).

الثورية الرافضة: تتصعّد الرومنسية لتنتهي إلى اكتشاف أن القوة الإنسانية تكمن في الروح الخاص والعام, كما في مقالات وأقصوصات وقصائد (العواصف) (1920), و(البدائع والطرائف) (1923), وفي كتابه بالإنكليزية (آلهة الأرض) (1931).

الحِكَمية: تعتمد المثل أسلوبًا, كما في ثلاثيته إنكليزية اللغة: (المجنون) (1918), (السابق) (1920), و(التائه) (1923).

التعليمية: وفيها يختصر جبران خلاصات تجاربه وتأمله الحياة, والإنسان, والكون والعلاقات المتسامية. وهي المرحلة التي تُعَدّ ذروة نضجه الذي يتبدّى في ثلاثية أخرى باللغة الإنكليزية: (النبي) (1923), (يسوع ابن الإنسان) (1928), و(حديقة النبي) (1933).

ويكاد هذا النتاج / الموقف أن يكون علامة فارقة في تراث تباينت حوله الآراء, لكن كان هناك دائمًا إجماع على شموليته الإنسانية التي تروحن الغرب بحكمتها الصوفية, وتُخرج الشرق من المطلقات المسبقة إلى التجربة الشخصية الحية باتجاه المطلق.
+درج شده توسط مترجم عربی - دکتر مهدي شاهرخ در چهارشنبه ۱۱ فروردین ۱۳۸۹و ساعت 18:8|

الغموض في الشعر الحر

الغموض يلف الشعر الحديث وقسماته، ويخفي جوهره وعلاقاته بأشقائه في دوحة الأدب، وزاد الفجوة التي تفصل بين كثير من النصوص الشعرية المعاصرة، وجمهور واسع من القراء. ظاهرة الغموض جاءت من أمور، منها: الغموض الدلالي، استحالة الصورة الفنية، غموض الرمز.اللغة الشعرية
لغة الشعر هي لغة الإشارة في حين أن لغة النثر هي لغة الإيضاح ولابد للكلمة في الشعر أن تعلو على ذاتها، أن تزخر بأكثر مما تعنيه، أن تشير إلى أكثر مما تقول، عبر إدراك الشاعر لقدرات المجاز في منح اللغة مساحة أوسع من دلالتها المعجمية، يزيدها قوة تبدو في أنه يمكن للكلمات أن تعني أكثر مما تشير إليه. الكلمات لدى الشاعر تختلف عن الكلمات المستخدمة في الحياة اليومية؛ فالشاعر يستنفذ في الكلمات كل طاقاتها التصويرية والإيحائية والموسيقية، اللغة الشعرية تنظم وتشد مصادر اللغة العادية وأحياناً تنتهكها. وميّز الرمزيون اللغة الشعرية «ودعوا إلى أن تستعمل الكلمات بمعان جديدة بعد أن تآكلت واستهلكت من فرط الاستعمال، وحاولوا إيجاد حل لمشكلاتها، فاهتم «بودلير» ب«جمالية القبح» وشغل «رامبو» بلون الكلمة وإيقاعاتها الداخلية وروائح الإحساسات المنبعثة من الألفاظ ألواناً وروائح مختلفة، وأجهد «مالارميه» نفسه وحاول أن يحمّل اللغة ما لم تستطع القيام به من قبل، وجهد أن يبتدع لغة ينبثق منها شعر جديد، شعر لا يدور على وصف الشيء بل على تأثيره وهذا ما أوصله إلى نظرته الشهيرة في طبيعة الشعر التي انبثقت منها الدراسات الحداثية وهي أن «الشعر كلمات» يروي لنا «دانيال لوير DANIAL LEUWERS» حادثة الرسام «إدغارديغا» الذي اشتكى حين كان يجلس مع «مالارميه» من ضياع النهار وهو يحاول أن يكتب قصيدة قائلاً: «ومع ذلك، ليست الأفكار هي ما ينقصني، فإنني مفعم بها»، فتيسّر ل«مالارميه» أن يجيبه: «ليس بالأفكار تصنع القصائد ياديغا، وإنما بالكلمات»(1). النص الشعري يمثل تشكلاً دلالياً جديداً وانزياحاً للغة، والانزياح «الانحراف» هو خرق للقواعد وخروج على المألوف أو هو احتيال من المبدع على اللغة النثرية لتكون تعبيراً غير عادي عن عالم عادي، أو هو اللغة التي يبدعها الشاعر ليقول شيئاً لا يمكننا قوله بشكل آخر(2). والسبب في هذا الانزياح أن «للغة الشعرية قوانينها المختلفة عن قوانين الحديث اليومي أو النثر، فالشعر يهدم اللغة ليعيد بناءها وفق عالم محتمل الوقوع، ومن هنا ذهب «جان كوهين» إلى أن الانزياح شرط أساسي وضروري في النص الشعري.. ولكن الانزياح ليس هدفاً في ذاته وإلا تحوّل النص إلى عبث لغوي وفوضى في الرسالة الشعرية ذاتها، وإنما هي وسيلة الشاعر إلى خلق لغة شعرية داخل لغة النثر، ووظيفته خلق الإيحاء، وقديماً قال البحتري:والشعر لمحٌ تكفي إشارته
وليس بالهذر طوِّلت خُطبهُ(3)الصورة الشعرية
التصوير الفني عنصر أساسي وأصيل من عناصر الشعر، وهي الحد الفاصل الذي يميز بينه وبين العلم، قال أرسطو: «إن أعظم شيء أن تكون سيّد الاستعارات، فالاستعارة علامة العبقرية» ويقول المنفلوطي: «إن التصوير نفسه أجمل المعاني وأبدعها، بل هو رأس المعاني وسيدها(4) ويقول راي Ray: إن الصورة وحدها تكسب العمل جمالاً(5) إلا أن استحالة الصورة في الشعر أدت إلى الغموض في فهمه حيث تعبر بمهارة عن تمازج الرؤى والأفكار والأحاسيس تجمع بين الخيال والقدرة الفنية، فالخيال هو الروح والقدرة الفنية هي الجسم. الطاقة الفنية تستجيب لها إمكانات اللغة العربية في تناغم موسيقي وتصويري، وهنا شاهد للشاعر أحمد العدواني تطل منه فكرة الكتابة الحاملة رؤية مستحيلة حيث تمرد الكلمة وتغادر السطور حدود الأوراق: «كتبت أسطراً على الورق
ومرت الريح بها
فأصبحت دخاناً
وحينما أشعلت قلبي فاحترق
وجدت أسطري
تفجرت نيراناً»غموض الرمز
«
توظيف الرمز في القصيدة توظيفاً فنياً ناجحاً هدف سعى إليه الشاعر العربي المعاصر، ومطمح لا يزال يلح في الوصول إليه.يقول عبدالوهاب البياتي في هذا الخصوص: «أمَّا ديواني «الموت في الحياة» فهو قصيدة واحدة مقسمة إلى أجزاء، وأنا أعتبره من أخطر أعمالي الشعرية، لأنني أعتقد أنني حققت فيه بعض ما كنت أطمح أن أحققه من خلال الرمز الذاتي والجماعي ومن خلال الأسطورة والشخصيات التاريخية القديمة والمعاصرة.. عبَّرت عن سنوات الرّعب والنفي والانتظار التي عاشتها الإنسانية عامة، والأمة العربية خاصة»(6).الرمز أنواع منه: الرمز الأسطوري، الرمز الديني، الرمز التاريخي، الرمز الشعبي، وسنقف هنا عند الرمز الأسطوري. الأسطورة «الخرافة»: «هي القصص الخيالية التي نسجتها مخيلات الشعوب في العصر الأسطوري، وتبرز فيها قوى الطبيعة في صور كائنات حيّة، مبتدعة الحكايات الدينية والقومية وغيرها، وقد جسدها الأدباء في الملاحم والمآسي، ومن ذلك ملحمة جلجامش والإلياذة والأوديسية، ومأساة «أوديب ملكاً وسواها(7) و «الأساطير» قصص رمزية تروي حقائق أساسية ضمن مجتمعات لها تقاليد راسخة غير مكتوبة، وتعنى الأساطير عادة بالكائنات والأحداث غير الاعتيادية، لذا كانت من أغنى مصادر الإلهام للأدب والدراما والفن في مختلف أنحاء العالم (8).و«الأسطورة تتوافق مع مرحلة الطفولة للحضارة البشرية، مثلما تتوافق الفلسفات العقلية والتقنيات المتقدمة مع مرحلة البلوغ الحضاري»(9). أما عن نشأة الأسطورة «فقد اختلف الباحثون في تحديد نشأتها وطبيعتها وميدانها ومدلولاتها، ولكنهم اتفقوا في أنها تمثل طفولة العقل البشري وتقوم بتفسير الظواهر الطبيعية.. برؤى خيالية توارثتها الأجيال.. ولا تقتصر الأسطورة على زمن ما، فكما أن هناك أساطير قديمة كذلك يمكننا خلق أساطير معاصرة(10). اعتمد الشاعر الحديث على الأسطورة في تصويره الحالة الشعرية عنده، وربما القارئ لم يفهم ماذا يعني الشاعر لعدم فهمه لوظيفة الأسطورة في الشعر الحديث، ومما يزيد حدة الغموض أن بعض الشعراء يقتبسون الأساطير الإغريقية اليونانية القديمة، مثل أساطير أدونيس، وتموز وسيزيف.. هذه الأساطير لغرابتها بمثابة تحدٍّ لمشاعر القارئ و «الهدف من استخدام الأسطورة في أداء وظيفتها أن تكون مفهومة لدى المتلقي، وأن يكون مدلولها العام متجاوباً مع حقيقة مشاعره(11). وهناك من يرى أن «صلة الشعر بالأسطورة قديمة، وثمة من يقول: إن الشعر وليد الأسطورة، وقد نشأ في أحضانها وترعرع بين مرابعها، ولما ابتعد عنها جف وذوى، ولذلك فإن الشاعر في العصر الحديث عاد ليستعين بالأسطورة في التعبير عن تجاربه تعبيراً غير مباشر، فتندغم الأسطورة في بنية القصيدة لتصبح إحدى لبناتها العضوية، وهذا ما يمنحها كثيراً من السمات الفاعلة في بقائها، ومنها إنقاذها من المباشرة والتقرير والخطابية والغنائية، كما يخلق فيها فضاء متخيلاً واسع الأبعاد زمانياً ومكانياً (12).. الأسطورة تخفي معنى آخر تحت المعنى الظاهر «وقد يلجأ الشعراء إلى الأسطورة للتعبير عن قيم إنسانية محددة، أو لأسباب سياسية، بأن يتخذ الأسطورة «أو الشخصية الأسطورية» قناعاً يعبر من خلاله عمّا يريد من أفكار ومعتقدات(13). و«توظيف الرموز الأسطورية في بنية القصيدة واستلهامها يثري العمل الفني، وبخاصة إذا تضمن موقفاً معاصراً وعبّر عن تجربة جديدة»(14).ومن أسباب غموض الشعر الحديث تباهي الشاعر بالثقافة وسعة الاطلاع من خلال الإكثار أو الإلحاح على استخدام الأسطورة في الثقافة الغربية إذ «يتراوح استخدام الأسطورة في شعرنا المعاصر بين الاستخدام الخارجي الآلي منفصلة عن التجربة المعاصرة، وهي زخرفية أو تقدم دليلاً على ثقافة الشاعر أكثر من كونها دليلاً على شاعريته.. وتكون الأسطورة شاهداً لا يندغم في حالة التجربة أو في السياق، وهي مقحمة على العمل الفني.. وقد استدعاها الشاعر لتكون استعراضاً لثقافة.. أكثر مما استدعاها السياق للتعبير الوظيفي(15). ومن الأفضل استخدام الأساطير والرموز العربية المفهومة للقارئ حسب سياقها الفني في تجربة الشاعر المعاصرة.الشاعر جاسم الصحيّح استطاع استخدام الرمز بفنية فائقة في قصيدة له «عنترة في الأسر»:سيفٌ طريحٌ.. شاحبُ اللمعان.. منكسرُ الصليل
ومطهمٌ ذبلت على شدقيه رائحة الصهيل
وقصيدةٌ مطعونةٌ
بقيت على الرمضاء، ينزف من جراحتها العويل
والفارس «العبسيُّ» مغلول الملامحِ
في انهيار المستحيل
وأنا هنا أتوجس التاريخ
وهو مفخخ الأحداث بالزيف الدّخيل»الشاعر يرى في هذا العصر الضعف العربي، فينادي البطل العربي الأسطوري:أبا «الفوارس».. من صميم الوهم جئتك
حاملاً مجد البداوة والمضارب والقفار
متأبِّطاً أسطورتين
رضعت من ثدييهما زهوي
وعادة أمَّتي في الانتصار

فؤاد أحمد البراهيم

fuadah@ayna.com

(1) الحداثة في حركة الشعر العربي المعاصر» د. خليل الموسى، دمشق، مطبعة الجمهورية، ط1، 1991. ص98.
(2)
المصدر نفسه ص99.
(3)
المصدر نفسه ص 99ـ100.
(4) «
النظرات» للمنفلوطي ص132.
(5) «
الأسس الجمالية في النقد العربي»، عز الدين إسماعيل ص388.
(6) «
أنماط من الغموض في الشعر العربي الحر»، د. خالد سليمان، منشورات جامعة اليرموك 1987، ص33.
(7) «
الحداثة» د. خليل الموسى ص108.
(8) «
معجم النقد الأدبي المعاصر» تأليف د. إبراهيم كايد محمود ود. خليل الموسى، دمشق 1421هـ ص15 ـ 15.
(9) «
مجلة الفيصل» العدد 265 رجب 1419 ص100 مقال «علم الأساطير» ترجمة مجيد الماشطة.
(10)
المصدر نفسه ص103.
(11)
مجلة الكويت العدد «200» 28 صفر 1421هـ مقال «كيف نتذوق الشعر الحديث؟» لفاضل خلف.
(12) «
قراءات في الشعر العربي الحديث والمعاصر» د. خليل الموسى من منشورات، اتحاد الكتاب العرب2000 ص88 ـ89.
(13) «
في نقد الشعر العربي المعاصر دراسة جمالية»، د. رمضان الصباغ، دار الوفاء 1998 ط1 ص396.
(14) «
الحداثة»، د. خليل الموسى ص109.

+درج شده توسط مترجم عربی - دکتر مهدي شاهرخ در چهارشنبه ۱۱ فروردین ۱۳۸۹و ساعت 18:7|
- الید الواحده لا تصفّق (یك دست صدا ندارد)

4- وهب الأمیر ما لا یملك (از كیسة خلیفه می‌بخشد)

5- و للناس فیما یعشقون مذاهب (سلیقه‌ها یكنواخت نیست)

6- هل یصلح العطّار ما أفسد الدّهر (آب رفته به جوی باز نیاید)

7- من یمدح العروس إلّا أهلها (هیچ كس نمی‌گوید ماست من ترش است)

8- من كثر كلامه كثر ملامه (پرگو خطاگوست)

9- من قرع باباً و لجّ و لج (عاقبت جوینده یابنده است)

10- من طلب العلی سهر اللیالی (گنج خواهی در طلب رنجی ببر)

11- من طلب شیئاً وجدّ وجد (عاقبت جوینده یابنده بود)

12- من طلب أخاً بلا عیب بقی بلا أخ. (گل بی‌خار خداست یا كجاست)

13- من حفر بئراً لأخیه وقع فیها (چاه مكن بهر كسی اول خودت دوم كسی)

14- من جدّ وجد (عاقبت جوینده یابنده بود)

15- من صارع الحقّ صرعه (با آل علی هر كه در افتاد بر افتاد)

16- المعیدی تسمع به خیر من أن تراه (آواز دهل شنیدن از دور خوش است)

17- المحنه إذا شاعت سهلت (مرگ به انبوه، جشن باشد)

18- لكلّ فرعون موسی (دست بالای دست بسیار است)

19- لكلّ مقام مقال (هر سخنی جایی و هر نكته مكانی دارد)

20- ماحكّ جلدك مثل ظفرك (كسی نخارد پشت من جز ناخن انگشت من)

21- ماهكذا تورد یا سعد الإبل (راهش این نیست) (این ره كه تو می‌روی به تركستان است)

2- الكلام یجرّ الكلام (حرف حرف می‌آورد)

23- كلم اللسان أنكی من كلم السنان (زخم زبان از زخم شمشیر بدتر است)

24- كالمستجیر من الرّمضاء بالنّار (از چاله به چاه افتادن) (از بیم مار در دهان اژدها رفتن)

25- كلّ رأس به صداع (هر سری دردی دارد)

26- كلّ شاه تناط برجلیها (هر كس را در قبر خود می‌گذارند)

27- لا تؤخر عمل الیوم إلی غدٍ (كار امروز را به فردا میفكن)

28- لا یؤخذ المرء بذنب أخیه (گناه دیگری را بر تو نخواهند نوشت)

29- لكلّ جدید لذّه (نو كه آمد به بازار كهنه شود دل آزار)

30- لكلّ صارم نبوه (انسان جایزالخطا است)

31- لا یلدغ المرء من جحر مرّتین (آدم یك بار پایش در چاله می‌رود)

32- علی نفسها جنت براقش (خودم كردم كه لعنت بر خودم باد)

33- عند الشدائد تعرف الإخوان (دوست آن باشد كه گیرد دست دوست در پریشان حالی و درماندگی)

34- غاب القطّ إلعب یا فار (حال میدان برایت خالی شده هر چه می‌خواهی بكن)

35- فعل المرء یدلّ علی أصله (از كوزه همان برود تراود كه در اوست)

36- فوق كلّ ذی علم علیم (دست بالای دست بسیار است)

37- كالشمس فی رابعه النهار (مثل روز روشن)

38- كلام اللیل یمحوه النهار (كنایه بر كسی كه به قول خود عمل نمی‌كند)

39- قاب قوسین أو أدنی (كنایه از بسیار نزدیك بودن)

40- الصبر مفتاح الفرج (گر صبر كنی زغوره حلوا سازی)

41- الطیور علی أشكالها تقع (كبوتر با كبوتر باز با باز كند همجنس با همجنس پرواز)

42- عاد بخفّی حنین ـ عاد صفر الیدین (دست خالی بازگشت ـ دست از پا درازتر برگشت)

43- عصفور فی الید خیر من عشره علی الشجره (سركه نقد به زحلوای نسیه)

44- ربّ سكوت أبلغ من كلام (چه بسا سكوتی كه از سخن گفتن شیواتر است)

45- السكوت أخو الرّضا (سكوت علامت رضاست)

46- سبق السیف العذل (دیگر كار از كار گذشت)

47- زاد الطّین بلّه (خواست ابرویش را درست كند زد چشمش را كور كرد)

48- رحم الله إمری‌ء عمل عملاً صالحاً فأتقنه (كار نیكو كردن از پر كردن است)

49- حبه حبه تصبح قبه (قطره قطره جمع گردد وانگهی دریا شود)

50- الحسود لا یسود (حسود هرگز نیاسود)

51- الحقّ مرّ (حرف حق تلخ است)

52- خیر الأمور أوسطها (اندازه نگهدار كه اندازه نكوست)

53- خیر البرّ عاجله (در كار خیر حاجت هیچ استخاره نیست)

54- خیر الناس من ینفع الناس (بهترین مردم كسی است كه به مردم نفعی برساند)

55- خیر الكلام ما قلّ و دلّ (كم گوی و گزیده گوی چون درّ تا جهان زاندك شود پر)

56- خالف تعرف (مخالفت كن و مشهور شو)

57- أین الثری و أین الثریّا (این كجا و آن كجا) (تفاوت از زمین تا آسمان است)

58- بات یشوی القراح (آه ندارد كه با ناله سودا كند)

59- بلغ السّكین العظم (كارد به استخوان رسید) (كاسة صبرش لبریز شد)

60- بیضه الیوم خیر من دجاجه الغد (سركه نقد به زحلوای نسیه است)


+درج شده توسط مترجم عربی - دکتر مهدي شاهرخ در چهارشنبه ۱۱ فروردین ۱۳۸۹و ساعت 18:5|

تحلیل قصیدة احمد شوقی

"الأندلس الجدیدة

1.     تمهيد:

تنتمي قصيدة احمد شوقي ،"الأندلس الجديدة"، إلى تيار البعث والإحياء الذي يتجسد في الاستلهام بتقاليد القصيدة الكلاسيكية أي الالتزام بعمود الشعر من حيث البناء و اللغة و التصوير الفني. و إلى جانب ذلك إحياء القيم و الثقافة العربية عبر استحضار ما يتخصص به الشعر الكلاسيكي من قيم و تمثلات عن الجمال و الطبيعة و الإنسان و الحياة.

كما أننا نلاحظ أنّ خطاب الإحياء يجمع بين التقاليد الفنية و الاستجابة لضرورة العصر و من تمّ الانخراط في القضايا الوطنية و القومية و الخوض في المسألة الاجتماعية.

و على ضوء مقومات البعث و الإحياء نرى مساهمة أحمد شوقي في هذا الخطاب، حيث أنّه يكتب على منوال الشّعر الكلاسيكي يتشبع باللّغة العربية الإسلامية و يجمع بين اللّغة السّليمة و المواضيع الآنية.

نظم أحمد شوقي قصيدته التي قالها اثر سقوط أدرنة بيد البلغار و تشكل رثاء مميزا فتكشف عن عاطفة صادقة يكنّها الشاعر للعثمانيين باعتبارهم سيف الإسلام.  

 

2.     تلخيص:

كغيره من شعراء البعث و الإحياء، يضع الشاعر عنوانا للقصيدة و هو يختار عنوان "الأندلس الجديدة" ليضرب عصفورين بحجر واحد، فمن جهة هو يذكر مدينة يفتخر بها تاريخ الإسلام و لها صددها في العالم الإسلامي، و من جهة أخرى ينبأ الشّاعر قارئه أنّه سيكلّمه عن مدينة، "أخت الأندلس"، شكلت كالأندلس أوج الحضارة العربية الإسلامية. فسيخدم ذلك هدف أحمد شوقي: "رثاء أخت الأندلس، أدرنة".

 فبهذا  يحمل عنوان هذه القصيدة شيئا من الحزن والأسى. كما أنّ أحمد شوقي يحضر الماضي بقوة "أخت أندلس" "مقدونيا" مما ينتج عنه احساس بالحزن والاسى 

تذكرنا المقطوعة الأولي للقصيدة النسيب أي الافتتاحية الطلليّة التي نجدها في القصيدة الكلاسيكية، و بعد البيت الأوّل يباشر الشّاعر في وصف الحالة التي وصل إليها العالم بعد فقد الأندلس و أختها.

ففي هذا الوصف الدقيق يأتي على ذكر الأسباب و العواقب، و نجد في طريقته هذه تجديدا في توظيف النّسيب، فهو يصل بينه و بقية القصيدة و يستعمله بمثابة مقدّمة لما سيسرده.

يربط الشاعر مدينة تركية فقدت على الحدود بمدينة لها صددها في العالم العربي الإسلامي: الأندلس. فهو يذكر أوجه الشّبه بين حال أدرنة و الأندلس "هوت الخلافة عنك و الإسلام"، "بكما أصيب المسلمون و فيكما دفن اليراع و غيّب الصمصام" يستعين إذا الشاعر بكناية تدلّ عن الألم و الحزن لما فقد و المأتم الدّائم. و الإقرار بهذا الفقدان أدّى حقا إلى انهيار أيام العّز و تاريخ العرب.

فكلمة "أيام" (البيت 7) ترمز إلى التاريخ و تحمل الإشارة إلى تاريخ العرب الممتلئ بالنصر و العزّة و الكرامة. غير أنّ هذا الوقت قد اختفي و يعود ذلك إلى الـ"قدر" و الممالك (السلطة) التي لم تأخذ بعين الإعتبار الدّهر "و الدّهر لا يألو الممالك منذرا فإذا غفلن فما عليه ملام".

ثمّ يجمع بين حالة أدرنة و حالة مقدونيا التي احتلّها الغرب، و يؤكّد في ندائه لها عن انتماءها للأمة الإسلامية، فيدافع عنها أمام المستنكرين من المسلمين لها.

 

3.     التحليل: 

في سيّاق فكري حول الأصالة و المعاصرة ظهرت في الساحة الأدبيّة نخبة من الشّعراء تبنّت موقفا شعريا يدعو إلى إحياء الشعر العربي الكلاسيكي و اتخاذ تقاليده الفنيّة. و كان خطابهم الشعري " خطاب البعث و الإحياء" .

"الأندلس الجديدة "، قصيدة أحمد شوقي، تنتمي إلى هذا التيّار. و قد يتناول من خلالها إشكالية تراجع الحكم الإسلامي العثماني في قوّته و سيطرته؛ مستعينا مثال مدينة "أدرنة" التي فُقدت.

فسنرى كيف يتحدّث أحمد شوقي عن قضية وطنية مستعملا أسلوب كلاسيكيا مضيفا إليه سمات تيار البعث و الإحياء.

تدخل قصيدة أحمد شوقي في إطار الرثاء، فكما شرحناه سابقا تبدأ القصيدة بافتتاحية طلليّة يذكر فيها الشاعر ما فقده مستعملا الحقل الدّلالي للألم و الحزن "جرحان" " يسيل و لا يلتام" "مأتم"، كما يستعمل الشّاعر ألفاظ تعبّر عن شعوره "ليت" "أترينهم هانوا"، "صبرًا أدرنة!".

عرف أسلوب أحمد شوقي في خصوصية لجوئه إلى الصّور القديمة، و في مثال قصيدتنا، لرثاء أدرنة و ذكر الصّفات المشتركة بين حاضهر و الماضي الذي يذكره. فيصف الماضي المجيد و المزدهر، فهو يفتخر بالدولة العثمانية التي عرفت انتصارات عديدة "كان بعزّهم و علوّهم يتخايل الإسلام".أمّا اليوم، فهو يستعيد تقهقر العهد الإسلامي عبر التاريخ و المناطق فأصبحت المدن تفقد واحدة تلوى الأخرى (مقدونيا، أدرنة). 

و يقول الشّاعر:" من فتح هاشم أو أميّة  لم يضع أساسها تتر و لا أعجام"، " و اليوم حكم الله في مقدونيا لا نقض فيه لنا و لا إبرام" لتذكير مجد و قوّة الحضارة العربيّة الإسلامية التي فقدت مع مرور الزّمن.

تمزج قصيدة "الأندلس الجديدة" بين الأغراض الشعريّة الكلاسيكيّة و بين قضايا الشّاعر و همومه. و نلاحظ ذلك من خلال الأدوات الفنيّة التي استعملها أحمد شوقي.

فإذا درسنا شكل القصيدة لوجدنا شكلها عمودي  بحرها طويل و وزنها واحد، كما أنّها تتبع قواعد العروض الخليلية. بالإضافة إلى ذلك  نلاحظ أن الصّور عند أحمد شوقي تعتمد على أساليب الشعر العربي القديم.آمّا فيما يخص البناء الصّوتي فنلاحظ تكرار بعض الحروف (السين و الميم) مما يجعل للقصيدة موسيقى داخلية هادئة رغم الذي أصاب المسلمين و هذا ما يفيد التّعبير عن مشاعر الشّاعر المتمثّلة في الألم. إذا، إنّ حضور هذه المعطيات الموسيقية تؤكد انتماء النص إلى تيار البعث و الإحياء.

 

يتّبع الشاعر تقاليد القصيدة العربية الكلاسيكيّة في التّصوير الفنّي و لكنّه يضفي عليها سمات من طابعه الجمالي الخاص.

و نرى ذلك في الأساليب البلاغيّة التي يستعملها الشاعر. ففي الآبيات الأولى:

-         يؤنّس في ندائه الأندلس: " يا أخت الأندلس"، طريقة تبيّن أهمية أندلس

-         استعارة: "نزل الهلال عن السّماء..."، تبيّن فقدان رمز الإسلام و بذلك زواله من تلك المنطقة

        "قدر يحط البدر و هو تمام"، يبيّن قدر أدرنة و الأندلس        

-         يشبّه الإسلام بالنّور الذي ينير العالم،  وغيابه يأتي بالظلام "وعمّ العالمين ظلام".

فنلاحظ أنّ أحمد شوقي يعمّ قصيدته بالأساليب البلاغية التي تزيد الإيقاع الدّاخلي للنصّ حزن و ألم، كما أنه يستعين بكلّ ما هو يرمز للإسلام "الهلال" "القدر" "مساجد كنّ نورا" لإبراز علاقته و فخره بالإسلام.

و إلى جانب ذلك يستعمل أيضًا المجاز و الاستعارة في إنشاء صور فنيّة تربط بين الأشياء المحسوسة و المجرّدة. مثلا:

-         "الهلال" رمز الإسلام (مجرّد)، نور الأمة الإسلامية، و "الظلام"(محسوس)، فإذا اختفى الإسلام عمّ الظلام.

-         "خبت مساجد كنّ نورًا جامعًا تمشي إليه الأسد و الآرام". العنصر المجرّد هي "المساجد" و العنصر المحسوس هو "النور". فنرى أنّ المساجد كانت ما يزيّن و ينير المدينة.

كما أنّنا نلاحظ أن الصّفات الحسيّة الملصقة بالعناصر المجرّدة مستقاة من أفعال أو حالات خاصة بالإنسان، مثلا:

-         الإسلام نجد فيه كلمة سلام و نرى بذلك عناية أحمد شوقي بالصياغة اللّغويّة.

 

عرف أحمد شوقي باهتمامه بالقضايا الاجتماعية، مما يجعل للمخاطب موقع متميّز داخل القصيدة. فنرى في المقطوعة الأولى رغبة الشاعر في إيصال و مشاركة حزنه و مأساته مع القارئ، فيجعل مصيبة أدرنة مصيبة المسلمين ككل كما كان الأمر للأندلس.

و يتابع ذلك في المقطوعة الثانية، حيث أنّه يؤكّد على وحدة الأمّة الإسلاميّة  "المسلمون عشيرة"، و يزيد على ذلك نداء إلى مقدونيا التي فقدها المسلمون و يؤكّد في ندائه لها عن انتماءها للأمة الإسلامية، فيدافع عنها أمام المستنكرين من المسلمين لها.

كما أنّه تجلّى في هذا الخطاب أسى الشاعر و حسرته و تجسّد ذلك في هيمنة الأسلوب الإنشائيّة:

-         "يا أخت أندلس عليك سلام"، نداء يبتدئ به الشاعر و يدّل على شوقه لهذه المدينة.

-         "كيف الخؤولة فيك و الأعمام"، "هل الممالك راحة ومنام؟"، استفهام يدلّ على حسرة الشاعر فهو يتساءل عن حال (أهله).

-         "صبرا أدرنة!" يستعمل الشاعر علامة التعجّب و كأنّه يقول لأدرنة أنّه يتألّم معها.

رأينا من خلال دراستنا إلمام الشاعر باللّغة العربيّة حيث أنّه يبيّن مهارته في استعمال أساليب الشعر القديم حيث أنّه يستعمل بدقة البناء الصّوتي لخلق جوّ الرثاء و الحزن، و يعتني بصياغته اللّغوية، فلا يضع كلمة إلاّ و هي في محلّها، هذا ما يعطي للقصيدة شيئا من الرّوحانية و كأنّها شخص يحكي و يبكي عماّ فقده، فيصل بذلك إحساس الشاعر عند قارئه و ينتج عن ذلك علاقة وطيدة بينهما.

و قد لاحظنا كذلك أنّ القصيدة مهما استلهامها بالشعر الكلاسيكي فهي تحضر تجديدا له مما يدخلها حيّز البعث و الإحياء، أوّل شيء نرى فيه هو الالتزام بالشكل العمودي للقصيدة الكلاسيكية و استعمال البحور الخليلية. ثمّ إنّ وجود عنوان يجعل القصيدة تنفرد عن بقية القصائد الكلاسيكية و تتجلّى بوحدة موضوعية، كما أنّ استعمال النّسيب رمز الشعر القديم كمقدّمة لقصيدته يوضّح للقارئ إلمام الشاعر باللّغة، غير أنّه الشاعر يصل بين النّسيب و بين القصيدة مما يشكل تجديدا. و أخيرا يتناول الشاعر موضوعا اجتماعيا و وطنيا مهم في عصره (تراجع الحضارة العربية الإسلامية بعد فقدان مدن عديدة).

فبذلك نجد في القصيدة المقوّمات الثلاث مقوّمات لتيّار "البعث و الإحياء": الشكل؛ التشبّع بالثقافة العربيّة الإسلاميّة؛ و الجمع بين اللّغة السّليمة و المواضيع الآنية.

و نرى في ما قاله غالي شكري تعريف الإحياء، فذلك ينطبق على معارضة الشاعرين اللّذان يستعملان  نفس الأسلوب الذي استعمله ابن زيدون و عنترة، فهما يظهران حسن استعمالهما للغة مما يعطيهما الحق في معارضة الآخرين "تقديس الماضي" (استعمال نفس الأسلوب) "وتوظيفه للحديث" (توظيفه لمبتغاهم و هنا المعارضة).

4.     الرّأي:

عاش أحمد شوقي في عصر يجبره على الكتابة بأسلوب كلاسيكي، فعلى كلّ شاعر أن يبيّن إلمامه باللّغة و أكثر لشوقي بكونه أمير الشّعراء، غير أنني لا أرى فائدة في التّعبير بأسلوب كلاسيكي في موضوع اجتماعي، فكلّ المجتمع لن يستوعب صور و مضمون النصّ، خاصّة إذا كان الموضوع من القضايا و الهموم المعاصرة، فعل كلّ الشعب أن يفهم نضال الشاعر ليسانده أم لا و للوصول إلى ذلك لا بدّ من استعمال لغة سليمة و سهلة، و ترك البلاغة لكلّ ما يحتاجها من مواضيع أخرى (الغزل، المدح...الخ).
+درج شده توسط مترجم عربی - دکتر مهدي شاهرخ در چهارشنبه ۱۱ فروردین ۱۳۸۹و ساعت 18:4|
«شعر در عصر اسلام»
نویسنده: محمد مددپور 
 شعر روح و باطن همه هنرهاست و هنرمندان همه در مرتبه سیر و سلوك باطنى خودشاعرند. اگر هیچ هنرى را در میان هنرهاى اسلامى به محك كلام نبى(ص)و ائمه(ع) سنجیده ندانیم،شعر چنین نخواهد بود زیرا شواهد بسیار در میان است تا بر این نظرحجت آید كه شعر حقیقى كلامى است كه روح القدس بر زبان شاعر جارى كند (1) .شاعردر ساحت‏خیال سكنى مى‏گزیند و دل مى‏گشاید به سوى عالم و آدم و مبدا عالم و آدم تادر افق چشم دل او حقیقتشان آشكار گردد.این نمود جز به انكشاف حقیقت و از آنجاالهام حقیقت‏به واسطه حجاب و یا بى‏واسطه نیست. در مرتبه بیواسطگى است كه شاعركلامش كلام روح القدس مى‏شود و گرنه مقام او همان است كه على(ع) فرمود: «نفث الشیطان على اللسان (2) . یعنى شیطان درایشى بر زبان شاعر جارى سازد.این بیان همان‏بیان سحرى است كه در كلام حضرت نبى(ص)آمده است(ان من البیان سحرا).امادر مقام بیواسطگى و آینگى نسبت‏به حق بر زبان شاعر حكمت جارى مى‏گردد چنانكه‏فرمود:«ان من الشعر لحكمة‏» گفت پیغمبر كه ان فى البیان سحرا و حق گفت آن خوش پهلوان لیك سحرى دفع سحر ساحران مایه تریاك باشد در میان آن بیان اولیاء و اصفیاست كر همه اغراض نفسانى جداست شاعران حقیقى همواره تمناى سیر به مقام روح القدس (3) داشته‏اند.زیرا با پایمردى‏قوه قدسى روح القدس مى‏توان به گنجهاى تحت العرش راه برد چنانكه حكیمان انسى‏گفته‏اند«تحت العرش كنوزا مفتاحه لسان الشعرا»یعنى زیر عرش گنجهایى است و زبان‏شاعران گشاینده آنند.اما شاعر عصر جاهلى كه درونش را هواى نفس پر كرده حتى زمین‏و آسمان حسى نزدیكش را نمى‏بیند و صورت ممسوخى از آن را كه همان صورت سافل‏و اسفل حیات حیوانى آدمى است ادراك مى‏كند.با این اوصاف شعر شیطانى جاهلى‏دیگر نمى‏توانست در برابر شعر رحمانى اسلام باقى بماند،همچنانكه بتهاى 360 گانه مكه‏به قوت عصاى پیامبر و تایید روح القدس شكستند مى‏بایست‏شعر و صورت خیالى كاو وگوژ نفس اماره جاهل فرو پاشد و از میان برود.حال با این مقدمه،نظرى به اوضاع آغازین‏ظهور شعر اسلام و بسط آن بیفكنیم. از آنجا كه شعر تنها هنر یا هنر غالب قوم عرب قبل از اسلام و به یك اعتبار تنها طریق‏تفكر عصر جاهلى بود،ظهور وحى در صورت قرآن و كلام الهى همه شاعران را تا مدتى‏مرعوب خویش كرد و بسیارى از اشعار را باطل ساخت و روح بسیارى از شاعران رامتحول گردانید.این تحول در مواجهه‏اى كه شاعران با كلام خدا(قرآن مجید)داشتندحاصل شد قرآن هیچ مشابهتى به كلام بشرى و شعر شاعران جاهلى نداشت.قرآن طى‏بیست و سه سال به حضرت نبى وحى شده بود. در آغاز سخن از هنرمندى حضرت نبى ختمى مرتبت(ص)گفتیم.این هنرمندى‏عبارت است از نسبت‏بى‏واسطه با ذات احدیت و نیوشایى اسرارى كه قدسیان با اودر میان گذاشته‏اند و بدینسان عالم اسلامى ابتدا در وحى اقامه شده است.قابلیت وجودپیامبر(ص)منشا اتصال روح القدس(جبرئیل امین)فرشته كلام الهى به او بوده است. عالم اسلامى همان ظهور و تجلى اسم اعظم الله اكبر و كل و حقیقت محمدى است كه‏بى‏حجاب در افق چشم دل پیامبر اسلام(ص)و اهل بیت عصمت و طهارت(ع)گشوده‏شده است.این مرتبه یعنى ظهور كلى عالم اسلامى اختصاص به انسان كامل دارد،اما درمراتب نزولى چنانكه ابن عربى در فتوحات مكیه بدان اشاره كرده وجود شاعران وهنرمندان را نیز فرا مى‏گیرد و پرتو الهام رحمانى و ربانى روحشان را در حال سكر آمیزادراك وحدت حقیقى روشن مى‏گرداند. سوره‏هاى آغازین كه در مكه وحى شدند دوران پر آشوبى را چون داهیه بزرگ براى‏شاعران پدید آورد.شاعران مجنون(جن زده)جاهلى ساحتى وراى ساحت‏شعر شیطانى(جنى)نمى‏شناختند. كلمات مهیج و تشبیهات خلاف آمد عادت با آهنگى بى‏سابقه چون‏صاعقه بر دل محجوب كافران و مشركان فرود مى‏آمد و آنها را از عاقبت تاریكشان دردركات جهنم هراسان مى‏ساخت.قرآن در آیات تشبیهى كه با صورتهاى خیالى به ظهورآمده بود، زبان پر راز و رمز را تفكر حضورى تشبیهى را به شاعران آموخت.آیاتى‏چون‏«الم تر كیف ضرب الله مثلا كلمة طیبة كشجرة طیبة اصلها ثابت و فرعها فى السماء... »(ابراهیم:24 و 25) و آیات نور نظیر «الله نور السموات و الارض مثل نوره كمشكوة فیها مصباح.المصباح فى زجاجه. الزجاجة كانها كوكب درى یوقد من شجرة مباركة زیتونة لا شرقیة و لا غربیة یكاد زیتها یضیى‏ء و لو لم تمسسه نار نور على نور یهدى الله لنوره من یشاء و یضرب الله الامثال للناس و الله بكل شى‏ء علیم(نور:35) لحنى بلند دارد،جمال وحسن الهى بالتمام در آنها ظاهر است و معنایشان عمیق است، احساس شاعرانه رابر مى‏انگیزد و صورتى از تخیل را ابداع مى‏كند كه در آن اشیاء در حجمهاى نا معهودى‏جلوه‏گر مى‏شوند.بدین ترتیب عالمى در قرآن و هنر قرآنى اقامه مى‏شود كه هنر شرك راطرد و نفى مى‏كند از اینجاست كه قرآن در سوره شعرا در آیاتى شاعرانى را كه به آنها شیاطین نازل مى‏شوند محكوم مى‏كند (4) .اینان شاعران بت پرست مكه بودند و هنر خود راصرف هجو مقدسات اسلام و تحقیر پیروان پیامبر مى‏كردند و از این لحاظ در زمره اولیاءشیطان و ضد اسلام به شمار مى‏رفتند. بنابراین آیات شاعران دو دسته‏اند یك دسته كه تابع‏ضلالت‏شیطانى‏اند و دیگرانى كه اهل ذكر كثیر و عمل صالح‏اند و همین دو دسته‏اند كه درسرتاسر تاریخ اسلام مظهر دوگانگى هنر دینى و دنیوى بوده‏اند.میراث ادب و فرهنگ‏ملل و نحل مشرك،و بهره‏مندى از ماثورات انبیاء و اولیاء اساس كار این دو گروه بوده‏است و در بالاترین مرتبه شاعران از حقیقت‏شیطانى گذشته و در زمره حكماى انسى‏كلمات الله را تلقى كرده‏اند. با ظهور حقیقت اسلام شعر شعراى باطل نسخ گردید و تا وقتى كه درهاى آسمان بازبود و عالم محل نزول وحى الهى بود شاعران باطل مرعوب شده بودند.بالتبع شعر باطل‏قدیم بالكل تعطیل شد و دیگر كسى مطابق ذوق شاعران كهن به ستایش شراب و عشق‏نمى‏پرداخت و اگر ستایش بود از اسلام و پیامبر اسلام و وصف مبانى اسلام بود.در این‏زمان خطبه به جهت فایده آن در تشحیذ حس دینى بسط یافته بود.در عصر خلفاى‏راشدین نیز این وضع ادامه یافت اما با به قدرت رسیدن امویان وضع برگشت و رجوعى‏دیگر به سوى شعر شیطانى جاهلى به سراغ و سروقت مسلمین آمد. از بزرگترین شاعران عصر پیامبر باید از حسان بن ثابت نام برد.او شاعر مخضرمى (5) بود كه‏«داهیه كبرى‏»(بلاى بزرگ)قریش خوانده شد،زیرا به تشویق پیامبر آنان را هجومى‏نمود.به فرمان پیامبر براى او در مسجد مدینه منبرى نصب كرده بودند و او از آن‏موضع در حضور حضرت نبى مشركان را هجو مى‏نمود.و پیامبر به او مى‏فرمود«اللهم‏ایده بروح القدس‏»(بارالها او را به واسطه روح القدس مؤید بدار). پیامبر همواره او راتایید مى‏كرد و مى‏فرمود كه تا وقتى كه به زبان خویش ما را یارى كنى به واسطه جبرئیل‏مؤید باشى (6) . كعب بن زهیر كه از شرك به اسلام روى آورده بود با قصیده‏اى به نام البرده(رداى‏افتخار)محبت رسول را طلبید (7) و پیامبر اجابت كرد.دیگر شاعران معروف مؤید به‏روح القدس كعب بن مالك و عبد الله بن رواحه‏اند كه پیامبر آنها را مامور به پاسخگویى به‏شاعران مشرك كرد.این شاعران در پرتو قرآن و سنت اغلب در قلمرو سیاست و اخلاق(حكمت عملى)منشا اثر بودند.اما هنوز بنیاد حكمى استوارى نیافته بودند و حكمت‏اشعار آنان اغلب به حضور عملى محدود مى‏شد و برخى از آنها به بیان تجربیات معنوى‏شخصى مى‏پرداختند.علاوه بر این هنوز شقاقى میان ظاهر و باطن پیدا نشده بود تاشاعرانى به وصف ظاهر(و ملازمه‏اش جهاد اصغر)و شاعرانى به وصف باطن(وملازمه‏اش جهاد اكبر)و عوالم روحانى بپردازند.در عصر پیامبر شاعران دینى همواره بنابه روایات اسلامى از ناحیه جبرئیل و عنایات ویژه روح القدس مطمئن بودند.چنانكه‏اشاره رفت‏حسان به اعتقاد برخى گرچه بنیانگذار شعر دینى نیست،اما رسالت الهى پیامبررا مدح مى‏گفت و خداوند تعالى را ستایش مى‏كرد و از آیات قرآنى بهره مى‏برد. در حقیقت‏شعر اسلامى در پرتو قرآن به ظهور آمد و شاعر و ادیب و خطیب اسلامى‏كم و بیش از فیض حقیقت قرآنى و وحى روح القدس(وحى دل و الهام عارفانه)برخوردارشده بودند.و گر نه تباینى ذاتى میان ماده و صورت شعرى صدر اسلام و عصر جاهلى‏پدیدار نمى‏شد. به هر تقدیر هنر اسلامى به مثابه هنرى مقدس همواره مبادى خود را در الهام ربانى‏اولیاء الله مى‏جسته است.بدین معنى در شعر نیز شاعران در جستجوى بنیادهاى متعالى آن‏بوده‏اند.و قصصى را به مثابه مبدا شعرى ابداع كرده‏اند.مى‏گویند اول كس كه در عالم‏شعر گفت آدم بود.و سبب آن بود كه هابیل مظلوم را قابیل مشئوم بكشت و آدم را داغ‏غربت و ندامت تازه شد،در مذمت دنیا و در مرثیه فرزند شعر گفت.همین حال رجوع به‏اصل موجب شده در پیدایى شعر دینى در عالم اسلامى،على(ع)مظهر و نمونه كمال‏انسانى حضورى كامل داشته باشد.دیوانى منسوب به او كه تقریبا شامل است‏بر 1500بیت در باب معانى دینى(ترغیب بر ترك دنیا،عبارات نیایشى،جملات اندرز آمیز درزمینه زهد و خرد)و ربانى،چنین تفكرى را باز مى‏گوید.در این دیوان روح شاعرانه‏جاهلى رنگ باخته و عالمى نو در عرصه حضور تخیلى و تخیل ابداعى اقامه گردیده‏است.از این نظر قرینه آن نهج البلاغه به مثابه اثر نثرى امیر مؤمنان تلقى مى‏گردد كه اساس‏تكوین ادب دنیا و دین اسلامى است. مدح و هجا نخستین صور شعر عصر اسلامى است (8) .در این شعر ملاحظات دینى‏كاملا داخل گردیده است،پس از صدر اسلام نیز همه فرق دینى جهت تایید تفكرات وآیینهاى خود و محكومیت تفكرات رقیبان از شعر فرقه‏اى بهره مى‏گرفتند.كه بر آن‏مى‏توان نام شعر كلام یا كلامى نهاد. در دوره امویان شعر سیاسى به تبع فرق مختلف از شیعه،سنى،خارجى،مرجئه،جبریه، قدریه-كه گاه تحت تاثیر عرف قومى و قبیله‏اى بود-و نفسانیات باطل به وجودآمد،و هر گروه سعى داشتند شاعرانى را به طرفدارى براى خود مهیا كنند.در كنار این‏شعر سیاسى-كلامى،شاعرانى از جمله بعضى از خلفاى اموى نیز وجود داشتند كه سنن‏شعر غنائى باطل را احیاء و از شراب و عشق و لذایذ این جهانى ستایش كردند.غفلت وبعد از حقیقت اسلام و سیره نبوى و ولوى،رواج زندگى شهوانى كه حتى به مكه و مدینه‏نیز سرایت كرده بود و وجود خلفاى بى‏دین و فاسد اموى كه تنها دل مشغولیشان شراب وعشق و لذایذ این جهانى بود همراه با دورى ائمه از اریكه حكومت اسلامى مقتضى‏پیدایى مجدد این شعر بوده است. امویان براى مبارزه با مخالفان و رقیبان یعنى شیعیان اهل بیت عصمت و طهارت(ع) از شعر و جاذبه آن سوء استفاده كردند و بیشترین بهره را گرفتند.معاویه مى‏گفت:«شعر رابالاترین وظیفه اخلاقى و ادبى خود قرار دهید».علاقه امویان به شعر در هر حال‏نمى‏توانست‏بدون سوء غرض سیاسى،براى تضعیف دشمنان خویش نباشد اما بااین وجود بسیارى از شاعران حتى با وجود زندگانى در فسق و فجور نمى‏توانستندحق‏گویى را بالكل فراموش كنند،بدین معنى كه بر اثر تجلى حقیقت مهدى و تاثیرات‏باطنى روح ائمه اطهار در باطن و دل شاعران چه بسا كه به مدح ائمه اهل بیت مى‏پرداختندو كمتر جرات تعرض به ایشان در جامعه وجود داشت.یكى از ایشان‏«فرزدق‏»است كه‏با وجود مطالب راست و دروغ درباره وى،مصیبت وارده نسبت‏به خانواده حضرت على(ع)را وصف و دشمنان ایشان را نفى مى‏كرد.وى مانند بسیارى از شاعران از بنى امیه‏پول مى‏گرفت و در باطن طرفدار بنى‏هاشم بود و بنى امیه این را مى‏دانستند ولى‏نمى‏توانستند دست‏به اقدامى جدى بر علیه وى بزنند،فى المثل،موقعى همین فرزدق‏مطالبى،بر ضد بنى امیه گفت و«مروان بن حكم‏»والى معاویه در مدینه در صدد مجازات وتنبیه فرزدق برآمد.فرزدق كه آن را دانست از مدینه به بصره گریخت، مردم به مروان‏گفتند بد كردى كه چنین كردى زیرا ناموس و شرافت‏خود را به ست‏شاعر مصرى‏سپردى.مروان گفته مردم را پسندید،توشه راه و صد دینار براى فرزدق فرستاد تا از هجواو رهایى یابد.با این همه مهربانى،موقعى كه‏«هشام بن عبد الملك‏»خلیفه اموى مناسك‏حج‏به جا مى‏آورد حضرت على بن الحسین امام سجاد(ع)را در طواف دید و او راناشناس گرفته هویتش را جویا شد.«فرزدق‏»كه آنجا حضور داشت فورا قصیده‏اى درمدح اهل بیت‏سرود (9) .همچنین بود كمیت‏بن زید اسدى كه همواره از سوى ائمه تاییدمى‏شد.ائمه اطهار(ع)او را مؤید به روح القدس دانستند. اشراف اموى به زندگانى بى‏بندو بار انس گرفته بودند.اینان جامه‏هاى ابریشمین به تن‏مى‏كردند،باده مى‏نوشیدند،با كنیزكان آوازخوان رفت و آمد مى‏كردند و به اكراه واعتراضهاى شدید پارسایان اعتنایى نمى‏نمودند.آنها نه تنها از نعمات دنیوى بهره‏مى‏گرفتند،بلكه به ارضاى ممنوع‏ترین و زشت‏ترین شهوات نیز دست مى‏زدند. در میان‏خلفاى اموى كه همه در شرابخوارگى و لا ابالیگرى مستغرق بوده‏اند،بعضى نظیر«ولید بن یزید»خود اشعارى در ستایش خمر ساخته است و شعرایى نظیر«اخطل‏»در عهدایشان وصف شیشه شراب مى‏كرده‏اند.تنها«عمر بن عبد العزیز»از رویه پیشینیان خودعدول كرد و چون مردى پرهیزكار و پاكدامن بود و مى‏خواست مانند خلفاى راشدین‏رفتار كند از شعر و شاعرى فسق آمیز چشم پوشید و اعلام داشت كه نه شاعر مى‏پذیرد و نه‏شعر گوش مى‏دهد. مطالب فوق به وضوح نشان مى‏دهد كه با ظهور اسلام تا حدودى به ماده شعر قدیم‏صورت دینى زده مى‏شود،و گاهى نیز به جهت فقدان قابلیت،ماده شعرى به همان وضع‏مى‏ماند.و در آن نحو شعرى كه صورت اسلام را پذیرفته،در آغاز به جهت قرب به‏فرهنگ جاهلى،قالب شعر حفظ شده بود،بدین ترتیب كه شاعر پس از مقدمه‏اى درباره‏معشوق و هجران و بى‏وفایى او(نام مقدمه‏«نسیب‏»بود)،به وصف اشتر خود مى‏پردازد وقدرت و نرم بدنى و توان او را در تحمل خستگى و گرما مى‏ستاید،سپس به موضوع‏اصلى مى‏رسد كه همانا مدح حضرت رسول اكرم(ص)است ولى به تدریج این گونه‏مقدمه‏ها(یعنى نسیب و وصف اشتر)جاى خویش را به مقدمه‏اى در وصف خدا و اسماء وصفات او مى‏دهد و همین طور در مدح انبیاء و اولیاء و صدیقین،و سپس به موضوع‏قصیده مى‏پردازد.در صورتى كه شعر كوتاه باشد وصف خدا و اولیاى خدا و قدسیان درابیات مختلف بیان مى‏شود. به هر حال با امویان بى‏دینى رواج پیدا مى‏كند و شعر نیز نمى‏تواند از این وضع مبراباشد.گرچه در حوزه علوم و معارف هنوز یونانیت و كل مطلق یونانى سراغ مسلمین‏نیامده بود،اما گرایش به لذایذ این جهانى و فراموشى معاد و گاه چون شیطان انكار احكام‏الهى كردن،به جهت غلبه حضور و حیات انضمامى در هنر،به نمایش در مى‏آید.نخستین‏شاعران نیست انگار تمدن اسلامى از جمله‏«الحطیئة‏»كه به زشتى ظاهر و باطن مشهوربودند در این دوره قدرت گرفتند.حطیئة شاعرى نیست انگار بود كه زن و فرزند و حتى‏مادر و شخص خویش را آماج هجویات خود قرار داده بود.او از این طریق به گذران‏زندگى مى‏پرداخت.در حالى كه در حوزه علمى شیعه بر كنار از جامعه سیاسى-و برخى‏از جماعت پارسایان اهل سنت-طى قرن اول و اوایل قرن دوم هنوز قرآن حاكم مطلق است و حتى مذاهب فقهى رسمى چهارگانه اهل سنت و مباحث علوم شرعى شكل منظم‏و مدونى نیافته بود. جارى شدن سیل ثروتها به دمشق و انتقال بخشى از آن به مكه و مدینه،همراه با ضعف‏ایمان موجب مى‏شد موسیقى و شراب و آواز و شهوترانى در عصر اموى روز به روزافزایش یابد.در این زمان زندگى شهوانى شهرى نوعى‏«غزل‏»را پدید آورد كه در واقع‏صورت مبتذلى از عشق تراژیك بدوى نظیر عشق لیلى و مجنون بود (10) .در اینجا دیگرغزل شعر عاشقانه عمیق كه بعدها سر مشق صوفیه قرار گرفته و صورت عشق حقیقى نه‏عشق مجازى پیدا كرد،نبود-با این خصوصیات كه عشق مجازى پلى براى عشق حقیقى‏است: المجاز قنطره الحقیقه.چنانچه در غزلها و اشعار حكیمانه و عرفانى به ظهورپیوست، بلكه شاعر اموى دیگر از هیچ سخنى زبان در نمى‏كشید،دقایق ناگفتنى عشق‏شهوانى، ظرافتهاى زنانه و سخنان گستاخانه شرم انگیز همه را به زبان مى‏آورد و در این‏وضع حتى در باب زنان خلفا و امیران نیز«نسیب‏»سروده مى‏شد (11) .خطبه و خطیبان‏به جهت‏خاص تا این حد آلوده نشده و تا حدودى سلامت‏خویش را حفظ كرده بودند، كه‏علت اصلى آن عبارت بود از بار دینى فعالیتهاى رسمى اجتماعى و دعوت به اسلام كه درمضامین خطب وجود داشت.احتجاجات و تعرضات سیاسى در رسالات (12) این عصرحضورى جدى داشت.قصاص یا قصه گویان نیز در عصر اموى در عرصه هنر اسلامى‏ظاهر شدند.آنان تمایل مردم را به عجایب و غرایب بر مى‏انگیختند و اوصاف و اعمالى ازبراى خداوند متعال نقل مى‏كردند.این دوران را باید رونق اسرائیلیات و اساطیر و امانى‏نیز نامید كه بعدا در تفسیر قرآن تاثیر نهاد. پس از طى دوره اموى با آمدن عباسیان وجوه ذوقى تجربیات اسلامى ایرانیان در هنراسلامى غلبه كرد.در حقیقت این وجوه بالذات و بالعرض منحل در كلیت اسلام شده بود. گرچه خلفاى اولیه عباسى ظاهرا در امور دینى سخت‏گیر بودند،اما پس از هارون، سیاست‏باز اباحیت را پیش گرفته،امور دینى را تا حدودى آزاد گذاشتند.اینان اهل‏تسامح و تساهل درامر دین بودند.هر دین و عقیدتى(ملل و نحل مشرك)را آزاد گذاشته‏بودند.اما این آزادى مستلزم استبداد علیه پارسایان اهل سنت و شیعه علوى(یعنى اهل‏اسلام حقیقى)و بعضى ملل و نحل بود.شخصى چون مامون از یك طرف دار الحكمه(اغلب حكمت و عقل آزاد از وحى-یعنى حكمت فلسفى)را تاسیس و از طرف دیگرمنشا پیدایى دوره محنت(شكنجه تفتیش عقاید)در اسلام گردید،تا بازور و شكنجه‏عقیده معتزلیان را مبتنى بر مخلوق بودن قرآن بر همه تحمیل كند. به هر تقدیر عباسیان تا دوران متوكل،سیاست تسامح و تساهل را نسبت‏به اصحاب‏عقاید و ادیان جز شیعه علوى و پارسایان اتخاذ كرده بودند و این گروه تا آنجا كه اهل هنرو صنایع و ثروت بودند،مورد تعرض قرار نمى‏گرفتند و هم اینان بودند كه تخم زندقه‏دوره مامون به بعد را پاشیدند-مراد از زندیقان همان آزادندیشان از دین، غیر ملتزم به‏وحى آسمانى با اخلاق اباحیت و فساد عقیده یعنى مانویان و دهرى مذهبان بودند. در چنین شرایط و اوضاعى گروهى از شاعران زندقه زده و زندیق ظهور كردند كه‏علاوه بر طرح مسائل فلسفى دنباله‏رو سنن شعرى امویان بودند.اینان دامنه اشعارى را كه‏در باب شراب و لاابالى‏گرى بود وسعت دادند و مضامینى جدید از قبیل باغ و بستان ودیگر مضامین را در شعر وارد كردند و متاثر از حكمت‏یونانى بدان عمق ملحدانه‏بخشیدند.در قرن اول از خلافت‏بنى‏عباس معاشقه با غلامان و استعمال مسكر شیوع پیداكرده و به دیگر اقوام از جمله ایرانیان نفوذ كرده بود.به طورى كه شاعرانى نظیر«رودكى‏»و«ابو شعیب صالح بن محمد هروى‏»از شعراى زمان سامانیان در همین موضوعات‏اشعارى ساخته‏اند (13) .رودكى مى‏گوید: مى، آرد شرف مردمى پدید آزاده‏تر از درم خرید مى‏آزاد پدید آرد از بد اصل فراوان هنر است اندرین نبیذ در پایان دوره اموى شاعران مقدمه عاشقانه قصاید( نسیب)را كه به طور اجبار برهمه اشعار غالب بود گسترش دادند و آن را مستقل كردند و به صورت غزل در آوردند كه‏مذكور افتاد.گروهى از شاعران در دوره عباسى نسیب را به باد مسخره گرفتند و درمضامین شعرى،نیز تحولاتى پدید آوردند و فلسفه شكاكیت و ملامتیه(كلبى مذهبان) وزهد و حكمت اشراقى و تمایلات عمیق دینى باطنى در كنار موضوعات قدیم عاشقانه وتغزلى را هرچه بیشتر وارد شعر كردند.سركردگان هنر و شعر نیست انگارانه این عصر دوتن بودند:«ابونواس‏»در شعر طرب و«ابو العتاهیه‏»در شعر حكمى و یكى دیگر كه درمراتب بعد قرار مى‏گیرد«بشار بن برد»است كه از شاعران مشهور زندیق عصر بود و بارهااز سوى اهل دیانت طرد و تبعید شد،كه بدان اشاره داشتیم،«ابو نواس‏»شاعرى از شاعران‏لا ابالى بود.وى كه بارها به زندقه متهم شد،اشعارى در خمریات و زهدیات(دو نوع شعراز لحاظ مضمون)دارد.«ابو العتاهیه‏»شاعر حكمى در اثر كثرت سخن درباره مرگ،رستاخیز و قضاوت روز آخرت را انكار كرد،از این رو اهل دیانت او را نیز به زندقه متهم‏كردند.او با سرودن زهدیات تحولى جدید از حیث مضامین در شعر عرب ایجاد كرد.دراین اشعار«ابو العتاهیه‏»به سست پایگى و پوچى مال دنیا اشاره مى‏كند و از مرگ وگورستان و كالبدها و استخوانهایى كه در آن نهفته است و یا از تلخى تعلق آدمیزاد به‏خاك سخن مى‏راند.از شاعران دیگرى كه مشهور به شاعران حكمى(محدثین)اندمى‏توان‏«ابو العلا معرى‏»و«شریف رضى‏»را در دو جریان مخالف نام برد كه نكات‏فلسفى یا حكمى را در زمان انتقال فلسفه و كلام و علوم یونانى در اشعارشان واردكرده‏اند (14) . رعبى كه اهل ظاهر سنت و حدیث پس از دوران متوكل و بعد تركان در مقابله با علوم‏و فرهنگ یونانى و ترویج علوم شرعى ایجاد كردند به همراه شكست‏شرك و زندقه جلى‏در شعر و نثر نیز مؤثر بود تا آنجا كه اشعار هر چه بیشتر صبغه دینى یافتند.با رواج فلسفه،كلام و تصوف به تدریج‏بسیارى از مضامین و مواد اشعار خمریات و زهدیات كه‏در حقیقت هر دو صورتى دنیوى داشتند در مقام حقیقى گذشت از عالم طبیعت و كثرات وحكمت‏یونانى اخذ مى‏شود،و صورت دینى و عرفانى پیدا مى‏كند.بى‏تردید ورود فلسفه‏یونانى توانست‏به نحوى محرك متفكران اسلامى در بسط هنر دینى باشد.فلسفه یونانى‏به مثابه ماده براى صورت نوعى اسلام قرار گرفت.عرفان و پیدایى غزل عرفانى شعردینى را مستقر ساخت و تجربه دینى در عرصه هنر را به سنت محكمى تبدیل و مستقرنمود. پى‏نوشت‏ها: 1) ابو الفتح رازى بعد از ذكر بعضى مؤیدات دال بر حسن شعرى كه درباره امور دینى باشد،گفته:«درخبر است كه چون دعبل على خزاعى قصیده‏اى بر حضرت رضا علیه السلام خواند كه در مدح اوگفته بود،امام فرمود: مدارس آیات خلت من تلاوة و منزل وحى مقفر العرصات چون به ذكر صاحب الزمان عجل الله فرجه رسید،آنجا گفت: خروج امام لا محالة خارج یقوم على اسم الله و البركات امام فرمود«نفث‏بها روح القدس على لسانك‏»یعنى روح القدس این بیت را بر زبان تو جارى كرد. رجوع شود به تفسیر ابو الفتوح،جلد 4،ص 144 و تفسیر گازر،ابو المحاسن جرجانى، ج‏7،ص‏107. 2) نهج البلاغه،خطبه 191. 3) مقام روح القدس هم مقام جبرئیل امین است هم مقام كمال ارتقاء روح انسانى به نحوى كه اتحادنورى میان روح آدمى و روح فرشته وحى حاصل شود. 4) هل انبئكم على من تنزل الشیاطین تنزیل على كل افاك اثیم،یلقون السمع و اكثرهم كاذبون،والشعراء یتبهم الغاوون الم تر انهم فى كل واد یهمون،و انهم یقولون ما لا یفعلون،الا الذین آمنوا وعملوا الصالحات و ذكر الله كثیر(سوره شعرا آیات‏226-224). 5) نام شاعرانى است كه چندى در عصر جاهلى و سپس در اسلام زیسته‏اند و به زبانى مى‏توان این‏شاعران را«دو ساحتى‏»خواند. 6) سر انجام حسان بن ثابت از ولایت و ولایت على روى برگرداند و پشت‏به حق و حقیقت نمود. 7) بیتى از این قصیده چنین است: ان الرسول لسیف یستضاء به مهند من سیف الله مسلول «پیامبر شمشیرى است هندى و آخته از شمشیرهاى خدا كه بر آن روشنایى طلبند». 8) غلبه حالت جهاد اصغر در صدر اسلام و اهمیت آن جهت فروپاشى نظام شرك جاهلى كهن اقتضاءمى‏كرد كه پیامبر(ص)نیز بر این گونه شعر تاكید ورزد.سایر صور شعرى از جمله اشعار حماسى وتراژیك یا اشعار عاشقانه و تغزلى چندان مورد توجه نبود. زمانى كه شعر«حسان‏»مورد ستایش‏قرار مى‏گرفت همواره از وارد شدن بلاى عظیم بر سر مشركین سخن به میان مى‏آمده است كه خودبیانگر روح جهادى(جهاد اصغر)شعر است. 9) تاریخ تمدن اسلام،جرجى زیدان،ترجمه جواهر كلام،صفحه 55. 10) ممیزه غزل بدوى،پاكى شدید احساسات و آراستگى زیباى بیان است.شاعران این نحله را شاعران‏عذرى مى‏نامند.این نام از نام قبیله بنى عذره كه در حجاز مى‏زیستند اقتباس شده است.گویندشهرت بنى عذره از صداقت و خلوشان در عشق برخاسته.نیز گویند:چون عاشق شوند از عشق‏بمیرند،یعنى سبب مرگ ایشان خود عشق است،نه دست‏یافتن به معشوق.این معنى،بعدا گسترش‏یافت،عامل گسترش آن نیز بیشتر صوفیه بودند كه هر یك، دقایق مورد بحثى بر آن افزودند ونظریه وحدت عشق در كنار نظریات‏«وحدت وجود»و«وحدت شهود»حضورى جدى داشت. عذرى نامى بود كه بر هر عشق پاك و صادقانه‏اى اطلاق مى‏شد.قیس بن ملوح اساطیرى(مجنون‏عاشق لیلى)از همین قبیله عشاق بوده است كه نمونه ازلى شاعران عاشق است.كثیر عاشق عزه وشیعه على(ع)از جمله عشاق شاعر بوده است.تاسف بار اینكه در برابر غزل شكوهمند و ساده‏روستایى،شهرنشینان مدینة الرسول و مكه مكرمه على رغم علو مقام این اماكن مقدس و حرمین‏شریفین در پرستش عیش و عشرت و هوى و هوس گوى سبقت از همه ربوده بودند.موسیقى وشراب و آواز و شهوات در این دو شهر رواج یافته بود. عمر بن ابى ربیعه از نمونه‏هاى اصلى این‏جماعت(دون ژوانهاى اموى)حسانى اشرافى بود درباره او رجوع شود به آذرنوش،«نگاهى به‏اجتماع اشرافى حجاز»، مجله مقالات و بررسیها،شماره 5-6،1350،ص 141،شماره‏6-7،سال‏1350،ص 121. 11) تاریخ ادبیان عرب،ص 80. 12) «رسائل‏»نوشته‏هاى خطیبانى بوده كه به صورت خطبه یا موعظه‏اى مكتوب تالیف یافته است. حاوى تفكرات اخلاقى و كلمات دینى مهیج،یا اندرزهاى خردمندانه كه بزرگان جهان خطاب به‏دوستان خود مى‏گفته‏اند. 13) تاریخ ادبیات ایران،جلال الدین همائى،فروغى،بى‏تاریخ،ص ص 272-273. 14) ابو تمام شاعر قرن سومى نیز در این زمان با تاثیر پذیرى از عقل و تفكرات فلسفى و علم النفس‏یونانى ابداعاتى در شعر حكمى داشته است.


+درج شده توسط مترجم عربی - دکتر مهدي شاهرخ در چهارشنبه ۱۱ فروردین ۱۳۸۹و ساعت 18:3|